02/01/2021 - 11:43

لن نفقد الأمل

كان هذا فعلًا من أسوأ الأعوام عربيًا، وزاد من سوئه اتساع رقعة الفقر وتراجع الأمن الغذائي العربي وتفشي جائحة كورونا، بحيث لا نملك لليوم معلومات حقيقية وفعلية عن مدى فاعلية الأمن الصحي للشعوب العربية، وهل ستحصل ومتى على اللقاح ضد

لن نفقد الأمل

دير جرير، الضفة الغربيّة (الأناضول)

ربما كان العام الذي ودعناه أمس الأول، أقسى الأعوام وأشدها وطأة على الأمة العربية وشعوبها من الخليج إلى المحيط، منذ النكبة الأولى وضياع فلسطين. فقد زادت الثورة المضادة والأنظمة القمعية من سطوتها على شعوبها، وتلقت ثورات الربيع العربي ضربات قاسية، بدءًا من الانقلاب على الثورة المصرية، والحرب الطاحنة في ليبيا واليمن، واستمرار مقتلة الشعب السوري في أرضه، وتهجير أكثر من 8 ملايين من أبنائه يهيمون على وجوههم في أصقاع الأرض، كما هام ويهيم اللاجئون الفلسطينيون حتى بعد 72 عامًا على نكبتهم، بلا عودة ولا وطن ولا ثورة تحمل قضيتهم. في المقابل، بادلت أنظمة القهر بقاءها على عروشها، بمقايضة البقاء في الحكم بالتخلي عن فلسطين وقضيتها، فانتقلت من خانة النزاع والصراع إلى خانة التطبيع والتحالف مع دولة الاحتلال، من دون أن يرف لها جفن وهي تردد كاذبةً أن تطبيعها و"صلحها"، و-الأصح- ارتماءها في أحضان إسرائيل، لا يغيّر من موقفها الثابت إلى جانب شعب فلسطين.

في فلسطين، أو ما تبقّى منها، أضاع المتصارعون على حكم أجزاء مبتورة، عامًا آخر لم يرتقوا فيه إلى حجم المسؤولية الوطنية لقيادة "شعب" تحت الاحتلال، واستسهلوا الاتصال والتفاوض والتنسيق الأمني مع الاحتلال أكثر من استسهالهم البحث عن مصالحة وطنية تضع مصير الشعب ووحدته وحريته قبل مصير حكمهم وبقاء فصائلهم وتنظيماتهم.

كان هذا فعلًا من أسوأ الأعوام عربيًا، وزاد من سوئه اتساع رقعة الفقر وتراجع الأمن الغذائي العربي وتفشي جائحة كورونا، بحيث لا نملك لليوم معلومات حقيقية وفعلية عن مدى فاعلية الأمن الصحي للشعوب العربية، وهل ستحصل ومتى على اللقاح ضد الوباء، وهل سيكون متاحًا للجميع أم فقط لمن يملك ثمنه.

لكن هذه النوائب كلها، على سطوتها وضرباتها الموجعة، لن تستطيع ولا يمكن لها أن تهزم أمة كاملة، حتى وإن بدا أن ما كان سيكون، وأن يد الباطل هي العليا. بل إن حالة فلسطين وسورية ولبنان واليمن على ما هي عليه، لا تزيد من شعوبها إلا إصرارًا على الأمل بمستقبل أفضل، لأنه لم يعد هناك ما تفقده شعوب هذه الدول أكثر مما فقدته، وليس أمامها ما تخسره من مواصلة النضال والانتفاض على واقعها، وهو ما لن يكون إلا بالقبض على الجمر ومواصلة زراعة الأمل بغد أفضل.

التعليقات