12/09/2020 - 21:28

أحمد الشيخ: ضعف الالتزام وتخبط الحكومة وواقع السلطات المحلية سبب تفشي كورونا

أحمد شيخ محمد: * دالة تصاعد انتشار كورونا في مجتمعنا باتت مخيفة * العرب يشكلون 22% من الإصابات النشطة  و10% من الوفيات * 30 من 40 بلدة حمراء هي عربية و5 من 6 بلدات تتجاوز ألف إصابة من المثلث

أحمد الشيخ: ضعف الالتزام وتخبط الحكومة وواقع السلطات المحلية سبب تفشي كورونا

أحد شواطئ مدينة يافا خلال عطلة عيد الأضحى، توضيحية (أ ب)

أحمد الشيخ محمد:

  • دالة تصاعد انتشار كورونا في مجتمعنا باتت مخيفة.
  • العرب يشكلون 22% من الإصابات النشطة و10% من الوفيات.
  • 30 من 40 بلدة حمراء هي عربية و5 من 6 بلدات تتجاوز ألف إصابة من المثلث.
  • القيادة السياسية غائبة والقيادة المحلية هشة وضعيفة ولا تمتلك الإمكانيات.

أكدت اللجنة القطرية للصحة، المنبثقة عن لجنة المتابعة، أن المجتمع العربي شهد أكثر من 100 وفاة في الموجة الثانية لجائحة كورونا. وأفادت الهيئة العربية للطوارئ أن مجمل عدد الإصابات بفيروس كورونا بلغ حتى الساعة 11:00 من صباح الخميس الماضي، في البلدات العربية (لا يشمل المدن المختلطة) 21,828 إصابة، كما ارتفع عدد الإصابات الجديدة خلال الأيام السبعة الماضية بأكثر من 3,527 إصابة، ليبلغ عدد الإصابات النشطة في المجتمع العربي 6,991 إصابة نشطة في الأقل.

بالمقابل، بلغ مجمل عدد الإصابات في إسرائيل ما يزيد عن 142,582 إصابة، وبهذا بلغت نسبة الإصابات في المجتمع العربي 15.3% من مجمل الإصابات. أما بخصوص الإصابات النشطة فارتفع مجمل الإصابات النشطة في إسرائيل إلى ما يقارب 31,769 ألف، وبهذا انخفضت نسبة الإصابات النشطة في المجتمع العربي إلى 22% من مجمل الإصابات النشطة في إسرائيل.

وأكدت الهيئة أن عدد حالات الوفاة من جرّاءِ كورونا في المجتمع العربي بلغ 106 حالات وفاة، في حين أن مجمل عدد الوفيات في إسرائيل بلغ 1,054 حالة، وبهذا شكلت نسبة الوفيات في المجتمع العربي من مجمل الوفيات من جرّاءِ كورونا في إسرائيل ما نسبته 10%. (البيانات الواردة وفقا للمعطيات الصادرة يوم الخميس الماضي).

الناصرة في ظل كورونا ("عرب ٤٨")

ونقلت الهيئة العربية للطوارئ عن مصادر طبيّة، أن الأعراس هي أكبر مصدر لانتشار الفيروس في المجتمع العربي. حول أسباب الانتشار الواسع للمرض في المجتمع العربي، وتداعي آليات الضبط، وغياب القيادة الموجهة، أجرينا هذا الحوار مع مدير جمعيّة الجليل - الجمعيّة القُطرية العربية للبحوث والخدمات الصحية، ومُركّز هيئة الطوارئ العربية، أحمد الشيخ محمد.

"عرب 48": يبدو وكأن كورونا اجتاحتنا كمجتمع عربي دون مقاومة، 30 من 40 بلدة حمراء هي بلدات عربية، والحديث عن المدن الرئيسية مثل الناصرة وأم الفحم وكفر قاسم وشفاعمرو، بالمقابل لا نشهد حربا مضادة ولا نرى قيادة صحية وسياسية تقود المجتمع إلى بر الأمان، ويبدو أن النجاح الذي حققناه في الموجة الأولى، نسبة إلى المجتمع الإسرائيلي قد تحول إلى فشل ذريع، وغدونا فعلا نحن والحريديين في نفس الخانة؟

أحمد الشيخ محمد

الشيخ محمد: يمكن الإشارة إلى ثلاثة عوامل رئيسية أدت إلى ما نحن فيه، هي ضعف الالتزام الشخصي والمجتمعي، واقع السلطات المحلية العربية المهلهل، وسياسة الحكومة المتخبطة والمشوبة بالصراعات والتوازنات الحزبية والمصالح الشخصية لرئيسها.

