"الباقية معنا الحاضرة فينا": أمسية لذكرى رحيل د. روضة بشارة عطا الله

تحت عنوان "الباقية معنا، الحاضرة فينا"، نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة أمسيّة ثّقافيّة فنّية إحياءً لذكرى السّنة على رحيل الدّكتورة روضة بشارة عطا الله، مساء أمس السبت السّادسة مساءً في قاعة بلديّة شفاعمرو، تخلل الحدث الثقافيّ الوطنيّ في برنامجه، كلمات تأبينيّة، عرض "نسيم الرّيح" الموسيقي لفرقة معهد "إطار" وإطلاق كتاب "المغيّبون".

تحت عنوان 'الباقية معنا، الحاضرة فينا'، نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة أمسيّة ثّقافيّة فنّية إحياءً للذكر الأولى لرحيل الدّكتورة روضة بشارة - عطا الله، مساء أمس السبت في قاعة بلديّة شفاعمرو.

 وتخللت الأمسية الثقافيّة الوطنيّة كلمات تأبينيّة، وعرض 'نسيم الرّيح' الموسيقي لفرقة معهد 'إطار' وإطلاق كتاب 'المغيّبون'.

حلوة: سلام على من بروحك تزهر الأرض رغم الغياب

وافتتحت الأمسية بعرض فيلم مقتطفات من المسيرة النضالية للدكتورة روضة بشارة - عطا الله، ومن ثم رحبت عريفة الأمسية الكاتبة والإعلامية رشا حلوة بكلمات شوق للدكتور روضة.

وقالت: 'يفرض الغياب نفسه علينا، ما من ضيف أثقل منه، ما من ضيف يقتحم حياتنا بوقاحة ويأخذ أكثر ما نحبه مثله، ما من ضيف يكسر أجنحة الروح مثله، هو الذي يأخذ من نحب ويبقى حاضرا يعيدنا إلى تعاليم الحياة الأولى التي قتلها الوقت، ويضعنا أمام السؤال الوحيد كيف سنواصل السفر من هنا؟ ربما لن نعرف الإجابة يوما لكن خيوط الايجابات تظهر في رحيل كرحيل الدكتورة روضة بشارة - عطا الله، في امرأة نسجت مسار البقاء قبل أن تلتقي بالغياب، عندما بنت المستقبل بالحاضر الذي عاشته، عندما أعطت كل ما في قلبها للناس بالمكان والفكرة، لنقاوم فيها لاحقا ثقل الغياب المرافق لحياتنا منذ عقود بالبشر والحجر، كما كتبت بعملها وشغفها للحياة طريقا يحفظ الذاكرة، ويراكم المستقبل الوطني والثقافي علينا، ينمو وينمو وينمو انتصارا للأمل'.

 ورحبت حلوة بالحضور الكريم موجهة سلاما لروح الدكتور روضة وذكرت:' في هذه الليلة الدافئة نحيي ذكرى السنة على رحيل الدكتورة روضة بشارة عطا الله ونقول لها سلام على من بروحك تزهر الأرض رغم الغياب'.

عنبتاوي: 'روضة كانت كإسمها رياض عطاء'

تلاها كلمة لرئيس بلدية شفاعمرو، أمين عنبتاوي، الذي رحب بالحضور وقال: 'مساء الثقافة لأنها الخير والنور، أعطني ثقافة أعطيك حياة أعطني ثقافة أعطيك انتماء. أولا يسعدنا جدا ونثمن عاليا أن نستضيف في بلدنا شفاعمرو هذا اللقاء الذي نثمنه عاليا إنطلاقا من أنه ليس لأنه فقط واجب بل جزء من عرفان بالجميل، لإنسانة كالدكتورة روضة طيب الله ثراها ولجمعية الثقافة العربية التي نثمن دورها عاليا لمجتمعنا وثقافتنا'.

وأضاف: 'نحن باسم البلدية  نشكركم على تنظيم هذه الأمسية، الثقافة بالنسبة لنا هي الحياة، ولا يمكن لشعب أن يفكر ليس فقط بالارتقاء إنما بالحفاظ على حياته وعلى حق الحياة دون أن يصون جذور ثقافته التي بدونها لا يمكن أن يصبو إلى أية قمة'.

