مخطط "تاما 1" يحكم الحصار على البلدات العربية

صادق المجلس القطري للتنظيم والبناء على الخارطة الهيكلية "تاما 1" والتي تشمل بنفوذها جميع المخططات القطرية في البلاد من مشايع بنى تحتية، شبكة طرقات، مخططات تحريش، مخططات غابات، مخططات حدائق العامة، محميات طبيعية، شبكة الكهرباء، خط الغاز وخط سكة الحديد.

مخطط

عشرات آلاف المنازل العربية مهددة بالهدم بزعم البناء دون تراخيص (تصوير "عرب 48")

صادق المجلس القطري للتنظيم والبناء على الخارطة الهيكلية "تاما 1" والتي تشمل بنفوذها جميع المخططات القطرية في البلاد من مشايع بنى تحتية، شبكة طرقات، مخططات تحريش، مخططات غابات، مخططات حدائق العامة، محميات طبيعية، شبكة الكهرباء، خط الغاز وخط سكة الحديد.

ويؤطر مخطط "تاما 1" الذي صودق عليه نهائيا باللجنة الفرعية لتخطيط المواضيع المبدئية، بحيث يحول دون تقديم أي اعتراضات على المخطط من قبل السلطات المحلية أو أي مؤسسة بالبلاد، يؤطر 300 خارطة هيكلية قطرية ستكون رهينة بحال التوسع والتطوير للشروط التي يضعها مخطط "تاما 1" الذي يطال ما بين 500 ألف دونم إلى مليون دونم بالبلاد، منها عشرات آلاف الدونمات التي تقع ضمن نفوذ ومسطح البلدات العربية وبغالبيتها أراض بملكية خاصة.

شارع 6 بمساره قرب جت يحد من توسع القرية للجهة الغربية

كما أن مخطط "تاما 1" يعتمد بمضامينه وجوهره على الخارطة الهيكلية القطرية المعروفة باسم "تاما 35" والتي تهدف إلى تحديد سياسة البناء والحفاظ على المناطق المفتوحة في البلاد، إذ تجاهل مخطط "تاما 35" الذي صودق عليه بالعام 2005 وجود 45 قرية بالنقب ترفض إسرائيل الاعتراف بها.

وسيكون المواطنون العرب في الجليل والنقب والمثلث أكثر المتضررين من هذا المخطط، حيث ستتعرض مساحات شاسعة من مناطق نفوذ هذه المناطق وأراضيها للمصادرة وضمها إلى مناطق نفوذ المدن الكبرى والمجالس الإقليمية ومشاريع البنى التحتية الوطنية.

كثافة سكانية عالية بأم الفحم وسط انعدام مسطحات البناء

ومن الأهداف المركزية لمخطط "تاما 1" التشديد على أهداف الخارطة الهيكلية القطرية "تاما 35" بتشجيع بناء البلدات الاستيطانية لليهود في الجليل والنقب والقدس والتحفظ على مناطق شاسعة من الأراضي التي ستُضم إلى مناطق نفوذ هذه المدن، للبناء والتوسع المستقبلي، تحت ذريعة الغابات والتحريش.  

حصار واستيطان

ويحكم مخطط "تاما 1" الذي يهدف إلى توحيد جميع المخططات القطرية والتسهيل على المخططين بمواصلة جميع المشاريع القطرية دون اعتراضات وتحفظات من شأنها إعاقة أعمال التوسع والتطوير، يحكم الحصار على البلدات العربية ويحد من تطورها وتوسيع نفوذ مسطحاتها، بحيث أن مخططات التوسيع والخرائط الهيكلية التي ستقدمها السلطات المحلية العربية للجان التنظيم والبناء، ستكون رهينة للتقييدات والشروط التي يحددها "مخطط "تاما 1".

حصار الأحياء السكنية بأم الفحم بالأحراش

وتزامنت المصادقة على مخطط "تاما 1" مع المصادقة على توسيع بلدة "حريش" الاستيطانية على نحو 13 ألف دونم إضافي لتصل مساحتها الإجمالية إلى 23 ألف دونم بهدف توطين 264 ألف إسرائيلي بحلول العام 2040.

ويأتي هذا المخطط على حساب توسيع مسطحات النفوذ والبناء للبلدات العربية في منطقة المثلث الشمالي من جت المثلث وباقة الغربية مرورا بقرى وادي عارة حتى مدينة أم الفحم وقراها، خاصة بكل ما يتعلق في مخطط "تاما 6" المتعلق بالتحريش والغابات.

