عامٌ على هبة الكرامة: لماذا وكيف اندلعت الشرارة الأولى من اللد؟

ما بين استشهاد أمين شحادة حسونة عام 1938، في ظل الثورة العربية على الانتداب البريطاني للبلاد، واستشهاد موسى مالك حسونة خلال هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021، حكاية لدية وندية طويلة من فصول النضال والكفاح.

عامٌ على هبة الكرامة: لماذا وكيف اندلعت الشرارة الأولى من اللد؟

من مخلّفات اعتداء المستوطنين على الأحياء العربية في اللد (Gettyimages)

"الدولة الثامنة"! هذا ما أطلقه أهالي اللد على مدينتهم في النكبة عام 1948، قبيل احتلال المدينة وتهجير معظم سكانها. اللد، كانت مدينة معروف عن يُسر حال أهلها، ففيها المطار ومحطة قطار فلسطين المركزية، كما فرض أهلها ضرائب خاصة بهم. والمثير في حينه، أن اللد كانت المدينة الوحيدة من كل مدن فلسطين قبل النكبة، التي رفض أهلها وصل مدينتهم بشبكة الكهرباء "مشروع روتنبرغ"، التي أنشأها اليهود الصهاينة قبل النكبة. وفي أحداث النكبة صفّح أهالي اللد مركباتهم وشاحناتهم التجارية، حتى صارت مصفحات عسكرية، واجهوا بها العصابات الصهيونية، فاعتبروا مدينتهم اللد "دولة ثامنة"، بعد أن كانت جامعة الدول العربية تضم سبع دول في حينه.

ما بين استشهاد أمين شحادة حسونة عام 1938، في ظل الثورة العربية على الانتداب البريطاني للبلاد، واستشهاد موسى مالك حسونة خلال هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021، حكاية لدية وندية طويلة من فصول النضال والكفاح. وذاكرة شرايين ظلت مفتوحة تنزف شهداء وجرحى، مطاردين ومهجرين، وباقين مغلوب على أمرهم ظلوا قلة قليلة بعد تهجير المدينة واقتلاع أهلها الأصليين وتدمير البنى الثقافية والسياسية والاقتصادية.

من تشييع جثمان الشهيد موسى حسونة في اللد أيار 2021 (Gettyimages)

"إذا كانت القدس وأحداث المسجد الأقصى، هما شرارة اندلاع هبة الكرامة في أيار العام الماضي، فإن اللد هي شرارة هبوبها إلى الداخل الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48"، بحسب تعبير رئيس اللجنة الشعبية في اللد، والحقوقي والمحامي المتابع لشؤون الأسرى وقضايا المُعتقلين، خالد زبارقة، والذي التقيناه، في هذا الحوار، الذي أجريناه على مدار يومين خلال شهر رمضان المبارك، في مدينة القدس وبجوار حرمها الشريف.

الشهيد موسى حسونة من اللد قُتل برصاص المستوطنين مساء 10 أيار 2021

انقسم حوارنا مع الزبارقة إلى محورين، الأول، يتعلق بالسياق التاريخي المُراكم على هبة الكرامة في اللد، والصراع على "الحيّز" فيها، ثم وضع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ مطلع القرن الحالي مدينة اللد تحت ما عُرف بـ"العلاج الموضعي". بينما المحور الثاني يتناول أحداث الهبة في المدينة، ثم السياسات العقابية التي اتخذتها الحكومة وأجهزتها بعد الهبة ضد أهالي اللد.

الصراع في سياق تاريخي

"عرب 48": على الرغم من أن السياقين السياسي والأمني في البلاد عموما، دفعا لهبة الكرامة في أيار الماضي، إلا أن اللد كان لها حضورها الخاص فيها، فما هو السياق التاريخي المُراكم على الهبة باللد؟

المحامي خالد الزبارقة

زبارقة: نعم، للد وضعها الخاص، والذي هو جزء من السياق الفلسطيني العام لسياسات الاحتلال ومؤسساته بكافة أشكالها، فهبة أيار الماضي هي حدث ممتد لصراع قائم في المدينة أصلا، وهو صراع يومي متصل في كافة مناحي الحياة، وأهم ما فيه هو صراع أهالي اللد مع المستوطنين اليهود في المدينة على الحيّز.

"عرب 48": ما المقصود بالصراع على الحيّز؟

زبارقة: الصراع على الجغرافيا والحق في المكان، سواء المسكن والوجود وعلى هوية المدينة عموما، وليس فقط على هوية أهلها العرب. هذا الصراع قائم تاريخيا في اللد منذ ما بعد النكبة، واحتلال المدينة وتهجير معظم أهلها، ومستمر إلى يومنا. ونستطيع القول إن كل أشكال الصراع على اختلافها في البلاد مع مؤسسات دولة الاحتلال، تتكثف جميعها في اللد، صراع على الهوية واللغة، على الأرض والمسكن وهدم البيوت، على الحقوق والخدمات المدنية، وكل ذلك مختصر في اللد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك ما يميز اللد بالنسبة لإسرائيل في سياسات الصراع لديها، هو تركيزها على اللد!

