طمرة: تبرئة أحمد مريح وإدانة مصطفى عواد على خلفية هبة الكرامة

أدين الشاب مصطفى عواد وجرى تبرئة أحمد مريح من مدينة طمرة بعد أن جرى اتهامهما على خلفية أحداث هبة الكرامة.

طمرة: تبرئة أحمد مريح وإدانة مصطفى عواد على خلفية هبة الكرامة

أحمد مريح يتوسط والديه في المحكمة، اليوم (عرب 48)

دانت المحكمة المركزية في حيفا صباح، اليوم الإثنين الشاب مصطفى عواد فيما جرى تبرئة الشاب أحمد مريح وكلاهما من مدينة طمرة، وذلك على خلفية أحداث هبة الكرامة التي اندلعت في أيار/ مايو 2021.

واعتُقل أحمد مريح من منزله في 13 أيّار/ مايو 2021، على ضوء الاحتجاجات الأخيرة، وقدّمت النيابة العامة لائحة اتهام ضده نسبت إليه "المشاركة في الاعتداء على مستوطن" في طمرة. وكان قد تقرّر إطلاق سراح مريح بشروط مقيدة والإبعاد عن طمرة، يوم 29 آب/ أغسطس 2021، ولغاية الانتهاء من محاكمته.

كما كان قد تم إطلاق سراح مصطفى عواد بعد اعتقاله لعدة أشهر، بشروط مقيدة بينها الإبعاد عن مسقط رأسه طمرة، وقيد إلكتروني، وكفالة ثلاثة أشخاص على أن يودع كل منهم مبلغ 100 ألف شيكل، إلى جانب إيداع كفالة مالية قدرها 25 ألف شيكل حتى الانتهاء من محاكمته.

وقال المحامي الموكل بالدفاع عن الشاب أحمد مريح، ابراهيم كناعنة، لـ"عرب 48"، إنه "بعد مداولات حثيثة والجهود لتوفير الأدلة من جمعها وعرضها على المحكمة، تم اليوم إصدار قرار براءة موكلي من كافة التهم التي نسبت إليه، من المشاركة في أحداث هبة الكرامة والاعتداء على مواطن يهودي".

وأضاف أن "الادعاء الذي أثبتناه في المحكمة هو أن أحمد لم يكن موجودا في موقع الحدث بل كان يعمل في مصلحته لغسيل السيارات، بالتناقض مع أقوال الشهود بأنه تواجد في مكان الأحداث التي وقعت في طمرة على خلفية هبة الكرامة، وتم الاعتراف بأن أقوال الشهود صدرت من معتقلين بسبب التعذيب والضغوطات التي مارسها الشاباك ضدهم".

مصطفى عواد يتوسط والديه

وأكد كناعنة أن"قرار تبرئة موكلي يعتبر سابقة قانونية ذلك لأنني أوضحت بأن الاعترافات التي حصل عليها جهاز الشاباك هي باطلة بسبب الضغوط والتعذيب الذي تعرض له المعتقلون".

وذكر الشاب أحمد مريح، في حديث لـ"عرب 48"، أنني "لا أستطيع الفرح وسط ظلم معتقلين آخرين، إذ تم تبرأتي ولكنهم أدانوا ظلما صديقي مصطفى، فليس من السهل أن تعود حياتي ومشاعري إلى سابق عهدها، لا يوجد الآن أي مخططات للمستقبل".

وقال والد أحمد، علي مريح، لـ"عرب 48"، إنه "لم يكن بالسهل إثبات براءة ابني في ظل مسار قضائي صعب وقاسي، إذ تذوقنا مر العلقم بسبب الظلم الذي تعرض له ابني وانعكس على حياتنا جميعا في العائلة، ولم أتوقع أن يتم إنصاف ابني بسبب الظلم الذي يواجهه العشرات من معتقلي هبة الكرامة، والأحكام الجائرة التي يدفع ثمنها شبابنا هي قاسية جدا وظالمة".

وساندت عائلة أحمد مريح والدة الشاب المعتقل مصطفى، يمنى عواد، التي أصابتها وعكة صحية بعد اعتقال ابنها فور انتهاء المحكمة، وقالت والدة مريح لـ"عرب 48"، إنني "كأم عانت على مدار عامين من ظلم ابني بسبب لائحة اتهام كاذبة فإنني أدرك الألم الذي تعانيه عائلات المعتقلين، كما حجم الحاجة للمساندة والوقوف إلى جانبها، وما حصل اليوم من اعتقال مصطفى بدون إنذار مسبق كان صدمة كبيرة على والديه، ما انعكس سلبا على صحتهما".

وقال والد الشاب المعتقل، أحمد عواد، لـ"عرب 48"، إنه "قيل لابني إنه بريء، وما هذه إلا إجراءات احترازية، وكان يقضي حكما بالحبس المنزلي قبل أن تستدعيه المحكمة، وعلى الرغم من اعتراف اليهودي المعتدى عليه بأن ابني لا يد له في ما حدث، إلا أن المحكمة الظالمة أبت إلا أن تدينه".

وتابع "لقد جاء إلى هنا برفقة معتقل آخر، وكنا نتوقع أن يتم تبرئته وينتهي فصل من العذاب مدته سنتين من الإبعاد إلى الطباش، بعيدا عن أهله في الكعابية، وأخته المريضة ذات الواحد والعشرين ربيعا والتي لم تحرك مشاعر الإنسانية لدىيهم، أو توقظ ضمائرهم النائمة".

