غزّة: الحرب تفاقم معاناة المرضى الفلسطينيّين

من المنتظرين، عائلة الطفلة مريم خضر الّتي كانت تنتظر بفارغ الصبر حلول منتصف أكتوبر لإجراء عمليّة جراحيّة للطفلة تخلّصها من ثقل البلاتين الخارجيّ المثبّت على عظم فخدها الأيمن...

غزّة: الحرب تفاقم معاناة المرضى الفلسطينيّين

(Getty)

فاقمت الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة من معاناة المرضى الفلسطينيّين الّذين يحتاجون عمليّات جراحيّة، فقد أدّى القصف الإسرائيليّ المكثّف إلى وقف العمليّات الجراحيّة بالمستشفيات الّتي اقتصر عملها على تقديم الإسعافات الأوّليّة للمصابين.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين أوّل الماضي تشنّ إسرائيل حربًا على القطاع دمّرت خلالها أحياء، وخلّفت دمارًا هائلًا بالبنية التحتيّة، وأسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى المدنيّين معظمهم أطفال ونساء، وعن كارثة إنسانيّة غير مسبوقة، وفق مصادر رسميّة فلسطينيّة وأمميّة.

ومن المنتظرين، عائلة الطفلة مريم خضر الّتي كانت تنتظر بفارغ الصبر حلول منتصف أكتوبر لإجراء عمليّة جراحيّة للطفلة تخلّصها من ثقل البلاتين الخارجيّ المثبّت على عظم فخدها الأيمن.

لكنّ الحرب الّتي بدأت في السابع من ذات الشهر، حرمت مريم (6 سنوات) من موعد عمليّتها الجراحيّة، وفاقمت من وضعها الصحّيّ.

آلام حادّة باتت تضرب قدم الطفلة بين الفينة والأخرى، فيما تعاني من التهابات شديدة في مواضع البلاتين المثبّت في قدمها.

تحاول العائلة الاستعانة بممرّضين لتطبيب الطفلة بأدنى المقوّمات والمستلزمات في ظلّ صعوبة اصطحابها لمستشفى الشفاء بمدينة غزّة الّتي تعمل حاليًّا ضمن نظام الطوارئ لاستقبال قتلى وجرحى القصف الإسرائيليّ

وتشعر العائلة بالألم والحسرة جرّاء الوضع الصحّيّ الّذي آلت إليه قدم الطفلة، بحسب قول والدتها "سناء".

مريم واحدة من آلاف المرضى الّذين كانوا ينتظرون دورهم في الفترة الّتي سبقت الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة، لإجراء عمليّات جراحيّة أساسيّة ومهمّة لصحّتهم العامّة، لكنّ الحرب أخّرت حصولهم على هذا الحقّ حتّى إشعار آخر.

ويتخوّف المرضى من أصحاب العمليّات المؤجّلة، على أوضاعهم الصحّيّة جرّاء تأخّر الجراحات الخاصّة بهم.

آلام حادّة

في كلّ ليلة تعاني مريم من آلام حادّة، وبات يخرج من قدمها صديد ناجم عن الالتهابات الأمر الّذي يتسبّب بمضاعفات صحّيّة خطيرة، وفق قول والدتها.

وتوضّح الأمّ أنّ ابنتها تعرّضت لتهتك بالعظام وهي في الثالثة من عمرها، ما دفع الأطبّاء لتركيب بلاتين في قدمها بقي عامًا ونصف، لكن خطأ طبّيًّا حدث أثناء رفع المثبّت الخارجيّ تسبّب بكسر جديد في العظام ما اضطرّ الأطبّاء لتركيبه مجدّدًا.

والبلاتين الحاليّ مثبّت على قدم الفتاة منذ أكثر من عام، وكان من المفترض أن يتمّ إجراء عمليّة لمريم منتصف أكتوبر إلّا أنّ الحرب أجّلّتها، وفق الأمّ.

