المحامية سوسن زهر: اعتراضنا على إنشاء "حرس قومي" يعتمد على بحث مقارن مع ثلاث دول

وجهت المحامية سوسن زهر، المختصة بحقوق الإنسان في العيادة القانونية بجامعة تل أبيب، رسالة للمستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أبدت عيه معارضتها تأسيس وحدة "حرس قوميّ".

المحامية سوسن زهر: اعتراضنا على إنشاء

(أرشيف Getty Images)

عرض وزير الأمن القوميّ، إيتمار بن غفـير، في شهر كانون الثاني/ يناير 2023، خطّة لتشكيل "حرس قوميّ"، ابتغاء تعزيز الحَوْكمة والأمن الشخصيّ، تستند إلى خطّة قدّمها الوزير السابق عومر بار ليـف (حزب العمل) بالتعاون مع رئيس الحكومة الأسبق، نفتالي بينيت، وأقرّتها الحكومة السابقة في حزيران/ يونيو 2022.

ووفقًا لخطّة بار ليف، من المفترض أن يكون الحرس القوميّ جزءًا من جهاز الشرطة، ويستند إلى قوّات "حرس الحدود".

وقال بن غفـير، خلال مؤتمر صحافيّ مشترَك مع القائد العامّ للشرطة عُقِدَ لعرض الخطّة، إنّ قيادات وزارة الأمن القوميّ، يتوقّعون حدوث "حارس الأسوار 2" (نسبة إلى هبّة الكرامة، عام 2021)، ولذا من الواجب تقوية جهاز الشرطة، ومضاعفة قدراته البشريّة، مع زيادة أجور عناصر الشرطة.

في نهاية آذار/ مارس 2023، اتّفق بن غفـير ورئيس الحكومة نتنياهو على تشكيل حرس قوميّ، مقابل موافَقة حزب "عوتسما يهوديت" على تأجيل إقرار خطّة التعديلات القضائيّة.

المحامية سوسن زهر

وفي بداية نيسان/ أبريل الجاري، أقرّت الحكومة "اقتراح قرار" لتشكيل "حرس قوميّ" يَكون جهازًا جديدًا تحت سلطة مباشرة لوزارة الأمن القوميّ، ومُوازيًا لجهاز الشرطة، ومستقلًّا عنها. وفقًا للقرار، سيشكِّل وزير الأمن القوميّ لجنة خاصّة لتقديم توصيات للحكومة بشأن تأسيس "قوّة الحرس القوميّ"، خلال ستّين يومًا من قرار الحكومة. وقد وافقت الحكومة على تخصيص ميزانيّة بقيمة مليار شيكل لهذا الأمر.

وفقًا لنصّ اقتراح القرار، سيكون "الحرس القوميّ" قوّة ذات أهداف محدَّدة، مموَّلة ومدرَّبة للتعامل مع حالات طوارئ متنوّعة، من بينها الإجرام القوميّ، ومواجهة الإرهاب، وتعزيز الحَوْكمة وسلطة الدولة أينما احتاج الوضع ذلك، وكلّ هذا يقع حاليًّا ضمن المهامّ المَنُوطة بالشرطة. إلى جانب ذلك، "يكلَّف وزير الأمن القوميّ بتشكيل لجنة برئاسة المدير العامّ لوزارة الأمن القوميّ، وبمشاركة ممثّلين من عدّة وزارات، لتقديم توصيات لوزير الأمن القوميّ خلال ستّين يومًا من تاريخ تشكيل اللجنة، في ما يخصّ طريقة تنفيذ القرار، بما في ذلك تحديد مهامّ الحرس الوطنيّ، وصلاحيَات الحرس القوميّ وأفراده [...] وإخضاعه لسلطة وزير الأمن القوميّ، وسلطة إصدار أوامر التجنيد الاحتياطيّ لأفراد الحرس القوميّ في حالات الطوارئ". معنى هذا أنّه ستكون لبن غفير سلطة وتأثير مباشران وجدّيّان على بناء هذه المنظومة وتحديد صلاحيَاتها وإدارتها، ووضع سياسات وأهداف القوّات، وآليّات عملها.

ومن جهتها، وجهت المحامية سوسن زهر، المختصة بمجال حقوق الإنسان في العيادة القانونية بجامعة تل أبيب، رسالة إلى المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أبدت عيه معارضتها تأسيس وحدة "حرس قوميّ" تحت إدارة وزارة الأمن القوميّ التي يرأسها إيتمار بن غفير.

وقال المحامية زهر لـ"عرب 48" إنه "تقدمت باعتراض على مشروع إقامة الحرس القومي بغية عدم تفعيله وعدم تخصيص جزء من الميزانية من أجل إقامته على أرض الواقع، حيث أنه تم تخصيص 9 مليارات شيكل في الميزانية العامة للدولة، والتي صودق عليها، يوم 24 أيار/ مايو 2023، وكان من المفترض أن يخصص جزء من هذه المليارات التسعة لإقامة المرحلة الأولى من مشروع الحرس القومي".