"عرب 48": ماذا تعني بالتركيز على اللد؟

زبارقة: أعني بأن لدى الدولة اعتقاد وتصور منذ سنة 2000م، بأنها قد تخسر مدينة اللد كمدينة يهودية لصالح الوجود العربي فيها. وهذا ضمن الصراع على "هوية المدينة"، وأحد أهم سيماته هو ما نسميه الصراع على "الحضور في اللد"، فحتى 30 سنة، كانت نسبة العرب من تعداد سكان المدينة، تساوي 17% فقط، بينما في السنوات الأخيرة وصلت نسبة العرب في المدينة إلى نحو 35%. وهذا التحول الديمغرافي قد أقلق بلا شك الدولة العبرية مما اضطرها إلى وضع سياسات خاصة باللد منذ عام 2000 من أجل مواجهة هذا الواقع وتغييره، وتم في حينه وتحديدا في ظل رئاسة أريئيل شارون للحكومة، إذ وضع شارون ما سمّاه في حينه "اللد تحت العلاج الموضعي لمكتب رئيس الحكومة". وهذا مخطط خُصت به اللد ضمن سياسات متصلة بها لوحدها صارت تُراكم على هذا الصراع داخل المدينة، في السنوات الأخيرة.

بعد اعتداء المستوطنين والشرطة على العرب في اللد (Gettyimages)

"عرب 48": برأيك، هذا التحول الديمغرافي لصالح العرب في المدينة هو تحول تلقائي أم هناك مخططات كانت وأدت إلى هذا التحول؟

زبارقة: لا، التحول جرى بشكل تلقائي، ولكن هناك عوامل أدت وساعدت على هذا التحول، بينها عوامل متعلقة بيهود المدينة أنفسهم، وأخرى متعلقة بنا نحن أهل المدينة العرب. ويمكننا رد ذلك إلى عاملين أساسيين: الأول، هو إنشاء إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي مدينتين يهوديتين جديدتين هما "شوهام" و"موديعين" في محيط مدينة اللد. هاتان المدينتان جذبتا إليهما يهودا من المدن الساحلية عموما واللد خصوصا، إذ خرج الكثير من يهود اللد للإقامة والاستقرار في هاتين المدينتين، بحثا عن شروط حياة أفضل، فتراجع عدد سكان اليهود في اللد. وهذا، ما أدى إلى تفريغ كثير من بيوت اليهود، وبالتالي هبوط أسعارها وأسعار البيوت وشقق السكن عموما في المدينة، مما أدى بطبيعة الحال إلى العامل الثاني، وهو تزايد الهجرة العربية من مدن وقرى عربية مختلفة في البلاد إلى اللد للإقامة فيها نظرا لانخفاض أسعار البيوت، والأهم من الهجرة العربية للمدينة، هو في أن ظاهرة الهجرة اليهودية من المدينة ساعدت عرب اللد على مواجهة سياسة "التضييق والخنق" التي مارستها الدولة منذ ما بعد النكبة على أهالي اللد عبر بلديتها، فانخفاض أسعار البيوت شجع سكان اللد العرب على شراء بيوت كان يسكنها يهود بدل البناء غير المرخص مثلا، أو شراء قطعة أرض بكلفة باهظة قد تعيق البلدية عملية امتلاكها... وهكذا. بمعنى أن خروج يهود من المدينة لم يسهم فقط في ازدياد عدد سكان المدينة العرب، إنما زاد من حضورهم في المدينة بشرائهم منازل يهودية إلى حد استعاد فيه أهالي اللد العرب أحياء في البلدة القديمة مثل "رمات أشكول"، إذ تحول الحي منذ تسعينيات القرن الماضي إلى حارة شبه عربية. هذا، بالإضافة إلى زيادة في التكاثر الطبيعي لدى سكان مدينة اللد العرب، والذي ساهم بلا شك في التحول الديمغرافي لصالح العرب.

"عرب 48": بالنسبة للهجرة العربية إلى اللد، هل كانت هجرات جماعية من مناطق أو مدن معينة إلى اللد، أو هل جرت عملية نقل سكاني إليها؟

زبارقة: إذا كنت تقصد بالنقل السكاني أي "المتعاونين العرب"، فهذا ليس عاملا أساسيا ولا مؤثرا في التحول الديمغرافي في المدينة، لا بل هامشيا. أما عن الهجرات العربية الجماعية أو الهجرات من مناطق بعينها إلى اللد فيمكننا القول نعم، وتحديدا من القدس والنقب، وهذا مرتبط بظروف مدينة القدس وسياسات تهويدها، مما دفع ببعض أبنائها العرب القدوم إلى اللد والاستقرار فيها. أما بالنسبة للقادمين من النقب، والذين برز حضورهم في المدينة، فمرد هجرتهم أيضا لسياسات إسرائيل في النقب، سواء بالتضييق على أهله، واقتلاع بعضهم من قراهم مسلوبة الاعتراف. إضافة إلى شح الموارد المعيشية في النقب، والحاجة إلى الأيدي العاملة في منطقة وسط البلاد، مما دفع كثيرين من أبناء النقب للقدوم طلبا للرزق والعمل في البيارات وقطاع البناء والحفريات لدى اليهود، ثم اختيار اللد للاستقرار وشراء البيوت فيها. وهذا ما يُفسّر بالمناسبة التكاثر الطبيعي للعرب في اللد، بعد قدوم عائلات من النقب إليها، والمعروف عنهم بكثرة الإنجاب وتعدد الزوجات لدى بعضهم.

