27/04/2020 - 20:25

لقاء مع القرّاء.. ماذا يفعل المحجورون؟

كأنّ الكتاب استعاد هيبة مفقودة خلال أشهر الحجر المنزلي هذه. كثيرون أنهوا كتبًا مؤجلّة، وآخرون عادوا للقراءة، بعدما ابتعدوا عنها لفترة طويلة.

لقاء مع القرّاء.. ماذا يفعل المحجورون؟

(pixabay) توضيحيّة

كأنّ الكتاب استعاد هيبة مفقودة خلال أشهر الحجر المنزلي هذه. كثيرون أنهوا كتبًا مؤجلّة، وآخرون عادوا للقراءة، بعدما ابتعدوا عنها لفترة طويلة.

لا يمكن الجزم إن كانت العودة إلى القراءة هربًا من شاشة وجد المتابعون أنفسهم أمامها طوال الوقت، أو حنينًا عزّزه الابتعاد عن العمل، أو كليهما معًا.

وقد عرض بعض "المثقفين" على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لمجموعات الكتب التي قرأوها خلال فترة الجلوس في البيت، من منطلقات غير مفهومة، ربما لكي يبهروا العامة ممن لا يهتمون بالكتاب، أو من أجل تحفيز وتشجيع الآخرين على القراءة.

وفي هذا الظرف اختار موقع "عرب 48" أن يستمع لآراء بعض الذين كرسوا وقتًا للقراءة، فمنهم من اكتفى بقراءة كتاب، ومنهم من وجدها فرصة سانحة لقراءة مجموعات كتب وروايات.

الطالب علي زبيدات
​​​​​

استغل الطالب علي زبيدات، من جامعة حيفا فترة تعطّل الجامعات في القراءة والمشاهدة وإدارة النقاشات والحوارات حولها مع عشرات الأصدقاء عبر برنامج "زووم".

ويقول زبيدات إنه "برزت من بين قراءاتي أو إعادة قراءاتي للرواية الفلسطينية ‘الملهاة الفلسطينية‘ للكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله، وفي الأدب العالمي قرأت ‘الجريمة والعقاب‘، وهي رواية شهيرة للكاتب الروائي الروسي دوستويفسكي".

وعن "الملهاة الفلسطينية" قال زبيدات إنها "ملحمة روائية درامية وتاريخية للشاعر والروائي العربي الفلسطيني إبراهيم نصر الله، ويضم هذا المشروع إحدى عشر رواية لكل منها استقلالها التام عن الروايات الأخرى".

وأضاف أننا "نقرأ أنا والأصدقاء ثم نلتقي عبر الشبكة، ونناقش معا المواضيع المتعلقة بسياسات محو الاستعمار من خلال مجموعة تضم نحو 50 من المهتمين في الموضوع".

ومن ضمن قراءاته لفت الطالب علي زبيدات إلى كتاب "معذبو الأرض" للمؤلف فرانتس فانون، يطرح فيه المؤلف تحليلًا نفسيًا للآثار المدمرة للاستعمار على الفرد والأمة وتبعات حركة إنهاء الاستعمار في المجتمع والعرف والسياسة. وقال زبيدات إن "الكتاب يطرح القضايا المتشابهة لكن من زوايا مختلفة".

ولم تغب عنه رسائل رضوى عاشور إلى الأديب الفلسطيني مريد البرغوثي، واللقاء الذي جمعهما على سلم جامعة القاهرة، لتكون تلك النظرات بداية علاقة حب استمرت 45 عامًا لم يستطع حتى الموت أن يفرق بينهما.

وفي الدراما السورية شاهد زبيدات مسلسل "لعنة الطين"، وهو مسلسل سوري يعود لعام 2010، ويتناول قضية الفساد العارم الذي كان يواجهه المواطن السوري في ثمانينيات القرن الماضي في سورية قبل الأزمة.

الأديب ناجي ظاهر

ومن جهته رأى الكاتب والأديب ناجي ظاهر، ابن قرية سيرين المهجرة، والمقيم في الناصرة، في الحجر المنزلي فرصة لقراءة مجموعة من الكتب 15–20 كتابًا، كان قد اقتناها من معارض الكتب، ولم يجد الوقت الكافي لقراءتها، والعودة إلى كتب كان قد قرأها في الماضي وأعاد قراءتها مرة أخرى.

ومن بين الكتب التي نالت إعجابه ووصفها في حديثه لموقع "عرب 48" بأنها من الروائع، كتاب "سيد بطرسبرغ" للكاتب ج.م كويتزي، وكتاب "متعة المتخيَّل" وهو عبارة عن سلسلة حوارات مع كتاب بارزين.

أما في الروايات فقد اعتبر الأديب ناجي ظاهر، رواية "الخوف" من الأدب العالمي، للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ، بأنها مذهلة وأثرت في نفسه إلى أبعد الحدود.

كما أعرب عن إعجابه بكتاب "الذكريات الصغيرة" وهو سيرة ذاتية للكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو، فضلًا عن كتابين وصفهما بالممتعين أحدهما "ناسك في باريس" والآخر "بانتا غرويل" للكاتب فرانسو رابليه من الأدب العالمي.

