21/12/2021 - 15:57

الوالدية بالتبني حالة إنسانية كبيرة للطرفين

الطفل أو المتَبنى يقطع كل الوصل من حقوق وواجبات للأهل البيولوجيين، بطريقتين:  طفل يولد لام تقر بأنها غير قادرة على التربية، وتمضي على التنازل وعن رغبتها وإرادتها بالتنازل عنه ، وهذه الحالة موجود بنسبة عالية في مجتمعنا العربي

الوالدية بالتبني حالة إنسانية كبيرة للطرفين

تبني الأولاد قد يعود لعدة أسباب:

عدم قدرة عائلة ما على الإنجاب

 التبني من أجل المساعدة الإنسانية

في الحالتين المستفيد هو الطفل الذي يبحث عن عائلة تحميه 

عند التبني يُنسب الطفل قانونياً إلى العائلة ويأخذ اسمها، كما يُعامل كأحد الأطفال البيولوجيين.

هناك عدة قوانين صارمة لتحقيق التبني ومنها الضمان المادي لتأمين حاجيات الطفل، الوضع الصحي والوضع النفسي السليم للعائلة، 

تستطيع المحكمة أن تكسر عقد التبني في حال حصل أي تجاوز لحقوق الطفل المتَبنى.

للحديث عن الموضوع أجرينا لقاء مطولا مع السيدة هبة حايك قسيس ودار معها هذا الحوار:

"في البلاد، رسميا، قانون التبني صدر عام 1981، ولكن في دول العالم الأخرى، غير العربية التابعة للشريعة الإسلامية والتي تقول "أدعوهم لآبائهم"، فيوجد هنالك كفالة أو حضانة ولكن لا يوجد تبني، وبحسب القانون الإسرائيلي يتم ملاءمة الولد للعائلة حسب القومية والديانة مع العائلةالمتبنية وذلك حفاطا على هوية الولد.

 وفي الأساطير الدينية والقصص القديمة والروايات المروية، ذكر موضوع التبني في التاريخ على مر السنوات، مثلا شخصية هاري بوتر وطرزان وغيرهما.

السيدة هبة حايك قسيس

 

 

 هبة حايك قسيس 

مفتشة لوائية لقانون التبني مكتب مصلحة الطفل

وزارة العمل والرفاه الاجتماعي في حيفا

 

 

 

ما الفرق بين التبني والحضانة؟

التبني حسب القانون:

الطفل أو المتَبنى يقطع كل الوصل من حقوق وواجبات للأهل البيولوجيين، بطريقتين:

 - طفل يولد لام تقر بأنها غير قادرة على التربية، وتمضي على التنازل وعن رغبتها وإرادتها بالتنازل عنه ، وهذه الحالة موجود بنسبة عالية في مجتمعنا العربي، ونسبة كبيرة من المتبنين لأمهات ولدن خارج إطار الزواج وحياتهن مهددة بالخطر.

حينها يكون تنازلا كاملا من الاهل البيولوجيين غير القادرين على التربية، لأسباب عدة، إما بسبب عنف أو غير كفء للتربية، صدمات نفسية وغيرها، هؤلاء يجري فحصهم نفسيا ، ويتم ذلك بعد مسار قانوني في المحكمة لإزالة الوالدية منهم،  (ملاحظة: الأوضاع الاقتصادية لا تدخل في أسباب خروج الولد من العائلة البيولوجية من أجل التبني).

- طبعا التنازل عن الأمومة يكون بهدف إعطاء الطفل بيت هادئ وثابت لمدى الحياة البعيدة وليس القصيرة القريبة.

ماذا تعني الحضانة؟

- الحضانة هي حل مؤقت للأهل، والهدف منها مساعدة الأهل على تأهيل أنفسهم، لكي يكسبوا أدوات والدية سليمة خلال فترة الحضانة، ليؤهلهم لإعادة الطفل لهم.

- الهدف هو توفير أمن ودفء للطفل، والشؤون الاجتماعية تهتم بتأهيل الاهل بشتى الطرق، والطفل يبقى مصانا في عائلة حاضنة ترعاهم وتقوم بشؤونهم.