ويحد المخطط من استعمالات آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية بملكية خاصة ويمنع أصحابها من استعمالها حتى للتوسع الزراعي أو إقامة المنشآت الزراعية والدفيئات وتربية المواشي والدواجن، مثلما هو الحال في أم الفحم وأراضي منطقة "دريهمة" التي تقع ضمن نفوذ بلدية أم الفحم ويتهددها المخطط بتحويلها إلى منطقة أحراش وغابات.

أراضي زراعية بالروحة سيتم فرض تقييدات على استعمالها

ويندرج ضمن مخطط "تاما 1" مشروع سكة الحجاز والهادف إلى إنشاء خطوط سكك حديدية بطول 1,600 كم في جميع أنحاء البلاد منها 475 كم بالضفة الغربية وشارع "عابر إسرائيل" الذي يبلغ طوله نحو 300 كيلو متر، إذ تقدر مساحة الأرض التي التهمها المشروع قرابة 37 ألف دونم غالبيتها من البلدات العربية في المثلث والجليل والنقب.

كما أن مسار ونفوذ شارع "عابر إسرائيل" يضم جميع مشاريع البنى التحتية، وعلى أراض الواقع هذه المشاريع، خط الغاز القطري، خط الكهرباء القطري، سكة القطار، صادرت المزيد من الأراضي العربية دون حتى دون منح أراض بديلة والاكتفاء بتعويضات مالية.

توسع وتضييق

استعرض رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في وادي عارة، أحمد ملحم، مخطط "تاما 1" الذي يحد من توسع البلدات العربية ويضيق الخناق عليها ويحرمها من التخطيط لاستخدامها الأراضي الزراعية والمسطحات المفتوحة التي تقع ضمن نفوذها، مؤكدا بأنه تم المصادقة بشكل نهائي على المخطط من قبل مجلس التخطيط القطري ما يعني استحالة تقديم اعتراضات وتحفظات، بحيث أن البلدات العربية ستكون رهينة للشروط والمعاير الجديدة التي يحددها "تاما 1".

مخطط "تاما 1" يحد التوسع والمنشآت الزراعية في البلدات العربية

وحذّر ملحم في حديثه لـ"عرب 48"، من أن الخارطة الهيكلية القطرية "تاما 1" ستحول مسطحات واسعة من الأراضي بملكية خاصة بالبلدات العربية إلى مناطق أحراش وغابات وسيتم الحد من استعمالها والإعلان عنها كمناطق مفتوحة يتم استعمالها لأي مشروع بنى تحتية دون الرجوع إلى مالكيها كما أن المخطط يستهدف الاحتياط الأخير من الأراضي التي بقيت بملكية المواطنين العرب.

تقييد ومصادرة

ولا يستبعد ملحم بأن التقييدات على استعمال الأراضي التي تقدر بعشرات آلاف الدونمات في البلدات العربية، ستعرضها مستقبلا للمصادرة المباشرة للتوسع الاستيطاني وإقامة مشاريع البنى التحتية الوطنية، لافتا إلى التقييدات والشروط التي تضعها مؤسسات التخطيط الإسرائيلية على أصاحب الأراضي العرب بالحد من استعمالها حتى للزراعة سيدي إلى ترك وعدم استعمال مسطحات الأراضي وهجرتها لتكون في محط أطماع المخطط وبالنهاية المصادرة الفعلية.

ولفت رئيس لجنة الدفاع عن الأرض والمسكن إلى أن عشرات آلاف الدونمات بملكية خاصة للمواطنين العرب في النقب والمدن الساحلية والمثلث والجليل ستكون تحت وصاية وسيطرة وتحكم ما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" و"الصندوق الدائم لإسرائيل" (الكيرن كييميت)، إذ سيتم فرض تقييدات على استعمال الأراضي الزراعية، ومنها ستحول إلى مناطق خضراء وأحراش وغابات.

"تاما 1" يمتنع عن فرض تقييدات على "البلدات التعاونية اليهودية"

وسلط ملحم الضوء على المخططات ومشاريع البنى التحتية التي تنطوي تحت مخطط "تاما 1" وتستهدف البلدات العربية وخاصة في منطقة المثلث، وهي: مشروع سكة الحديد، تحديث وتوسيع سكة القطار بتخوم شارع "عابر إسرائيل" في الجليل والنقب، مد خط الغاز، المناطق الحرشية في المثلث الشمالي، خط الكهرباء القطري بمساره في منطقة الروحة، تحديث شارع وادي عارة وشارع 65 وإقامة قطار خفيف في المثلث الشمالي.

