10/01/2021 - 13:42

الصدمة الجماعية في فترة الكورونا-الفرق بين الشخصي والجماعي

أننا قادرون على التغيير والتأقلم والانسان قابل للتأقلم مع كل حدث مهما كانت حدته وصعوباته، فنحن اكتشفنا هذه القدرة وإيجاد طرق جديدة للتعايش معها، فالطبيعة البشرية تنتصر وتعيش في كل حالة.

الصدمة الجماعية في فترة الكورونا-الفرق بين الشخصي والجماعي

- الصدمة الجماعية - الفرق بين الفردي والجماعي        

إيناس عودة حاج
معالجة نفسية - علاج معرفي سلوكي

- كيف نتعامل معها كأفراد

- هل للصدمة إيجابيات؟

- كيف نساعد من حولنا عند الصدمة؟

- هل تحولنا لأناس نتصرف بعكس الغريزة الاجتماعية؟

 

ما هي الصدمة؟

 التعريف العام للصدمة، هو رد فعل عاطفي لحدث كبير وضاغِط جدا، بعد  التعرض له، مباشرة أو أثر مشاهدة حدث معين، فيه يحدث تهديد حقيقي أو متوقع للإصابة أو الموت،و كل ما كان وقع  الحدث أفظع وأكبر، كلما كان تأثيره على الحياة اليومية والوظيفية أكبر لدى الناس.

- يوجد حاليا اختلاف بطبيعة الصدمة التي نعيشها الآن في فترة الكورونا، لأن الصدمة ترتبط في وعينا العام مع حدث معين عنيف ومرئي، ولكن مع التعمق للمعنى الإدراكي والعاطفي للصدمة هنا، فهو حدث يسبب اختلال التوازن للشخص إذ هي تختلف عن حياته وعن عالمه الذي يعيشه قبل الكورونا، وتهز حياته الروتينية وتحيِّدها عن المسار العادي والطبيعي، هذا يعمل لدى الفرد حالة من الارتباك وفقدان السيطرة واللايقين

- في الكورونا ما حدث أننا وجدنا أنفسنا في تغيير في الحياة التي تعودنا عليها، بسلبياتها وإيجابياتها وصعوباتها الموجودة، وفحأة جاء الفيروس هزها وحادها لمسار آخر غير متعود عليه.

- كل المصابين بصدمات الفيروس، تجمعهم حالة الارتباك والغير معروف ومتوقع، ما هي النهاية وأين سنصل لاحقا، والسؤال الدائم، كيف يؤثر هذا مستقبلا، وهذا معروف بال-PTSD  أي "اضطراب ما بعد الصدمة" 

ما يؤكد أن ما نمر به في الكورونا هو حالة صدمة، فوجه التشابه بين تعريف الصدمة العام وما يحدث لنا الآن في الكورونا

نسأل أولا:

ماذا يميز الحدث الصادم؟

1- حدث غير متوقع.

2- لا يمكن السيطرة عليه.

والعاملين يجب ان يتوفرا معا ليكون الحدث صادما، وهذا ما حدث مع الكورونا.

سؤالا آخرا:

ما هي الأمور التي تتأثر لدى الفرد حين يتعرض للصدمة؟

1-الإحساس بالأمان الشخصي والعام.

2- الشعور بالثقة بالنفس والآخرين.

3- القدرة على السيطرة والتأثير على الأمور.

4- تقدير الذات.

5- الحميمية،

نتطرق لحالتنا الفلسطينية وعلاقتنا بالدولة:

فلو  نظرنا لنا كفلسطينيين وعلاقتنا بالمؤسسة، فلم يكن لدينا شعور بالأمان بالأساس، فالكورونا عززت شعورنا بعدم الأمان، فالشعور جاء على مستويين:

المستوى الاول:  بيننا كأفراد وبين الدولة.التي تميز ضدنا.

المستوى الثاني: داخل المجتمع نفسه.

-  عندما نفهم أن هنالك بلدات عربية حمراء خطرة وإصابات عالية، الناصرة على سبيل المثال، فيها 80 ألف مواطن، يوجد فيها إصابات ولكن الإغلاق  العام والشامل على 80 ألف شخص، يخلق داخل المجتمع الشعور بأن الشيء لا يخدم الصالح العام، وعدم إحساس بالامان داخل المجتمع نفسه والقدرة على السيطرة ، وفي نفس الوقت فالشعور  أنا لسنا الوحيدون وإنما الكورونا موجودة في كل العالم وفترة وستمر، وهذا يخفف من حدة عدم الثقة..

-  كل ما كان التعامل مع الجهات المختصة التي تعالج مشكلة الفيروس بأنها تستطيع إخراجنا من الأزمة ولنا الثقة بذلك، يخف الشعور بالصدمة، ولكن نحن لدينا الشعور بعدم الثقة كأفراد ومجتمع بالمؤسسة التي نعيش فيها، الدولة والوزارات وغيرها، وهذا يعزز الشعور بعدم السيطرة وعدم الشعور بالأمان، ويكبر الشعور بالصدمة، نحن نعيش بعلامات سؤال تكبر وتزيد، حتى مع كل موضوع التطعيم  فلدينا الشكوك حول نجاعته وفائدته.   

     

 

   

                                                             

 

لغاية الآن نحن نعيش في الصدمة مدة سنة ونيف، لا نعرف إلى أين.

ماذا يمكن أن يحدث للأفراد بفعل الصدمة، والتي نعيشها للآن؟

- إعادة عيش حدث معين في وعي الشخص وتفكيره حتى بعد أن ينتهي الحدث، ولكن هنا يوجد استمرار للصدمة، لم تنتهِ ومستمرة.

