24/10/2018 - 16:21

فضائحنا الوطنية...

الوطنية ليست شعارًا يُلقى على عواهنه، وعلينا أن نقيسه بمعايير محدّدة، فهي مثل الذهب، منها وطنية ذات 24 قيراطا، وتوجد وطنية 14 قيراطا وتوجد وطنية زائفة من التنك اللامع.

فضائحنا الوطنية...

الوطنية مفهوم فضفاض جدا... الوطنية ليست شعارًا يُلقى على عواهنه، وعلينا أن نقيسه بمعايير محدّدة، فهي مثل الذهب، منها وطنية ذات 24 قيراطا، وتوجد وطنية 14 قيراطا وتوجد وطنية زائفة من التنك اللامع.

لا يمكن فصل المشاعر الوطنية عن القضية الوطنية العامة، والقفز أو تجاهل المشاريع السلطوية المحيطة بكل بلدة من بلداتنا العربية، من شوارع وسكك حديد ومناطق نفوذ مستوطنات ومناطق حدائق قومية تحاصرنا وتحوّل تجمعاتنا ببطء إلى مخيمات، الأمر الذي يعني وصولنا إلى طريق مسدود خلال السنوات القليلة القادمة.

تعني نظافة اليد والحرص على المال العام، هناك منتخبو جمهور ليسوا لصوصًا صحيح جدا، وأيديهم الشخصية نظيفة، ولكنهم يستخدمون المال العام كما لو كان ملكهم الخاص، سواء كان تصرفهم بالميزانيات التي تدخل خزينة المجلس البلدي أو من خلال تعديلات الطرق والمناطق الخضراء والأمكنة المعدة للمباني العامة وذلك لكسب المؤيدين، بهذا المعنى فهم ليسوا حريصين على المال العام، هذا يسمى في المقاييس القانونية خيانة الأمانة، إلا أنها في معاييرنا خيانة وطنية، لأنها تسهم في تدمير مجتمع، وتخدم سلطة تريد لنا الفساد والتشرذم لأسباب لا تخفى على أحد.

من يستهتر بالأحزاب والحركات السياسية ينمّي مشاعر وروح الخلاص الفردي، الأمر الذي يعني "أنا ومن بعدي الطوفان"، هذا يقلل من قيمة العمل الجماعي المشترك، بحجة ماذا فعلت لنا الأحزاب والحركات!! بهذا يقدم خدمة كبيرة للسلطة التي تحارب أطرنا التنظيمية، ويحملّها مسؤولية نتائج السياسة العنصرية والتمييز ضد قرانا ومدننا.

هناك من ينتقد الأحزاب على تقصيرها في العمل السياسي وهذا حق، هناك من يرى في الكنيست مكانا لتجميل الديمقراطية الإسرائيلية وتسهيل ما يقوم به الاحتلال، وهذه منطلقات فكرية مفهومة شرط أن تطرح البديل التنظيمي.

مهاجمة الأحزاب لتفتيت الجماهير وتنظيماتها دون طرح البدائل التنظيمية، فهذا يعني الفوضى، وجعل مصلحة الأفراد الخاصة، بديلا عن العمل المشترك والجماعي، وهذا نوع من الخيانة الوطنية.

الوطنية تعني العمل على الشفافية ومحاربة الفساد، وعدم "الطمطمة" و"الغمغمة" في ملفات تنخر مجالسنا وبلدياتنا.

الوطنية تعني محاربة العنف بكل أشكاله، فالسكوت على أي نوع من أنواع العنف، يعني تفاقم هذه الظاهرة أكثر وأكثر كلما شعر الناس في تخلّي السلطة عن معالجتها، والأهم هو عجز المجتمع عن معاقبة المعتدين وإنصاف المظلوم وتحصيل حقه، الأمر الذي يعني تخلي السلطتين عن المواطن، السلطة الرسمية وكذلك السلطة الاجتماعية التقليدية التي كانت تنفذها جاهات الصلح.

تعني الاهتمام بالثقافة، وهذه لا تعني مجرد إقامة مهرجانات غنائية لتفريغ مؤقت لشحنات من الطاقات دون ملامسة العمق.

الوطنية تعني عدم استغلال مركز القوة في المجالس والبلديات من توظيفات وغيرها لأجل ابتزاز الأصوات أو ابتزازات من أنواع أخرى، لأن هذا يعود الناس على النفاق والخضوع لذوي النفوذ وأصحاب القرار، هذا عمل تخريبي في القيم.

تعني عدم تقديم وعودات على الوظيفة الواحدة لعدد كبير من المرشحين لأجل كسب الأصوات، لأن الموعودين سوف يصدمون بالحقيقة بعد الانتخابات التي لن تكون إلا لواحد. وهذا سوف يولد حقدًا وضغينة لدى أولئك الذين وُعدوا بها ولم يفوزوا بها، لأنهم سيشعرون بأنهم خدعوا.

الوطنية تعني رفض التعصب بكل أشكاله، سواء القبلي الأعمى أو التعصب الحزبي أو التقوقع القومي أو الديني، فالتعصب يضعفنا، ويحجب الصورة الشاملة عن أعيننا، الأمر الذي يوقعنا في أخطاء كثيرة ويُضعفنا.

الوطنية يجب أن تنسجم مع القيم الإنسانية، فكلما كانت مشاعرنا الإنسانية أعمق تجاه المحيطين بنا، وتجاه الآخرين، كانت وطنيتنا أكثر صدقا.

الوطنية تعني زرع المحبة والتسامح بين أبناء الوطن والشعب والمصير الواحد، فمن يزرع الحقد والكراهية لأي سبب كان، مثل التحريض على مرشح آخر أو السماح بالتحريض عليه، فوطنيته من النوع الضار.

الانتخابات المحلية كشفت أن وطنية الكثيرين ليست سوى شعار لا تربطه صلة بالواقع، تُظهر أننا مستعدون للتضحية بملايين الشواقل في سبيل الوصول إلى رأس السلطة المحلية، بينما لا نرى مثل هذه الحميّة وصرف الأموال الكبيرة في القضايا الاجتماعية والسياسية الأهم والأكبر.

الانتخابات المحلية أظهرت كم نحن مرضى بمتلازمة الكرسي، وتعطشنا للزعامة وتضخيم الذات، ونتجاهل حقيقة أننا بعد الانتخابات سنعود إلى حجمنا الطبيعي، وسوف نكون طائعين مذعنين لأصغر موظفة في وزارة الداخلية.

أظهرت الانتخابات المحلية استعداد البعض لشراء الذمم ودفع المال مقابل الأصوات، وأظهرت استعداد فئات واسعة لبيع أصواتها، من منطلق أن من يصل السلطة إنما يصل لفائدة مادية، وما دام الأمر كذلك، فيحق لنا كمواطنين بيع أصواتنا التي سيستفيد منها أحد المرشحين.

اقرأ/ي أيضًا | يا رب تمرق على خير...

المحلية أظهرت سطحيتنا في التعامل مع قضايا مصيرية، نسينا ما يدور حولنا من سياسات، تركنا أصل القضية وانشغلنا في الفروع.

التعليقات