صالح العاروري... قياديّ حماس الذي توقّع اغتياله وظلّ لاعبا رئيسيًّا حتى ذلك

كان يُنظر إلى العاروري على أنه شخصية رئيسية في الحركة، إذ أنه كان العقل المدبر لعملياتها في الضفة الغربية من المنفى في سورية وتركيا وقطر، وأخيرا لبنان، بعد فترات طويلة في السجون الإسرائيلية.

صالح العاروري... قياديّ حماس الذي توقّع اغتياله وظلّ لاعبا رئيسيًّا حتى ذلك

الشهيد صالح العاروري (Getty Images)

كان الشهيد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، يتوقع اغتياله منذ فترة طويلة، قبل أن يستشهد، الثلاثاء، في ضربة بطائرة مسيرة إسرائيليّة في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وجاء استشهاده بعد مرور نحو ثلاثة أشهر على الهجوم المباغت الذي شنّته حماس، وبدء الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة.

وقال في آب/ أغسطس الماضي، بينما كان يحثّ أهال في الضفة الغربية المحتلة، على حمل السلاح، وسط تصاعد المقاومة: "بستنّى الشهادة، وحاسِس حالي طوّلت".

محتجّون في الضفة عقب اغتيال العاروري (Getty Images)

ويأتي استشهاده في لحظة حاسمة بالنسبة للحركة، إذ تحاول إسرائيل القضاء عليها عقب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

وتتهم إسرائيل العاروري منذ فترة طويلة بشن هجمات دامية على مستوطنين، لكن مسؤولا في حماس قال إنه كان أيضا "في قلب المفاوضات" المتعلقة بنتائج حرب غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذي تتوسط فيه قطر ومصر.

وقال مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مارك ريغيف، "أيا كان الفاعل فإنه ينبغي توضيح أنه لم يكن هجوما على دولة لبنان... من فعل ذلك يوجه ضربة دقيقة لقيادة حماس".

وكان يُنظر إلى العاروري على أنه شخصية رئيسية في الحركة، إذ أنه كان العقل المدبر لعملياتها في الضفة الغربية من المنفى في سورية وتركيا وقطر، وأخيرا لبنان، بعد فترات طويلة في السجون الإسرائيلية.

وباعتباره مسؤولا كبيرا بالحركة في لبنان، فقد لعب دورا مهما في تعزيز علاقات حماس مع حزب الله اللبناني، ومن خلاله مع إيران.

والتقى العاروري عدة مرات مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وكذلك مع مسؤولين إيرانيين في لبنان.

العاروري وزياد النخالة خلال لقاء مع نصر الله (Getty Images)

وقالت مصادر في حماس إنه عمل معهم لتنسيق المواقف بشأن الحرب في غزة.

وعُرف العاروري داخل حماس بأنه من أبرز المدافعين عن المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وتمتع بعلاقات جيدة مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.

وكان العاروري قد ساعد في تأسيس الجناح العسكري للحركة، كتائب عز الدين القسام، واتهمته إسرائيل بتدبير هجمات أسقطت قتلى على مر السنين.

وتقول سلطات الاحتلال الإسرائيلي إنه كان وراء خطف وقتل ثلاثة شبان إسرائيليين في الضفة الغربية في 2014، وهو العمل الذي أدى إلى هجوم إسرائيلي على غزة استمر لسبعة أسابيع، مما أودى بحياة 2100 فلسطيني.

التوسّع القويّ لحماس في الضفّة

مع استمرار احتلال إسرائيل للضفة الغربية، وتوسّع المستوطنات، وعدم وجود بصيص أمل في إقامة الدولة الفلسطينية، قال العاروري إنه "لا يوجد خيار آخر" سوى الانخراط في المقاومة الشاملة.

العاروري وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزّام الأحمد (Getty Images)

وكان أحد كبار مسؤولي حماس الذين يقفون وراء التوسع القوي للحركة في الضفة الغربية، حيث نفذ مسلحوها سلسلة من العمليات التي استهدفت مستوطنين على مدى أشهر مضت.

ووقعت عدة حوادث إطلاق نار العام الماضي، بعد وقت قصير من توجيه العاروري تهديدات لإسرائيل.

ومع وجود قادة الحركة في غزة؛ يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى في مخبأ عميق، شارك العاروري عن كثب في المفاوضات المتعلقة بالحرب. وقال في كانون الأول/ ديسمبر، إنه لن يُطلق سراح المزيد من الرهائن، حتى يكون هناك وقف كامل لإطلاق النار.

وبصفته عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس تحت قيادة رئيسه والزعيم العام للحركة إسماعيل هنية، كان العاروري معتادا على الحوار، حتى ولو بشكل غير مباشر، مع أعدائه الإسرائيليين.

من الموقع الذي اغتيل فيه العاروري (Getty Images)

وبعد وقت قصير من إطلاق سراحه من السجن في عام 2011، كان العاروري أحد مفاوضي حماس المشاركين في صفقة تبادل المحتجزين مع إسرائيل.

وولد العاروري بالقرب من رام الله في الضفة الغربية عام 1966، وكان من أوائل المنضمين للحركة عندما تشكلت عام 1987، عندما أطلق الفلسطينيون شرارة انتفاضتهم الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وعندما أُطلق سراح العاروري في عام 2007، سرعان ما عاد إلى النضال. وسُجن مرة أخرى حتى عام 2010، عندما أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بإبعاده.

وأمضى العاروري ثلاث سنوات في سورية، قبل أن ينتقل إلى تركيا إلى أن ضغطت إسرائيل على أنقرة لحمله على المغادرة في 2015.

وأقام منذ ذلك الحين في قطر ولبنان، وعمل من مكتب حماس في ضاحية بيروت الجنوبية حتى اغتياله في الضربة المفاجئة، الثلاثاء.

التعليقات