إرهاب المستوطنين في حوارة: ناشطون من أراضي 48 يدعون لتنظيم "الفعل النضالي"

رأى عدد من الناشطين السياسيين من المجتمع العربي الذين استنكروا بشدة التصعيد الخطير من جانب الحكومة الإسرائيلية وأذرعها الفاعلة على الأرض من اعتداء للجيش والمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بضرورة تنظيم "الفعل النضالي".

إرهاب المستوطنين في حوارة: ناشطون من أراضي 48 يدعون لتنظيم

آثار اعتداء المستوطنين في حوارة (وفا)

تشهد الضفة الغربية تصعيدا خطيرا، واعتداءات غير مسبوقة على الفلسطينيين وممتلكاتهم، من قبل عصابات المستوطنين بحماية قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى الانتهاكات والاقتحامات التي ينفذها الاحتلال يوميا في مدن فلسطينية مثل نابلس وجنين والخليل، بتحريض ودعم من وزراء بالحكومة الإسرائيلية المتطرفة، في سعيهم لكسر الإرادة الفلسطينية من خلال الاعتقالات والاقتحامات والقتل وسن القوانين التي تبرر القتل، والتهجير، وسحب الجنسية، وغيرها.

وكان آخر مظاهر التصعيد الاعتداء الغاشم والخطير الذي نفذه مئات المستوطنين على بلدة حوّارة، قضاء نابلس، وإحراق عشرات البيوت والمحال التجارية، ومئات المركبات لمواطنين فلسطينيين آمنين، وسرقة مواشيهم تحت حماية من الجيش الذي يدّعي بأنه فقد السيطرة على المعتدين ولم يكن جاهزا للتعامل مع الحدث الاستثنائي وغير المسبوق!

مستوطنون وجنود للاحتلال في حوارة (وفا)

واستطلع "عرب 48" آراء عدد من الناشطين السياسيين من المجتمع العربي الذين استنكروا بشدة التصعيد الخطير من جانب الحكومة الإسرائيلية وأذرعها الفاعلة على الأرض من اعتداء للجيش والمستوطنين على الفلسطينيين.

وقال الناشط السياسي وعضو بلدية مدينة "نوف هجليل"، د. رائد غطاس، لـ"عرب 48" إن "الأوضاع العامة مقلقة للغاية داخليا وفي المناطق المحتلة. السبب الرئيس لهذا التصعيد هو زيادة منسوب العنصرية داخل الحكومة الإسرائيلية التي تسير بدون كوابح وبدون أي رادع أخلاقي، ولذلك هي تمارس أعمالا إجرامية في المناطق المحتلة. وبالتالي فإن السبب الأساسي لما نشهده اليوم هو الاحتلال، وهذا ما قلناه في السابق ونقوله اليوم بأن هذه ليست مجرد مناوشات، أو نزاعات عابرة، وإنما هي عواقب الاحتلال الذي هو السبب الأساسي لكل ما يحدث، وعندما يزول الاحتلال يتوقف الاستيطان وحين ينتهي الاستيطان لا يعود هناك احتكاك بين الفلسطيني والمحتل".

ووصف د. غطاس اعتداء المستوطنين على بلدة حوّارة بأنه "تصعيد لا يقبله العقل، فهذه جريمة جماعية منظمة كاملة ومتكاملة نفذها قطعان المستوطنين الذين هم أصلا لا ينبغي لهم أن يكونوا هناك".

وأكد أنه "نقف ضد الاحتلال وضد الاستيطان، وضد تواجد هؤلاء المستوطنين الذي اعتدوا بدم بارد على حرمة وممتلكات وبيوت السكان في حوّارة وإحراقها على مرأى من الجنود الذين تواجدوا هناك، وهم ليس فقط لم يمنعوا الاعتداء، بل وفّروا الحماية للمعتدين".

وانتقد د. غطاس المباحثات التي جرت في قمة العقبة بالتزامن مع تلك الأحداث، وقال إنه "ليس لها مكان خاصة أنها جاءت بعد جريمة فظيعة ارتكبها الاحتلال في مدينة نابلس، وهذا يثبت أن المقاومة الشعبية والتصدي للاحتلال هو الأساس. نحن ضد قتل الأبرياء، ولكن نقول بأن الاحتلال هو السبب الأساس وآن للاحتلال أن ينتهي ويزول".

وقالت النائبة السابقة عن التجمع الوطني الديمقراطي والناشطة السياسية، نيفين أبو رحمون، من البعينة- نجيدات، لـ"عرب 48" حول التصعيد الأخير بأنه "كي نستطيع قراءة التّصعيد في حوّارة مهم فهم سياسات إسرائيل في السنوات الأخيرة، والتي بدورها آخذة في تعميق الاحتلال وتثبيت نظام الأبرتهايد والاستيطان. قد يكون هذا التّصعيد هو الذّروة، ولكن لا يمكن فصله عن مخطّطات الاحتلال في النّيل من السّيادة الفلسطينية على الأرض وهويتها".

د. رائد غطاس

وأضافت أبو رحمون أنه "فعليًّا ما حدث هو إرهاب منظّم يندرج تحت واحدة من أخطر مخطّطات الاحتلال ضد شعبنا وهو مخطّط الضّم في مناطق c في الضّفّة الغربيّة، خصوصا أنه في أوسلو تم فرز المناطق إلى A وB و Cوالمساحة الأكبر هي C الخاضعة لسيطرة إسرائيلية كاملة أمنيا وإداريًّا، وتشكّل أكثر من 61% من مساحة الضفة، وهي فعليًّا المناطق التي تشمل مناطق زراعيّة واسعة والمناطق الإستراتيجيّة. ويستغلّ الاحتلال كافة الظّروف الدّوليّة من أجل ضمّ هذه المناطق لسيطرته وفرض القانون والسّيادة الإسرائيليّة عليها".

