31/10/2010 - 11:02

في نتائج الإنتخابات التشريعية الفلسطينية/ إعتراف الريماوي

في نتائج الإنتخابات التشريعية الفلسطينية/ إعتراف الريماوي
لم يكن من التوقعات المتداولة ما أظهرته نتائج الإنتخابات، فقد شكلت النتائج إجتياحا "حمساويا" غير متوقع، وبالمقابل إنهيارا للتيار المتنفذ تاريخيا في م.ت.ف والسلطة الفلسطينية لاحقا، وبالبعد الثالث أعلنت هذه النتائج مكانة غير محسوسة وغير مؤثرة لما كان يسمى قبل الإنتخابات " التيار الثالث الديمقراطي".

الإجتياح الحمساوي بما حصده من اغلبية مطلقة في المجلس التشريعي، يطرح أسئلة محلية وعربية وعالمية، وإذا اردنا تناول هذه النتائج بلسان حالنا الوطني، وبشكل موضوعي يحترم الإرادة الشعبية في هذا الإختيار، وأن لا نقف نردد أصوات من يلومون الجماهير على رأيها الجمعي، بإعتباره إحراجا للحالة الفلسطينية مع العالم وتحديدا أمريكا وأوروبا، وخاصة في مجال المساعدات المالية، فالشعب قد إختار ويعلم معنى إختياره، وعلى من كان يرى في نفسه خيارا أفضلا، فليسأل نفسه أجدى له من لوم الجماهير!

نحن كفلسطينيين نعيش مرحلة تحرر وطني متداخلة مع بناء إجتماعي، والكل فينا يجمع على تكامل البعد الديمقراطي والأدوات الكفاحية وفق مرجعية جماعية، في المرحلة المزدوجة الأبعاد، وبالتالي وبعد مرور أكثر من 15 سنة من المفاوضات وأوسلو، قد ثبت بؤس وعقم هذا الخيار، ولكن أطرافا ما محلية وإقليمية وعالمية تحاول دوما بعث الحياة في أوسلو الميت، والأكثر غرابة في كل ذلك، ما نسمعه من التهديد بقطع الدعم المالي في حال وجود حكومة تحوي فصائل تمارس "الإرهاب"، فهذا أولا مغالطة يحاول الطرف الأمريكي الإسرائيلي مضافا إليه الأوروبي فرضها، فنضالنا ومقاومتنا مشروعة، والإحتلال الإسرائيلي هو الإرهاب.

وثانيا هذا السلوك من الدول التي ما إنفكت تسمعنا أهمية الديمقراطية، تراها تفصل لنا ديمقراطية على مقاس ما، فإذا خرجت إرادة الشعب عنه أضحى غير ذلك، وهذا كافيا لكشف زيف إدعاءاتهم في الديمقراطية.

وثالثا، هل أضحى على الشعب الفلسطيني قدرا أن لا يكون هناك برنامج سياسي غير برنامج أوسلو؟! إذا كان نعم، فمن يتحمل هذه المسؤولية في تقزيم حلمنا إلى ذلك؟! وإذا كان لا، فلماذا نرى العرب والعالم يطلب ويحاول فرض ذلك على أي حكومة فلسطينية مقبلة، ويعلق خجولا على نتائج الإنتخابات الفلسطينية؟!

أيضا حملت هذه الإنتخابات تساؤلات مجتمعية وسياسية كبيرة، تتعلق بخطر "حماس" الإجتماعي من جهة وبعملية إحلال هيمنة بدلا من هيمنة الحزب الحاكم "فتح" سابقا، فيُخشى أن تقوم "حماس" بمحاولات فرض رؤياها الدينية التي تستقيها من تفسيراتها الخاصة للدين، على المجتمع، وبالتالي هناك تخوفات من محاولات الرجوع ببعض المكتسبات الإجتماعية وحق الإختلاف والتعبير للوراء، وان تسود الفتاوي وأنماط التكفير والتعصب...

لقد عبرت نتائج الإنتخابات هذه، عن عطش حاد لدى الشعب الفلسطيني في التغيير، بل للخلاص من الفساد والرؤيا السياسية المرافقة للهيمنة السابقة، وبالتالي هناك رفض للهيمنة في ثنايا ما حصل من نتائج، ولكن جاءت كرد فعل غير محسوب، وكان الدافع هو التخلص من السابق بغض النظر عن القادم، ولكن هذا يعني ان أي هيمنة سيرفضها الشعب، فهل ستفهم ذلك حماس ام ستأخذها النتائج للإغترار بالنفس وتمضي بفرض رؤيتها وبرنامجها على المجتمع؟!

الديمقراطية الفلسطينية قد تكون من نوع خاص بها، وتشكل مدخلا مهما لتعزيز معركة التحرر الوطني وبناء المجتمع في آن، وبذلك تشكل إحراجا للمجتمع الدولي في أخذ دوره الحقيقي وإحترام الإرادة الفلسطينية، كما لا يجب أن ننسى أن هذه الإنتخابات دورية، وبالتالي سيتعزز لدى المواطن عملية الإختيار بناء على البرامج والممارسات، ما يجعل الميدان مفتوحا امام من يرى نفسه ممثلا لمصالح المواطن والوطن، ولا إحتكام إلا لصندوق الإقتراع.

التعليقات