وختم عواد بالقول إنه "جرى فرض الحبس المنزلي على مصطفى عندما كان في التاسعة عشر من عمره وبقي سنتين رهن الحبس، وتم اعتقاله كما رفاقه من خلال تتبع الأسماء الموجودة في إحدى مجموعات الـ"واتس آب"، وقد حضر إلى المحكمة بملء إرادته اليوم، لكنهم أدانوه واعتقلوه في غدر واضح، وجلي جلاء الشمس، شقيقته مريضة وشقيقه لديه ألم في قدميه، وأمه تعاني الأمرين، والآن علينا انتظار السابع عشر من شهر نيسان/أبريل للنظر في ملف ابني مصطفى والذي أخشى أن يصدر حكما جائرا في حقه".

وذكر القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، مراد حداد، الذي رافق عددا من معتقلي هبة الكرامة، لـ"عرب 48"، أنه "أتيت إلى هنا كناشط سياسي، إذ اعتقلت عدة مرات في ريعان الشباب وفي هذا السن أيضا، وللأسف مع أنه تم تبرئة أحمد إلا أنه جرى إدانة مصطفى الذي قد يواجه حكما قاسيا يتراوح بين 5-7 أعوام، وقد دفع مع رفيق السجن أحمد ثمنا باهظا خلال السنتين المنصرمتين، وتوقف لدى كليهما عجلة الحياة، وسيكون هناك تصعيد من قبلنا في ملف مصطفى، إذ تعمدت المحكمة إظهار تناقضها وحقدها الأعمى".

وأضاف "مع كل الأحداث التي تعصف بمجتمعنا من هدم المنازل في عكا إلى اعتقال الشباب بحجة مشاركتهم في هبة الكرامة وممارسة القتل الممنهج بحق أبناء شعبنا، إلا أن الأحزاب ولجنة المتابعة لم تحرك ساكنا إزاء ما يحدث ولم يرتقوا إلى مستوى هذا الحدث الجلل، مع أن اليهود أغلقوا البلاد للأسبوع السابع على التوالي في ملف إضعاف جهاز القضاء في المحكمة العليا".

وأنهى حداد بالقول إن "مصطفى تلقى تطمينات واعتقل دون سابق إنذار ولم يكن وأهله على أهبة الاستعداد لتلقي هذه الصدمة النفسية التي تكاد تودي بقلوبهم وسببت انهيارا لنا جميعا، ومع أن تهمة هؤلاء الشباب هي المشاركة في هبة الكرامة، فلماذا الشعب لا يقف خلفهم ولا يتواجد هنا ويصرخ ويحتج على توقيفهم مع أنهم خرجوا لنصرته والحفاظ على كرامته، فالشعب للأسف يغط في سبات عميق، وأنا أثمن دور رئيس بلدية طمرة الذي لم يتوان عن حضور جلسات المحاكم ودعم المعتقلين، ولكن هذا لا يكفي في ظل غياب كافة الجهات الفاعلة".

وندد رئيس بلدية طمرة، د. سهيل ذياب، خلال حديثه لـ"عرب 48" بالسياسة العنصرية التي تمارسها السلطات تجاه الفلسطينيين بالقول إن "هذه الدولة تتميز بعنصريتها التي فاقت كافة السياسات العنصرية في العالم، إذ فرحتنا منقوصة نحن وعائلة أحمد بسبب اعتقال مصطفى".

وفي السياق، يقضي أربعة معتقلين من طمرة محكوميات تتراوح بين 5 إلى 7 أعوام على خلفية الملاحقة السياسية التي تعرض لها الشبان العرب الذين شاركوا في أحداث "هبة الكرامة" ونسبت إليهم الشرطة والنيابة مزاعم بارتكاب مخالفات.

والشبان الذين صدرت بحقهم أحكام هم: محمّد هشام أبو رومي، وبهاء أبو الهيجاء، وإبراهيم زيد مريح، ومحمد غانم أبو الهيجاء، فيما تتواصل محاكمة المعتقلين أحمد مريح ومصطفى عواد من خلال حبسهم المنزلي.

وكانت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك) قد نفذا حملة اعتقالات ضد مئات الشبان من المجتمع العربي على خلفية الاحتجاجات ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات تهجير سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في البلاد، في شهر أيار/ مايو 2021.

وقدمت النيابة العامة الإسرائيلية، مؤخرا، 397 لائحة اتهام ضد 616 متهما، غالبيتهم العظمى من العرب، ورُبعُهُم قاصرون، على خلفية أحداث هبة الكرامة في أيار/مايو 2021، والتي جاءت احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على غزة في العملية التي سُميت إسرائيليا بـ"حارس الأسوار"، والتي سبقتها اعتداءات قوات الأمن الإسرائيلية في القدس في رمضان من العام ذاته.

وذكرت النيابة العامة في التقرير أن المتّهمين الـ616 والذين تبلغ نسبة العرب من بينهم 89%، قد اعتُقِلوا منذ نيسان/ أبريل 2021، لافتة إلى أنه "خلال الفترة المذكورة، تمّ تقديم لوائح اتهام بشأن 108 أحداث ضدّ 239 متهمًا في ظروف مشددة لعمل إرهابيّ أو دوافع عنصرية، 85% منهم (عرب) و15% يهود".

التعليقات