09/10/2018 - 19:11

هل للمجلس البلدي دور فاعل في مكافحة العنف؟

يتساءل البعض، ماذا بيد المجلس البلدي أن يفعل؟ وهل هذه من المهام المُلقاة على المجلس البلدي، وهل لديه الأدوات والصلاحيات للعمل على كبح جماح العنف أصلا؟

هل للمجلس البلدي دور فاعل في مكافحة العنف؟

لا شكَّ في أن قضية العنف المستفحل في مجتمعنا، تشغل كثيرين من مرشحي الانتخابات ومناصريهم، والجميع بات يضعها على سلم أولوياته، سواء كان في السلطة الحالية، أو مرشحًا في التنافس على السلطة، وأي رئيس مجلس بلدي أو مرشح لا يرى بالعنف مشكلة كبيرة، فهو مخطئ أو أنه يتعامى، ويريد أن يعكس صورة وردية غير حقيقية عن واقع مؤلم وصلنا إليه في جميع قرانا ومدننا وإن كانت النسب مُتفاوِتة هنا وهناك.

يتساءَل البعض، ماذا بيد المجلس البلدي أن يفعل؟ وهل هذه من المهام المُلقاة على المجلس البلدي، وهل لديه الأدوات والصلاحيات للعمل على كبح جماح العنف أصلا؟

كثيرون يؤكدون أن التربية في البيت هي الأساس، وإذا أحسنا تربية أبنائنا، بلا شك سوف يتلاشى العنف أو ستقلّ درجته. بينما يُحمّل كثيرون المسؤوليةَ للسلطة المركزية، أي الحكومة، موضحين أنها تفسح المجال لتجار السلاح والسموم للعمل دون رقابة كما ينبغي، بهدف تخريب مجتمعنا لأسباب سياسية.

والبعضُ يتساءَل أين لجنة المتابعة وأعضاء الكنيست العرب، والأحزاب العربية والحركات الاجتماعية والسياسية ورجال الدين وأئمة المساجد؟ أين دور المثقفين، وما الذي فعلوه لمحاربة العنف؟

الحقيقة، إن جميع العناصر التي ذكرت صحيحة، ولكل عنصر منها دوره سواء في تفشي العنف أو في محاربته.

رب الأسرة مسؤول عن أبنائه، وواجبه بث التربية الحسنة فيهم، ولكن مهما كانت التربية جيدة، فإن معظم الشبان يقضون أكثر وقتهم خارج البيت، ويلتقون بنماذج مختلفة من البشر والأصدقاء، لهذا يجب متابعتهم وتوجيههم للابتعاد عن بؤر الإنحراف، وزرع قِيَم التسامح واحترام الآخر والعطاء والترفّع عن الخلافات التافهة والصغائر، وإشعارهم بما هو صحيح، أو سيء والنصح بتركه، ولكن دون تدخلٍ فظٍّ في خصوصياتهم، خصوصًا البالغين منهم، لأن إشعارهم بأنهم تحت رقابة دائمة وصارمة قد يعود بمردود عكسي، المهم هو عدم ترك الحبل "على الغارب"، لأن أي شاب في مقتبل العمر مُعرَّض للانحراف مهما حسُنَت تربيته.

هنا يأتي دور السلطة المحلية، فهي مُطالَبة بإيحاد الأطر والبدائل والأمكنة التي تضم وتحتضن أبناء الشبيبة في أوقات فراغهم، وعليها أن توفّر لهم حاضنات للإبداع في الرياضة والفنون وتطوير الملكات المختلفة.

هذا يحتاج إلى ميزانيات وتخطيط عميق وبعيد المدى كي يكون مردودها حقيقيا، وليس ابن ساعته ولمجرد التقاط صور، تُنشَر في مواقع التواصل الاجتماعي، أو مجرد قضاء الوقت كيفما اتفق.

المهرجانات الفنية هي جزء من العمل أيضا، بعض الأطراف احتضنتها والبعض دعا لمقاطعتها، سواء كانوا مسؤولين، أو ليسوا كذلك،

من حق شبابنا أن يفرحوا في المهرجانات، ولكن أي مهرجانات نريد؟ وهل تُشكِّل هذه المهرجانات اختراقا في محاربة العنف! هل أسهمت في تهذيب النفوس؟ أم أن تأثيرها ينتهي بانتهاء عروضها الغنائية؟

باعتقادي، يجبُ استغلال هذه المهرجانات برفدها أولا بالغناء الأصيل والترفيه والفعاليات التراثية والتربوية، لكل الأجيال، كي لا تُصرَف الميزانيات هباءً على فعاليات بلا مردود تربوي عميق مهذب للنفوس.

لماذا لا تستضيف مدننا وقرانا نشاطا على غرار المسرح الآخر في عكا أو المسرحيد! الذي يقدم عروضًا مسرحية على مدار أيام؟ المطلوب إذن الارتقاء بما يُقدّم ليكون عملا تربويا وتثقيفيا كبيرًا إلى جانب الترفيه.

العنف يختلف في عمقه ودرجاته، بين لفظي إلى جسدي، ثم العنف بالسلاح الناري. هنا يأتي دور السلطة المركزية التي تتساهل في قضية السلاح غير المرخّص وفي تجارة السّموم لأهداف سياسية، علينا أن نعرف كيف نرغمها على القيام بواجبها في محاربة السلاح غير المرخص وتجارة المخدرات.

مجتمعنا واجب ومسؤولية تقع على كل فرد فينا، لذا نحتاج إلى تعاون حقيقي بين المجالس البلدية والأحزاب وممثلي العائلات والجمعيات والحركات السياسية والاجتماعية والأهالي والمدارس، بدون تهميش أحد، أو التقليل من أهميته، ووضع محاربة ظاهرة العنف على رأس جدول أعمالنا، لأنها أكبر من خلافاتنا على مقاعد البلدية، وباتت تهدد بتفتيت مجتمعنا الذي يبحث كل فرد فيه عن خلاص فردي وهذا أخطر ما في الموضوع.

 

التعليقات