اللدادوة يدافعون عن المسجد الكبير إثر اعتداء المستوطنين (Gettyimages)

"عرب 48": بمناسبة حديثنا عن شراء العرب منازل من يهود في اللد، فقد أصدر بعض الحاخامات اليهود بعد هبة أيار الماضي فتاوى تحرم بيع اليهود بيوتا للعرب في المدينة، هل هذا متصل بما قلت سابقا؟

زبارقة: طبعا، هذه الفتاوى من حاخامات اليهود جديدة، لم تكن سابقا، أو لنقل لم تكن علنية بهذا الشكل. غير أنه يمكن اعتبار هذه الفتاوى ردا مباشرا على هبة أبناء اللد في أيار الماضي، لكنه يمكن اعتبارها أيضا بمثابة أداة لسياسة رد غير مباشر على التحول التاريخي وظاهرة بيع البيوت للعرب، خصوصا وأنه ليس هناك أية قانون يمنع شراء مواطن عربي لبيت تعود ملكيته لليهود.

عموما أدى هذا التحول الذي بدأ منذ التسعينيات، وتمثل في حضور حيوي ديمغرافي أقوى للعرب في المدينة، وكذلك حضور اقتصادي، إذ اشترى السكان العرب في اللد دكاكين ومتاجر وليس بيوت فقط، وكذلك حضور على مستوى اجتماعي وثقافي بعد زيادة نسبة التعليم والأكاديميين العرب ودورهم التوعوي في اللد، مما حدا بالدولة التركيز على اللد في آخر 15 عاما، ووضعها تحت العلاج الموضعي لمكتب رئيس الحكومة، الأمر الذي أدخل السكان العرب في طور آخر من الصراع في المدينة مع اليهود.

مركز للنواة التوراتية في اللد (Gettyimages)

"عرب 48": كيف تمثل وضع اللد تحت ما عُرف بـ"العلاج الموضعي"، وعلى أي مستويات مورست هذه السياسة؟

زبارقة: وضعت الدولة هذا المخطط، على الرغم من النزعة اليمينية لطبيعة يهود اللد، الذين لم تكتف الدولة بوجودهم لمواجهة الحضور العربي في المدينة. وتعود جذور هذا المخطط إلى فترة نهاية الانتفاضة الثانية، وتحديدا بعد انسحاب شارون أحادي الجانب من غزة عام 2005، إذ بدأت الحكومة في حينه التركيز على اللد لمواجهة تراجع يهوديتها من خلال جلب أعداد من يهود المستوطنات التي تم إخلاؤها في منطقة "غلاف غزة" بعد الانسحاب وإعادة توطينهم في اللد، لإعادة الهيمنة الديمغرافية اليهودية في المدينة ضمن خطة "العلاج الموضعي" للد خاصة، والحفاظ على أكثرية يهودية في "المدن المختلطة" عامة. وهنا، تشكلت ما يُعرف بـ"النواة التوراتية" في اللد، والتي معظم أفرادها هم مستوطنون تم إعادة توطينهم في المدينة بعد تفكيك وإخلاء مستوطنات غزة، بعد الانسحاب، بإشراف أجهزة الأمن الإسرائيلية.

"عرب 48": كيف جرى تنظيم جلب المستوطنين اليهود وتوطينهم في اللد؟

زبارقة: جرى تشجيعهم وبشكل منظم لجلبهم إلى اللد، وبخطاب صهيوني - يميني لضرورة نزولهم في المدينة والإقامة فيها. كما تم تخصيص مواقع سكنية وبناء أحياء جديدة لإيوائهم مثل حي "اليشيف" أقيم للمستوطنين وأصبح معقل "النواة التوراتية". كما أقيم لهم لاحقا حي "هبرحيم". وباعتهم الحكومة قسيمة الأرض بمبلغ رمزي لم يتجاوز سعرها 550 شيكلا. هذا، فضلا عن التسهيلات الإدارية والمدنية والتخفيضات التي مُنحت لهم في عدة أمور، من أجل تشجيعهم على الاستيطان والبقاء في اللد.

"عرب 48": في هذه المرحلة بدأ يتشكل مصطلح "مستوطن" الذي صار يطلقه عرب اللد على اليهود فيها؟

زبارقة: نعم، مع جلب المستوطنين وتشكل النواة التوراتية بدأ تعبير "مستوطن" و"مستوطنين" يدرج على ألّسنة أهل اللد العرب. ويُقصد بالمستوطنين الذين تم توطينهم حديثا في المدينة، وصاروا نواتها التوراتية. والهدف من ذلك طبعا قلب الميزان الديمغرافي والحضور الظاهر للعرب لصالح اليهود ويهودية المدينة.