وتضيف: "الالتهابات الشديدة تضاعف من وضعها الصحّيّ، وقد يؤدّي بها إلى تجمّع المياه في الرئتين، وهذا أمر خطير في ظلّ الأوضاع الحاليّة للمستشفيات، فضلًا عن حدوث قصر في القدم المصابة".

وبالحدّ الأدنى، تتلقّى الطفلة علاجات أوّليّة لتسكين الألم وتخفيف الالتهابات فيما تنتظر بفارغ الصبر موعداً جديداً للعمليّة.

وتشير والدتها إلى أنّ طفلتها باتت تفقد الأمل، وإنّها رغم صغر سنّها تقول دائمًا إنّ البلاتين سيلازمها طوال حياتها.

وتختم قائلة: "دائمًا تنظر مريم إلى ملابسها، وتتساءل متى سترتدي البنطال الّذي حرمت طوال فترة وجود البلاتين من ارتدائه".

وكانت منظّمة الصحّة العالميّة، قالت في وقت سابق، إنّ أكثر من نصف مستشفيات قطاع غزّة خارجة عن الخدمة بسبب شحّ الوقود والهجمات الإسرائيليّة والبيئة غير الآمنة.

وأوضحت في بيان، أنّ 22 مستشفى من أصل 36 في غزّة خرجت عن الخدمة، وأنّ المتبقّي منها لا تتوفّر فيها المستلزمات الطبّيّة لمواصلة العمليّات الجراحيّة الحرجة وتوفير العناية المركّزة.

تخوّفات كبيرة

الفلسطينيّ هيثم زقوت (45 عامًا)، كان ينتظر دوره لإجراء عمليّة جراحيّة، يقول للأناضول إنّ هناك تخوّفات من تفاقم وضعه الصحّيّ.

ويذكر زقوت أنّه يشعر بآلام حادّة بين فترة وأخرى، قائلًا: "أعتمد على المسكّنات حاليًّا في ظلّ عدم وجود إمكانيّة لزيارة أطبّاء أو مستشفيات".

بدورها، تشير النازحة أمل مطر (50 عامًا) من مخيّم الشاطئ غرب مدينة غزّة إلى أنّها وصلت مدينة رفح جنوب القطاع قبل أسبوعين، إلى أنّ عمليّتها الخاصّة برفع البلاتين الداخليّ المثبّت في قدمها اليمنى تأخّرت بسبب الحرب.

وأوضحت، أنّه كان من المقرّر إجراء هذه العمليّة في أكتوبر، لكنّ الحرب أدّت إلى تأخّرها لأجل غير معلوم.

وتشير إلى أنّها لم تعد قادرة على المشي على قدمها بسبب تأخّر رفع البلاتين، فيما تعرّضت للسقوط أكثر من مرّة لتعرض قدمها لحالة من "الميلان".

وختمت قائلة: "كما أنّنا نزحنا من مخيّم الشاطئ مشيًا على الأقدام، هذا النزوح أدّى إلى تدهور الأوضاع الصحّيّة لكثير من المرضى غير القادرين على المشي".

وفي السياق، يقول نائب منسّق المشاريع في منظّمة أطبّاء بلا حدود- فرنسا أيمن الجاروشة، إنّ المستشفيات اليوم تعمل بنظام الطوارئ لمعالجة جرحى الحرب.

وتابع للأناضول: "قدر الإمكان نحاول مساعدة المستشفيات في المناطق الجنوبيّة"، ووصف الأوضاع داخل المستشفيات بالصعبة جدًّا في ظلّ نقص العلاجات والأدوية اللازمة للعلاج.

ويشهد قطاع غزّة منذ صباح الجمعة، هدنة إنسانيّة مؤقّتة استمرّت 4 أيّام وأعلن الاثنين تمديدها ليومين إضافيّين تتضمّن وقفًا لإطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل، بموجب وساطة قطريّة مصريّة أميركيّة.

التعليقات