وإذا بدأنا بأنفسنا، نلاحظ أننا في الموجة الأولى كنا ننظر للمجتمع الإسرائيلي ونقول هذه كورونا عندهم وليست عندنا، وهي فعلا كانت موجودة هناك ووفدت إلينا متأخرة، وعندما بدأت تطل برأسها، شكلنا غرفة طوارئ في جمعية الجليل وبدأنا نفرض وعيا عاليا لخطورة المرض، ساعد في ذلك الطرح الحكومي والتهويل الذي رافق المرحلة الأولى والنابع من أسباب سياسية حزبية، وكلنا يذكر تصريحات نتنياهو وتوقعاته بموت عشرات الآلاف.

وقد ساعد هذا الوعي وهذا الالتزام بأن نصل إلى عتبة عيد الفطر مع عدد إصابات أسبوعية منخفض في مجتمعنا، 7 حالات فقط من 100 حالة أسبوعية في البلاد، ولكن في الموجة الثانية، عندما أدركت الناس أن المرض ليس كما وصفوه، وأنه لا يخيف إلى هذه الدرجة، إضافة إلى التذبذب الحكومي وغياب سياسة واضحة ودخول عوامل سياسية حزبية وشخصية تخص نتنياهو ومحاكمته، كل هذه العوامل أدت إلى حالة التراخي التي وصلت في مجتمعنا بشكل خاص حد الاستهتار.

أما في المستوى الحكومي، فبعد النجاح الذي تحقق في الموجة الأولى، بدأ الصراع على "الغنيمة"، وهو ما أسفر عن تصفية المستوى المهني، (المدير العام السابق لوزارة الصحة) بار سيمان - طوف و(الرئيسة السابقة لخدمات الصحة العامة في وزارة الصحة الإسرائيلية) بروفيسور سادتسكي وغيرهما، ليتسنى للمستوى السياسي الاستحواذ على الإنجاز والاستئثار بقيادة المرحلة التالية، حيث تم إخراج المستوى المهني كله من عملية اتخاذ القرار، وبدأت الفوضى تدب، حيث صار القرار الذي يتخذ في الصباح يتغير في مساء اليوم ذاته لاعتبارات ائتلافية وحزبية وشخصية.

"عرب 48": نحن نقيس أنفسنا للمجتمع الإسرائيلي، في المرحلة الأولى كنا أقل بكثير من المعدل العام في المجتمع الإسرائيلي وكنا نستفز عندما يقارنوننا بالحريديين، وفي المرحلة الثانية أصبحنا نحن والحريديون في نفس الخانة واليوم البلدات الحمراء الواقعة في دائرة الإغلاق الليلي، هي بلدات عربية وحريدية أساسا؟

الشيخ محمد: صحيح، حتى انتهاء الموجة الأولى في 31 أيار/ مايو الماضي، كنا نتحدث عن 1111 إصابة في المجتمع العربي بدون المدن المختلطة، بينما نتحدث اليوم عن 24820 إصابة، وكنا نتحدث في الموجة الأولى عن 6% من مجمل المرضى واليوم نتحدث عن %15.3 أي بارتفاع مرتين ونصف.

محطة فحص الكورونا في عرعرة، أرشيفية

نتحدث اليوم عن 3527 إصابة جديدة في الأسبوع الأخير، ونتحدث عن 5991 حالة نشطة من مجمل الحالات النشطة البالغة 31700، ما يعني أن نسبتنا 22% من مجمل الحالات النشطة وهي نسبة تفوق بـ 5% عن نسبتنا من السكان، التي تحتسب بدون القدس والجولان.

وذلك رغم أن مجتمعنا هو مجتمع شاب حيث تبلغ نسبة المسنين عندنا 4% فقط مقابل 11% في المجتمع الإسرائيلي. مع ذلك كان في الموجة الأولى 5 حالات وفاة واليوم عندنا 106 حالات وفاة من مجمل 1054 حالة، أي 10% من حالات الوفاة، والتوقعات أن تزداد هذه الحالات أكثر.

"عرب 48": مُنسق شؤون كورونا، بروفيسور روني غمزو، يتوقع عشرات حالات الوفاة في المجتمع العربي؟

الشيخ محمد: صحيح، التطور الحاصل في المثلث مخيف وغير معقول، في أم الفحم 1333 إصابة وفي الطيرة 1230 وفي الطيبة 1206 و5 من الـ 6 بلدات التي تجاوزت الـ 1000 إصابة هي من المثلث.

"عرب 48": قد يكون السبب قرب المثلث من مركز المجتمع الإسرائيلي؟

الشيخ محمد: واضح أن المرض وصلنا من المجتمع الإسرائيلي، من سوق العمل حيث بدأ في جسر الزرقاء وعمال مراكز الرعاية من دبورية، والمجتمع الإسرائيلي جلبه من الخارج.