وحدات خاصة من جيش الاحتلال في اللد (Gettyimages)

"عرب 48": على مستوى بلدية اللد، كيف تمثلت ممارساتها في تنفيذ خطة "العلاج الموضعي"؟

زبارقة: طبعا، للبلدية سياسات قائمة أساسا منذ ما قبل هذه الخطة، مع العلم أن سياسات البلدية هي ذاتها سياسات الحكومة، إذ لا مجال للفصل بينهما، غير أن قرارات كثيرة اتخذت من خلال البلدية، والتي تعتبر تطبيقا لخطة الحكومة في التضييق والتعطيل على منح ترخيص بناء البيوت العربية في المدينة مثلا، فضلا عن تكثيف البلدية لخطاب "سلطة القانون" وضرورة الانصياع له ولزوم تطبيقه، وإيجاد البلدية مبرر قانوني لكل سياسة وخطوة إجرائية تضيّق على السكان العرب، إضافة إلى سياسة الإهمال المُتعمد وتجاهل احتياجات السكان العرب وحقوقهم في المدينة، لا بل جرى إغراق ممنهج للمجتمع العربي في اللد بالسموم والمخدرات والسلاح والجريمة وغيرها، مما كان يسمعه ويعرفه مجتمعنا في الداخل عن اللد في حينه. ناهيك عن ممارسات الشرطة اليومية المستفزة للسكان العرب في اللد وتنغيص عيشهم من أجل تطفيشهم (إبعادهم).

بقيت خطة "العلاج" هذه مستمرة حتى السنوات الأخيرة في ظل رئاسة نتنياهو، إذ صادقت حكومته على تخصيص نصف مليار شيكل للد، ليس لتحسين شروط وظروف سكانها العرب، إنما استكمالا لمخطط "العلاج" الحكومي، ولتمكين سطوة يهود المدينة على الحيز والحياة والوجود العربي فيها.

"عرب 48": بما أنك أشرت إلى سياسة إغراق المجتمع العربي في اللد بالسموم والسلاح بشكل ممنهج، فلماذا حاربت الحكومة وأجهزة الدولة ذلك في السنوات الأخيرة؟

زبارقة: نعم، عدلت الحكومة وأجهزتها وقررت محاربتها بعد أن حولت اللد إلى متجر للمخدرات والسموم، وذلك لسببين، الأول، لأن السموم طالت الوسط اليهودي في المدينة، فصار الشباب اليهود يتعاطون المخدرات أكثر من العرب، مما اضطر الحكومة إلى مكافحتها في المدينة. والسبب الثاني، بدأت الحكومة ترى أن السموم والسلاح يعود بأموال وثروات على تجارها، فوجدت أن انتشار الاتجار بالسموم والسلاح على الرغم من دوره في تدمير البيئة العربية، إلا أنه يمثل مصدر تهديد في الوقت نفسه في اللد.

من تشييع جثمان الشهيد موسى حسونة في اللد أيار 2021 (Gettyimages)

"عرب 48": في ظل هذه الممارسات في العقدين الأخيرين، هل جرى تنظيم السكان العرب في اللد؟

زبارقة: نعم، فأول لجنة شعبية محلية تشكلت في بلادنا في الداخل الفلسطيني كانت في اللد، سنة 2000، وذلك على إثر سياسة هدم البيوت في المدينة، وتحديدا بعد هدم بيت "أبو زايد". كما رفض أهالي اللد قيام أجهزة الشرطة بنصب حواجز عسكرية داخل الأحياء العربية من أجل عزلها في حينه، مما دفع أهالي اللد للتنظم وتشكيل لجنة شعبية، تتابع شؤون وقضايا العرب في المدينة، لكن، حالة الاحتقان الدائمة في اللد دفعت إلى توعية الناس فيها، أكثر مما دفعت إلى تنظيمهم. وصحيح أننا نعيش صراعا في المدينة، لكننا لم نشعر أننا مهزومون فيه. كنا نعيش في حالة نضالية دائمة ويومية أمام هذه السياسات والتحديات. وكي أكون واضحا وصريحا لم يكن تنظيم سياسي للسكان العرب في اللد، كان التسييس ضعيف دائما. وحتى أيامنا هذه، لم يرتق تنظيمنا السياسي إلى مستوى إدارة صراع من هذا النوع بشتى ممارساته وأدواته من قبل الحكومة على المدينة وأهلها العرب. ومع ذلك، فإن وعيا عربيا شعبيا في اللد قد تشكل بسبب هذه السياسات، وكانت ذروة تمثله في هبة أيار الماضي، فضلا عن السياق الفلسطيني العام، وخصوصا حالة القدس وما يحدث في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، قد ألقت بظلالها على الوعي الشعبي في اللد.

