البداية من صفد: سمير سلامة

لطالما كان الفنّ التشكيليّ مرآة لواقع عاشه الشعب الفلسطينيّ منذ عام 1948 حتّى الآن، وقد كان للنكبة وما تبعها من قتل ودمار وتشريد وسرقة للأرض، أثر بالغ في تشكّل ملامح الحركة الفنّية في فلسطين والشتات، وظهور عدد من الفنّانين الّذين رسموا خارطة طريق للفنّ التشكيليّ الفلسطينيّ وكانوا من روّاده.

وطوال مراحل النضال الفلسطينيّ، كان الفنّانون جزءًا منه وركيزة أساسيّة لرفده، في مختلف الأشكال والأنواع الفنّيّة، من الأدب والشعر والفنون التشكيليّة والسينما وغيرها، ومع التحوّلات الهائلة الحاصلة على مرّ السنين، يمرّ الفنّ بمراحل تحوّل موازية، لكنّ الركيزة الأساسيّة تبقى حول هاجس الفنّان الأوّل: التهجير والنكبة.

كان سمير سلامة من أوائل الفنّانين الّذين بدأوا بالبروز مع بداية سبعينات القرن الماضي، وكان أقرب للمدرسة التجريديّة حينها، في وسط توجّه فنّيّ سائد في ذلك الوقت ينهل من المدرسة الواقعيّة، وكانت للتجربة الشخصيّة الّتي عاشها أثناء النكبة، وتهجير عائلته من صفد إلى سوريا، أثر هائل فيه وفي تشكّل ملامح الخطّ الفنّي الّذي سيتشكّل لاحقًا في أعماله الفنّية.

أنهى سمير سلامة دراسته الجامعيّة عام 1972، ثمّ التحق بمنظّمة التحرير الفلسطينيّة في بيروت، وكان من روّاد صياغة الملصق السياسيّ، الّذي شكّل ثورة في تلك المرحلة، كما شارك وأقام عدّة معارض مشتركة وفرديّة في بيروت، قبل أن يغادر إلى باريس لمتابعة دراسته العليا في كلّيّة الفنون، وهناك خاض حربًا أخرى، لإثبات مكان ولادته في جواز سفره الفرنسيّ، وقبل عودته إلى بيروت، تعرّضت أعماله للتدمير أثناء القصف الإسرائيليّ لبيروت في حزيران (يونيو) 1982.

يتميّز سمير سلامة بتجربة فنّية ثريّة تطوّرت بعناية على مدار سنوات طويلة، ما بين فلسطين والوطن العربيّ والعالم المفتوح على كلّ هذا التنوّع الثقافيّ، الّذي أثبت حضوره فيه ورسّخ رؤيته؛ إذ قدّم خلال مسيرته أكثر من 70 معرضًا في مختلف عواصم العالم، كما اشتملت أعماله على فنّ الخطّ والرسم والألوان الفنّيّة والمطبوعات وغيرها.

مع مرور الذكرى الثالثة على رحيل الفنّان سمير سلامة، تنشر فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة، معرضًا إلكترونيًّا يضمّ عددًا من اللوحات الّتي تعبّر عن مختلف مراحله الفنّيّة، منذ عام 1962 حتّى 2018.