11/10/2018 - 13:46

محمدوف وماكغريغور... ما الذي فاتنا؟

انتصر الروسي، حبيب نور محمدوف، على خصمه الإيرلندي، كونور ماكغريغور، خلال دورة "229 UFC" في مدينة لاس فيغاس الأميركية، ليحافظ على لقب بطل العالم للوزن الخفيف بالفنون القتالية المختلطة.

محمدوف وماكغريغور... ما الذي فاتنا؟

انتصر الروسي، حبيب نور محمدوف، على خصمه الإيرلندي، كونور ماكغريغور، خلال دورة "229 UFC" في مدينة لاس فيغاس الأميركية، ليحافظ على لقب بطل العالم للوزن الخفيف بالفنون القتالية المختلطة.

وانتهى الصراع بين الطرفين باستسلام ماكغريغور في الجولة الرابعة بعدما قام حبيب بخنقه ليجبره على الاستسلام مثلما وعد المقاتل الروسي قبل النزال.

وأقيمت مواجهات عرض يو إف سي 229 الذي أقامه اتحاد الفنون القتالية المختلطة "UFC" في قاعة "تي موبايل أرينا" في لاس فيغاس بولاية نيفادا الأميركية.

رأفت أبو عايش

ودارت معركة نارية بعد إنتهاء المواجهة بين حبيب وفريق ماكغريغور خارج الحلبة، لتتحول الصالة إلى حرب بين الفريقين.

وأشعلت أحداث المباراة ونتائجها وسائل التواصل الاجتماعي، بين محب للعبة الفنون القتالية المختلطة ومتابع لها ومحب للنتيجة التي سميت في بعض السياقات بـ"النصر للإسلام"، وفي حين أن الإعلام العالمي جرم اندفاع المقاتل حبيب نور محمدوف إلى زاوية الجمهور وهجومه على فريق ماكغريغور بعد نهاية المباراة بدعوى أن هذا التصرف لم يكن بما تقتضيه أخلاقيات المنتصر وما تعنيه الروح الرياضية.

اعتمد معجبو حبيب نور محمدوف في دفاعهم عنه على تصريحاته الصحفية التي تلت المباراة والتي أعلن فيها أن ماكغريغور "أهانه وأهان والديه وبلده ودينه" بالإضافة إلى كون ماكغريغور وفريقه قد اعتدوا على أعضاء من فريق محمدوف وقاموا بتحطيم سياراتهم في وقت سابق للعبة.

وهنا يسأل السؤال، أين تقع حدود التصرفات الرياضية في لعبة "فنون القتال المختلطة"؟

تعرف لعبة فنون القتال المختلطة "MMA"، على أنها اللعبة العالمية الأكثر عنفا في أنواع الرياضة المنتشرة والقانونية في العالم، حيث يعرف متابعو اللعبة ومشجعيها قلة القوانين التي تحد اللاعبين من التصرف داخل الحلبة، ولكن ماذا عن خارج الحلبة؟

وتعتمد الدعاية التسويقية للمباريات الرئيسية في "UFC" وهي شركة الرعاية الأكبر عالميا للعبة "MMA" على مرحلة التحضير للمباراة كأداة تسويقية، حيث تبدأ المواجهة بين اللاعبين منذ اللحظة التي يتم فيها توقيع العقد المُلزم للطرفين المقاتلين بخوض المباراة، وتقوم وسائل الإعلام الرياضية والخاصة بقناة "UFC" بملاحقة الطرفين في المباراة في معظم نقاط التقائهم ببعض البعض، في محاولة لصناعة مادة تسويقية بهدف تأجيج الجماهير وتحريك مشاعرها وجعل المسألة أكبر من مجرد مباراة قتالية، وظهر هذا الأسلوب جليا في "مبارات المليار دولار- بين بطل الملاكمة فلويد ماي ويذير ضد كونور ماكغريغور) والتي أثارت جدلا كبير حول طريقة تسويقها في الإعلام الرياضي الأميركي.

وهنا يلتقي أسلوب شركة "UFC" التسويقي بأسلوب اللاعب وبطل العالم لفئة الوزن الخفيف سابقا، كونور ماكغريغور، الابن المدلل للشركة، صاحب أقل سجل في مباريات الدفاع عن اللقب وبالرغم من ذلك لم يتم تجريده منه، وأحد أسباب انتشار اللعبة، وذلك لالتفاف ملايين المعجبين في العالم حوله وحول أسلوبه القتالي المميز وقصة نجاحه الشخصية.

وتبدأ المباراة لدى ماكغريغور منذ اللحظة الذي يضع فيها عينه على خصمه المقبل للمرة الأولى، يقوم بدراسة جميع مبارياته ويبدأ مسار الضغط النفسي الذي يبرع فيه بشدة إلى حد استخدامه كاستراتيجية.