"عرب 48": هل تعتقد أن هناك روافد اجتماعية ساهمت في تشكيل هذا الوعي، كالتدين مثلا؟

زبارقة: نعم، صحيح بلا شك أن الدين وظاهرة تديّن جزء كبير خاصة من الشباب في اللد، قد ساهم في بلورة وعي شعبي مناهض لسياسات الحكومة وأجهزتها في المدينة والبلاد عموما. على سبيل المثال، كان في اللد حتى أواخر التسيعينيات ثلاثة مساجد تقام فيها الصلاة فقط، بينما في اللد اليوم، توجد ثمانية مساجد تقام صلاة الجمعة في ستة مساجد منها. فضلا عن أن التدين قد ساهم في مد جسور التواصل بين أبناء اللد وبين أبناء شعبهم العربي في فلسطين خصوصا، في القدس والمسجد الأقصى، مما راكم بلورة الوعي المناهض.

هذا، بالإضافة إلى أن البيئة العربية في اللد هي بيئة محافظة، فالتدين والتقاليد المحافظة ساهما في تعزيز حس التكافل والتعاضد الاجتماعيين في مواجهة سياسة الحكومة.

الهبة الشعبية وما بعدها

"عرب 48": بما أنك عايشت أيام الهبة، كفاعل وحقوقي ورئيس للجنة الشعبية في المدينة، كيف تقرأ شرارة اندلاع الأحداث في اللد؟

زبارقة: عايشت لحظات الهبة كلها في اللد، واعتبر ذلك هدية من الله عز وجل بأن منّ عليّ وعشت الموقف كاملا على مدار خمسة أيام الهبة بكامل لياليها. كنّا ننام في المسجد العُمري الكبير في اللد. وأكثر ما فاجأني بهبة الكرامة عموما هو أبناء اللد أنفسهم، بوعيهم وانتمائهم وإرادتهم في الالتحام مع أبناء شعبهم، فالهبة كانت بمثابة ولادة من جديد بالنسبة لنا جميعا في اللد.

لم يكن مخططا لهبة شعبية في اللد طبعا، إنما تدحرجت الأمور بعد أن أعلن بعض الشباب عن وقفة احتجاجية بعد صلاة التراويح أمام المسجد الكبير، مساء 28 رمضان/ 10 أيار 2021، دعما وإسنادا لإخواننا في القدس والمسجد الأقصى. لم أكن ليلتها في اللد، إنما كنت في القدس، وكان توقعنا من الوقفة هو مشاركة بضع عشرات المصلين فيها وليس أكثر، لمدة لا تزيد عن ساعة زمن مثل أي وقفة عادية سابقة، لكن ما حدث ليلتها فاجأنا جميعا، من حيث عدد المشاركين في الوقفة، إذ وقف مئات اللداويون فيها ومعظمهم من الشباب.

اعتقال شبان عرب من اللد خلال أحداث أيار 2021 (Gettyimages)

"عرب 48": هل من لحظة فارقة أثناء الوقفة أدت إلى اشتعال الأوضاع في اللد؟

زبارقة: نعم، أثناء الوقفة قام شاب من شباب الوقفة بتسلق عامود كهرباء وأنزل العلم الإسرائيلي عنه مستبدلا إياه بالعلم الفلسطيني. وبضغط البلدية والنواة التوراتية على الشرطة بعد انتشار فيديو إنزال العلم واستبداله، عبر شبكات التواصل الاجتماعي قامت الشرطة وبغبائها بفض الوقفة، فكانت اللحظة الفارقة في تحول الموقف من وقفة احتجاجية أمام المسجد إلى مواجهات عمت كل مدينة اللد، أي أن في اللحظة التي فضت الشرطة الوقفة حولتها إلى مواجهات في مناطق مختلفة في اللد.

"عرب 48": ثم تحولت إلى مواجهات مع المستوطنين اليهود في نفس الليلة؟

زبارقة: نعم، وتحديدا مع مستوطني النواة التوراتية، خاصة في الأحياء التي تجمع السكان العرب بهؤلاء المستوطنين مثل حي "رمات أشكول" في البلدة القديمة. ويهود النواة التوراتية هم من بادروا تحديدا إلى الاعتداء على العرب في تلك الليلة، والتي نجم عنها استشهاد موسى حسونة، رحمة الله عليه، مساء 10 أيار 2021.

هنا، وجب التذكير بأن رفع العلم، كان لحظة فارقة أولى، ثم جاء استشهاد موسى حسونة لينقل الحدث إلى درجة أكثر خطورة ومستوى من التأهب والغضب لم تشهده اللد منذ النكبة. وطبعا، المستوطنون من بادروا إلى حمل السلاح وقتل حسونة وإصابة آخرين.

