تيسير خطيب من عكا: قانون منع لم الشمل العنصري قطّع أوصال عائلاتنا

خطيب: "حق العائلات في لم شملها هو حق ومطلب إنساني، لا يحق لأية شخص انتزاعه، بل يجب الحفاظ عليه من أي تهديد محتمل، فدولة إسرائيل تسعى على الدوام لتقطيع أوصال الفلسطينيين في أي مكان يتواجدون فيه".

تيسير خطيب من عكا: قانون منع لم الشمل العنصري قطّع أوصال عائلاتنا

عائلات متضررة تتظاهر أمام الكنيست ضد القانون، اليوم

قطّع قانون منع لم الشمل الإسرائيلي أوصال آلاف العائلات الفلسطينية، لا لسبب سوى أن أحد الزوجين فيها من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة.

ونظمت عائلات متضررة وقفة احتجاجية أمام الكنيست في القدس ضد تمديد "قانون المواطنة" العنصري، صباح اليوم الثلاثاء.

وشرح أحد المتضررين من القانون، تيسير خطيب من عكا، معاناته وأسرته بسبب قانون منع لم الشمل، إذ أنه تزوج من لانا خطيب من جنين، منذ 16 عاما.

وقال خطيب لـ"عرب 48" إنه "سأحكي لك يا ابنتي ذات يوم، أننا كنا نختبئ كلما طرق باب البيت. كنا نخاف أن تأتي شرطة ‘حرس الحدود’ فتسرق أحلام أمك في عشها العكي. ذات يوم سنخبرك أن الطارق كان جارتنا تبحث عن قليل من ملح الطعام قبل أن تحترق طبختها. ذات يوم سنخبرك أن الدقائق التي مرت علينا منذ طرق الباب حتى عرفنا أنها جارتنا، كانت بمثابة دهر كامل من الخوف على عائلتنا الصغيرة التي كنت سرا من أسرار سعادتها. في ذلك اليوم فهمت سر الملح في مآقي العيون. ذات يوم سأخبرك، لكن بعد أن ينتهي عهد الظلام".

ويقضي مشروع قانون "منع لم الشمل" المعمول به منذ العام 2003 بوقف عمليات لمّ شمل العائلات الفلسطينية التي يحمل أحد الزوجين فيها الهوية الإسرائيلية في حين يحمل الآخر الهوية الفلسطينية، على العيش سوية داخل إسرائيل. وفي إطار هذا القانون يمنع أيضا دخول العرب من دول تعتبرها إسرائيل معادية لها، من أجل لم الشمل، ولا يتطرق القانون لمسألة الدخول من أجل العمل أو من أجل العلاج، وإنما يتطرق فقط إلى هدف "لم الشمل".

يواصل خطيب نضاله المشروع ضد قانون منع لم الشمل، وأكد أن "حق العائلات في لم شملها هو حق ومطلب إنساني، لا يحق لأية شخص انتزاعه، بل يجب الحفاظ عليه من أي تهديد محتمل، فدولة إسرائيل تسعى على الدوام لتقطيع أوصال الفلسطينيين في أي مكان يتواجدون فيه، سواءً في عكا أو الضفة الغربية أو أي مكان آخر. والقوانين التي تسنها سلطات الاحتلال آناء الليل وأطراف النهار لا تقتصر على هذا القانون ضمن مساعيها الرامية لتفريق وحدة وشمل العائلات الفلسطينية، فهناك قوانين سُنت لذات الغرض أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر’ قانون كامينتس’ و’قانون المواطنة’. في المجمل هناك قوانين عدة تسعى في نهاية الأمر لسحق وجودنا كفلسطينيين، وشرذمتنا إلى مجموعات صغيرة هنا وهناك".

وشدد على أنه "نصر على التصدي لهذه المحاولات، ونؤكد على حقنا في تكوين عائلاتنا كما نحب ونرغب، فمن حق المرء اختيار شريك حياته، ولا توجد دولة في العالم بأسره تقوم بما تقوم به إسرائيل من تمزيق لوحدة العائلة من خلال قوانينها، وحتى دولة جنوب إفريقيا التي كانت تحكمها قوانين الفصل العنصري، قامت بإلغاء هذه القوانين، وإزالة مفاعيلها. ووفقا لذلك أتساءل كيف لإسرائيل أن تسن هكذا قوانين وتحافظ عليها على مرأى ومسمع دول العالم والتي لا تحرك ساكنا حيال ذلك. نتحدث في هذا الصدد عن حقوق العائلة والأطفال، في العيش بأمان على أرض وطنهم، ونؤكد أن دولة إسرائيل لا غرض لها من سن هكذا قوانين إلا تشتيت شمل هذه العائلات المستضعفة، تحت ذرائع شتى، لعل أبرزها الذريعة الأمنية والديمغرافية".