- تبقى علاقات التواصل في فترة الحضانة، في مراكز خاصة للقاءات بين الأهل البيولوجيين مع الأولاد، ويعاد التقييم لوضع الأهل البيولوجيين في كل فترة حتى يصدر القرار بإعادة الأولاد لأهلهم أم لا، بحسب وضع الأهل.

- الحضانة هي وضع مؤقت للأولاد، والعائلة الحاضنة لا تستطيع إبقاء الولد في العائلة طويلا، وحسب الحالة في كل سنة تتجدد الحضانة، الحالة القصوى للحضانة سنتين حتى 3 سنوات.

-العائلة الحاضنة تكون برعاية وزارة الرفاه الاجتماعي، أي الولد تكون حضانته تحت وصاية الدولة، وت/يكون مأمور/ة لقانون الشباب  مسؤول/ة عنه، وهناك استشارة وارشاد كامل للعائلة الحاضنة، بالإضافة لمبلغ مادي للعائلة الحاضنة لتغطية مصروفات الولد أو البنت، ويبقى الولد مسجلا تحت اسم والديه البيولوجيين.

- في كل العمليات الرسمية تجاه الولد والعائلة الحاضنة، من إجراءات صحية ودوائر وغيرها تتطلب موافقة الأهل لا يحق للعائلة الحاضنة أن تمضي على أوراق للولد وإنما أهله البيولوجيين، وهذا يُبقي الولد في حالة توتر وضغط وعدم شعور بالراحة والأمان.

ما هي البدائل للولد في حال بقي الأهل البيولوجيون على وضعهم ولم يتحسنوا؟  

التبني طبعا هو الحل، 

التبني هو حق من حقوق الولد في العيش بأمان في حياته بالسنوات الأولى خاصة، والتبني لا يتم، كما ذكرنا، إلا أن بتنازل الأهل البيولوجيين مباشرة أو عن طريق المحكمة.

في هذه الحالة ممكن عرض موضوع التبني على العائلة الحاضنة إذا شاءت التبني أو اختيار عائلة أخرى لكي لا يحدث بلبلة للولد، بعد موافقة القاضي، والعائلة المتبنية تأخذ الولد وتسجله في وزارة الداخلية، على اسمها وهويتها وتتحول الواجبات والحقوق للولد للعائلة الجديدة والتي تصبح مسؤولة عنه لكل الحياة دون رجعة أو تراجع.

- الإرشاد للعائلة المتبنية يبقى من قبل مكتب مصلحة الطفل بالوزارة بعد التبني ومساعدات مادية محددة أو نفسية أو قانونية إلى أن تصبح العائلة المتبنية قادرة على ترتيب أمورها مع الولد المتبنى.

لمن يحق التبني؟

من ناحية العائلات، لأزواج لا يكون الفرق بين الطفل والأم ليتعدى ال 43 سنة، من ناحية جيل، والأب أيضا، وفي المجتمع العربي نقوم بقليل من التسهيلات للعائلات لغاية 45 سنة، لوجود الصعوبة في الإقبال على التبني.

- إذا كان الولد يتيما 

- يجب ملاءمة الجيل بين الأهل والطفل لكي لا يكون  فجوة كبيرة بينهم.

من ناحية تعريف الطفل لدينا، في قسم الرفاه الاجتماعي:

- من جيل 0 لسنتين يعد طفلا.

- بعد السنتين هو ولد.

- ممكن التبني لصبايا لم يتزوجن ولم تكون عائلة وظروفها تسمح بذلك.

- عائلات كان لديهم أولاد لهم ويريدون التبني لتكبر العائلة ولديهم الرغبة.

كيف يتم ذلك؟

يقوم التسجيل في مكاتب مصلحة الطفل التابع للوزارة، وهي مقسمة ل 4 مناطق جغرافية

 وهؤلاء بعد تقديم الطلبات تجرى جلسات فردية مع الأهل ويتم فحص إمكانيات قابليتهم للتربية واستيعاب الطفل، إن كان من ناحية نفسية أو صحية أو للأهل مع أولاد لهم من قبل، يتم فحص مدى قابليتهم  لمواجهة الصعوبات والتحديات التي تنتظرهم، فالطفل المتبنى وتربيته تختلف عن تربية الولد البيولوجي للعائلة.