وأكدت أن "تنفيذ هذا المخطّط معناه نكبة جديدة لشعبنا وسرقة جديدة لبلادنا ونسف إقامة دولة فلسطينيّة. ولتنفيذ مخطّط الضّم الزّاحف تستخدم إسرائيل أدوات استعماريّة مختلفة منها تشريع القوانين مثل قانون تسوية الاستيطان، وقانون القوميّة، والذي يعطي الحق فقط للشّعب اليهودي (على كلّ أرض إسرائيل) وتعتبر الاستيطان قيمة عُليا لها".

نيفين أبو رحمون

وأشارت إلى أنه "على الأرض في هذه المناطق تضييق كبير على الناس والمزارعين في مناطق C وهي مصادرات لآلاف الدونمات وإغلاق الشّوارع، وكذلك اعتداءات عنيفة دائمة على أهلنا هناك من قبل المستوطنين، إضافة إلى تكسير وحرق أشجار ومحاصيل، والهدف طبعا ترك المزارع لأرضه كي يصادرها الاحتلال ويسهّل ضمّها. ما حدث فعليًّا في حوّارة هو تنفيذ سياسات وخطوات استعمارية من أجل النّيل من السّيادة الفلسطينيّة على المنطقة، خصوصا أنّه في السّنوات الأخيرة أصبح السيّاسيّون الذين يملكون برنامجا سياسيّا من أجل ذلك في الحكومات المتعاقبة، والتي تعتبر تعميق السّيطرة الإسرائيليّة وتثبيت الاستيطان عقيدة لهم، أمثال أييليت شاكيد وغيرها، واليوم من يقف على رأس الحكم سموتريتش الذي هو نفسه كان ضمن نشاطات تخريبية في مناطق c. واليوم هذه سياسات سموتريتش الفعليّة على الأرض بعد أن أصبح بفعل التقسيمات الوزاريّة الجديدة الحاكم الفعلي لمناطق الضّفة".

وختمت أبو رحمون بالقول إن "المطلوب، الآن، أكثر من أي وقت مضى التنظيم في الفعل النضالي وأن تندرج مناطق c ضمن أجندة أساسيّة في العمل من أجل حماية الناس والأرض وفلسطين".

وقال الناشط السياسي، ساهر غزاوي، من الناصرة، لـ"عرب 48" إن "المناطق الفلسطينية تتجه نحو مزيد من التصعيد بسبب عدم وجود أفق لنهاية هذا النزاع، وأن لا أمل للفلسطينيين إلا في أن يواجهوا التصعيد بالتصعيد. إن ما حدث في حوّارة ونابلس إنما هو صب للزيت على النار، وهذا ينذر بتوسع دائرة المواجهة".

وأضاف أنه "لا يمكن النظر إلى تلك الأحداث بمعزل عن العصيان المدني للأسرى في سجون الاحتلال، والعصيان المدني الذي يشهده مخيم شعفاط منذ نحو أسبوع، والأجواء المتوترة على الحدود مع غزة، وكل هذه مجتمعة تنذر بانفجار كبير".

ساهر غزاوي

وتساءل غزاوي عن دور السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية إزاء كل ما يحدث، وختم بالقول "إذا كانت السلطة قد فشلت في الدبلوماسية وعجزت عن منع الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين الآمنين وحمايتهم فأين هو دورها؟".

وقالت الناشطة السياسية والاجتماعية، إيسار أبو ليل، من عين ماهل، لـ"عرب 48" إن "العدوان الإسرائيلي على سكان حوّارة وقرى جنوب نابلس، يأتي في سياق التصعيد الإسرائيلي المستمر على أبناء شعبنا الفلسطيني، في نابلس، وجنين، وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة، ويهدف هذا العدوان إلى تدمير وإفشال الجهود والمساعي الدولية والإقليمية المبذولة لمحاولة الخروج من الوضع المتأزم وبالغ الخطورة، بإيجاد مسار سياسي يعيد إطلاق محادثات السلام، وإحياء فرص حل الدولتين قبل فوات الأوان".

وأضافت أن "هذا التصعيد يأتي ترجمة للمواقف والتصريحات الرسمية لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وما تتضمنه من وعيد وتهديد وعنصرية وتحريض يستهدف الوجود والحقوق الفلسطينية، وممارسة كل أشكال العداء المعبرة عن حقيقة السياسات والمخططات الإسرائيلية".

إيسار أبو ليل

وشددت بأنه "يجب على الحكومة الإسرائيلية التوقف الفوري عن ارتكاب هذه الجرائم الخطيرة والاعتداءات المتواصلة، كما يجب توفير الحماية الدولية لأبناء الشعب الفلسطيني من تلك الجرائم التي توجب مساءلة مرتكبيها طبقا لمبادئ القانون الدولي وأحكامه".

وختمت أبو ليل بالقول إن "سلطات الاحتلال لا تزال تغلق قرى وبلدات نابلس وتمنع حركة المواطنين، وتفرض حصارا مشددا على نابلس وقراها بانتهاكات جسيمة لكل الأعراف الدولية وأبسط قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، استمرارا لممارسة إرهاب الدولة الرسمي المنظم. وإن العنف المستمر في الضفة الغربية، ولا سيما في بلدة حوارة، العنف ضد المدنيين الفلسطينيين أمر غير مقبول، وعلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، كجزء من مسؤوليتها كقوة احتلال، حماية المدنيين الفلسطينيين ومحاكمة مرتكبي أعمال العنف في حوارة".

التعليقات