باقة الغربية: رفع نسب البناء ليس حلا لأزمة السكن

قوبلت مصادقة لجنة التنظيم والبناء اللوائية في حيفا على مخطط رفع نسب البناء ضمن الخارطة الهيكلية لباقة الغربية بالترحاب، بيد أن الأطر والهيئات الشعبية والبلدية أجمعت على أن المخطط لا يوفر حلا كافيا لاحتياجات المواطنين للأرض والمسكن.

باقة الغربية: رفع نسب البناء ليس حلا لأزمة السكن

ربط باقة بشارع 6 بعد سلخ آلاف الدونمات (عرب 48)

قوبلت مصادقة لجنة التنظيم والبناء اللوائية في حيفا على مخطط رفع نسب البناء ضمن الخارطة الهيكلية لباقة الغربية بالترحاب، بيد أن الأطر والهيئات الشعبية والبلدية أجمعت على أن المخطط لا يوفر حلا كافيا لاحتياجات المواطنين للأرض والمسكن.

وأكدت الأطر والهيئات في باقة الغربية أن مضاعفة نسب البناء رغم أهميتها بتوفير بعض الحلول المؤقتة للبناء القائم ضمن الخارطة الهيكلية، ليست بديلا عن مخطط الخارطة الهيكلية الشمولية لتوسيع نفوذ ومسطحات البناء للمدينة غرب شارع 6 والأحياء الشمالية والشرقية المتاخمة لقرية ميسر وجدار الفصل العنصري.

منظر عام لباقة الغربية، خارطة هيكلية بمساحة 4,500 دونم (عرب 48)

ويبلغ التعداد السكاني لباقة الغربية نحو 30 ألف نسمة، فيما يبلغ مسطح نفوذ البلدة 9,200 دونم منها 4,500 دونم للبناء ضمن مخطط الخارطة الهيكلية المصادق عليها، ونحو 4,700 دونم زراعي خارج مسطح نفوذ البناء، علما أن حوالي 2,000 دونم منها شيدت فوقها آلاف الوحدات السكنية، بسبب الضائقة السكنية ومماطلة لجان التنظيم والبناء ودوائر التخطيط على المصادقة على مخطط توسيع الخارطة الهيكلية لباقة الغربية.

ووفقا لمخطط رفع نسب البناء الذي قدمته البلدية بإدارة الرئيس السابق، المحامي مرسي أبو مخ، فقد صودق على رفع نسب البناء ضمن الخارطة الهيكلية القائمة والممتدة على مساحة 4,500 دونم، ما سيمكن زيادة 6,000 وحدة سكنية داخل مسطح البناء في المدينة.

رئيس بلدية باقة السابق المحامي مرسي أبو مخ (عرب 48)

وستجيز المصادقة على مخطط رفع نسب البناء في باقة الغربية، وهي أول بلدة في المجتمع العربي التي يتم تنفيذ مثل هذا المخطط فيها، البناء متعدد الطوابق داخل الخارطة الهيكلية، ما يعني السماح ببناء 8 وحدات سكنية بدلا من 6، على الدونم الواحد.

وبهذه المصادقة تزداد نسبة البناء من 65% إلى 160% في كل مسطح مصادق للبناء ضمن نفوذ الخارطة الهيكلية، إلى جانب زيادة نسب البناء للأغراض العامة في الحيز العام المصادق عليه، إلى 200%، بغية استغلال المساحات العامة لزيادة المباني الجماهيرية وإمكانية توسعتها.

مخططات واحتياجات

ووجه رئيس بلدية باقة الغربية، رائد دقة، شكره إلى قسم الهندسة، برئاسة المهندس مجدي بيادسة، وللمهندس علي ناطور، وقال: "إنهما عملا بجد واجتهاد من أجل تحصيل هذه النتيجة برفع نسب البناء ضمن الخارطة الهيكلية القائمة، نحو تأسيس مدينة حديثة بأعلى المواصفات وأدقها".

