الإصغاء لظلال العائلة

Olafur Eliasson

خاصّ فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة

(1)

خرج وجه أبي

من فوّهة الجرّة المدلّاة

عند بوّابة الظلّ.

أطلَّ جرس أمّي

من أصابع الخيزران العالي

مقابل بوّابة الظلّ.

ألقيا تحيّةً سريعةً

واختفيا مع الظلّ.

 

(2)

يجتمع إِخوتي

حول جثّتي

ويقرؤون من كتبي

الّتي حملتْ دموعهم وظلالهم،

وأنا أغرقُ

في ضجّة الغسّالة الأوتوماتيك،

ويضيع برتقال أبديّتي

في صندوقي الّذي أبادتْهُ

مدفعيّة الرسّام.

 

(3)

أرى حزن أعمامي قادمًا

من ظلالِ البحرِ

وأرى حزنَ أبي

في ظلّي.

 

(4)

أين ظلّ جدّي؟

 

(5)

أرى بؤسَ عمّاتي سجينًا

في زنزانة الوقت

وأرى وجهَ جدّتي حزينًا

لأنّ ظلّها أعلى

من مرآة العائلة.

 

(6)

أرى مشمش خالاتي

يصادره الصبر والشوك

لأنّ حزنهنّ مُزْمِنٌ

كسعال جدّي المصاب بالربو

ومرساة إنجاب البنات،

وقسوة أمٍّ خذلتْها شعابُ الجبل

وهي تحمل كومة الحطب على إكليل الحظّ

وتذكي نارَ حسرتها

لبناتٍ تسع

وظلّ ولدٍ لمْ يأتِ.

 

(7)

أرى سفرَ العائلة

وعجين جدّاتي وعمّاتي وخالاتي

فجرًا

ورغيفَ جنوني

وملحَ الظلال

وقذارتي

واحتمائي بأذرعٍ

من خذلانٍ وخرافة

أرى

سكاكين

قطّعتْ خبزَ صباحنا

على طاولة العتبْ

ونهار الوجع الصريع.

كمْ أشتهي أن يعود الخبز إلى ذاكرة القمح

وأن يرجع العسل فكرةً

وأن يعود البيت إلى البيتْ

وأن تعود الصورة إلى الإطار،

أو أعود مَنْيًا ميّتًا

قبل سفر الحياة

وظلالِها.

 

(8)

يجتمع إخوتي حولَ جثّتي

فأشعر بالأمل.

 

(9)

حذائي ضيّقٌ

لكنّه يعانق قدمي

كي يعلّمها المشيَ.

قبلَ أن أنسى السفر.

 

(10)

أبتسم لظلّيهما...

فأنا وحيدٌ

ولا مطرَ يحملني إليّ.

 

 

علي قادري

 

 

من مواليد قرية نحف في الجليل. شاعر ومعلّم للغة والأدب العربيّين في المرحلة الثانويّة بمدرستي "مسار" – الناصرة، و"ابن سينا" - نحف. يعمل محرّرًا أدبيًّا لمجلّة "الغد الجديد" الثقافيّة، الصادرة عن جمعيّة المنار للثقافة والهويّة الفلسطينيّة. له مجموعة شعريّة بعنوان "خراب وثلاثون جثّة".