26/04/2017 - 15:35

أبعدُ من خيمةِ اعتصام!

ما أقبحَ الصراعَ البارد الممتد على معجم المفاهيم الحديثة! كلُّ شيء مضى، مضى وانتهى وحمَّلني وزرَ الذكريات. لا الحنينُ يشدُّني فأرجو لو كانت سنةُ ولادتي مبكرَّةً أكثر ولا الغدُ يدفعني لركوبِ دراجةِ الزّمان فأمضي بشكلٍ أسرع.

أبعدُ من خيمةِ اعتصام!

هنا في بلادٍ تسيرُ نحو هاويةٍ تدعى لقمة العيشِ، أحدقُ بعيدًا - خلفَ ضبابِ أيامِها وأجري مقارناتٍ بينَ ماضيها وحاضرها متسائلًا : أمن ماضٍ متخمٍ بالعواصفِ يملُّ الحاضر معتلًا بصقيعِ الملاحم؟

أحمد شكري

ما أقبحَ الصراعَ البارد الممتد على معجم المفاهيم الحديثة! كلُّ شيء مضى، مضى وانتهى وحمَّلني وزرَ الذكريات. لا الحنينُ يشدُّني فأرجو لو كانت سنةُ ولادتي مبكرَّةً أكثر ولا الغدُ يدفعني لركوبِ دراجةِ الزّمان فأمضي بشكلٍ أسرع.

بلادي كانَت نقشٌ على رصاصِ المقاتلينَ، سلامٌ وطني يصدحُ فكرًا وحضارة، وجيل من المؤمنين بأنها لا يمكن أن تتخذَ شكلَ الصراعِ الفردي الذي يصبو للانتفاعِ بغنيمةِ المعاركِ على حسابِ من ضحَّى وصمَد.

لا أعرفُ لماذا تدفعني الكآبةُ لنبذِ كل مفاهيم (الآن)، فالآن تقوم بدورِ المهرّجِ مع فارقٍ بسيط، هو أن المهرّج يخبو حزنهُ ليضحكَ الآخرون، بينما هيَ تكشفُ سذاجتها لتسخرَ من نفسها دونَ وعيٍ وأسخرُ أنا منها وممّن يهرولون خلفها كالجياعِ خلفَ عرباتِ الخبز والسّراب.

لا أريدُ وطنًا في خيمةِ اعتصام، فلسطين أكبرُ من الخيمةِ من الكاميرا التي تلتقطُ جمهرة المتواجدينَ براياتهم (صفراء، خضراء، حمراء) لا يهمّ. المهمُّ بالنسبةِ لي سؤالٌ يفجِّرُ رأسي: هل حقًا فلسطين تحتاجُ قطعةَ قماشٍ تأوي مجموعةً من المقاعدِ والجالسين الذين سيذهبونَ بعدَ عدة أيامٍ لشؤونهم كما الخيمة؟

تساءلتُ أيضًا عن المفاهيم الوطنيةِ الحديثةِ، فكرّتُ في أغاني الوطن، في قبورِ مليون شهيدٍ وأكثر، في نفسيّةِ مليون متعاملٍ مع العدوّ، في مليونِ موظِّفٍ حكوميٍّ تتقاضى البنوكُ غالبيةَ رواتبهم، في الطلبة... ماذا نملكُ كي نحرّر وطنًا؟ وماذا يمكننا أن نقدّم لنحرر وطنًا؟
 لا نملكُ أكثرَ من ذيلِ الطاووس يفترشُ خيلاءً...

أريدُ وطنًا يفكِّر، يقرأ، يتعلّم.

وطنًا تحملهُ الراياتُ على أكفها نحو الشّمس لتتأكد وحدتَهُ ويرتفعُ العلم.

وطنًا تؤازرُ فكرةُ كتابهِ بنادقَ الرجال...

أجهزةً تحرّر قلوبنَا من الصدأ...

عقاقيرَ تزرعُ الحبَّ في قلوبنا... كثيرًا ما نلتقي وقلوبُنا شتّىً 

أريدُ وطنًا بسيطًا... أبسطَ من تكتلاتِ القيادةِ 

أرقى من قنٍّ لا ينتجُ غيرَ الديوك ودجاجةٍ واحدة 

أوسعُ من لافتةٍ تُرفع في شارعٍ كأيدولوجيةٍ جديدةٍ للمقاومة 

أصدقُ من عدساتِ الكاميرا التي تسجلُ مواقفنا...

أنضجُ من عبارةٍ نجاملُ بها قضيّتنا على "فيسبوك" 

أنبَل من فارسٍ يحتفظُ بجوادهِ المعذّب.

أشهَى من صناديق الفواكهِ المكدسّة ولا تجدُ من يفصلُها...

أبلغُ من أغنيةٍ ما هيَ إلا ببغاءُ حزبٍ تحجّمهُ وتحجِّم الوطن.

وطنًا حينَ نقولُ أنّهُ وطن فعلا يتحقق 

عندها ستلفظنا الخيامُ إلى الساحات (فكرًا، ومبدءً وحجرًا)

 يسمّى الفعلُ المتضامن، أو المفهوم الحقيقيِّ لأن تكونَ شخصًا متضامنًا.

بالمناسبة ليسَ هنالكَ ما يدعوني لأن أعتذر...

التعليقات