بعد الموافقة عليهم من قبل المحكمة يسجلون في المكتب، ويصبحون في حالة انتظار حتى يتم ترتيب ولد أو بنت تلائم الطلب من ناحية جيل جنس الطفل لون البشرة وما إلى ذلك.

هناك التبني المفتوح حيث يقرر القاضي في المحكمة هل تستطيع الأم البيولوجية بلقاء الولد في مراكز خاصة، وهذا يتوقف على وضع الأم النفسي. 

 التبني المغلق حيث لا توجد إمكانية للقاءات تواصلية بين الطفل والأم لظروف الأم، حينها تقطع العلاقة نهائيا وما يقرر ذلك مصلحة الولد أولا.

هل هنالك جيل للتبني؟

لا جيل للتبني ولكن نرى عادة كلما كان جيل الطفل أصغر أفضل للتبني وأسهل للتأقلم. التبني ممكن في أي جيل، حق الولد بالتبني، ويجب على الدولة أن تعطيه حق الحماية.

لدينا حالة ابن 15 سنة موجود للتبني، توفى أهله لأسباب مرضية وكان عند عائلة حاضنة ومدرسة داخلية، والعائلة الحاضنة طلبت أن تتبناه بشكل رسمي ليكون باسمهم ويسهل كل موضوع التعامل والإجراءات المتعلقة به.

كيف يتم تهيئة الأهل للتبني قبل الوصول للتبني الفعلي؟

في البداية هناك مدة نصف سنة مع الأهل تكون تجهيزية، للأهل وفحص قابليتهم للتبني من إجراءات وفحص سيكولوجي وصحي وغيرها وتتم زيارة البيت وفحص كل الظروف للعائلة وملاءمتها لشروط قبولهم للفترة القادمة.

- يتم إشراكهم  في دورة تحضيرية لاستقبال الولد الأول.

المواضيع المطروحة: 

- شرح ما معنى ولد متبنى

- كيف نستقبل الولد في البيت

- إطلاعهم على الخلفية التي جاء منها الطفل المتبنى والظروف التي جاء منها قبل أن يصل للعائلة، حاجاته اليوم للأمام، هذا الطفل انتزع من مكانه أو محطات تنقله إلى أن يصل للبيت،- 

- البيت جديد مناخ رائحة مختلفة نشرح لهم من أين جاء والأساس الذي مر قبل المجيء إليهم

- خلفيته مع جينات تختلف عنهم، طريقة الدمج والاستيعاب  من خلال ألعاب تمثيلية وشرح وما إلى ذلك ويتم هذا بشكل مهني ممنهج ومرافقة، إلى أن يصل لبر الأمان هو والعائلة.

- عن الشعور بالأمان والحب عن كيفية الرضاعة،

- عن توقعاتهم ومخاوفهم تجاه الولد

- هل يمكن أن أحب الطفل؟

ما بعد  الدورة التحضيرية:

وحين بداية الاستيعاب هنالك تبدأ مسيرة مختلفة، نرفع تلفون ونخبرهم بوجود الطفل وندعوهم لرؤيته، وممكن أن تكون صعوبة في تفبل المعلومات الأولية عن الطفل ويتوقف المسار قبل أن يبدأ. وإذا تقبلوا المعلومات الاولية فهم يتقدمون خطوة  فيرونه من بعيد ، ويتم الاستيعاب خطوة بعد خطوة بوتيرة مدروسة وغير سريعة.

التبني من خارج البلاد؟ واختلاف الجنسيات

هنالك جمعيتين عملتا في موضوع التبني خارج البلاد، العائلة تدفع نقودا للجمعيات لتقوم بالإجراءات كلها ولكن اليوم توقف عملهم ولم يعد هناك إمكانية تبني من الخارج. ولا يكون عن طريق الدولة.

التبني الشخصي غير ممكن بدولة إسرائيل، لا يوجد تبني من الضفة لأولاد فلسطينين ولا يوجد حضانة أو كفالة لأنهم ليسوا تجت رعاية وسلطة الدولة.

