04/02/2018 - 11:06

فن الفسيفساء: ابتكارات تدمج ذوات احتياجات خاصة بالمجتمع الفلسطيني

في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، تصر 19 فتاة ذوات احتياجات خاصة على تعلم فن الفسيفساء وعدم الرضوخ للإعاقات الجسدية أو الإعاقات المجتمعية، لخلق فرص عمل تساهم في اندماجهن في المجتمع.

فن الفسيفساء: ابتكارات تدمج ذوات احتياجات خاصة بالمجتمع الفلسطيني

الأناضول

في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، تصر 19 فتاة ذوات احتياجات خاصة على تعلم فن الفسيفساء وعدم الرضوخ للإعاقات الجسدية أو الإعاقات المجتمعية، لخلق فرص عمل تساهم في اندماجهن في المجتمع.

ويعكف المدرب والخبير في فن الفسيفساء، خلدون البلبول، على تدريب الفتيات الـ19، الذين يعانين من الصمم، لصناعة اللوحات المختلفة وتحدي إعاقتهن، ويتخذون جميعًا من جمعية النادي العالمي للصم والبكم في الخليل مقرًا لهم.

وتأمل دنيا جرادات (31 عامًا) أن يكون تعلمها لفن الفسيفساء فرصة وأمل للاندماج في المجتمع وخلق فرصة عمل.

وتقول بلغة الإشارة، بينما يعمل خبير خاص في الجمعية على ترجمتها، إنها "سعيدة لمشاركتها في هذه الدورة، وقد بدأت تجد نفسها فيها".

وتضيف:" أصبحتُ فتاة منتجة، أنتج لوحات فنية وتباع، أعتقد أنني حققت حلمي بالاندماج وإيجاد فرصة عمل". وتطمح جرادات لأن تفتتح محلا خاصا بها في بلدتها سعير، الواقعة شمالي مدينة الخليل.

وبدأت جرادات منذ نحو شهرين تعلم فن الفسيفساء، وباتت تساعد بعض زميلاتها حديثات الالتحاق بالدورة على فن ترتيب الحجارة لصناعة لوحة فنية، وقبل بدئها إنتاج لوحات الفسيفساء، لم تحصل جرادات مسبقا على فرصة عمل.

وأبدت 19 فتاة من مختلف المدن والقرى في محافظة الخليل سعادتهن بعملهن. خاصة مع عرض اللوحات الفنية التي ينتجونها في معارض في الخليل وبيت لحم، وقسم منها يعرض في النادي العلمي.

وتبدو الجمعية كخلية نحل لكثر النشاط والعمل فيها من قبل الفتيات لإنتاج لوحات فسيفساء، وتتقسم المهام بينهن، إذ تعمل مجموعة على تكسير الحجارة لتناسب اللوحة، في حين تعمل الأخريات على تصنيفهن وفق الألوان واعتبارات أخرى تتحدد بحسب اللوحة التي يعملن عليها.

وتقول شروق شنيور (33 عامًا) إنها وجدت ضالتها في الفسيفساء. وتضيف: "هي فن جميل وتراثي قبل أن تكون مهنة، نحن اليوم نتعلم مهنة تراثية وفنية عابرة للزمن". ولفتت إلى أنها كانت تشعر بالملل قبل العمل في الفسيفساء، لكنها اليوم تستمتع بوقتها، وتنتج لوحات فنية، تباع في المعارض.

وأشارت إلى أن 15 يوما من التدريب، كانت كفيلة لتجعل منها ماهرة في إنتاج لوحات فنية. وتبتسم وتقول بلغة الإشارة: "عمل فيه إبداع".

وتمسك شنيور أداة خاصة لتدوير الحجارة، وتعمل على ترتيبها بطريقة هندسية ووفق آلية خاصة تعلمتها، وبطريقة بسيطة يوجه المدرب البلبول الفتيات، معبرا عن سعادته لما وصلن إليه.

وقال: "أعتبر هذه الدورة من أنجح الدورات التي عقدتها طوال سنوات عملي، الفتيات لديهن طاقة كبيرة وتصميم على الإبداع". وتابع: "أثبتن بجدارة أنهن قادرات على العمل والاندماج في سوق العمل".

وأضاف: "لديهن طاقة لا يمكن أن تكون لدى أي شخص آخر، لديهن اهتمام بالتفاصيل، ويملكن روح التحدي، قادرات على عمل شيء تجاوزن من خلاله مرحلة أنهن من ذوي الاحتياجات الخاصة".

ويعمل البلبول على تسويق منتجات الفتيات في مركز يملكه في مدينة بيت لحم. وقال: "تلك الفتيات بحاجة لدعم معنوي أكثر منه دعما ماديا".

ولفن الفسيفساء تاريخ طويل في الأراضي الفلسطينية، حيث تحتوي المواقع الأثرية الفلسطينية على لوحات فنية من الفسيفساء، ومن أشهرها لوحة "الحياة" في قصر الخليفة الأموي، هشام بن عبد الملك في مدينة أريحا شرقي الضفة الغربية.

وكُشف في العام 2016 عن أكبر لوحة فسيفساء في العالم في ذات الموقع، حيث تبلغ مساحتها نحو 827 مترا مربع.

والدورة التي بدأت منذ نحو شهرين، بدعم من "فاعلي خير"، في مدينة الخليل، وبتنظيم من جمعية النادي العالمي للصم. وافتتحت الجمعية في العام 1955 بحسب رئيسها ضياء الرجبي.

ويقول الرجبي إن "الخروج من المنزل لفتيات صم، هو تحدي بحد ذاته، استطعنا كسر هذا الحاجز". وأضاف أنه "استطعنا أيضا دمجهُن في المجتمع من خلال تدريبهن على لغة الإشارة، وتعليمهن مهن، لخلق فرص عمل لهن".

 

التعليقات