15/01/2012 - 22:03

حول إستراتيجيات المقاومة الشعبية../ جمال برهم

في ظل معطيات اللحظة الراهنة التي تعيشها القضية الوطنية، وفي ظل تسارع وتغول المشاريع والإجراءات الاحتلالية الاستيطانية العنصرية، والتي تستهدف خلق وقائع مادية عنيدة، لعل تكريسها وتعمقها سوف يقوض المشروع الوطني الفلسطيني برمته، فإن مقاومة هذه المشاريع والإجراءات تصبح مهمة عاجلة يجب أن تدرج على جدول أعمال كل المكونات الوطنية الشعبية

حول إستراتيجيات المقاومة الشعبية../ جمال برهم
لماذا المقاومة الشعبية :-
 
 في ظل معطيات اللحظة الراهنة التي تعيشها القضية الوطنية، وفي ظل تسارع وتغول المشاريع والإجراءات الاحتلالية الاستيطانية العنصرية، والتي تستهدف خلق وقائع مادية عنيدة، لعل تكريسها وتعمقها سوف يقوض المشروع الوطني الفلسطيني برمته، فإن مقاومة هذه المشاريع والإجراءات تصبح مهمة عاجلة يجب أن تدرج على جدول أعمال كل المكونات الوطنية الشعبية.
 
 والحديث هنا يدور عن المقاومة الشعبية كأحد أشكال النضال المجربة وذات جدوى، ونعتقد أن هذا الشكل الكفاحي... هو أحد الأشكال المتاحة ضمن معطيات ومحددات اللحظة الراهنة، ويكاد يشكل أحد المداخل الرئيسية لإعادة الاعتبار للحقوق الوطنية وقضية الشعب الفلسطيني باعتبارها قضية تحرر وطني، ولكسب المزيد من التأييد والتضامن الدولي وفي ذات الوقت تشديد الضغط لمحاصرة المشروع الصهيوني وتجلياته المختلفة وعزله ونزع الشرعية عن دولة الاحتلال باعتبارها التجسيد المادي لأبشع مشروع استعماري استيطاني إحلالي عنصري.
 
وفي سياق التركيز على إستراتيجيات المقاومة الشعبية نرى ضرورة تأصيل وتجذير العديد من المفاهيم حتى لا تكون هناك تشوشات أو انحرافات تضر بالضوابط والنواظم والأهداف، مما يغرق موضوعة المقاومة الشعبية في أولويات سوف تنعكس تداعياتها وارتداداتها سلبيا على إنجاز التراكمات المطلوبة لتحقيق الأهداف الآنية والبعيدة المدى على طريق دحر الاحتلال وتحقيق الاستقلال الناجز.
 
فما نحن بصدده: هو مقاومة تستهدف تفعيل وتطوير المشاركة الشعبية الواسعة في مواجهة الإجراءات الاحتلالية الاستيطانية العنصرية عبر تأطير الجهد الشعبي ودفعه للتصدي اليومي والمباشر لهذه الإجراءات من خلال الفعاليات والمناشطات الشعبية المتنوعة، وحتى تتحول هذه المشاركة إلى مقاومة جماهيرية شاملة تجعل المشروع الاحتلالي الاستيطاني العنصري خاسرا بالمعنى السياسي والاقتصادي والأمني والإعلامي.
 
 
أهداف المقاومة الشعبية
 
الهدف المرحلي للمقاومة الشعبية :-
 
منازلة الاحتلال ومشاغلته من خلال قيام أعداد بشرية متزايدة بمواجهته مباشرة وبقوة والتصدي لإجراءاته وشل حركته اليومية وإرباك برامجه وتوجهاته، حتى يشعر الاحتلال أن ثمن ممارساته وإجراءاته يفوق قدرته على تحمله.
 
الهدف الاستراتيجي :-
 
تطوير المقاومة الشعبية لتغدو مقاومة جماهيرية شاملة تتحول إلى انتفاضة مستمرة ( تتفاعل إيجابيا مع حركة التضامن الدولي) حتى جلاء الاحتلال وإنجاز الاستقلال وإلحاق الهزيمة الحاسمة بمشروعه الاستعماري الاستيطاني الاحلالي العنصري.
 
أشكال المقاومة الشعبية :-
 
1-      المسيرات والتظاهرات اليومية والأسبوعية في المناطق المستهدفة من الجدار والاستيطان
2-      الاعتصامات على الشوارع الاستيطانية وتعطيل حركة المستوطنين
3-      التخريب الشعبي بأشكاله المتنوعة الذي يستهدف الاستيطان والجدار
4-      مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات
5-      مناهضة كل أشكال التطبيع مع الاحتلال
6-      تفعيل دور المؤسسات القانونية ومؤسسات حقوق الإنسان على الصعد المحلية والدولية باتجاه فضح سياسات وممارسات الاحتلال وملاحقته حتى يتم عزله ونزع الشرعية عن دولته كدولة احتلال استيطاني عنصري.
7-      التوثيق القانوني للانتهاكات
8-      إعادة الاعتبار للعمل التطوعي وترسيخه كثقافة شعبية ونمط حياة يومي
9-      النشاط الإعلامي
 