مخططات واعتراضات

وقال رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن، إن "المخطط يستهدف جميع البلدات العربية، لأول مرة يتم تأطير وتجميع كافة المخططات القطرية في البلاد، والتي بالأساس تمر من تخوم التجمعات السكنية العربية وتقام على حساب أراضيها، ما يعني أن 'تاما 1' سيحد من استخدام الأراضي وسيقيّد أصحابها من استعمالها واستخدامها حتى للزراعة وإقامة منشآت ومشاريع زراعية، بحيث ستكون الأراضي مفتوحة وفي محط أطماع المخطط الإسرائيلي للمصادرة المباشرة مستقبلا".

توسيع نفوذ "حريش" على حساب حصار البلدات العربية

ووجه ملحم انتقادات شديدة اللهجة إلى السلطات المحلية العربية والفعاليات السياسية والحزبية والجماهيرية والنواب العرب في الكنيست حيث تم المصادقة على مخطط "تاما 1" دون تقديم اعتراضات من قبل المجتمع العربي، علما أنه حذر في السابق من المخطط وتداعياته على البلدات العربية، ودعا إلى دراسته وتقديم الاعتراضات.

وأكد أن "مؤسسات التخطيط تتعمد تهميش واستثناء العرب خلال إعداد الخرائط والمخططات، وللأسف الشديد السلطات المحلية في سبات عميق ولم تتعامل مع الموضوع بشكل جدي ولم تعالجه بشكل جذري حتى المصادقة عليه، ما يعني استحالة الاعتراض عليه".

تحريش وتهويد

وشمل المصادقة على مخطط "تاما 1"مصادقة اللجنة الفرعية المنبثقة عن مجلس التخطيط العالي   تحريش المنطقة الزراعية الخاصة الواقعة في بلوك 20,286، في منطقة "دريهمة"، الواقعة بين شارع رقم 65 وقرية زلفة، ومساحتها 1,050 دونما وتتبع لنفوذ بلدية أم الفحم.

"حريش" تتوسع على حساب البلدات العربية

وتضمن القرار نقل مناطق خضراء من مكان إلى آخر مقابل توسيع المنطقة الصناعية المقترحة لأم الفحم بمساحة 500 دونم، وتفاصيل تتعلق بتحويل الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون منذ ستينيات القرن الماضي إلى منطقة أحراش وخضراء، وفي المقابل تقليص مساحة الأحراش في منطقة نفوذ البلدة الاستيطانية "ميعامي"، ضمن مخطط "تاما 22" المعد للتحريش في البلاد.

وقال القائم بأعمال رئيس بلدية أم الفحم، المهندس زكي إغبارية، إن الخارطة الهيكلية القطرية "تاما 1" ليست لصالح المواطن العربي وتعمق من حصار التجمعات السكنية العربية وتمنح الأفضلية لتوسع وإقامة جميع مشاريع البنى التحتية فوق الأراضي العربية ما يحول دون أي تواصل جغرافي بين البلدات العربية التي ستكون بمثابة "غيتوات" محاصرة بمشاريع بنى تحتية وبلدات يهودية.

توسيع شارع وادي عارة بمصادرة مئات الدونمات

تهميش وتقاعس

ونفى إغبارية في حديثه لـ"عرب 48" تقاعس السلطات المحلية وإهمالها لقضايا التخطيط والبناء وقضايا الأراضي والمسكن، مؤكدا أن "مختلف مؤسسات التخطيط الإسرائيلية تتعمد تهميش وعدم إطلاع السلطات العربية على المخططات والخرائط الهيكلية القطرية والتي ما يتم المصادقة عليها بصورة خاطفة بعد أن يتم إعدادها وإجراء تعديلات عليها من وراء الكواليس".

وأوضح القائم بأعمال رئيس بلدية أم الفحم، أن مخطط "تاما 1" سيمكن المخطط من التعامل مع جميع المؤسسات التخطيطية والحكومية تحت مظلة واحدة وليس بشكل منفصل كما كان متبعا بتحريك المشاريع والمخططات القطرية، لافتا إلى أنه حتى الأراضي العربية التي تقع ضمن مسطحات نفوذ السلطات المحلية العربية ستكون رهينة للمشاريع القطرية والخارطة الهيكلية القطرية "تاما 1". واستعرض إغبارية الإجراءات التي اتخذتها بلدية أم الفحم بالتنسيق مع اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في وادي عارة ورؤساء السلطات المحلية في وادي عارة، وعرعرة- عارة وكفر قرع، بالاجتماع برئيس المجلس القطري للتنظيم والبناء، زئيف بييلسكي، للاعتراض على هذا الاقتراح بتحريش أراضي منطقة "دريهمة"، والأراضي العربية في وادي عارة لصالح توسيع مستوطنة حريش.