ويقوم ماكغريغور قبل أشهر من مبارياته المهمة بإطلاق تصريحات متتالية لوسائل الإعلام ومن خلال منابر التواصل الخاصة به، ضد خصمه المقبل، والتهديد والوعيد والاستفزاز وحتى الاحتكاك بخصمه بشكل مباشر، بهدف الهيمنة النفسية على الخصم ودفعه للتصرف بدوافع غير عقلانية، حتى الوصول إلى المباراة نفسها والتي يفقد فيها الخصم ميزة الهدوء النفسي ويكون المحرك للعبة عاطفيا.

يحاول ماكغريغور التأثير في قدرة خصمه على اتخاذ القرارات وتنفيذ خطط اللعب بالشكل الصحيح. ويجدر بالذكر أن هذا الأسلوب قد أفاد ماكغريغور في العديد من المباريات المهمة، انظر "ماكغريجور ضد غوزي ألدو" و"ماكغريغور ضد تشاد منديز" وغيرهما.

هل تمادى ماكغريغور في الضغط على محمدوف ولماذا؟

اعتاد ماكغريغور التركيز في إهاناته على سجل منافسه وطريقة لعبه، وعلى شكله، وماضيه وشخصه، ويمكن القول إنه رغم صعوبة إهانات ماكغريغور لخصومه قبل مبارياته لم يتطرق إلى دين منافسه أو عائلته سابقا، ولكن بالرغم من هذا يختلف النقاد حول خطورة تصريحات ماكغريغور، في مقابل ردة فعل حبيب.

وصرح الأميركي فراس زهابي وهو بطل رياضي وناقد ومدرب للعديد من نجوم لعبة الـ"MMA" بالقول إن "ماكغريغور قد تنمر على مُتنمر وإهانة العائلة خط أحمر وتصرف غير رياضي". وفي المقابل كتب الناقد الرياضي والكاتب إيوان ماكينا أن "إهانات ماكغريغور هي باهتة أمام تهجم حبيب بعد نهاية المباراة".

وهنا يبقى الخلاف حول حجم الفعل ورد الفعل قائما. ويبقى السؤال، لماذا ذهب ماكغريغور إلى هذا الحد مع حبيب؟

يعتقد البعض أن كونور ماكغريغور، صاحب سجل 21 فوزا و4 هزائم، تعامل بعنصرية واستخفاف بقدرات خصمه حبيب نور محمدوف صاحب سجل 27 فوزا بلا هزائم، ولكن من يتابع كونور ماكغريغور يعلم اجتهاد اللاعب وتقديره الصحيح لقدرات خصومه الأمر الذي فعله مع حبيب ووجد أن خصمه يعاني هو أيضا من مشاكل كبت الغضب والتي أدت به إلى اجتياز الحدود والانفعال المفرط في العديد من مبارياته وحتى استفزاز خصومه.

ظن ماكغريغور الذي يعلم قوة حبيب جيدا أن استفزاز حبيب قبل المباراة سوف يسمح له بالهيمنة النفسية عليه وإجباره على اللعب مشوش الذهن، وبالتالي زيادة فرص فوزه، ولكن حبيب نور الملقب بالنسر، والذي هدد ماكغريغور بتغيير شكل وجهه في بداية العداوة، اتخذ أسلوب الهدوء الكامل وعدم الانجرار إلى نزال قبل الحلبة، حسب تعليمات مدربه، وبالفعل انتظر المباراة.

لم تفشل خطة ماكغريغور بالكامل فهو الذي بنى استراتيجيته الكاملة على دفع حبيب للانفجار قبل المباراة. فعل ذلك، لكنه تأخر في التوقيت فانفجر حبيب مهاجما فريق ماكغريغور بعد إجباره لخصمه على الاستسلام.

وهنا واعتمادا على ما سبق، يبدو اتهام الإيرلندي ماكغريغور (المعروف بمناصرة تجربة التحرر الوطني الإيرلندية والجيش الجمهوري الإيرلندي IRA) ، بالعنصرية غير موضوعي، ولكن يقع اللوم في الوصول إلى النتيجة المفاجئة لتطور أحداث المباراة على سياسة شركة UFC، والتي لم تجرم ماكغريغور عند اعتدائه على حافلة فريق محمدوف بحكم الفائدة التسويقية، واعتمادًا على الإستراتيجية الإعلامية التي نجحت فعلاً في جلب الجمهور المسلم على أقل تقدير، إلى حلبات الشركة عند استفزازه، وبالتالي مثل الأمر ضوءًا أخضرًا لاستمرار نهج التنمر المبالغ فيه لماكغريغور ضد حبيب المسلم داغستاني الأصل. 

ويسجل لماكغريغور عدم رفع أي دعاوى قضائية ضد فريق حبيب، كما يسجل لحبيب تقديمه اعتذارا رسميا لإدارة UFC.

التعليقات