"عرب 48": كيف تعاملت الشرطة مع الحدث في تلك اللحظات؟

زبارقة: الشرطة انحازت، فبدلا من أن تتعامل وفق دورها كسلطة قانون، واعتقال قاتل حسونة وهي تعرفه بالمناسبة منذ لحظة إطلاقه النار، صمتت الشرطة طبعا، مما قرأه أهالي اللد العرب كتواطؤ من الشرطة على قتل العرب، فازدادت حالة الاحتقان والغضب في المدينة. انتظرت الشرطة حتى اليوم التالي واعتقلت مجموعة مستوطنين، ثم أفرجت عنهم بعد 48 ساعة بأمر من وزير الأمن الداخلي، أمير أوحنا، في حينه، مما ضاعف لدينا الشعور بالاستخفاف والاستهداف لحياتنا ووجودنا كعرب في اللد، وإدراكنا أكثر من أي وقت مضى أن الدولة ليست دولتنا، وبالتالي عرف أهلنا في اللد، أن لا خيار لحماية أنفسهم إلا بأنفسهم. هذا، ناهيك عن دور البلدية ورئيسها وأعضائها اليهود في التحريض على العرب في اللد.

"عرب 48": كيف حرضت البلدية على العرب في المدينة؟

زبارقة: رئيس البلدية حرّض على الوجود العربي في المدينة بشكل مباشر. في واحدة من جلسات البلدية خلال أيام الهبة دعت أصوات فيها المستوطنين في الضفة الغربية القدوم إلى اللد من أجل مواجهة العرب فيها. وفعلا، وصلت جماعات من مستوطني الضفة الغربية ومسلحين إلى اللد، ووفرت لهم البلدية مكتبا في أحد مبانيها من أجل إدارة وتنظيم الهجوم على العرب. كما وفرت لهم الشرطة بدورها الحماية الأمنية، ولدينا شهادات تثبت مرافقة الشرطة للمستوطنين اليهود أثناء هجومهم على الأحياء العربية وحرقهم للممتلكات فيها. فجرى حرق عشرات السيارات والبيوت العربية، حتى أنا شخصيا اتصلت بالشرطة وأبلغتها عن إطلاق النار على المسجد العمري الكبير، وسمعت الشرطة صوت إطلاق النار أثناء شكوتي عبر الهاتف. جاءت الشرطة فعلا، لكنها هاجمتنا نحن في المسجد بقنابل الغاز بدل أن تعتقل المستوطنين مطلقي النار علينا، حتى أن آخرين من أهالينا الذين كانوا يتصلون للشرطة لتقديم شكاوى على حرق ممتلكاتهم فكانت ترد الشرطة عليهم بتعبير "شتموتو" فلتموتوا، وهذا موثق.

"عرب 48": في هذه اللحظات العصيبة، كيف كان رد فعل السكان العرب في اللد، هل اتخذتم دورا تنظيميا في خضم الأحداث؟

زبارقة: لم يكن أية مجال للتنظيم بالمعنى السياسي للتنظم. في تلك اللحظات نظرا للتطورات وإرهاب المستوطنين وغضب الناس في اللد، لكن الرد التنظيمي المباشر وقتها كان في تشكيل لجان حاراتية في كل حي عربي من أهالي كل حارة من أجل حماية الحي نفسه، بالإضافة إلى إنشاء مجموعات على شبكات التواصل الاجتماعية للتواصل والإبلاغ والتنبيه. كما كان دور للمساجد عبر مكبرات الصوت للإستغاثة واستنفار الناس، وهذا ما حدث عند مهاجمة المستوطنين للمسجد في يوم العيد، إذ نودي الناس عبر مكبرات المسجد لإغاثة المصلين فيه، وفعلا خلال 5 دقائق كان مئات الشباب قد وصلوا المسجد، مما يبين لنا همة أهالي اللد العرب عل الرغم من ممارسات الترهيب والتنكيل.

وقفة إسناد لحق الشهيد موسى حسونة في اللد (أرشيف عرب 48)

إضافة إلى دورنا في اللجنة الشعبية على المستوى التوعوي والتوجيهي، وإدارة الحالة العامة في المدينة، والأهم هو دورنا في إدارة الخطاب الإعلامي في إسناد الهبة، وتحميل المستوطنين والحكومة الإسرائيلية المسؤولية عما آلت إليه الأمور. كما لا يفوتني ذكر دور أعضاء البلدية العرب، وهم ستة أعضاء، وعملهم الدؤوب على مدار أيام الهبة ووقوفهم إلى صف أبناء بلدهم وشعبهم. عموما يمكننا القول إن التنظم كان شكله في الهبة شعبيا وتلقائيا وبالأدوات المتاحة.

"عرب 48": الحديث عن أيام الهبة يطول، وهناك تفاصيل كثيرة لا مجال لتناولها كلها. لنذهب إلى ما بعد الهبة وبالعموم، هل اللد قبل الهبة هي نفسها اللد ما بعدها؟

زبارقة: لا، بالطبع، فالأجواء عموما باتت على غير ما كانت عليه، على الرغم من كل ممارسات الحكومة والبلدية معها، في السنوات التي سبقت هبة الكرامة. ومع ذلك، هناك ما حدث في الهبة وشكل منعطفا في شكل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين العرب واليهود في المدينة، وليس مع السلطات فقط، لناحية مظاهر انعدام الثقة والتربص الدائم من قبل مستوطني اللد، وحذر السكان العرب منهم. كما زعزعت الهبة ودور السلطات الإسرائيلية فيها ثقة المواطن العربي في هذه السلطات، سواء كانت البلدية أو الحكومة وأجهزة الشرطة والأمن.