تحريش الأراضي المتاخمة لقرى وادي عارة ومنطقة أم الفحم

سياسات وتشريعات

وأوضح القائم بأعمال رئيس البلدية أن مخطط "تاما 1" يعتمد بالأساس على الخارطة الهيكلية القطرية "تاما 35" بالحفاظ على أكبر مساحة ومسطحات من الأراضي المفتوحة، وبالتالي فإن الاعتراض أو التحفظ على المخطط يكون أيضا من خلال كل سلطة محلية بشكل منفصل بحسب التقييدات التي يفرضها المخطط الجديد، مبينا أن بلدية أم الفحم طالبت بتوسيع المنطقة الصناعية شمالي البلدة وصودق لها فقط على 500 دونم بينما بالعفولة خصصت أرض بمساحة 2,000 دونم لمنطقة صناعية جديدة.

وأعرب إغبارية عن اعتقاده بأن مخطط "تاما 1" ينسجم بمضمونه مع التشريعات العنصرية وخاصة "قانون القومية"، كما لا يمكن فصله عن التعديلات التي أدخلت على قوانين التنظيم والبناء و"قانون كمينتس"، وهي تشريعات وتعديلات تستهدف الوجود العربي وتعيق التطور والتوسع للبلدات العربية وتعجل من مصادرة الأراضي وهدم المنازل العربية بذريعة البناء دون تراخيص، علما أن هذه اللجان لم تضع حلولا لأزمة السكن والاكتظاظ بالبلدات العربية والحلول لمنح التراخيص لنحو 60 ألف من المنازل القائمة فوق أراضي عربية بملكية خاصة.

"عابر إسرائيل" شُق بمصادرة آلاف الدونمات العربية

تحديات وأولويات

ومن جانبه، قال مدير المركز العربي للتخطيط البديل، د. حنا سويد، إن مخطط "تاما 1" يضع السلطات المحلية العربية أمام تحديات جديدة في قضايا الأرض والمسكن والتنظيم والبناء.

ولفت إلى أن المخطط يجمع كافة المخططات القطرية القائمة تحت مظلة واحدة، بذريعة أن هذه الخرائط تسبب حالة من الضياع للمخططين خاصة بكل ما يتعلق بتخصيص الأراضي، وعليه أتى "تاما 1" ليشمل جميع المخططات وليسهل على المخططين.

وأكد سويد لـ"عرب 48" أن "تاما 1" الذي يجمع في طياته نحو 300 خارطة هيكلية في جميع أنحاء البلاد تمتد على مساحة مليون دونم، يركز بالأساس على المناطق المفتوحة والمناطق الطبيعية والغابات وبضمنها مناطق بتخوم البلدات العربية.

شارع 6 على حساب الأراضي العربية

ولم يستبعد أن يتسبب المخطط بأضرار تحول دون تطبيق فرص ومخططات لتطوير وتوسيع العديد من البلدات العربية، مؤكدا ضرورة أن تضع السلطات العربية قضايا التخطيط والتنظيم والبناء في سلم أولوياتها وإقامة أقسام هندسة وتخطيط مهني بكل سلطة محلية.

تعاون وتنسيق

ودعا سويد إلى التعاون والتنسيق ما بين مختلف السلطات المحلية والفعاليات الجماهيرية والشعبية والسياسية والأحزاب والنواب العرب، لطرح قضايا الأرض والمسكن بشكل جماعي، علما أنه لا يمكن تقديم الاعتراضات على مخطط "تاما 1" الذي صودق عليه بشكل نهائي.

خط الكهرباء القطري يمر فوق العربية، المخطط بمساره قرب الطيبة

وجزم مدير المركز العربي للتخطيط البديل، أن البلدات العربية أكثر المتضررين وستكون هناك تداعيات سلبية على التجمعات السكنية العربية جراء هذه المخططات، لكنه أعرب عن اعتقاده بأنه لا يمكن حصر الأضرار وتحديد ماهية الترسبات السلبية على مسطحات الأراضي في المرحلة الراهنة.

وأوضح أن "تاما 1" يتمحور حول سيطرة السلطات الإسرائيلية على أكبر مساحة ومسطحات من المناطق المفتوحة، ما يعني أنه سيستحيل توسع وتطور البلدات العربية التي تقع ضمن نفوذها محميات طبيعية وتحيط بها أحراش وغابات.

تحديث سكة الحجاز على حساب الأراضي والعربية، سكة القطار في اللد

التعليقات