الخبير الاقتصادي أمين فارس: الارتفاع في ضريبة الأرنونا سيضر الفئات الضعيفة وخصوصا المجتمع العربي

أكد الخبير والمستشار الاقتصادي، أمين فارس، أن للارتفاع في ضريبة المسقفات (الأرنونا) في العام المقبل 2025 بنسبة 5.29% تقريبا تأثير سلبي خاصة على الفئات الضعيفة لأنها تُجبى بدون مراعاة لمستوى الدخل والحالة الاقتصادية للمواطن إلا في حالات استثنائية.

الخبير الاقتصادي أمين فارس: الارتفاع في ضريبة الأرنونا سيضر الفئات الضعيفة وخصوصا المجتمع العربي

الناصرة، اليوم (عرب 48)

من المتوقع أن ترتفع ضريبة المسقفات (الأرنونا) في العام المقبل 2025 بنسبة 5.29% تقريبا، وذلك في إطار معدل التحديث السنوي، ونتيجة لزيادة الأسعار، وارتفاع جدول غلاء المعيشة.

ومن المتوقع أيضا أن يرتفع إجمالي مدفوعات ضريبة الأرنونا بـ1.9 مليار شيكل في العام 2025، حيث سيتعين على العائلات دفع 0.9 مليار شيكل منها، في حين سيتعين على قطاع الأعمال والصناعة في البلاد دفع مليار شيكل أخرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ضريبة الأرنونا مرتبطة ارتباطا وثيقا بحساب جدول غلاء المعيشة، وهي ضريبة قانونية تنضوي تحت إطار (أوامر السلطات المحلية) وتفرض على كل مستخدم للعقارات غير المنقولة (مباني، منازل، مصالح تجارية، أراض، وما شابه ذلك). ويتم تحديد رسوم الأرنونا حسب المساحة والاستخدام الفعلي للعقار، وذلك بموجب قرار السلطة المحلية بشأن فرض الأرنونا عامة في منطقة بلدية.

أمين فارس

حول تداعيات ارتفاع ضريبة الأرنونا على المواطنين، وعلى أصحاب المحال التجارية في البلدات العربية التي تصنف بمعظمها على أنها مصالح صغيرة ومتوسطة، أجرى "عرب 48" الحوار التالي مع الخبير والمستشار الاقتصادي، أمين فارس، من مدينة الناصرة، والمحاضر في العديد من المعاهد العليا في موضوع الاقتصاد.

"عرب 48": كيف ينعكس هذا الارتفاع الذي يتجاوز 5% على المجتمع العربي، سواء المواطن أو صاحب المصلحة، إذ أن المجتمع العربي بمعظمه يعتبر مجتمعا ضعيفا اقتصاديا ولا يشكل سوى 8% من اقتصاد البلاد؟

فارس: نعم، في الواقع هذه الزيادة تضاف إلى مجموعة الأمور التي شهدت ارتفاعا خلال العامين الأخيرين، وهو ارتفاع طال كل مجالات الحياة تقريبا دون استثناء، هذا انعكاس وإضافة لارتفاع غلاء المعيشة، فعندما يسجل جدول غلاء المعيشة ارتفاعا فإن هناك الكثير من الأمور المرتبطة به، ومن ضمن هذه الأمور ضريبة الأرنونا المرتبطة ارتباطا وثيقا بجدول غلاء المعيشة، وهي الضريبة التي تفرض على المساكن والمصالح بناء على مساحة العقار، سواء كان بيتا أو مصلحة، ولهذا الارتفاع تأثير سلبي خاصة على الفئات الضعيفة لأنها تُجبى بدون مراعاة لمستوى الدخل والحالة الاقتصادية للمواطن إلا في حالات استثنائية كأن يكون المواطن عاطلا عن العمل أو عاجزا ومصدر دخله الوحيد هو المخصصات التي يحصل عليها من مؤسسة التأمين، ففي هذه الحالة تقوم السلطة المحلية بمنحه تخفيضا بنسبة معينة.

"عرب 48": هذا الارتفاع يأتي والبلاد الآن تمر بحالة حرب طويلة وبطبيعة الحال فإن العديد من الأسر والمصالح العربية قد تضررت بشكل كبير، فمنهم من خسر مكان عمله ومنهم من أغلق مصلحته، كيف سيكون وقع هذه الإضافة الضريبية عليه؟

فارس: لا شك أن الوقع السلبي لهذا الارتفاع بضريبة الأرنونا يزداد حدة نظرا لحالة الحرب التي تشهدها البلاد منذ شهور، بالإضافة إلى حالة الركود الاقتصادي، فهناك ضرر كبير لحق بالعائلات وبالمصالح العربية وتكاد لا تجد مصلحة تجارية لم تتضرر من وقع الحرب، وعندما نقول ضريبة إضافية هذا يعني مصاريف إضافية تزيد من العبء الثقيل الملقى على كاهل العائلات وأصحاب المصالح العربية، والذي كما ذكرت سالفا لا يراعي الظروف الاقتصادية التي تعاني منها المصلحة التجارية أو العائلة على السواء.