"عرب 48": ما السياسات والممارسات التي ترتبت إثر الهبة ضد أهالي اللد؟

زبارقة: سياسات ما بعد الهبة التي مورست في اللد، سواء من أجهزة الأمن الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) أو البلدية، تؤكد استمرارية الانحياز لرواية المستوطنين في اللد. وأهم ما في ذلك، إغلاق ملف الشهيد موسى حسونة، وترك قاتليه طلقاء، بينما العكس تماما فيما يتعلق بمقتل المستوطن "يغئال يهوشوع" في اللد، الذي قُتل في اليوم التالي لاستشهاد حسونة والثاني للهبة الشعبية. اعتقلت الشرطة ثمانية متهمين بمقتله من عرب اللد، وقدمت لوائح اتهام ضد سبعة منهم، علما بأن المستوطن قد قُتل بضربة حجر واحد وليس بإطلاق نار، ومع ذلك تم اعتقال واتهام سبعة أفراد. وهذا يبين لنا سياسة تطابق الدولة مع مجتمعها اليهودي ضد العرب في اللد.

كما مارست أجهزة الأمن الإسرائيلية ضغوطا على عائلة الشهيد حسونة من أجل إغلاق الملف، والتنازل عن دم ابنهم. وتلقت العائلة تهديدات بالتوعد والابتزاز، من قبل بلدية اللد، وهناك تسجيل صوتي لرئيس البلدية يوّثق تهديده للسيد مالك حسونة بمصادرة أملاكه. وقدمنا بدورنا نحن في اللجنة الشعبية شكوى للشرطة إثر ذلك. كما قررنا في اللجنة ردا على هذه السياسة العنصرية، المبادرة إلى وقفة احتجاجية شهرية، إضافة إلى فعالية إحياء الذكرى السنوية الأولى لهبة الكرامة، تخليدا لدم الشهيد وهبة أبناء شعبنا في اللد، وعلى كامل تراب فلسطين.

"عرب 48": ماذا عن الاعتقالات؟

زبارقة: نعم، شنت أجهزة الأمن بعد الهبة على اللد، حملة اعتقالات شرسة، طالت 300 مُعتقل، جرى تسريح بعضهم، والبعض الآخر أُخلي سبيله في انتظار محاكمته، كما يوجد عدد من الشبان رهن الاعتقال، وقدمت النيابة لوائح اتهام ضدهم.

بالطبع، حملة الاعتقالات هذه نفهمها في اللد على أنها سياسة انتقامية - عقابية لسكان المدينة العرب، ففي الأيام الثلاثة الأولى من الهبة لم تتدخل الشرطة في اللد، وتركت المجال لهجوم المستوطنين والنواة التوراتية على المواطنين العرب، لتبدو الشرطة كما لو أنها تقف على الحياد. وبعد فشل المستوطنين في ترهيب المواطنين العرب، بادرت الشرطة وأجهزة الأمن بعد الهبة إلى حملة اعتقالات شعواء من أجل ترهيب أهالي اللد.

"عرب 48": ما طبيعة الاتهامات التي وُجهت للمعتقلين؟

زبارقة: الاتهامات كثيرة ومتنوعة، بينها المشاركة في أعمال شغب، ورشق حجارة، وحرق ممتلكات عامة، وإلقاء زجاجات حارقة على الشرطة، وحيازة سلاح وإطلاق نار، إضافة إلى ملف اتهام مجموعة أفراد بقتل المستوطن "يغئال يهوشوع".

"عرب 48": كيف هي الصورة على مستوى البلدية والحياة اليومية في اللد؟

زبارقة: سياسة التمييز والتهميش والاستخفاف بحقوق ومطالب سكان اللد العرب قائمة تاريخيا أصلا، وتفاقمت بشكل مقصود من قبل البلدية بعد الهبة، ناهيك عن فرض المخالفات وتفعيل ملفات مدنية وإدارية متصلة بالتراخيص على كافة أشكالها وتعطيلها، ومنها ملف هدم البيوت، فقد أصدرت البلدية بعد الهبة 43 أمر هدم لبيوت عربية، وتم هدم جزء منها.

فضلا عن وضوح الإهمال المتعمد في موضوع الخدمات والاحتياجات اليومية للمواطنين العرب في اللد، ففي شتاء ما بعد هبة الكرامة، وبسبب سوء الأحوال الجوية وحدوث فيضانات، أهملت البلدية البنية التحتية في الحارات العربية، وتركت سيول المياه تقتحم البيوت دون أن تحرك ساكنا، كإجراء واضح أنه انتقامي وعقابي لأهالي اللد.

