"أمن النساء استحقاق وطنيّ – حقوقيّ": إطلاق حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة

أطلقت مؤسسات فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة المحاصَر، ومناطق 48، اليوم الثلاثاء، حملة "16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء"، وذلك خلال مؤتمر صحافيّ مشترك عُقِد بالتزامن في مدينة الناصرة، ورام الله وغزة.

مشاركون في المؤتمر بالناصرة ("عرب 48")

أطلقت مؤسسات فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة المحاصَر، ومناطق 48، اليوم الثلاثاء، حملة "16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء"، وذلك خلال مؤتمر صحافيّ مشترك عُقِد بالتزامن في مدينة الناصرة، ورام الله وغزة.

وشاركت في الاجتماع عشرات النساء من ائتلاف "فضا"- فلسطينيات ضد العنف، ومن رام الله منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة، ومن غزة تحالف "أمل" لمناهضة العنف ضد المرأة وائتلاف "16 يوما" لمناهضة العنف ضد المرأة.

وستستمر حملة "16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء" من خلال عشرات النشاطات والفعاليات المتنوعة في كل المناطق الفلسطينية، وفي الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وضمن النشاطات المشتركة على امتداد فلسطين التاريخية، تنظّم الائتلافات النسوية الفلسطينية وقفات احتجاجية، دعمًا للأسيرات، أمام سجن الدامون في منطقة حيفا، وأمام مقرّي الصليب الأحمر في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبالتوازي مع هذه النشاطات، تطلق الائتلافات نشاطات وفعاليات محلية لإحياء الحملة.

وافتتح المؤتمر، الصحافي سامر خويري من رام الله، وتحدّثت من هناك ساما عويضة، من منتدى مناهضة العنف ضد المرأة، واستهلت كلمتها بتقديم التعازي لعائلتي ضحيتي جرائم القتل في المجتمع العربي، اللتين شيّعتا بالأمس عائشة عبادي (55 عاما) من بلدة جديدة المكر، وصابرين خويرة (30 عاما) من بلدة كفر نعمة قضاء رام الله، كما استنكرت جريمة إطلاق النار على مديرة مدرسة في مدينة عرابة.

وقالت عويضة إن "هنالك اتفاقا بين كل نساء العالم على إطلاق حملة الـ16 يوما، وإن المنظمات الفلسطينية التقت اليوم للتأكيد على أن النساء الفلسطينيات غير قابلات للتجزئة سواء كنّ في الضفة الغربية أو في قطاع غزة أو الداخل الفلسطيني"، وأضافت: "نحن كلنا نساء فلسطينيات نعمل معا ونسعى معا من أجل القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة".

وأضافت عويضة أنه "في هذا العام قررنا أن يكون شعار الحملة أمن النساء استحقاق وطني – حقوقي، وتحت هذا الشعار تناولنا قضيتين؛ الأولى، أمن النساء في ظل الاحتلال وكل الممارسات التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد النساء وتحديدا في المعتقلات وسجون الاحتلال، والقضية الثانية، للأسف هو موضوع الحرية في الحيز الفلسطيني، وبخاصّة أنه في الأحداث الأخيرة وفي رام الله تحديدا، تمّ قمع واعتقال وسحل العديد من النساء المشاركات في المظاهرات الاحتجاجية ضد مقتل (الناشط الفلسطيني الذي اغتيل على يد عناصر أجهزة أمن السلطة الفلسطينية) نزار بنات، ومن بينهم إعلاميات ومحاميات، تم التعامل معهن بطريقة مرفوضة كليا، ومصادرة هواتفهن المحمولة والتشهير بهن والتحرش بهن من قِبل عناصر الشرطة وأجهزة الأمن، ونطالب السلطة الفلسطينية بأن تحاسب كل الذين قاموا بهذه الممارسات".

وذكرت أنه "من خلال الحملة سيتم تسليط الضوء على كل الانتهاكات الواقعة على النساء الفلسطينيات، وسنناضل ونضع برامج عمل بحيث لا تنتهي حملتنا في 16 يوما، بل إنها تبدأ في هذه الأيام، ويستمر النضال على مدار العام".