وتابع: 'الدكتورة روضة كانت كاسمها التي حملته، كانت روضة من رياض العطاء، وأحيي من اختار عنوان الحفل 'الحياة عطاء'، روضة كانت معطاء لمجتمعنا ولشعبها، فما أحوجنا بمثل هذه اليوم لمثل هذه الخامات والطاقات والجمعيات والمؤسسات والشخصيات الفاعلة حقا لتتقدم لشعبنا ومجتمعنا، الحياة هي عطاء، الحياة لا تقاس بطولها ولا بتعداد السنين،إنما تقاس بما يمكن أن نثريها ونغنيها بالعطاء زخماً وكماً وجودةً حيثُ الكيفَ والاداءَ والابداعَ، بهذه المناسبة أقول لروضة شكرا على كل ما قدمتِ وقد قدمتِ الكثير، شكرا باسم كل طالب جامعي دعمتموه بالجمعية، شكرا لقاء كل مشروع وفعالية، شكرا على كل ما كان والعين تصبو إلى ما سيكون، وأنا متفائل جدا وأقول لطيبة الذكر ثقي وكوني على يقين بأن الخلف سيكون كما السلف كان'.

برغوثي: 'د. روضة باقية في كل القلوب المحبة والعقول النيرة والاصوات الصادقة'

وتحدث باسم جمعية الثقافة العربية ، الكاتب إياد برغوثي، مدير الجمعية،  وقال:'باسم جمعية الثاقفة العربية أقول إن روضة هي الباقية معنا الحاضرة فينا، هكذا أطلقنا على هذه الأمسية التي ننظمها بعد سنة من الغياب الجسدي الموجع، للدكتورة روضة بشارة عطا الله، الباقية معنا في جمعية الثقافة العربية كما هي باقية في كل القلوب المحبة والعقول النيرة والأصوات الصادقة، باقية معنا رمزا للعطاء والنضال من أجل الهوية واللغة والاستقلالية الثقافية، والحاضرة  فينا في صميم كياننا العاطفي نحن من عشنا معها وعرفناها وتأثرنا بها ورافقناها وأحببناه بشخصيتها الآسرة والحاضرة'.

وأضاف: 'قد يكون السؤال الذي رافقنا وفي خضم مواجهتا لوجع الغياب وهول الفقدان خلال العام الذي فقدنا روضة: كيف نبقيها معنا في وعينا قريبة منا؟ كيف نعلق صورتها على وعي شعب خصصت جل حياتها تكد تعمل من أجل هويته وثقافته وكرامته الوطنية والحقوقية؟ وكان جوابا حاسما مثلها بأن نعمل ونعمل ونعمل بأن نكمل المسييرة التي بدأت، بأن نحقق الأحلام التي بها حلمت، وأن نكون ما أرادتنا دائما أن نكون، بأن نصون ما علينا دائما ان نصون'.

وتابع: 'لقد أخذت جمعية الثقافة العربية على عاتقها ومعها رفاق الدكتورة من حزب التجمع الوطني الديمقراطي ومحبيها، مهمة ترسيخ إرثها وتخليد ذكراها، بناء عليه اتخذت الهيئة الإدارية للجمعية قرارا مباركا، لقد قررت الجمعية أن تسمي مركز الثقافة العربي على اسم الدكتورة روضة بشارة عطا الله تخليدا لاسمها وذكراها، وتقديرا على جهودها العظيمة من أجل الثقافة العربية والهوية الوطنية. لقد اعتبرت الدكتورة روضة هذا المشروع حلمها الكبير وننجحت مساعيها في تجنيد الدعم له وسعت حتى آخر أيامها للتقدم فيه، حتى يلبي حاجة المجتمع الفلسطيني في الداخل إلى مساحة مهنية مستقلة متعددة المجالات، وعربية الهوية لإحتضان الطاقات الكامنة، وبناء القدرات الفنية والأدبية والنقدية وتقديرها'.

واختتم: 'في ذكرى الدكتورة روضة لا يكفي الكلام، وتحرج الدلالات، في ذكراها أفقد شخصية القدرة على الكلام لأن صدى صوتها يردد في فراغ تركته في قلبي 'ما تكثر حكي اشتغل اشتغل'، نشكر بلدية شفاعمرو ورئيس البلدية عبد عنبتاوي، والزميل مراد حداد وكل العاملين في شفاعمرو على إستقبالنا في هذه الأمسية وأشكر الجميع في إتمام مسيرتنا'.