صالح حسن

وفي حديثٍ لنا مع معلم المدرسة ومدرب اللياقة البدنية، صالح حسن، قال إن "المصادفة جمعته بكتاب ‘مئة عام من العزلة‘ للكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز".

وأضاف حسن لموقع "عرب 48" إنه كان يتحين الفرصة السانحة لقراءة الكتاب الذي اقتناه من أحد معارض الكتب في كفركنا، منذ زمن بعيد مع مجموعة من الكتب الأخرى، وحين توقف عن التدريس وعن التدريب ودخل في عزلة الحجر الصحي قال إنني "لم أجد أنسب من هذا الكتاب لأقرأه وأنا في عزلة".

أما المطران رياح أبو العسل، صاحب المكتبة البيتية التي تضم أكثر من ألفي كتاب، يعتبر قارئا نهمًا ليس فقط في فترة كورونا كما يقول، وهو لا يصبر على قراءة كتاب تلو الآخر بل إنه يقرأ العديد من الكتب في آن واحد ويقوم بتلخيص البعض منها أحيانا خلال قراءتها. وتتنوع قراءاته ما بين العلم والدين والطب والسياسة إلى جانب قراءة الكتاب المقدس.

المطران أبو العسل

وعن قراءاته الأخيرة قال المطران أبو العسل لموقع "عرب 48" إنه منغمس في الفترة الراهنة بقراءة كتاب بالإنجليزية أرسله إليه صديق من بريطانيا، تحت عنوان "الصراع ما بين الإيمان والعقل"، وكتاب آخر عن "المسيحية المعاصرة في الأردن وفلسطين" للدكتور حنا كلداني.

وقال أبو العسل إنه انتهى للتو من قراءة "الإنجيل برواية السيد المسيح" للكاتب الشهير جوزيه ساراماغو، صاحب كتاب "قايين" الذي ترجم إلى العديد من اللغات ومن ضمنها العربية.

وتابع المطران أبو العسل متحدثا لـ"عرب 48" إنه بالتزامن يقرأ كتاب "ذي سوليوشن" وتعني "الحل" لطبيب أنقذ أفريقيا من مرض الملاريا يدعى د. أمبل، وهو مكتشف العلاج لمرض الملاريا الذي يستخدم اليوم على بعض مرضى كورونا.

وقال المطران أبو العسل إنه التقى الطبيب المذكور في مؤتمر طبي جرى في إندونيسيا العام الماضي، وناقش المؤتمر موضوع الوباء الذي نشهده اليوم، على حد قوله.

الأديب إياد برغوثي

ومن خلال حديثنا مع الكاتب الأديب إياد برغوثي، قال لموقع "عرب 48" إنه بحكم عمله في الترجمة كانت لديه العديد من القراءات وهو بالتالي كاتب وقارئ، سواء كان في حجر منزلي أو نشاطه الاعتيادي، لكنه يقول إن أبرز ما قرأ مؤخرًا كان في خضم مساق "الكتابة التأملية" الذي يخوضه في هذه الأيام، بالإضافة إلى تسليطه الضوء على كتاب "ما بعد الرأسمالية" الذي يتحدث عن "دليل قيادة مستقبلنا" للكاتب بأول ماسون.

وأضاف البرغوثي أن هذا الكتاب يضاف إلى العديد من الروايات في الأدب التأملي التي لا يتوقف عن قراءتها في الفترة الأخيرة، والتي تحاول أن تستشف تأثير مجتمع المعلومات على الرأسمالية وتطرح تصورا لكيف ينبغي أن تكون رؤية اليسار للعالم في المرحلة المقبلة.

"علاقتي مع القراءة ليست رهينة بحجر قسريّ أو بفترة نقاهة، بل هي علاقة وجوديّة مع عزلة ذاتيّة بين فترة وأخرى، قريبًا من الصّمت، بعيدًا عن نشاز الصّخب إنصاتًا لهذا الكون، والتّأمل في الموجود وبعمق" هذا كان مستهل حديث الكاتبة والباحثة منى ظاهر من خلال حديث موقع "عرب 48" معها.

الباحثة منى ظاهر

وأضافت ظاهر أنه "صحيح أنّنا نمرّ بمرحلة ستغيّر تاريخ البشريّة مع هذا الوباء المسمّى كورونا، ونرجو أن نجتازها جميعًا بأقلّ خسائر على وجه هذه البسيطة الّتي ستتحوّل إلى أخرى بعد هذه الأزمة".

واستطردت ظاهر قائلة إن "هذه الفترة حملت لي عددًا من القراءات المهمّة المرتبطة بدراستي للقب الدّكتوراة، المعنيّة بالفانتازيا وجماليّات المتاهة من دراسات وروايات ومجموعات قصصية لا مجال لذكر عناوينها هنا، بل أتركها ليكتشفها القارئ والمعنيّ بعد نشر أطروحتي".

وأشارت ظاهر إلى أنه "وبالإضافة إلى قراءتي لعدد من الأعمال الشّعريّة الكاملة، بهدف كتابة دراسة حول تأثير الموروث الشّعبيّ الفلسطينيّ على الشّعر الحديث، هذا دون نسيان التّجوّل في كتب وأفلام سينمائيّة ووثائقيّة تعنى بالفنون التّشكيليّة، وهي محطّ اهتمامٍ شخصيّ لجانب من جوانب فسيفساء كينونتي".

التعليقات