("عرب 48")

وتطرّقت عويضة في كلمتها إلى التشريعات الفلسطينية التي من الواجب أن تدفع قدمًا بقانون حماية الأسرة من العنف وأكّدت أن هذا القانون لا يتعارض مع الأديان والشرائع. وأضافت أن تشريع القوانين بحد ذاته ليس ضمانًا لأمن النساء، وأن تعامل السلطات الإسرائيلية مع جرائم قتل المواطنات الفلسطينيات هو خير دليل على تقاعس مؤسسات تنفيذ القانون رقم وجود قوانين تجرّم القتل.

وتحت عنوان "ظروف الأسيرات الفلسطينيات داخل السجون واحتياجاتهن"، تحدثت عضو المجلس التشريعي الفلسطيني والأسيرة المحررة، خالدة جرار، وقالت إن المرأة تعاني من عنف مزدوج هو عنف الاحتلال والاستعمار، وهناك العنف الاجتماعي الهادف إلى تشتيت جهود الفلسطينيات.

وركّزت جرّار على موضوع العنف الذي يمارَس على الأسيرات، والذي يختلف في جوهره عن العنف الذي يمارس بحق الأسرى، فالاحتلال لا يساوي بين الأسرى والأسيرات بالقمع والعنف. وقالت: "اليوم، تتواجد في السجون الإسرائيلية 32 أسيرة جميعهن في سجن الدامون، المخصص للنساء، وقد شهدت الأعوام الأخيرة حالة من العنف الممنهج والمبرمج بحق الأسيرات من لحظة اعتقالهن من بيوتهن، بشكل وحشيّ من خلال اقتحام البيوت على يد عشرات الجنود وحالة الاستنفار والفوضى وأجواء الإرهاب الصادمة لسكان البيت التي يحدثها هؤلاء الجنود، مرورا بالتعامل غير الإنساني معهن بعد اعتقالهن وتكبيلهن، وحتى لو احتجن للعلاج الطبي، فإنهن يتلقين العلاج وهن مكبلات بالسرير، وتحت حراسة أمنية مشددة".

جرار خلال كلمتها ("عرب 48")

وتطرقت جرّار إلى العنف الذي يمارَس على الأسيرات أثناء نقلهن إلى مراكز التحقيق، وتحدثت عن الظروف غير الإنسانية التي تعايشها الأسيرات، حتّى قبل أن يُنقَلن إلى السجون، إذ لا تتوفر لديهن وسائد للنوم، ولا أغطية ولا صابون للاستحمام، فضلا عن الظروف الصعبة في البوسطة، وهي شاحنة نقل الأسرى والسجناء وهم مكبلون لمدة 12 ساعة، والانتظار في زنزانة سجن "عوفر" التي تفتقر لأدنى المقومات، لساعات طويلة من أجل المثول أمام المحكمة لمدة 10 دقائق، وكذلك الأمر أثناء العودة إلى السجن.

ومن الناصرة، تحدثت إيمان جبّور من ائتلاف "فضا"، وتطرقت إلى الجريمتين اللتين ارتُكبتا بالأمس في رام الله وجديدة المكر طعنا بالسكين، وانتقدت الشرطة في عدم تقديم الجناة للعدالة، وقالت إن "الإحصائيات تشير إلى مقتل 14 امرأة في الداخل الفلسطيني منذ بداية العام الجاري، ومعظم هذه الجرائم ارتكبها إما زوج أو قريب الضحية لكونها الحلقة الأضعف في المجتمع".

ووصفت جبّور العنف ضد النساء بأنه "مركّب ويختلف بين منطقة وأخرى في فلسطين. ولكن في النهاية المرأة تواجه سلطات محلية وهيئات حكومية قامعة للمرأة، ولا توفر الأمن والأمان للنساء".

("عرب 48")

كما شرحت جبّور عن ائتلاف "فضا" وعملية تأسيسه في نيسان/ أبريل 2020، بعد الكشف عن دوائر العنف الواسعة مع بدء تفشي جائحة كورونا. ويضمّ الائتلاف 22 مؤسسة ومنظمة فلسطينية حقوقية ونسائية من كافة مناطق فلسطين التاريخية.