والأهم فيما قامت به البلدية، هو تفعيل ملف "التشريد الحظري"، الذي يسعى إلى تغيير واقع الحارات العربية في اللد، كسياسة تضييق وخنق لعرب اللد على مستوى الحيّز والمسكن، ففي بعض الحارات العربية عمارات ومبانٍ مكونة من 4 أدوار (طوابق) فيها 16 شقة سكنية، ومخطط التشريد الحظري الذي تسعى إليه البلدية هو هدم كل أربعة منها وجمعها في عمارة واحدة، بذريعة استغلال مساحات الأرض، بينما هذا المخطط في حقيقته هو مصادرة للأرض.

على المستوى اليومي - الاجتماعي في اللد، فقد بدت لنا واضحة عودة أجهزة الأمن (الشاباك) والشرطة إلى تحريض ودق الأسافين بين العائلات العربية باللد، في محاولة لإذكاء صراعات قديمة، وتأليب الناس على بعضهم البعض بعد أن جمعت قلوبهم الهبة. والأخطر هو تفعيل "العالم السفلي" في المدينة من أجل إعادة إغراق مجتمع اللد العربي بالعنف والجريمة وغير ذلك.

إضافة إلى هذا، هناك ممارسة حثيثة وواضحة بعد الهبة، وبرعاية أجهزة الأمن وإسناد البلدية إلى تهويد الحيز والفضاء في اللد، بمعنى تكثيف حضور المستوطنين على مستوى الحياة اليومية في المدينة، وذلك بجلب جماعات على شكل مجموعات من المستوطنين من خارج اللد، ليجوبوا شوارعها والأحياء العربية خصوصا، بطريقة تشبه السلوك الميليشياوي - الاستعراضي للقوة وحمل السلاح، كإثبات وجود وترهيب للعرب في اللد. وقد أصدرنا في اللجنة الشعبية بيانا رسميا في هذا الخصوص.

"عرب 48": كيف واجه ويواجه المواطنون العرب في اللد كل هذه الممارسات، وما هو برنامجكم في اللجنة الشعبية لمواجهة المرحلة؟

زبارقة: في مواجهة الاعتقالات، تم تشكيل طاقم محامين وحقوقيين لمتابعة شؤون المعتقلين، منذ بدايتها، ولم يكن ذلك سهلا نظرا لعدد المعتقلين الكبير. بينما بعد تقديم لوائح الاتهام توجهت كل عائلة متهم لمحام خاص بها. كما قمنا بحملة جمع تبرعات بغرض إسناد بعض المعتقلين، في دفع الكفالات أو الكانتينا، ولدعم بعض العائلات التي تضررت بيوتها وممتلكاتها الخاصة في الهبة، ومساعدة عائلات أخرى على مستوى المصروف المعيشي اليومي. إضافة إلى إدارة ملف الهبة ومواجهة ممارسات ما بعدها من قبل الحكومة وبلديتها في اللد، سواء على المستوى القضائي والمدني، أو على مستوى تربوي - توعوي في تثقيف الشباب العرب وتسييس الهبة في اللد، وتمتين رواية أهالي اللد العرب عن هبة كرامتهم.

من آثار المواجهات في اللد (Gettyimages)

ما حدث في اللد ليس أمرا عاديا، ونحن على مستوى لجنة شعبية، وكجسم تنظيمي للعرب في المدينة، لا يمكن لنا وحدنا مواجهة المخططات التي تسعى لها الدولة وأجهزتها الأمنية والمدنية في اللد، لأن إمكانياتنا محدودة وبسيطة، أقولها بصراحة بصفتي رئيسا للجنة الشعبية، ونحتاج إلى دعم سياسي وتنظيمي شعبي أكبر.

"عرب 48": ماذا عن لجنة المتابعة والأحزاب والقوى السياسية في الداخل ودورها في ملف اللد، خصوصا في ظل وجود حزب عربي في الائتلاف الحكومي؟

زبارقة: في الحقيقة، لدينا عتب في اللجنة الشعبية على دور وأداء لجنة المتابعة وأحزابنا العربية والقوى الوطنية في البلاد، فالدعم الرمزي لا يكفي في ظل مثل هذه السياسات والممارسات الممنهجة على أهالينا في اللد. نحتاج إلى دعم سياسي قُطري منظم وجاد، وتوظيف للإرادة الشعبية في برنامج عمل في مواجهة السياسة العنصرية - العقابية على اللد.

أما عن القائمة الموحدة في الحكومة الإسرائيلية، فللأسف انسجم بعض قيادييها مع رواية الحكومة منذ بداية الهبة في اللد. تخيّل حتى عندما أصدرنا في اجتماع للجنة الشعبية بالاشتراك مع القيادة القُطرية وحضره رؤساء الأحزاب العربية، بمن فيهم رئيس القائمة الموحدة منصور عباس نفسه، قرارا يقضي بمقاطعة رئيس بلدية اللد ردا على تحريضه علينا، قام منصور عباس بزيارة لرئيس البلدية والتقاط صورة معه!

التعليقات