غطاس: 'روضة ذهبت فلم تعد حيفا ذاتها ولا الناصرة'

وتحدث عن التجمع الوطني الديمقراطي النائب د. باسل غطاس وقال: 'لم تكن روضة ابنة خالة إنما كانت أخت ورفيقة درب عشرات السنوات، كانت شريكة في تفاصيل الطريق ومسالكها وعثراتها وعتباتها، روضة كانت تملأ حياتنا وتشغلنا لتكون جزء من كل التفاصيل، هي التي تلجأ عليها عندما تكبد المشاكل والتحديات، وهي من تستدعيها لتكون معك في كل لحظات الفرح، هي مجرد وجودها في حيزك يعطيك الشعور بالآمان، بأنك تبحر في مياه هادئة ذلك أنها مرساتك وكلما احتاجت أن تلتقي بها من عواصف الحياة، روضة ذهبت فلم تعد حيفا ذاتها ولا الناصرة، لم تعد تتلهف الوصول إليهما لتعرج عليها لفنجان قهوة، وأنت تعلم أنك لن تفلت قط، وإنما سيسبقه وسيتلوه كل ما تجبرك عليه وتطيعها صاغرا حيث أنك تعرف أن ألاستسلام لكرمها الطاغي هو الخيار الوحيد، ذهبت روضة فإنتزعت منا كل ذلك وانساب في داخلنا فراغ كبير، هل نهرب من هذا الفراغ الذي خلفه موت الحبيب لتفاصيل الحياة، وما بوسعها سوى أن تكون ملهاة للروح يتكأ عليها العقل ليبرر لنفسه معنى الغياب'.

وأضاف: 'أيها الرفاق أيها الشباب لقد حالفنا الحظ جميعا بأن علاقة ما جمعتنا بهذه الإنسانة الكبيرة، قد يتفاوت عمر وعمق واتساع العلاقة بين أي واحد منكم وبينها، ولكن هناك شعاعا واحدا أشد ضوءًا من شعاعِ الشمسِ ميزَ هذه العلاقة مهما كانت طبيعتها، شعاع من الصدق المتقد والمحبة الطاغية، وهذان بوسعهما جعل أية علاقة إنسانية مهما طال أو قصر عمرها، إتسع أو ضاق مداها، علاقة خاصة متميزة تدوم في الذاكرة وتؤثر في الإنسان، وبين الصدق والمحبة تنام المغفرة، فكانت روضة تتحمل إساءتنا وإساءات القدر وإن غضبت أحيانا، لا يدوم غضبها إلا لدقائق أو سويعات، لتعود البسمة المعهودة سيدة لكل موقف'.

عطا الله: 'لقد آثرت على أخيها عزمي أن يأكل الحصرم ليأكل ابنائنا عنب الكرامة الوطنية'

وألقى الدكتور سهيل عطا الله كلمة عن عائلة الراحلة  وقال: 'عندما يرحل الذين نحبهم لا يرحل الحب معهم، عندما يرحل الذين نجلهم لا يرحل الإجلال معهم، نحبهم وحبهم وإجلالهم باقيان معنا، هذا الكلام نردده كلما تحدثنا عن فقيدتنا الحاضرة الغائبة روضة بشارة عطا الله، فهي لم تكن ملكا لذاتها بل كانت ملكا لمجتمعها، لسنا من الجاحدين لننسى فضل  من خدم الحياة وجعلها حياة عمل لا يشوبها كلل، نستذكرها ونستحضر حياتها نقف مع مواقفها لقد بذلت ما استطاعت لمجتمعها وأعطت الغزير الكثير الوفير. لقد مشت على وخزات الشوك والإبر معتبرة محبة شعبها مباركة خطوات أخيها عزمي الذي حفر اسمه عميقا في وجداننا الوطني وآثرت أن يأكل الحصرم على أمل أن يورث أبنائنا وأحفادنا عناقيد العنب، عنب العزة والكرامة الوطنية، لتكون هذه مرجيعة يحتذى بها الحاضر والقادم من أجيالنا'.

'ما أحوجنا لصوت روضة مجلجلا في مؤسساتنا لترسيخ قيم حب الوطن'

وتابع:' لا شيء في الدنيا استمالها كما استمالها حب شباب أمتها، فكرست قوتها لشحدهم في الهمم، ودعمهم ماديا ومعنويا، حافظين للغتهم وهويتهم، صائنين لجذورهم وتاريخهم، أقول هذا الكلام متذكرا المساقات اللغوية التي رعتها في المؤسسة، إضافة إلى اصطحاب الأجيال الشابة في زيارات مبرمجة لعناق تراب الوطن، من خلال التعرف على قرانا المهجرة، وإنشاد مزامير العودة. لقد إعتمدت روضة واقعا حياتيا قائما على الوفاء للجذور والاصول، وعرفت جيدا أن غياب هذا الوفاء سيكون خيانة من خلالها نقدم خدمة لأعداء الوطن، ما أحوجنا في هذا الزمن الخريفي الرديء إلى أمثال روضة التي أبت أن تترجل عن حصان امتطته مع أخي الياس، ما أحوجنا في عهد تكريس تشريع القومية اليهودية التي انتجها واخرجها عتاة اليمين المتطرف مستهدفين محونا وترحيلنا إرثا ولغة ما أحوجنا إلى صوتها، صوت روضة مجلجلا في أروقة تنظيماتنا المدنية والسياسية لتترسخ قيم حب الوطن'