رئيس بلدية باقة الجديد، رائد دقة (عرب 48)

وصرحَ كذلك من خلال صفحة البلدية على "فيسبوك"، بأن "هذه الخطة والمصادقة عليها، هي لبنة أخرى في بناء مشوارنا العمراني والإداري نحوَ مدينة توفر لقاطنيها خدمات ذات جودة يستحقها المواطن البيقاوي".

وتوجه "عرب 48"، لرئيس البلدية الجديد، رائد دقة، بأسئلة تتعلق بموقفه من مصادقة اللجنة اللوائية على مخطط مضاعفة نسب البناء ضمن مسطح الخارطة الهيكلية المصادق عليها لباقة، وهل رفع نسب البناء بديلا عن توسيع مسطح البناء والخارطة الهيكلية الشمولية لباقة، لتوسيع المدينة بالأحياء الشمالية باتجاه ميسر، وكذلك غرب شارع 6 "عابر إسرائيل"؟.

وقال دقة، لـ"عرب 48" إنه بصدد بحث ودراسة جدية مع قسم الهندسة وكافة أقسام البلدية في قضايا وملفات الأرض والمسكن والخرائط الهيكلة، وبضمنها مخطط رفع نسب البناء بما يتماشى مع الواقع لتحضير رؤية مهنية مستقبلية.

الأحياء السكنية لباقة وصلت تخوم شارع 6 خارج الخارطة الهيكلية (عرب 48)

وأكد رئيس البلدية أن "رفع نسب البناء لا يكفي لسد الاحتياجات في قضايا الأرض والمسكن"، مبينا أن "هناك الكثير من الأزواج الشابة بدون قطعة أرض وبدون مسكن"، مشددا على "ضرورة ضم المزيد من مسطحات الأراضي إلى مسطح البناء وتوسيع الخارطة الهيكلية بموجب مخططات مهنية وعملية سواء في قضايا الإسكان، والتجارة، والصناعة، ومسطحات الحيز العام".

تطوير وتحديث

وبحسب مديرة التخطيط في اللجنة اللوائية، فإن المصادقة على مخطط رفع نسب البناء في باقة، يسهم في تطوير المدينة وزيادة كثافة البناء متعدد الطوابق، علما أن المخطط يندمج مع مختلف الجوانب المحيطة بالمدينة، مع الأخذ بعين الاعتبار تداخل النسيج الحضري الحالي وتوفير إمكانات كبيرة لإضافة الوحدات السكنية الموجودة في مناطق المدينة من أجل الاستخدام الأمثل لمسطحات الأراضي.

كما ترى مديرية التخطيط برفع نسب البناء تحديثا وتجديدا للأحياء السكنية داخل المدينة والبلدة القديمة، وخطوة أولى تؤسس لمرحلة التجديد لصالح السكان المحليين، وكذلك توفير الحلول لقضايا التخطيط والنقص بالمساكن والضائقة السكنية في المدينة.

وينص المخطط المصادق عليه، على وضع آلية لفحص القدرة الاستيعابية للبنى التحتية القائمة، على أن تقدم البلدية للجنة التنظيم والبناء المحلية في وادي عارة، كل خمس سنوات من يوم المصادقة على المخطط والشروع بتنفيذه، تقريرا حول ملاءمة مشاريع البنى التحتية لمخطط رفع نسب البناء.

المنطقة الصناعية القديمة لباقة قرب جدار الفصل العنصري (عرب 48)

كما يتطرق التقرير إلى واقع وتحديث مشاريع البنى التحتية من تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي وشبكة الطرقات ومواقف السيارات والمباني العامة، فيما يتعلق بعدد الوحدات السكنية الجديدة، التي ستمنح بموجب هذه الخطة.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم النظر في الحاجة إلى تحديث وتوسيع وتطوير هذه البنى التحتية، وسيتم تحديد أهداف التطوير، بالتزامن مع الزيادة في الوحدات السكنية الجديدة التي سيتم بناؤها في إطار مخطط رفع نسب البناء، ضمن الخارطة الهيكلية.

