فيزياء

Jackson Pollock

 

في مطلع الجبل

قبیل القمّة

ودَدتُ لو ألتقیني فوق

وأن نتزحلق

أنا وأنا

نزول الجبل على قنینة بلاستیك

 

برأسي الثقیل أودّ لو أضرب العالم

فیرتجّ في الفراغ

وأن یسقط في شِباك لست أراها

برأسي الثقیل

أودّ لو أخفي العالم من المشهد

أمحوه

ولا ألمح اللحظة

- اللحظة التي بجمال نیزك قادم -

التي تختفي فيها الأرض

هذه هي اللحظة التي ولو لمرّة واحدة

أحتال فيها على الفيزياء

والجاذبیّة

وعلوم المنطق

 

بیدي الطویلة

- أعني لو كانت حقًّا كذلك -

أودّ لو أصفع العالم

هكذا، دون حسابات

ولا أسئلة في الأخلاق عن عدد الضحایا

أو الأصفار المفقودة

 

أحلم بثقب أسود في كفّ یدي

بسعة امتصاص عالیة

قادر على ابتلاع الأشیاء كلّها

دفعة واحدة

لأنّني – بيدي الطويلة -

أودّ لو أصفع العالم

 

تحت أقدامي الطویلة

هناك في الأسفل الذي لا أراه

أودّ لو أحشر العالم للحظة

أن أضغط علیه كرفّاص

لا لینفجر

بل لیتمدّد أكثر

ویتّسع على قدر خبایاه

 

لو كنت حصوة صغیرة

صغیرة وتسبقها أصفار كثیرة

لكنت أنزلت العالم إلى أرضه

تحت أقدامي الطویلة

الطویلة

عمیقًا في القاع

حصوة ارتكاز

تحت قارّة كبیرة أختارها بخبث

أوقف الدوران للحظة

وبدفعة واحدة

أركله سریعًا إلى الوراء

 

الزمن ینجنّ الآن

وهذا أجمل ما قد تحدثه الفیزیاء في بؤس أسود كهذا

 

هذا مشهد رأیته

هذا عشته

وهذا تألّمت لبكاء الذين رأوه

ذلك تاريخ سمعت به

هذا جمع یسیر

وجمع یتحوّل من ملح إلى بشر

ومن بشر إلى تراب

هذا شتاء كثیر

وسفینة في كرة من ماء

 

بركلة واحدة قویّة إلى الوراء

سوف یلمع نجم جدید في الفضاء

وللحظة

- أنا لا أهوى مراقبة النجوم -

النجم إذ یموت ضوء

وكم من عتمة في القبور؟

 

رأسي ثقیلة

النیزك أثقل

أنا أعرف أنّ الحظّ لا یحالفني حتّى في هذا

 

یدي طویلة

عصا أرخمیدس ألعن طولًا

وأنا أعرف أنّ اللعنات المكدّسة أفقدتني نقاط الارتكاز

 

وأسوأ ما في الأمر

أسوأ ما في الأمر

أنّني حقًّا حصوة في هذا العالم

 

***

 

أن أفتتن معناه؛
أن أرصف أحذيتي وأفرّط بمجال لحذاء جديد
أن أجرع الشاي من كأسين
أن أفرّط بالكلام
أن أبتاع غطاءً جديدًا لسريري
أن أدسّ في جيبي الكستناء
أن أطالع شعرًا
أن أعاود رصّ المعالق
أن أشبِع القطط
أن أوضّب شعري

أن أفاصلني في شراء عطر جديد
أن أشغّل مدفأتين
أن أفرط بالمنطق

أن أستلب شالًا

أن ألين
 

وأن لا أستدلّ لم يحدث هذا كلّه

 

***

 

الجبل سلّة مهملات كبیرة

البحر میاه مجاري

والبیوت حاویات

...

وحده وجهك یجمّل المدینة

 

***

 

ولادتي

أولى التجارب السیّئة

الصلاة لأسنان الغزال

نهاية التجارب الجیّدة

 

الحیاة درس عظیم للروبوتات أمثالنا

الموت خراب عظیم للجمیلین

 

الذي یجعلنا نموت في النھایة

إدراكنا

أنّ خللًا قد طرأ لحظة ولادتنا

 

***

 

لو سقفنا العالم كلّه بسقف واحد

وبقينا هنا

أنا وأنت في الطابق الثاني

على كنبة مخمليّة في ركن الكون

والشمس ضوء بجانبي

سوف ألقي بنفسي

في يديك.
 

لن نحتاج لموسيقى تضرب الخلفيّة

أو آلة تسجيل عملاقة

كلّ ما سنحتاجه يا الله أنّك أنت

للحظة، سأناديك دكتور

وفي عيادتك

نطلق الشتائم سويًّا على الطبّ الحديث

وشركات الأدوية

ونظام الأشياء/ البشريّة طبعًا.

 

الآن؛
في هذا الفراغ أقصد

أتيح لنفسي أن أشتمني

بشدّة

وأخرج.
 

يا ربّ تساقطت يداي

اشتعلت لحيتي وقتلت

وبقيت أخرسَ.
 

يا ربّ لا أحد يشاركني مقعدي

هناك حقيبة ملقاة بجانبي؛
منذ أنزلتها عن كتفي

نسيت صاحبها.

 

والذين مرّوا من هنا الآن وذهبوا

تركوا غبارًا وعطرًا

عندما ينسون سوف يبقى

الغبار.


يا ربّ الشيء الوحيد الذي أدركه أنّني لا أدرك شيئًا

أنا أتلوّن فقط.

والجرح الذي اندمل بقماش مزركش

بقي جرحًا مزركشًا.
 

يا ربّ في آخر احتلام ليليّ

قتلت أحدهم

فانتشيت.


قد تقول الآن: "لم يستفق بعد"

افتح كفّيك،
سقطت أصابعك؟
تجدني متوسّطًا كومة الفزع.


دكتور؛
ما هي عقدتي النفسيّة؟

 

 

رأفت حرب

 

 

مواليد قرية بيت جنّ في الجليل الأعلى؛ يكتب الشعر ويعمل مسؤول إنتاج للمشاريع الثقافيّة في متجر فتّوش بحيفا.

 

 

 

 

* يُنشر هذا النصّ بالتعاون مع مبادرة "فناء الشعر"، وهو نتاج ورشة للكتابة الإبداعيّة بإدارة أسماء عزايزة، صدرت نصوص المشاركين فيها بعنوان "خلل طرأ لحظة ولادتنا".