إصدار كتاب' مغيبون' إهداء لروح الدكتورة روضة بشارة - عطا الله

كما تحدثت عن جمعية الثقافة العربية هبة أمارة وقالت: 'سكنتها هواجس تعلم الشباب والأطفال لعربية سليمة لغة وهوية فخططت لمشروعٍ من ثلاثة مراحل، وخلال الأعوام الخمسة الماضية نفذت الجمعية الثقافية العربية بدعم من مؤسسة التعاون مشروعيين تربويين لرصد الأخطاء اللغوية وتشويه المضامين في كتب التدريس التي تفرضها مناهج وزارة المعارف الإسرائيلية على المدارس العربية في مناطق 48. المشروع الأول 'تعلم العربية وعلمها للناس' للمرحلة الابتدائية، والمشروع الثاني مشروع المناهج والهوية بمرحلتيه الإعدادية والثانوية وكان لي شرف تركيز المرحلة من المشروع الأول، وقد نظمت الجمعية حملات مرافعة وضغط إعلامي وجماهيري مؤثر للتوعية حول مخاطر هذه الأخطاء، فعلى صعيد الوزارة اضطرتها لإلغاء كتب وسحبها من الأسواق، والاعتراف بمصداقية أبحاث الجمعية ونقدها، وخاصة في مجال اللغة العربية'.

واختتمت: 'من ثمار هذه المرحلة منتج يتلخص بكل فخر يتلخص بكتاب 'المغيبون' دراسة نقدية لكتب المناهج الإسرائيلية في المدارس العربية السنوية، شارك في كتابة فصوله السبع، ستة متخصصين في المجالات: وهي اللغة العربية، نصوص الأدب العربي، المدنيات، التاريخ، علم الاجتماع، التربية الدينية، بالإضافة لبحث ميداني حول علاقات الطلاب/الطالبات العرب باللغة العربية. أقدم الشكر على شكر على الجهود الكبيرة في الجهود الكبيرة، وأخص بالذكر الدكتور الياس عطا الله فقد راجع جميع الكتب في جميع المجالات وكشف الأخطاء اللغوية فيها وتطرق لجميع المضامين وكشف التشويه المضامني فيها، وشكرا لكل من: الدكتور جوني منصور، الدكتورة سهاد ظاهر ناشف، الأستاذ نبيل صالح، الأستاذ مطانس شحادة، الاستاذ نبيه بشير، الذين بحثوا مضامين الكتب كل بحسب تخصصه، الدكتورة إيمان أبو حنا - نحاس لتحريرها الكتاب ووضع مقدمته، السيدة نريمان كروم للتدقيق اللغوي، السيدة مها سليمان لمراجعة الكتاب وتحريره لغويا، السيدة همت زعبي لتحرير النسخ، والسيد عبد طميش للتصميم المبدع، والسيد إياد البرغوثي على الإشراف العام والدعم الدائم، ننهي هذه المرحلة لنختم فصلا بدأته الدكتورة روضة وخططت له بكل تفاصيله، بكل طاقتها وشغفها، يصعب علينا أن نختم دون حضورها معنا إلا أنني على يقين عن حضورها فينا ولروحها نهدي هذا الكتاب 'مغيبون''.

واختمت الأمسية بوصلة فنية ملتزمة قدمها معهد إطار للموسيقى والفننون من الرملة بإدارة فادي عازار. قدمت الفرقة باقة أغاني وطنية ملتزمة من ضمنها أغنية واحدة للفنانة ميرا عازر، بمشاركة كل من الموسيقين، غادي أبو سمعان، نصر مخول، شكري مسيس، عنان عواد، أدهم درويش، وعطّاف بشارات.

واختتمت عريفة الأمسية رشا حلوة: 'تقول فرقة معهد الإطار بأن الموسيقي هي إحدى الوسائل لتخليد ذكرى الإنسان والحفاظ عليه، ونحن من خلال هذا العرض نقدم تحية للدكتورة روضة للإنسانة التي تركت أثرا كبيرا على شعبنا وثقافتنا الإنسانة التي تركت أثرا كبيرا على شعبنا وثقافتنا وهذه الأغاني أقل ما نقدما للإنسانة الباقية معنا الحاضرة فينا'.

التعليقات