04/12/2017 - 22:23

عامل التشجيع ووقعه على الأولاد

هنالك جمل ومصطلحات يرددها الأهل دوما وبشكل تلقائي ومُذَوَت دون الانتباه لقسوة وقعها على الأولاد وتترك أثرا سلبيا عليهم

عامل التشجيع ووقعه على الأولاد

 

مثلما النبتة تحتاج للماء ، فكذلك الطفل يحتاج في فترات نموه المختلفة إلى عامل مهم بل هو الأكثر ضرورة في التنشئة الا وهو عامل التشجيع، ويقال أن كل تصرفات سلبية لدى الطفل معناها ان اليأس تسرب الى أعماقه بسبب عدم التشجيع ، فهو لا يستطيع الوصول لشعوره بالانتماء ، لا ينمو ويكبر بدون التشجيع.

في كثير من الأحيان ، وبدون قصد، يلجأ الأهل لاستعمال اصطلاحات ومقولات بهدف تربوي ، ولكن هذه المقولات تجلب نتيجة عكسية وتُحبِط الطفل بدل ذلك، وتفقده الإيمان والثقة بالنفس، هذه الاصطلاحات تكون بمثابة رموز يعطيها الاهل للاولاد عن طريق الكلام المباشر او بلهجة صوت معينة فيها تهديد وتؤدي إلى إحباطه ، وتعطي الولد الشعور انه مهما حاول لن ينجح في مهمته ولا فائدة من محاولته، وبدلا من إتاحة الفرصة أمامه كي يجرب بشتى الطرق حتى لو فشل هم يبثون له عدم ايمانهم به وبقدراته .

أمثلة:

فكروا بهذه الجمل ما أقسى وقعها على نفسية الاولاد وللأسف يرددها الأهل دوما دون الانتباه ، وبشكل تلقائي ومُذَوَت عندهم:

جملة محبطة:

- كان من الأفضل أن لا تعمل شيئا أنت دائما متوسط ولا تفلح، ألا تخجل من نفسك؟

بدلا منها:

ما فعلته وفكرت به كان جيد جدا وساعدني كثيرا، ولكن ما رأيك بأن نجرب طريقة أخرى؟

جملة محبطة

لماذا سقطت في الامتحان ماذا ينقصك كي تنجح ،انت لن تنجح في حياتك.

بدلا منها:

أقدر جهدك الذي بذلته كي تحسن العلامة وهذا ممتاز وأنا أعتقد في المرة القادمة سيكون أفضل.

جملة محبطة:

كل الاولاد أشطر منك ، شوف فلان كيف بعرف يعمل الاشياء لوحده وانت لا .

بدلا منها

لا تقارنه بأحد ولا بقدرات الأخرين فلكل ايقاعه وعقله ومركباته المختلفة عن الاخرين، قدر ما يوجد لديه وشجعه على التحسن من اجله هو وليس مقارنة بأحد.

جملة محبطه

لا ترتب الطاولة معنا لا زلت صغيرا وسوف تكسر الصحون

بدلا منها

يجب أن نقدر الطفل حين يبادر لذلك فنشجعه على مبادرته ونشكره ونرافقه وهو يضع الصحون على الطاولة ولا نمنعه من ذلك وبالتالي نحبطه.

جملة محبطه

لا تأكل وحدك (3 سنوات) الآن سوف تتسخ ملابسك او الأثاث أو الأرض ... هنا الأهل غير مدركين لحاجة الطفل بأن يكون مستقلا، بناء عليه نرى الأهل يقفون وراء ظهره "وسخت - سكبت الطعام- انظر الى ملابسك – انظر الأثاث أو السجادة وغيرها.."،

بدلا منها

ممكن أن نضع له مريلة حول عنقه ونجلسه في مكان على الطاولة يقع من الطعام ما يقع،  ننظف بعد ذلك ونعلمه اثناء الاكل كيف يتحكم بالمعلقة واللقمة .

نرى الأهل يقفون فوق رؤوس أولادهم حكماء "كبارا" لديهم مهارات أكثر منهم وخبرات مفيدين أكثر محبِطين لمحاولات الأولاد ومدمرين لثقتهم بأنفسهم ، محاولات الأولاد التي تهدف الى إثبات الذات والانتماء بطرق مفيدة ومساعدة للأهل .

هذه الإحباطات تؤدي الى شعور الأولاد بالضعف والنقص وبالتالي لليأس والتصرف بشكل سلبي لكي يثبتوا أنفسهم .

والتشجيع يبدأ منذ فترة الرضاعة التي هي ليست من أجل الإطعام فحسب بل أيضا من اجل إنماء روح الانتماء والروابط الأولى مع الأم التي تساعده بدورها في التغلب على مخاوفه الداخلية وتشجيعه، تزوده بمشاعر ايجابية وتعزز حاجاته الاولى وتنمي الشعور بالطمأنينة والثقة بالنفس.

وأهمية استمرارية التشجيع في كل مراحل الحياة والنمو، في الانتقال للمدرسة في كل الصفوف ولكل التغييرات الطارئة في حياته فهو يحتاج إلى تشجيع مستمر ومثابر.

والتشجيع يحتاج إلى ادراك لأهمية الموضوع اولا لدى الاهل ومن ثم اكتساب مهارات يجب اتقانها تساعد الاولاد على بناء تقييم ذاتي صحيح فمثلا يجب التمييز بين تشجيع سلبي وتشجيع ايجابي.

التشجيع الإيجابي : التشجيع الصادق غير المبالغ فيه، ملائم لواقع الاولاد وحالاتهم، مثال : "ولد موهوب موسيقيا يجب تشجيعه فعلا لأنه يستحق" فنقول له: " أنت متميز في الموسيقى وموهوب فعلا أقدر هذا جيدا فخور بك."

التشجيع السلبي: غير الصادق والمبالغ فيه والمبني على التوقعات غير السليمة ولا الصحيحة والزائفة تنمي لدى الولد" أنا زائف" كأن نقول: " انت أشطر واحد في الصف" مع أنه متوسط بالمجمل، وهو يدرك تماما في قرارة نفسه أن هذا غير حقيقي، الأمر الذي يحبطه مع الوقت واستمرارية ذلك تضعف ثقته بنفسه ويصبح معَظِما لذاته اكثر مما تستحق (كالبالون المنفوخ) وبالتالي تؤدي لمشاعر الإحباط واليأس عنده.

هنالك عامل هام وضروري جدا وهو عامل الاحترام مع التشجيع ، عندما ينمو الولد على شعور الاحترام والتقدير يكبر ويترعرع حاملا لتلك القيمة.

( ما كتب أعلاه بلغة المذكر ويقصد البنت والولد على حد السواء)

سوسن غطاس

 

موجهة مجموعات أهل متخصصة في موضوع الوالدية

التعليقات