"عرب 48": عودة إلى موضوع المواجهة، تحدثت عن الوضع المهلهل للسلطات المحلية العربية؟

الشيخ محمد: السلطات المحلية العربية ضعيفة ومحدودة القدرات وغير جاهزة لمواجه الأزمات وحالات الطوارئ، ومجتمعنا يفتقر إلى مقومات أخرى فهناك غياب لجهاز صحي عربي ومجتمع أهلي قوي وغيرها من العوامل التي تحصن المجتمع.

ومع ذلك نجحنا في المرحلة الأولى من تشكيل غرفة الطوارئ ولجنة الطوارئ وتمكننا من السيطرة على الأمور، ولكن الشراسة التي جاءت بها الموجة الثانية فاجأت الجميع وضربت الجميع.

كما أننا نعمل في ظل تخبط في السياسة الرسمية وتقليص في الموارد الحكومية التي باتت مخصصة لكورونا على مستوى البلاد عموما والعرب بشكل خاص، فعندما لا يتم التجاوب مع مطالبنا بإخراج المرضى إلى فنادق وإقامة محطات للفحص في البلدات العربية ستكون النتيجة تسجيل مزيد من الإصابات.

تعامل الدولة مع الموضوع في الموجة الأولى واستعدادها للصرف، مقابل قبض أيديها في المرحلة الثانية إضافة إلى غياب سياسة واضحة، نقلنا من 1000 حالة في الموجة الأولى إلى 8000 حالة في المجتمع العربي، وإلى 142 ألف مصاب في البلاد عموما، ونقل إسرائيل من المكان الـ 60- 70 عالميا إلى المكان الـ 27-28 وجعلها من أكثر الدول تفشيا للمرض على مستوى أوروبا والعالم.

"عرب 48": ولكن على مستوى المجتمع العربي يبدو لأنه ليس هناك من يمسك بزمام المبادرة وغياب قيادة فاعلة؟

الشيخ محمد: القيادة المحلية هشة، فنحن أمام مجالس ضعيفة ومحدودة القدرات وتفتقر إلى موارد محلية، من عوائد المناطق الصناعية والتجارية أسوة بنظرائها في المدن الإسرائيلية وهي تعمل في مجتمع يعاني 50- 60% من عائلاته من الفقر، هذا ناهيك عن أنها تعاني من التمييز ضدها في الميزانيات والمساعدات الحكومية، ويكفي الإشارة إلى أن السلطات المحلية العربية حصلت على 47 مليون شيكل فقط من الميزانيات التي خصصت للبلديات والمجالس لمواجهة كورونا والبالغة 2.8 مليار شيكل.

"عرب 48": بغض النظر عما تقول وهو صحيح، من الملاحظ غياب قيادي حتى على صعيد الموقف، فخلال التداول في مسألة الإغلاق على البلدات الحمراء، على سبيل المثال، لم يصدر أي موقف موحد يرفض أو يؤيد أو يقترح بديلا، ولولا معارضة الحريديين لما جاء الحل الوسط المتمثل بالإغلاق الليلي الذي انقذ 30 بلدة عربية من كارثة اقتصادية، ربما، لماذا هذا الغياب؟

الشيخ محمد: لا أعرف أين أعضاء الكنيست العرب، أيمن عودة وأحمد طيبي وإمطانس شحادة وهبة يزبك وغيرهم من الـ 15 عضوا، لا أعرف، فلدينا على سبيل المثال في جمعية الجليل خطة لإغلاق الفجوات في المجال الصحي، وكنا في مفاوضات مع وزارة المالية لتطبيقها، ومن ثم عرضناها عليهم وطالبنا بإدراجها ضمن برنامج القائمة المشتركة خلال الانتخابات الأولى والثانية والثالثة دون جدوى.

أين هم ولماذا يجب أن نتوسل عضو كنيست ليكون محامي دفاع عن مطلب نقدمه لخدمة جماهيرنا في مجال نشاطنا.

"عرب 48": وماذا مع الذين روجوا للتركيز على القضايا المحلية واتهموا سابقيهم بالانشغال بالسياسة والقضية الفلسطينية، فلم نسمعهم في قضايا التطبيع مع الإمارات ولا نسمعهم في قضايا كورونا التي تهدد مجتمعنا؟

الشيخ محمد: يجب أن تسألهم هم.


أحمد الشيخ محمد: مدير عام جمعية الجليل ومدير سابق لمركز البحوث الاجتماعية "ركاز". خريج جامعة دورتموند الألمانية في علوم الحاسوب والاقتصاد. حاصل على لقب ثاني من الجامعة العبرية وله العديد من الدراسات والإصدارات حول الواقع الاجتماعي والاقتصادي والصحي للمجتمع الفلسطيني في إسرائيل.

التعليقات