خبير اقتصادي: خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل يضر المواطن العربي لأنه الأضعف

قال الخبير الاقتصادي، عمر فندي، في حديثه لـ"عرب 48" إن "المواطن العربي سيزداد فقرا لأنه الحلقة الأضعف بسبب الحرب، والتدريج الائتماني سيسبب له الضرر، فالمواطن العربي في آخر سلسلة الاقتصاد في الدولة، وسيعاني المجتمع العربي من شح الميزانيات".

خبير اقتصادي: خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل يضر المواطن العربي لأنه الأضعف

محتجون إسرائيليون ضدّ حكومة نتنياهو (Getty Images)

تنذر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأخطار على الاقتصاد الإسرائيلي، بعد أن أقدمت وكالة "موديز" الأميركية للتصنيفات الائتمانية، حديثا، على خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى المستوى A2 (من المستوى A1)، للمرة الأولى في تاريخها.

حول تأثير خطوة الوكالة العالمية على الاقتصاد الإسرائيلي في المدى القريب وتأثر حياة المواطنين، وماذا يعني خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل؟ سألنا الخبير الاقتصادي، عمر فندي، فأجاب بالقول إن "هذه الخطوة تعني جوابا لمدى الأمان للمستثمرين الذين يشترون سندات الدين الحكومية في بورصات العالم، وهي تعني أن السندات ليست بمستوى آمن بعد، خاصة مع النظرة السلبية المستقبلية، أي أن المؤشر قابل للهبوط أكثر، وهذا يعني أن الفوائد على السندات ستكون أعلى، أي أن تكلفة اقتراض الأموال لإسرائيل ستكون أعلى، وكلنا نذكر أن أموال الادخار لصناديق التقاعد كانت مرتبطة بالسندات المالية الحكومية والتي كانت تعتبر الأكثر أمانا، واليوم بات تصنيف هذه السندات أقل أمنا، وشاهدنا حكومات في العالم تعاني من تصنيف ائتماني سلبي مثل اليونان ومصر، وإسرائيل لسيت هناك، ولكنها في هبوط متدرج نحو هذه الأماكن.

عمر فندي

"عرب 48": هل هناك أي احتمال بأن تخطو وكالات عالمية أخرى مثل خطوة "موديز"، وكيف سيتأثر الاقتصاد الإسرائيلي على المستويين القريب والبعيد؟

فندي: نعم، هذا ما نتوقعه بأن تخطو وكالات أخرى مثل خطوة موديز، وحتى قبل الحرب كانت هناك تحذيرات قوية بعد سلسلة الانقلاب على الجهاز القضائي في إسرائيل والتي كانت تنذر بعدم استقرار الحكم في إسرائيل، وكان محافظ بنك إسرائيل وخبراء الاقتصاد قد أنذروا من خطوات كهذه، والحرب زادت من هذه الخطوات حدة، ونحن شهدنا التضخم المالي والعجز المالي الموجود، وإن قلت وتيرة التضخم المالي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ولكننا في أزمة اقتصادية كبيرة وعجز مالي كبير، والحكومة ليست بمستوى مواجهة هذه الأزمة، فالتأثير المنظور على المستوى القريب والبعيد. نذكر أن إسرائيل نجحت في أزمة كورونا في تجنيد أموال بفوائد منخفضة جدا وخروج سريع من الأزمة الاقتصادية، هذه الخطوات التي اتخذها حينها رئيس الحكومية ووزير المالية حينها، لن يتمكن اليوم من اتخاذها بهذه السرعة بسبب انخفاض التصنيف.

"عرب 48": كيف يمكن أن يؤثر خفض التصنيف على حياة المواطن العادي في إسرائيل؟

فندي: بشكل مباشر لدينا صناديق تقاعد مربوطة بالسندات الحكومية التي ستنخفض أسعارها، وهذا يعني أننا سنخسر بشكل فوري، ثم إن العجز الحكومي لتسديد الفوائد العالية والقروض سيكون أعلى وسيثقل كاهل الاقتصاد، ولن تستطيع الميزانية توفير خطط إنماء ورفاه وصحة وغيرها لأنها تحتاج لأموال أكثر لتسديد القروض والعجز المالي.

"عرب 48": كيف تقرأ سياسات وزير المالية الحالي في مواجهة الأزمة الاقتصادية في إسرائيل؟

فندي: وزير المالية الحالي يعي أن هذه الفرصة المتاحة له اليوم لن تعود على الأغلب، وما يشغله هو ما يحصل عليه من ميزانيات لحزبه وللأحزاب الدينية والمستوطنات، وكأنها وليمة يستأثر بها قبل أن تنتهي الحرب وتُحل الحكومة ويُجلى من منصبه.

"عرب 48": هل هناك علاقة لهذا التخفيض بارتفاع الأسعار في إسرائيل وغلاء المعيشة؟

فندي: لا علاقة بين ارتفاع الأسعار وبين خفض التصنيف الائتماني. ارتفاع الأسعار نابع من نتائج الحرب، ومن سياسة وزير المالية وسوء إدارة الدولة اقتصاديا، وأعني بذلك أنه ما من سبب يجعل أسعار المواد الغذائية في إسرائيل أعلى من أسعارها في أوروبا، ولكن في إسرائيل احتكار وحماية الاحتكار (احتكار شركات الحليب والبيض وغيرها) وقيود استيراد اللحوم، وعدم الاستيراد لأسباب سياسية، وكل هذه القرارات لا تصب في مصلحة الاقتصاد. في عالم الاقتصاد إن لم أستطع الإنتاج بتكلفة منافسة فهذا الإنتاج غير مجد، بمعنى أن الاستيراد بسعر منخفض أفضل من الإنتاج بتكلفة عالية وعلي ترك هذا المجال، ولكن في إسرائيل هناك سياسة حماية لهذه القطاعات، ولا تتخذ القرارات حسب المعايير الاقتصادية فقط.

"عرب 48": كما هو معلوم المجتمع العربي هو الأضعف اقتصاديا فهل سيتأثر أكثر من غيره خاصة وأنه يعتمد كثيرا على البنوك والقروض؟

فندي: المواطن العربي سيزداد فقرا لأنه الحلقة الأضعف بسبب الحرب، والتدريج الائتماني سيسبب له الضرر، فالمواطن العربي في آخر سلسلة الاقتصاد في الدولة، وسيعاني المجتمع العربي من شح الميزانيات للتطوير، أتحدث عن توقع لخمس وست سنوات قادمة حيث سيكون من الصعب على الدولة تخصيص ميزانيات لتقليص الفجوات في المجتمع العربي، بسبب العجز المالي والفوائد التي ستتراكم على القروض بسبب تخفيض التصنيف الائتماني.

"عرب 48": ماذا لو توقفت الحرب خلال هذا الشهر، هل هذا يمكن أن ينقذ الاقتصاد الإسرائيلي؟

فندي: الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف تدحرج التصنيف الائتماني لإسرائيل هو تغيير الأشخاص في مستوى القرار، ومنح القرار لأشخاص مهنيين، وأقصد حل الحكومة في إسرائيل، هذه الحكومة اليمينية حاربت كل شخص مهني، سواء في مجال الاقتصاد أو القضاء وغيره، ولولا الحرب لكان محافظ بنك إسرائيل اليوم غير موجود، هناك إدارة غير مهنية للاقتصاد في إسرائيل ولن تتغير نظرة الوكالات العالمية للاقتصاد الإسرائيلي طالما بقي هؤلاء الأشخاص في قيادة الدولة ووزاراتها.

التعليقات