وأضافت أن "الاعتراض الذي تقدمت به يستند إلى بحث مقارن من ثلاث دولة رئيسية، أقيم فيها حرس قومي أو وحدات شرطة خاصة وهي أميركا وروسيا وجنوب إفريقيا. الهدف منها التعامل مع مجموعات أو فئات قومية، وهذا بحد ذاته يشكل خطرا وتخوفا كبيرا لدى هذه الفئات، حيث سيتم التعامل معها بشكل عنصري واستفزازي، وسيتم استخدام وسائل عنف وقوة مفرطة مبالغ فيها، ضد هذه الفئات، لإحكام الضغط والسيطرة عليها، واضطهادها، وهذا ما ينوي بن غفير عمله من خلال القرار الحكومي القاضي بتشكيل وحدات الحرس الخاص، والتي ستتعامل مع العرب تحديدا بشكل عنصري، وبخاصة في المدن والقرى العربية الفلسطينية، ومما يزيد من التخوف لدينا أن تكون هذه الوحدات تحت إشراف مباشر من بن غفير، والذي سيعطى صلاحيات واسعة ضمن نطاق عمل هذه الوحدات".

وأشارت زهر إلى أن "الأمثلة الثلاثة التي بحثنا فيها تاريخ إقامة هكذا وحدات كما أسلفنا بداية، تركز على ثلاثة بلدان هي أميركا وروسيا وجنوب إفريقيا. ونبدأ من أميركا حيث كانت هناك وحدات شرطة خاصة إبان فترة العبودية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كانت تقوم بجولات خاصة للتأكد من السود (العبيد الأفارقة) لن يقوموا بمحاولة الهرب، وأنهم سيبقون راضخين لسلطة وسيادة البيض، وبالذات في مناطق جنوبي أميركا، وتطورت هذه الوحدات في مرحلة ما بعد انتهاء فترة العبودية، حيث نجد أن إقامة هذه الوحدات في مرحلة العبودية أدت إلى ما نراه اليوم من عنصرية الشرطة الأميركية في تعاملها مع الأميركيين السود، وهذا ما توضحه الكتابات النقدية عن تلك الحقبة الزمنية. ننتقل إلى الدولة الثانية التي اعتمدناها في بحثنا المقارن وهي دولة جنوب إفريقيا، حيث كانت هناك شرطة خاصة في مرحلة (الأبرتهايد)، أي حكومة الفصل العنصري، والتي كان تحكم فيها أقلية من البيض السواد الأعظم من الشعب الجنوب إفريقي الأسود، فقد اعتمدت حكومة الأبرتهايد على تشكيل وحدات شرطة خاصة، مهمتها اضطهاد واستعباد السود بهدف استكمال السيطرة عليهم، وكانت هذه الوحدات الخاصة منتشرة في 11 منطقة مخصصة للسود. أما الدولة الثالثة، وهي قريبة العهد بنا فهي روسيا، حيث شكلت وحدات حرس خاص تابعة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في العام 2019، والتي كان الهدف من تشكيلها إحباط أي محاولة تمرد وقمع المظاهرات المناهضة لحكم الرئيس الروسي بوتين، وهي تماما مشابهة لفكرة بن غفير، حيث تم جلب 1400 شرطي روسي من ملاك وزارة الداخلية الروسية ووضعهم في الحرس الخاص الذي يأتمر بأوامر الرئيس الروسي بوتين، وقد تعرض بوتين للنقد بسبب تشكيله هذا الحرس الخاص، والذي يهدف لكم الأفواه ومنع أي اعتراض على سياسات بوتين أو حتى مجرد المطالبة بإصلاحات، وهذه الوحدات مهمتها تكمن في الداخل الروسي، تماما كفكرة بن غفير، حيث أن إسرائيل ليست بحاجة لوحدات شرطة خاصة تعمل خارج الحدود، فلديها الموساد وتوابعه ،والذي يهتم بالأمن الخارجي".

وختمت زهر بالقول إنه "أهدف من خلال الاعتراض إلى توجيه النقد على الغاية من تشكيل الحرس القومي التابع لبن غفير، والذي يعد ميليشيا خاصة هدفها الأول تطبيق السياسات العنصرية ضد العرب، ومن خلال استعراضي للبحث المقارن خلصت إلى نتيجة مفادها أن إقامة وحدات خاصة بصلاحيات مباشرة للسياسيين والرؤساء والوزراء، الهدف منها هو القمع والاضطهاد، وليس تطبيق القانون. علينا التصدي لكل محاولات تشكيل الحرس القومي والوحدات الخاصة كل من موقعه، آخذين بعين الاعتبار الدراسة المقارنة التي شملت تجربة ثلاثة بلدان، والتي ذكرتها في السياق التاريخي آنف الذكر".

التعليقات