أزمات واكتظاظ

بدا عضو البلدية السابق والناشط في اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن، المزارع إبراهيم مواسي، أكثر انتقادا لمخطط توسيع نسب البناء في باقة، مؤكدا أن "ذلك ليس حلا لأزمة السكن، بل من شأنه أن يفاقم الأزمة ويتسبب في الاكتظاظ السكاني على أقل مساحة من الأرض".

المزارع إبراهيم مواسي (عرب 48)

وشدد على "ضرورة المصادقة على المخطط الهيكلي الشمولي لباقة الغربية الذي تم إيداعه في لجنة التنظيم والبناء اللوائية للمناقشات والاعتراضات"، مبينا أن "هناك قرابة 2,000 دونم تعتبر زراعية تتواجد فوقها أحياء سكنية وآلاف الوحدات السكنية التي شيدت بدون تراخيص، يجب على لجان ودوائر التخطيط ضمها إلى نفوذ البناء للبلدية ليتسنى لأصحابها ترخيصها".

وأكد مواسي في حديثه لـ"عرب 48"، أن مخطط من هذا القبيل بحاجة إلى متابعة وإجراءات هندسية معقدة، مستبعدا أن تتوفر في البلدات العربية بسبب قلة الموارد الحكومية الداعمة لمشاريع العمارات السكنية، متعددة الطوابق، أو هدم مبان قديمة وتشييد أبراج سكنية مكانها ومشاريع التحديث العمراني والحضاري أسوة بما معمول به بالبلدات اليهودية.

وبيّن أن "رفع نسب البناء أسوة بما معمول به في البلدات اليهودية، سيتطلب هدم المباني ولربما عمارات سكنية قديمة، بغية الشروع بالبناء متعدد الطوابق على مساحة نصف دونم على الأقل، وملاءمة ذلك لمشاريع البنى التحتية وتطويرها بموجب ما ينص عليه المخطط".

تخدير وضائقة

ويعتقد الناشط في اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن، أن "رفع نسب البناء داخل نفوذ الخارطة الهيكلية في البلدات العربية وباقة الغربية كنموذج أولي وتجريبي، من شأنه أن يحوّل الأحياء السكنية والقديمة منها على وجه الخصوص إلى أحياء فقر أشبه بمخيمات للاجئين".

أراضي باقة وجت غرب شارع 6 لإقامة منطقة صناعية مشتركة (عرب 48)

وحذّر مواسي من "إمكانية أن يحفز رفع نسب البناء العائلات التي تعاني من الضائقة بالمسكن أو العائلات كثيرة الأولاد التي لا تملك قطعة أرض، على التشييد والبناء، متعدد الطوابق، على أسطح مبان قائمة وقديمة دون هدم المبنى القديم أو دون تدعيم المباني القائمة".

وأوضح أن "رفع نسب البناء ضمن الخارطة الهيكلية لن يحل أزمة وضائقة السكن، وهو بمثابة إبر تخدير وحل مؤقت وإطفاء للحرائق، وقد يسمح ذلك للمواطن بالبناء متعدد الطوابق، لكن يجب توفير حلول جذرية فهناك المئات من الأزواج الشابة والعائلات لا تمتلك أرضا معدة للبناء ومنهم من يمتلك أرضا زراعية بالأحياء الشمالية والغربية للمدينة، والتي يجب ضمها لمسطح البناء.

حلول وإنجازات

وخلافا لموقف مواسي من رفع نسب البناء داخل الخارطة الهيكلية القائمة، رأى عضو بلدية باقة الغربية السابق، الذي أشغل منصب رئيس لجنة التنظيم والبناء في وادي عارة، المحامي عبد مصاروة، بمصادقة اللجنة اللوائية على مخطط رفع نسب البناء داخل الخارطة الهيكلية بأنه "إنجاز عظيم سيمكّن العائلات من البناء والتوسع عبر البناء متعدد الطوابق، كما سيمكن السكان من تفادي الغرامات وحتى إخطارات الهدم والملاحقة القضائية، بسبب تجاوزات البناء داخل نفوذ الخارطة الهيكلية".