وأشارت جبور إلى أن لائتلاف "فضا" مقولة سياسية وأخرى نسوية، والمقولة السياسية؛ أن "الائتلاف لا يقبل التقسيم ولا التجزئة في فلسطين التاريخية على اعتبار أن هنالك شعبا فلسطينيا واحدا، والمقولة النسوية هي إعطاء قيمة مضافة للعمل المتفرد لكل جمعية ومؤسسة، بالإضافة إلى العمل الوحدوي الذي يسلط الضوء على كل ما تواجهه المرأة من عنف وظلم في كافة المناطق الفلسطينية، ولا يمكن للشعب الفلسطيني أن يتحرر، بدون أن تتحرر المرأة فيه". كما استعرضت جبور فعاليات حملة "16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة"، وناشدت النساء بالمشاركة في هذه الفعاليات.

ومن السويد، تحدثت الشاعرة والأسيرة المحررة دارين طاطور عن العنف السياسي الذي يمارس ضد الأسيرات المحررات، وقالت: "أنا واحدة من الأسيرات التي مورست عليها كل أشكال العنف الاجتماعي والسياسي، في السجن وبعد الخروج منه، فبعد تحرري من السجن تعرّضت لمحاولات قتل ثلاث مرات في الشارع وفي المتنزهات من قِبل الأذرع الصهيونية، كوني أسيرة من عرب الداخل، وقد مُنعت من التعليم وتم وضع العقبات أمامي لمنعي من التعلم نظرا لكوني أسيرة أمنية، عدا عن التحريض المستمر حتى اليوم بعد ثلاث سنوات من تحرري لا زلت أتلقى رسائل تهديد، كما لم تُتح لي فرص العمل وهو عنف اقتصادي يمارس عادة على الأسيرات في الداخل، وهو ما تعرضت له لينا الجربوني قبل ذلك، فذراع المؤسسة الصهيونية تطال كل مرافق العمل في ظل غياب الأطر الفلسطينية التي تحتوي الأسيرة بعد تحررها من الأسر".

طاطور خلال مشاركتها ("عرب 48")

من جانبها تحدثت المحامية ديالا عايش، من رام الله، عن موضوع الاعتداء على الحقوق والحريات وأثره على النساء، وتحديدا عما تعرضت له النساء الفلسطينيات في المظاهرات الاحتجاجية التي أعقبت اغتيال الناشط بنات، وقالت: "شاهدنا العنف الاجتماعي الموجه والذي تمثل بالتحرش بالنساء ومصادرة هواتفهن أو سرقتها، وسرقة حقائبهن، واعتقال النساء الفلسطينيات اللواتي أردن ممارسة حقهن بموجب قانون الأساس الذي يرفض الاغتيالات السياسية في فلسطين".

وذكرت أن هذا العنف من قبل أجهزة الأمن والشرطة الفلسطينية "نجح في قمع الاحتجاجات نظرا من خلال الضغط على الأهالي لمنع بناتهن من الخروج من المنزل، والمشاركة في الاحتجاجات خوفا من التحرش بهن واعتقالهن".

وأضافت: "كلنا خرجنا إلى الشوارع، لكن العنف الذي مورس ضدنا، وعليّ كمحامية تقوم بعملها، فقد تم اعتقالي والتحرش بي، وبعد أن كنا نشعر بأن جهاز الشرطة هو الدرع الواقي لنا لممارسة حقنا، أصبح رجل الشرطة وهو في زيّه الرسمي يتحرش بالفتيات، وهو ما أفقدنا الثقة بالشرطة وبأجهزة المخابرات".

("عرب 48")

وأخيرا وبعد العديد من المحاولات نجح الاتصال مع غزة ووجهت الأسيرة المحررة نسرين أبو كميل، وبثينة صبح من تحالف "أمل" لمناهضة العنف ضد المرأة تحيتهما للمؤتمر وللمشاركات فيه.

التعليقات