31/10/2010 - 11:02

بيلوسي مرت من دمشق.. فهل من جديد؟../ أحمد الحيلة*

بيلوسي مرت من دمشق.. فهل من جديد؟../ أحمد الحيلة*
قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكي (الديمقراطية) السيدة نانسي بيلوسي بجولة شرق أوسطية لافتة، وخاصة زيارتها لسوريا المتهمة من قبل البيت الأبيض بدعم "الإرهاب"، وبأنها أحد أعضاء فريق الدول العربية المتطرفة حسب التوصيف والتصنيف الأمريكي.

فما الذي يدفع السيدة بيلوسي لزيارة دمشق، وما الجديد الذي حملته في زيارتها؟

بمتابعة حيثيات الزيارة، يتضح أن بيلوسي ووفدها المرافق قد أكدوا على الموقف الأمريكي الرسمي من قضايا الشرق الأوسط ـ بطريقتهم وأسلوبهم المختلف في الشكل مع الجمهوريين الجالسين في البيت الأبيض ـ ، مطالبين القيادة السورية بوقف التسلل عبر الحدود إلى العراق، ووقف دعم حركتي حماس وحزب الله، هذا بالإضافة إلى الطلب من سوريا المساعدة في الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى الحركتين.

أي أن ملفات الخلاف بين واشنطن ودمشق ما زالت مفتوحة، وما زالت الأطراف تتمسك بمواقفها، فكل يرى المسائل من زاويته وبمفرداته السياسية، ومن عين المصلحة الوطنية الخاصة به.

الشيء الوحيد الملفت هو نقل السيدة بيلوسي رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى الرئيس الأسد يبدي فيها استعداده لبدء عملية سلام مع سوريا..

ورغم حرص الوفد الأمريكي على إظهار رسالة أولمرت "للسلام"، إلا أننا نعتقد أن رسالته لا تحمل في طياتها رغبة حقيقية للسلام، وإنما جاءت في سياق الرد الإسرائيلي العام على المبادرة العربية إثر قمة الرياض، حيث يريد الإسرائيليون تفاوضاً دون "شروط مسبقة"، أي تفاوض مفتوح دون تحديد للمبادئ والأسس الناظمة لعملية التفاوض، بمعنى تحويل الحقوق العربية المنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة، وخاصة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، واللاجئين الفلسطينيين، إلى قضايا خلافية خاضعة للبازار السياسي، والتجزئة، وإعادة التركيب حسب الرؤية والمصالح الإسرائيلية.

إضافة إلى ذلك، فإن رسالة أولمرت تأتي أيضاً في سياق أزمته السياسية الداخلية، بعد فشله في حربه على لبنان، وفشله في خطته الرامية للانفصال أحادي الجانب عن الفلسطينيين، وفقدانه للرؤية السياسية القادرة على التعامل مع أزمات الدولة، هذا ناهيك عن احتمالية تنحيه عن رئاسة الوزراء خلال الشهر أو الشهرين القادمين، أي بعد نشر نتائج تحقيق لجنة "فينوغراد" التي تنظر في أسباب فشل الحرب على لبنان، والتي من المتوقع نشرها خلال نيسان الحالي..

أي أن رجلاً بهذا المستوى من الضعف، والخيبة السياسية..، لا يمكن أن يكون قادراً على صناعة السلام.

لكن رغم ما تقدم، فإن زيارة السيدة بيلوسي لدمشق لا تخلو من فوائد عائدة على الطرفين (دمشق، والحزب الديمقراطي) على النحو التالي:

• بالنسبة لسوريا تكتسي هذه الزيارة أهمية استثنائية، فمن المعلوم أن دمشق لم تستقبل منذ سنتين مسؤولاً أمريكياً رفيعاً على هذا المستوى. أي أن هذه الزيارة ستوظفها دمشق في سياق كسر العزلة السياسية التي تحاول الإدارة الأمريكية نسجها حولها، خاصة بعد أن نجحت قمة الرياض في جسر العلاقة بين سوريا والمملكة السعودية ومصر..، وبعد أن ظهر جلياً حاجة واشنطن لدعم بعض العواصم العربية لمساعدتها في التخلص من المأزق العراقي.

• في المقابل، فإن زيارة رئيسة مجلس النواب (الديمقراطية) لسوريا، تأتي في سياق حمى التنافس بين الجمهوريين والديمقراطيين على رئاسة الولايات المتحدة عام 2008، وبالتالي فإن هذه الزيارة تؤكد معارضة الديمقراطيين لسياسة بوش الخارجية، وطريقته في إدارة أزمات الشرق الأوسط، خاصة بعد رفضه الأخذ بتوصيات تقرير بيكرـ هاملتون. فالديمقراطيين يسعون لإظهار قدراتهم في السياسة الخارجية وأن بإمكانهم الجلوس مع الأعداء كما الأصدقاء طالما أن في ذلك مصلحة أمريكية.

إضافة إلى ذلك فإن هذه الزيارة لا تخلو من محاولة أمريكية لجذب سوريا بعيداً عن إيران، وترغيبها في العلاقة مع الولايات المتحدة التي من المتوقع أن يتسلم كرسي رئاستها ديمقراطي قادم.

التعليقات