وأوضح مصاروة لـ"عرب 48"، أن "المصادقة على مخطط نسب البناء، سواء للمواطنين أو للأغراض العامة، سيمكن البلدية من تقديم خرائط مفصلة وتنظيم عملية البناء والتخطيط داخل مسطح الخارطة الهيكلية القائمة، ما يعني الاستفادة بتوسيع مبان ومنشآت قائمة على أرض عامة، وأيضا تفادي الغرامات والإخطارات عن تجاوزات في البناء، إلى جانب تمكين جميع المواطنين من تقديم طلبات لتراخيص المنازل والمباني، متعددة الطوابق، وربطها بشبكة الكهرباء".

وشدد مصاروة على "أهمية وضرورة المصادقة على المخطط الهيكلي الشمولي لباقة الغربية، والذي يشمل ضم مئات الدونمات إلى نفوذ البناء وآلاف الوحدات السكنية القائمة إلى الخارطة الهيكلية، وذلك لتحصين السكان وتفاديهم من التعرض للغرامات والملاحقات القضائية وتقديمهم للمحاكمة، بذريعة البناء دون تراخيص".

رئيس لجنة التنظيم والبناء بوادي عارة السابق، المحامي عبد مصاروة (عرب 48)

وبيّن أن "المخطط الشمولي يضم أيضا منطقة صناعية مشتركة لباقة وجت ممتدة على مساحة 800 دونم غرب شارع 6، إذ أن المصادقة عليها يعني الاحتفاظ بآلاف الدونمات الزراعية ووضعها على طاولة التخطيط لبلدية باقة ومجلس جت المحلي، وإنقاذها من أطماع المصادرة، لمشاريع البنى التحتية القُطرية بجانب شارع 6".

خرائط ومسطحات

ذات الموقف تبناه رئيس الجنة الشعبية في باقة الغربية، الشيخ خيري إسكندر، الذي رأى بمخطط رفع نسب البناء داخل مسطح الخارطة الهيكلية "خطوة مهمة من أجل تنظيم البناء والأحياء السكنية، وتطوير شبكات الطرقات، ومشاريع البنى التحتية، وتحضير خرائط تفصيلية، لتنظيم البناء والمساكن، ومنح التراخيص لمنازل قائمة داخل مسطح الخارطة الهيكلية".

وأوضح رئيس اللجنة الشعبية أن "رفع نسب البناء سيكون حلا مؤقتا للأزواج الشابة التي هجرت، مؤخرا، باقة الغربية وانتقلت للسكن في البلدة الاستيطانية 'حريش' كما سيمكن العائلة من تشييد عمارة سكنية، متعددة الطوابق، وتوفير شقق سكنية لجميع أفراد العائلة".

وأكد إسكندر، لـ"عرب 48"، أن "رفع نسب البناء ليس البديل عن توسيع الخارطة الهيكلية لباقة"، مبينا أن "هناك حاجة ملحة للمصادقة على المخطط الهيكلي الشمولي لباقة وضم 2,000 دونم إلى مسطح البناء، ليتسنى توفير الحلول للأزواج الشابة والعائلات التي لا تمتلك أرضا للبناء".

رئيس الجنة الشعبية بباقة الغربية خيري إسكندر (عرب 48)

وأوضح أن "الحاجة بالمصادقة على المخطط الهيكلي الشمولي، تكمن أيضا في منح التراخيص لآلاف المنازل التي شيدت فوق أرض زراعية بملكية خاصة للمواطنين الذي اضطروا للبناء، بسبب الضائقة السكنية ومماطلة لجان التنظيم والبناء، والامتناع عن توسيع مسطح البناء لباقة الغربية".

التعليقات