كنز البارّكودا

الرّسوم: جوليا ساردا.

ترجمة: محمّد بيطاري.

مقدّمة كتاب قصصيّ، تدور حول مغامرة القبطان بارَّكودا.

أنا متأكّد تمامًا من أنّ القصّة الّتي سأحدّثكم، ستبدو لكم غير قابلة للتّصديق في لحظات كثيرة. أنا أعرف، وليس غريبًا، لأنّها قصّة مليئة بالأسفار إلى نهاية العالم، والرّياح الّتي تصيب الرّجال الأكثر شجاعة بالجنون، وبالجزر الضّائعة وباللّيالي الخالية من النّوم تحت ملايين النّجوم. بالنّسبة لي، لو لم أرها بأمّ عينيّ، ولو لم أمشها بقدميّ الخاصّتين، أيضًا كانت ستبدو لي كذلك.

لكنّني أستطيع التّوكيد لكم أنّ ما ستقرؤون هنا هو مطلق الحقيقة، أكثر وضوحًا كما ملوحة مياه البحر وزرقة السّماء، والعيون الأكثر سوادًا الّتي رأيتها في حياتي كانت في مواجهة امرأة بالغة تُسمّى دورا، في باربادوس[1]. أنا أعرف أنّكم ما زلتم لا تعرفونني، لكنّكم أيضًا ستروون أنّني لم أكذب قط؛ ليس لأنّ والديّ (اللّذين لم أعرفهما) لم يعلّماني، بل لأنّني اكتشفت، بعد التّعامل مع الكذّابين وكلّ مَنْ هم على شاكلتهم، أنّ الكذب فقط يجلب المشاكل لمنْ يقوله. صدّقوني، لن تصلوا أبدًا إلى أيّ مكان عبر كذبة، حتّى لو بدتْ لكم جيّدة. متأخّرًا أو باكرًا، سيظهر أحدهم ليقول الحقيقة ناصعة؛ عندها سيكون لديكم الكثير من المشاكل الّتي سيأخذكم الكذب إليها، وستتمنّون لو أنّكم احتفظتم بأفواهكم مغلقة.

فلنترك الخيارات إلى وقت لاحق. الآن، فقط سأحذّركم: إنْ رافقتموني، سيتوجّب عليكم الانتباه والخوف، وأثناء زيارتنا للعديد من الأماكن الخطيرة نلتقي أناسًا ليس من المستحبّ لقياهم. طبعًا أنا سأكون دليلكم في السّفر أثناء ذلك، والأفضل عندها ألّا تتجاهلوني، هناك حيث الأخطاء الّتي ستدفعون أثمانها غالية، ولا فرص أخرى لتصحيحها.

من أجل البدء، سأدلّكم على نصيحتين قد تفيدانكم في كلّ مكان: الأولى، لا تعطوا ظهوركم للأبواب وأنتم في الحانات؛ والثّانية، لا تفتحوا أفواهكم أوّلًا عندما يقدّمون لكم شخصًا جديدًا. من الأفضل دائمًا ترك الآخر يتكلّم بعض الوقت حتّى يصل إلى صمت غير مريح فلا يعرف ماذا يقول. عندها، وإذا تابعتم الصّمت قليلًا أيضًا، سيقول الآخر شيئًا مهمًّا، أحد الأسرار الّتي باستطاعتك استخدامها في وقت لاحق. هذا لأنّ القراصنة يكرهون الصّمت. هم عدّة أنواع مشاكسة وصاخبة، كما لا يحبّون التّفكير أكثر من الّلازم. لأنّ - هل نسيتُ قول ذلك؟ - هذه واحدة من قصص القراصنة مع قواربهم، أنا أعلم! أنا أعلم! قد تقولون لي إنّكم سمعتم هذا ألف مرّة. لكنّني أستطيع التّأكّيد أنّه لا، هذه ستكون دون شكّ، القصّة الأكثر غرابة الّتي تسمعونها عن القراصنة، ولو عشتم ألف عام آخر وركضتم حتّى آخر باب في الكاريبي مستمعين إلى كلّ أولئك الّذين يملكون شيئًا ما ليقولوه. لكنّ هذه هي القصّة، أستطيع أنْ أقسم لكم حولها. لم يكنْ هناك أبدًا قبطان مثل باركودا، ولم توجد مغامرة أخرى مثل مغامرتنا، كما إنّ أحدًا لا يمكنه سردها لكم أفضل ممّا سأفعل، أنا كنت منذ البداية. البداية... نعم... كلّ هذا بدأ... بالضّبط هكذا.


[1] . باربادوس دولة جزيرة في جزر الأنتيل الصّغرى. تمتدّ بطول 34 كيلومترًا وعرض 23 كيلومترًا، تبلغ مساحتها 431 كيلومترًا مربّعًا، وتقع في المنطقة الغربيّة من شمال المحيط الأطلسيّ، على بعد 100 كم من البحر الكاريبي.