"عرب 48": هل هناك ما يمكن فعله للتقليل من عبء هذه الضريبة كالتنازل عن جزء من مساحة المصلحة أو غير ذلك؟

فارس: لا، هذا الأمر لن يكون متاحا خلال يوم أو يومين أو بين ليلة وضحاها، إلا إذا كانت هناك عملية إغلاق كامل للمصلحة، لكن هذه خطوة متطرفة جدا وليس وسيلة للتخفيف من أعباء الضريبة، لأن ضريبة الأرنونا تُجبى حسب سجلات سنوية وعلى أساسها تفرض هذه الضريبة على البيوت وعلى المصالح.

"عرب 48": لا بد من التحذير هنا بأن التهرب من دفع هذه الضريبة قد يعرض المواطن أو صاحب المصلحة لإجراءات تنفيذية مثل رفع دعاوى قضائية ضده أو الحجز على الممتلكات المنقولة والحسابات المصرفية والرواتب والإيجار، أليس كذلك؟

فارس: واضح، ونحن نعرف أن شركات الجباية اليوم هي شركات خاصة ولا ترحم المدين ولا تنتظر وحتى أنها لا تفاوض، وعندما يعجز المواطن عن تسديد ديونه مباشرة يتم إرسال إخطارات قانونية ضده من دائرة الإجراءات، وقد يترتب على ذلك أبعادا خطيرة.

"عرب 48": على أي أساس يتم عادة تعديل ضريبة الأرنونا، سواء زيادتها أو تخفيضها؟

فارس: أولا، نسبة ضريبة الأرنونا هي مرتفعة جدا اليوم بحيث لم تشهد البلاد مثيلا لها منذ 17 عاما خلت، فمنذ سنوات بعيدة ارتفعت بنسبة 4%، ولكن بعدها تم تجميد هذا الارتفاع نظرا إلى أن جدول غلاء المعيشة لم يسجل ارتفاعا كما في السنتين الأخيرتين، وهذه الضريبة كما ذكرت مرتبطة بشكل مباشر مع ارتفاع جدول غلاء المعيشة ومع ارتفاع مؤشر الأجور العام في البلاد، فمؤشر الأجور ارتفع لأن هناك ارتفاعا في الأسعار وفي جدول غلاء المعيشة، وارتفاع هذين المؤشرين أدى بالتالي لهذا الارتفاع الحاد بضريبة الأرنونا.

"عرب 48": نتحدث عن ارتفاع بنسبة 2.68% في العام الجاري 2024 وسبق ذلك ارتفاع في ضريبة الأرنونا في السنوات الماضية بحيث أصبح الارتفاع المتراكم مع الإضافة الجديدة نحو 20%؟

فارس: نعم، صحيح نحن نتحدث الآن عن الارتفاع الذي سيطرأ في العام المقبل 2025 بنسبة حوالي 5.3% وهو مضاعف لما كان عليه حتى الآن، وبحساب تراكمي فإنه نعم يصل إلى حوالي 20% كما تقول.

"عرب 48": بالنسبة للمصالح التجارية هناك المصالح الصغيرة والمتوسطة، كما هي معظم المصالح العربية، وهناك المصالح الكبيرة، أيها سيكون أكثر تضررا من جراء ارتفاع ضريبة الأرنونا؟

فارس: كلما زادت مساحة المصلحة فإن نسبة الضريبة تزداد وهذه معادلة طرديّة، ولكن وقع هذه الضريبة يكون أصعب على المصالح الصغيرة، لأن نسبة الضريبة من مجمل أرباح المصلحة يكون أعلى، بينما المصالح الكبيرة تأخذ بعين الاعتبار هذه المصاريف وتشكل ضريبة الأرنونا جزءا صغيرا من مجمل مصاريف الشركات والمصالح الكبيرة التي تكون عادة متينة اقتصاديا، ولا تتزعزع من هذا الارتفاع، لا بل إنها قادرة على جباية هذه الزيادة الضريبية من المستهلكين عندما يكون عددهم كبيرا، على عكس المصالح الصغيرة التي ترى في كل ارتفاع ضريبي بأنه يقتطع من أرباحها المتواضعة.

"عرب 48": كيف يتم عادة تحديد مساحات العقارات والمصالح التجارية؟

فارس: في السابق كان يتم تحديدها من خلال استطلاع ميداني يجمع المعلومات عن حجم المصالح، بينما اليوم معظم السلطات المحلية تستخدم "الطيار الآلي" الذي يقوم بعملية تصوير جوي، وهي طريقة حديثة لضبط وتحديد المساحات الملزمة للجباية.

"عرب 48": أليس من مصلحة الدولة واقتصادها بأن تكون المصالح الصغيرة والمتوسطة متعافية وتضمن لها القدرة على الإنتاج، في حين تدرك وزارة المالية أن هذه الزيادة قد تضرب هذه المصالح في الصميم؟

فارس: هذه الإجراءات تضاف لسلسلة القرارات غير المنطقية التي تتخذها هذه الحكومة جزافا، بدون تبصر ولا رؤية وفي كل المجالات، سواء القرارات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فهي لا تنضبط ولا تستند لمنطق معين، بل على العكس فأنها تنافي كل منطق سليم، وهي بدل أن تضيف عوامل مساعدة، تمارس إجراءات تضعف المصالح وتضعف قدرة المواطنين، وهذا أمر غير مفهوم وغير مقبول.

التعليقات