"من حق العائلات الفلسطينية أن تعيش معا"

وعن رسالة عائلته التي يحاول إيصالها للعالم حول الإجحاف والمعاناة التي تتعرض لها، قال إنه "في الرؤية العامة أنا جزء من هذا الوطن، وهذا الشعب، وكذلك زوجتي لانا، وأنا ومن هذا المكان أوجه رسالة إنسانية في المقام الأول، ووطنية في المقام الثاني، وعلى العالم بأسره أن يعي مضامينها، وأن يتحمل مسؤوليته بشكل كامل حيالها، وألا يقف مكتوف اليدين أمام هذه القوانين الجائرة، وهذه المعاناة المستمرة. في حقيقة الأمر لا يكاد يمر يوم علينا، إلا ونعيش تحت وطأة وتأثير هذا القانون على تفاصيل حياتنا اليومية، بدءا من فقدان الشعور بالأمان، مرورا بخشيتنا من عدم تجديد تصريح إقامة زوجتي مع قدوم العام الجديد، وليس انتهاء بما يترتب على ذلك من آثار سلبية تلقي بظلالها على حياتنا داخل المنزل والمجتمع. لا يمكن لزوجتي لانا العمل بموجب شهادتها، ولا التنقل بحرية، ولا تتاح لها فرصة حضانة أولادها كما يجب، ولا يمكن لها بناء حياتها على أسس ثابتة ومتينة والعيش بمستوى يليق بها كامرأة مع انعدام الاستقرار النفسي والمجتمعي، عدا عن الصعوبات الاقتصادية، وصعوبة الحصول على الضمان الصحي، فنحن كما هي باقي العائلات التي ترزح تحت وطأة هذا القانون العنصري نتكبد تكاليف باهظة في مسعانا للحصول على العلاج، ويجدر بي بأن أذكر أمرا مهما آخر يتمثل في حرمان زوجتي كما هو حال الكثير من الأشخاص من حق قيادة المركبات، فيما يتمتع الكثير من مواطني الضفة الغربية، وغيرهم من رجال الأعمال، ورجالات السلطة، بحق قيادة المركبات ضمن المدن وبحرية التنقل، حتى أن بعض السياح حاز على رخصة قيادة دولية، في حين أن زوجتي وغيرها من المقيمين هنا ليس لهم الحق في ذلك. زوجتي لانا محرومة من حق التجول بحرية ومن امتلاك رخصة قيادة، رغم مضي ما يربو على خمسة عشر عاما لها هنا، وثمن ذلك باهظ، فالأطفال يفتقدون قدرتهم على التمتع بلذة الحياة في وجود هكذا عوائق تعكر صفو سعادتهم، فهم ينتظرون عودتي من العمل، لاصطحابهم للملاهي وأحواض السباحة، إذ لا يمكن لأمهم القيام بذلك، عدا عن التأثيرات النفسية التي تلقي بظلالها على الطفل الذي يخبرونه بأن أمه قد لا تعيش معه في العام المقبل، من جراء عدم السماح لها بتمديد تصريح الإقامة، إنها المعاناة الإنسانية بكل ما للكلمة من معنى".

وحول التوقعات من إمكانية إلغاء قانون منع لم الشمل، قال خطيب إنه "لا يوجد لدي توقعات أو تخمينات عما ستؤول إليه الأمور، إلا أنني أحمل مطالب أريد إيصالها للجهات المعنية، وعلى رأسها إلغاء هذا القانون العنصري، ولا أخفيكم سرا بأن هناك ثمة تعاطف تجاه مطالبنا من قبل بعض اليهود، والجهات اليسارية التي تضع الإنسان على سلم أولوياتها، وهناك جمعيات تهتف: ‘أسقطوا هذا القانون العنصري’. وهذه تماما هي رسالتي، لأنه لا يمكن الاستمرار في هكذا قانون لا من ناحية دستورية، ولا حتى من وجهة نظر القانون الدولي. نحن نريد أن نحيا بسلام، وأن نمارس حياتنا بشكل طبيعي، وأن نعيش مع زوجاتنا، وتعيش الزوجات مع أزواجهن، والأطفال مع آبائهم وأمهاتهم".

تيسير خطيب

وختم ممثل العائلات المتضررة من القانون بالقول إن "هذه المعاناة التي لا نهاية لها، تتمثل أيضا في عدم حصول بعض الأطفال الذين ولدوا في الضفة الغربية وتم تسجيلهم في قيودها المدنية على تصاريح إقامة نظرا لتواجدهم في حينه على أراضي الضفة، ولا يمكنهم التنقل بحرية هنا أيضا وحتی بلوغهم سنا معينة، وعليهم إثبات انتسابهم لهذا المكان وتحمل عناء الحصول على تصاريح سنوية، وأخيرا أقول إن هذه المعاناة تبدأ منذ الصباح وحتى المساء، وبشكل يومي، منذ ما يقارب العشرين عاما".

التعليقات