أخيرا:

لدينا عدة أولاد هم بحاجة لبيوت ترعاهم ودافئة للمدى البعيد، التبني والوالدية بالتبني، تطور مشاعر كبيرة من الأهل والولد على حد السواء ولا يشعرون انهم متبنين ومتبنون.

ويجب على الأهل المتبنين ألا  يمحوا قصته ولا يمحوا هويته، وهذه دعوة لكل الأهالي لا تخاف من موضوع التبني لما فيها من رسالة إنسانية كبيرة المعاني.

لقاءات على أرض الواقع لأناس قد تبنوا

كان لنا عدة لقاءات مع أهل قد تبنوا أطفالا في مجتمعنا تحدثنا عن تجاربهم الشخصية والأسماء محفوظة لدينا بشكل سري تماما حرصا على مشاعر الأهل والأولاد ومن أبرز القصص التي نشرككم بها جاءت على النحو التالي:

كيف وصلتم إلى قرار التبني ؟

بعد محاولات حمل عديدة وإجهاض متكرر ومؤلم، وصلنا إلى قرار بوجوب التبني.

زوجي كان على قناعة تامة بذلك ولكني كنت آمل كل الوقت أن يكون لي ولزوجي طفل لنا يحمل صفاتنا ولكن القدر حال دون ذلك.

قررنا القبول والتبني، مكثنا  3 سنوات بين اللجان والإجراءات حتى تم التبني.

تم تبني الولد كان في جيل لم يتجاوز الأربعين يوما ، وبعد سنتين تبنينا بنتا كانت بجيل 6 أشهر.

الأولاد من البلاد. 

ونحن لا نعرف من الأهل وهم لا يعرفون أين أولادهم موجودين.

هنالك سرية تامة، والتبني يكون من منطقة جغرافية مختلفة.

هناك سيرورة سرية وطويلة وقانونية حتى وصلنا للتبني.

وحين جاء الوقت أن نأخذ الولد أوالبنت أعلمونا بذلك، في المرة الأولى التي ذهبنا لرؤية المتبنى كان الأمر صعبا جدا، لم أستطع التواصل معه ولا أن أرى نفسي أما للطفل، كان الأمر بمثابة صدمة لي كبيرة وبدأت بالبكاء والشعور بالذنب لكوني لم أستطع تقبل الطفل مع أني كنت على قناعة واستعداد لذلك. وبعد 3 سنوات من التحضير.

بعد ذلك جئت للتبني ورأسا دخلت بتواصل مع الطفل وأحسست بالتعاطف له.

عمره كان أقل من أربعين يوما. كانت التجربة رائعة والإندماج العائلي كان ممتازا وصحيحا.

من وقتها سجلناه لدينا دينيا ورسميا.

 اليوم هو في جيل 24 عاما

 - تبني البنت جاء بعد سنتين البنت كان عمرها 6 شهور.

 كيف كان التفاعل مع المتبنى والعواطف كيف حدثت   والسيرورة للتواصل؟

انا وزوجي قد اخذ معنا وقتا ليس بقليل، هو كان أسهل مني ومقتنعا من البداية بالطريق.

-- في الدورة مررنا هذه التجربة التحضيرية  خلال 12 لقاء. 

هل بدأتم تهيئة الأولاد من جيل مبكرة لمعرفة حقيقتهم؟

في جيل سنة ونصف بدأنا بفتح الموضوع معهم بشكل تدريجي إلى أن أخبرناهم بالحقيقة، وكان الشيء طبيعيا

لقد كانت صعوبة بالبداية ولكن مع التحضير فهموا أكثر.

هل لديهم  حاجة للبحث عن الأهل البيولوجيين؟

كل مرة اسالهم  عن ذلك وأقول لهم من حقكم ان تعرفوا  لو أردتم، ولكن لغاية اليوم لم يقولوا انهم يرغبون بذلك.

هل لديك تخوف حتى لو عرفوا؟

 يهمني ما هو الأفضل لمصلحتهم وماذا يحبون هم فيما عدا ذلك لا تخوف لدي.

أجرت اللقاءات وحررتها: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48

التعليقات