21/06/2019 - 16:35

إسقاط نتنياهو بات واجبا شخصيًا...

تحريض الغوغاء لأجل الرّبح السياسي معروف عبر القرون، ولكن تبقى شعرة تفصل بين السياسة المتشددة وبين التحريض الإجرامي الدموي المنظّم للوصول إلى الهدف السياسي. 

إسقاط نتنياهو بات واجبا شخصيًا...

تحريض الغوغاء لأجل الرّبح السياسي معروف عبر القرون، ولكن تبقى شعرة تفصل بين السياسة المتشددة وبين التحريض الإجرامي الدموي المنظّم للوصول إلى الهدف السياسي. 

تحوّل التحريض لدى نتنياهو ووزرائه إلى أكثر من مجرد موقف سياسي معادٍ للعرب، لقد صار التحريض الجنائي منهاجاً في كل مناسبة، متجاوزًا كل الخطوط المعروفة حتى لدى أكثر المتطرفين سياسيًا منذ قيام دولة إسرائيل.

قبل نتنياهو كان قادة من الليكود يمنيين ومع مواصلة الاحتلال لكل فلسطين، ولكن لم نشهد التحريض الجنائي ضد العرب الذي يغرف من الحمأ المسنون لأجل ربح السياسي.   

قبل سنوات قليلة، وفي حرائق الأحراش نتيجة الحر الشديد، أعلن نتنياهو ووزيره إردان نفس الموقف التحريضي، أن العرب هم من يقفون وراء الحرائق بشكل مقصود، وتبعتهما جوقة الإعلام المجيّش إلى أن ظهرت الحقائق التي كذبت هذا الادعاء، من خلال ما التقطه كاميرات، وهو اشتعال النيران بفعل الحر الشديد بسبب قطع زجاج بين أعشاب جافة.

لم يتوان وزير الأمن الداخلي، إردان، عن الإعلان بأن المدرّس يعقوب أبو القيعان "إرهابي" حاول دهس رجال الشرطة ولهذا جرى قتله، ليتبين أن الرجل قُتل بدم بارد من قبل أفراد الشرطة التي جاءت لحماية جرافات هدم بيته، ليتحول الضحية إلى قاتل إرهابي.

إضافة إلى مواقف تحريضية كثيرة، جاء الموقف الأخير قبل أيام وهو الإعلان عن إلقاء القبض على فلسطيني من الضفة الغربية بدعوى فعل إجرامي شنيع، وهو اغتصاب طفلة يهودية عمرها سبع سنوات، وقد تلقف الخبر بيبي نتنياهو، وراح يحرض على الفلسطينيين، معتبرًا أن الحادث موجه إلى الطفلة لأنها يهودية، وأن هذا العمل عمل إرهابي ذو خلفية قومية وليس مجرد انحراف جنائي جنسي، وتبعه إردان ثم ليبرمان وراحوا يطالبون بإعدام هذا الإرهابي، ولكن سرعان ما تبين أن هناك شهادات من مستوطنين يشهدون بأن الساعة التي قيل بأن الحادث وقع فيها، كان المشتبه به الفلسطيني يعمل في بيت أحد المستوطنين، حينئذ غيّر المحققون ساعة ومكان وقوع الحادث في محاولة لتثبيت التهمة على الرجل الفلسطيني، وتبين أن هناك ثغرات قوية في هذا الادعاء، فالحديث عن رجل متزوج  وله أولاد سحب الفتاة عشرات وربما مئات الأمتار في شارع عام مكتظ عادة في ساعة إنهاء دوام الدراسة، جر الطفلة رغم مقاومتها إلى بناية كان فيها رجلان عربيان آخران ساعداه على اغتصاب الطفلة، القصة من أولها إلى آخرها مشبوهة.

الخطير في هذه القضية إذا كانت هناك جريمة كهذه بالفعل، أن المجرم الحقيقي قد يكون طليقا بسبب هذا التلفيق للفلسطيني، ثم تحويل قضية الاغتصاب الجنائية إلى قضية سياسية، بمعنى أن الانحراف الجنسي إذا نفذه عربي فهو على عمل إرهابي على خلفية سياسية وليس جنائيًاـ في محاولة منهجية للربط بين النضال العادل للشعب الفلسطيني لأجل حريته، وبين أعمال جناية منحطة قد تقع في أي مكان في العالم، بما في ذلك المجتمع اليهودي، وذلك لتشويه الإنسان الفلسطيني ونزع شرعية حقه بالحياة من خلال تهم شيطانية جهنمية.

من النادر عالميا أن يدلي رئيس حكومة برأيه في موضوع خطير وحساس كهذا بمثل هذه السرعة، إلا إذا أراد تجيير حادث جنائي فردي لكسب سياسي، وهو ما فعله بيبي نتنياهو في سقوط إلى حضيض أعمق وأعمق من الذي عرف فيه حتى الآن.

عندما نسمع هذا، لا يمكن أن تغيب عن بالنا الافتراءات المعادية للسامية والدموية ضد اليهود في أوروبا في عصور الظلام، مثل فرية أنهم يعجنون المصّة بدماء المسيحيين، بهدف التحريض الرخيص والمبتذل.

عندما تطلق فرية اغتصاب طفلة من منطلقات قومية على لسان مسؤول كبير وله شعبية واسعة فهي تتحول إلى خطر محسوس على الفلسطينيين كأفراد حيثما تواجدوا.

حتى عندما تتراجع الشرطة عن ادعائها، فما علق بأذهان الغوغاء لن يمحى، وقد وقع التخريب وتسميم العقول وبات من الصعب إصلاحه.

لا ندعي أن بدائل نتنياهو السياسية المطروحة أفضل منه، ولكننا نستطيع القول إنه بات أخطر من غيره بكثير، فهو على استعداد لشن حرب عالمية ثالثة لإنقاذ نفسه وبقائه في السلطة، لن يستسلم "ملك إسرائيل"، بيبي نتنياهو، لحقيقة أن زوجته اعترفت بجناية، وأنه قد يحاكم ويتحول من ملك إسرائيل القادر على كل شيء، إلى قاعات المحاكم التي قد يصل من خلالها إلى صفقة يعترف فيها بجناية يعيد فيها المال إلى الدولة، أو أن يسجن بتهمة خيانة الأمانة والربح غير المشروع، بيبي لن يستسلم لهذا، وهو على استعداد لأن يعمل المستحيل، وبلا شك أن العرب هم الجحش الذي من السهل الركوب عليه.

لهذا فقد بات من مصلحتنا كأفراد، إسقاط بيبي نتنياهو وضمان عدم عودته إلى السلطة، إسقاطه هو وإردان بات مسؤولية شخصية على كل واحد من العرب أولا، وعلى اليهود الذين يرون خطره وليس السياسي فقط، بل الجنائي الأخلاقي، قد تكون البدائل عنصرية، ورافضة لحل مقبول مع الشعب الفلسطيني، ولكن العنصرية في السياسة شيء، والافتراءات الدموية التي لا تترك هامشًا ولو صغيرًا من الإنسانية شيءٌ آخر، ولهذا فالقائمة المشتركة ووحدة جماهيرنا أمام هذه العنصرية الفاحشة، وفتح الطرق لأي تعاون ممكن مع القوى الديمقراطية اليهودية، باتت تخصُّ كل فرد منا بشكل شخصي.

التعليقات