- إعادة صياغة كاملة لرؤيتنا للعالم من حولنا، فإذا كنا نرى العالم آمن اليوم نرى العالم خطر وغير آمن.

- أفكار لإدراك مشوه حول أسباب الحدث وتداعياته، هذه تؤدي لشعور بالذنب لدى الأفراد، ونحن كمعالجين نعمل مع الناس لكي نفكك لديهم الشعور بالذنب ونريهم عكس ذلك.

- مشاعر سلبية لا نعرف التعامل معها، غضب حزن، تيقظ مفرط فنبقى على استعداد لفحص كل شيء، مهددين بالموت، خوف على نفسي وعلى من حولي، خوف اقتصادي لا يقين اقتصادي لدينا، هل التطعيم مفيد أم لا.

- يصبح لدى الفرد تجنب:

1-  الافكار المرتبطة بالصدمة، فيريد الانعزال والبعد وشكل من اللامبالاة.

2-  تجنب محفزات خارجية من البيئة المرتبطة بالصدمة.

3- الأكثر شيوعا لدينا هو:

 *  التغيير بالمعتقدات الشخصية للإنسان، فهو يعمل إعادة صياغة كاملة للمعتقدات وللأفكار لديه، عن نفسه وعن العالم، فالعالم يتحول من مكان آمن لمكان خطر.

*  من المفارقات التي حدثت، أن الإدمان الذي كان على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقدناه بشدة، تحول لإمكانية وحيدة للناس للتواصل في زمن الكورونا، وهذا يرتبط بالعامل الذي ذكرناه سابقا بأن حياتنا انحرفت عن المسار العادي، وبدأنا نتأقلم لنوع حياة جديدة ولكن سوف تكون حياتنا مؤقتة بهذه الحالة.  

*  فكرتي عن نفسي من إنسان مسيطر وقادر لإدارة حياته لإنسان فاقد السيطرة ولا يعرف ماذا يحدث، ولا ماذا سيحدث وخصوصا فقدان اليقين صحيا، اقتصاديا وعائليا، هذا التوتر والضغط ينتقل في وحدة الأسرة من الأهل للأولاد، الأولاد يعيشون هذه الصدمة فهم في فترة انقلبت حياتهم، انقطعوا عن المدرسة، الأصدقاء، الأقارب والدورات وغيرها.

هل تحولنا لكائنات بعكس الغريزة البشرية، من اجتماعيين للعيش كل لوحده؟

 نحن تحولنا لأناس مجبرين للعيش بالعزلة، كي ننجو بأنفسنا ونحمي أنفسنا، وهذه مناقضة لطبيعة الإنسان الاجتماعي يعيش مع الناس والبيئة يؤثر ويتأثر بها، تحول التباعد كاستراتيجية للنجاة، وهذا من أثر الصدمة.  

كيف ممكن مساعدة من حولنا وأولادنا بهذا الوضع؟

 - من المتبع والطبيعي أن تكون أهمية للدعم الاجتماعي، ونسأل هنا كيف يحدث ذلك في أوضأع التباعد الاجتماعي؟

- المطلوب هنا التباعد الشخصي وليس الاجتماعي، تباعد جسدي فقط، أن نحافظ على المهاتفة التلفونية مثلا، اللقاء مع المحافظة على كل المحاذير والتقييدات الوقائية كالكمامة والبعد بالمسافة، المحافظة على التواصل، أن نجد وقتا لعمل أشياء نحبها لا نعزل أنفسنا في البيت فقط لأن للعزلة تأثير نفسي كبير على الناس.

- الإصغاء للأولاد بدون إطلاق أحكام، نتركهم ليعبروا عن مشاعرهم، ونعطيهم الشعور بالتفهم والتعاطف بدون نصائح، بمجرد المشاركة فقط والإصغاء.

- نحاول نحن وأولادنا العمل على زيادة الشعور بالثقة بالنفس والأمان، وذلك بزياد تخطيط الأشياء معا، فهذا  يعزز الشعور بالسيطرة وممكن أن نخطط مستقبلا حتى لو لم نعرف متى ننفذ ذلك  وبهذا نعزز شعورنا بالسيطرة.

- تفهم واحتواء لبعض السلوكيات الغاضبة التي يعبر عنها الأولاد نتيجة مخاوف وتوترات لديهم، فلا نتسرع بتوبيخهم لغضبهم بل احتوائهم.

- كمعالجين نفسيين نحن نحاول إعطاء الدعم بأن نرى ما هي مصادر الدعم لدى الشخص ممن حوله من أناس، وأن نتحدث عن المشاعر ولا نخبؤها ولا نخجل بها.

وفي النهاية:

- كلي يقين أن بانتهاء الكورونا سوف تعود الحياة كما كانت قبل الكورونا، فالطبيعة البشرية لا تتغير تحتاج لاستمرارية، وهذه الفترة هي زمنية مؤقتة ونستطيع أن نتحمل وجودها.

 - لكل صدمة يوجد جانب ايجابي أيضا: :                                                     

الاول أننا قادرون على التغيير والتأقلم والإنسان قابل للتأقلم مع كل حدث مهما كانت حدته وصعوباته، فنحن في الكورونا اكتشفنا هذه القدرة، وكيفية إيجاد طرق جديدة للتعايش معها، فالطبيعة البشرية تنتصر وتعيش في كل حالة.

الثاني- هي فرصة لمراقبة وتيرة حياتنا السريعة، العائلة مع بعض، تدعم بعض، هو سيف ذو حدين، يوجد اناس زاد عنفهم في البيت، ولكن كانت فرصة لمراجعة طريقة الحياة، واستنتج كل واحد استنتاجاته ومفاهيمه الجديدة عن الحياة.

 

أجرت اللقاء وحررته: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48 

 

التعليقات