واقع حال المقاومة الشعبية :-
 
رغم أن جميع المكونات الوطنية والشعبية والرسمية تقر بأهمية وجدوى خيار المقاومة الشعبية وتدعو لتبني هذا الخيار وتفعيله وتطويره، إلا أن المقاومة الشعبية راهنا تكاد تقتصر على بعض البؤر والنقاط الساخنة مثل نعلين وبلعين و المعصرة و بيت أمر والنبي صالح وكفر قدوم. والملاحظ في فعاليات هذه المقاومة هو ضعف المشاركة الشعبية الفلسطينية الواسعة فيها وكأنها تأخذ طابعا نخبويا يركز على دور البطل الفرد والناشط الذي يتنقل محمولا بين المواقع الساخنة كبديل لدور الشعب البطل ونموذجه الأبرز انتفاضة كانون 1987، هذا عدا عن الطابع الروتيني لهذه الفعاليات والتي يسهل على الاحتلال التعايش معها والتكيف مع استحقاقاتها،هذا من جهة، وكذلك فإن انخراط المستوى الرسمي بامتداداته المختلفة في الدعوة لتبني المقاومة الشعبية والعمل من طرفه على احتوائها وسقفها بما يخدم توجهاته الاستخدامية والاستعراضية، وعدم قدرة الاتجاهات الوطنية الديمقراطية على الإمساك الجدي بعنوان المقاومة الشعبية وطرحه كبديل واقعي لمسار التفاوض العبثي وأصحاب الدعوات الفارغة، مما يستلزم تعميق الحوار والتفاعل بين مكونات الاتجاه الوطني الديمقراطي باتجاه تفعيل دورها وتوحيده انسجاما مع رؤيتها السياسية المتمسكة بالثوابت والحقوق واستحقاقات هذه الرؤية على المستوى السياسي والكفاحي والعمل الموحد، لتشكل بذلك ضمانة حقيقية لتفعيل المقاومة الشعبية وتجذيرها وصولا للانتفاضة المستمرة على طريق دحر الاحتلال وانجاز الاستقلال.
 
المخاطر التي تتهدد المقاومة الشعبية
 
1-                خطر البطش الاحتلالي؛
2-                تدخلات الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتطاولاتها؛
3-                خطر الاحتواء من قبل المستوى الرسمي وإغراق المقاومة في أولويات تتناقض مع أولوياتها الرئيسية، وكذلك الإفساد الممنهج عبر المال والتأثير السلطوي السلبي على الناشطين؛
4-                تحولها إلى أنماط عمل روتينية وشكلية؛
5-                الفئوية والتنافس غير المبدئي بين مكوناتها المختلفة؛
6-                أنجزة المكونات الشعبية وتفريغها من محتوياتها الشعبية.
 
 
شروط المقاومة الشعبية
 
1-                المشاركة الشعبية الواسعة والتزايد المتدرج لحجم هذه المشاركة؛
2-                وضوح الشعارات السياسية الناظمة وتحديد الأولويات؛
3-                التوحد الميداني وتنسيق الفعاليات والجهود المختلفة؛
4-                تنوع المناشطات والفعاليات بما ينسجم مع ظروف الحالة الشعبية وتموضعاتها المختلفة؛
5-                تفعيل حركة التضامن الدولي وتطويرها ومنهجة فعلها وتأطيره؛
6-                تطوير مستوى العلاقات التنسيقية والميدانية على طريق بناء جبهة مقاومة شعبية موحدة لها أدوتها القيادية الموحدة.
 
العلاقة الناظمة بين مكوناتها الفاعلة
 
نظرا لاختلاف الرؤى واختلاف المرجعيات السياسية بين مكونات المقاومة الشعبية نرى أن تنضبط العلاقة بين المكونات المختلفة في إطار التنسيق الميداني بين المركزين والناشطين بأفق تطوير هذه العلاقة وصولا لتشكيل جبهة مقاومة شعبية موحدة يكون لها أداتها القيادية الموحدة.
 
آليات تفعيل وتطوير عمل الحملة الشعبية
 
1-                على مكونات الحملة الشعبية ( مؤسسات واتجاهات سياسية ) تجسيد موقف حاسم من الحملة الشعبية باعتبارها أداة فعلها الرئيسية للمقاومة الشعبية وما يتطلبه هذا الموقف من تجاوز النزعات والحسابات الفئوية الضيقة والتي باتت تشكل كابحا حقيقيا لتفعيل وتطوير دور الحملة في المقاومة الشعبية؛
2-                ضرورة إدراج مهمة تطوير وتفعيل المقاومة الشعبية على جدول أعمال كل المستويات لمكونات الحملة ( المستوى القيادي، البنى التنظيمية، الامتدادات الجماهيرية والمؤسساتية ) وما يستلزمه ذلك من استعدادات عملية ميدانية وإعلامية؛
3-                إجراء التوازن المطلوب بين جهد الحملة على صعيد العلاقات الخارجية والجهد الميداني وتفعيل دور لجانها الشعبية؛
4-                تركيز دور الحملة في مهام المقاومة الشعبية وعدم تغطيسها في أولويات تندرج ضمن أولويات غيرها من المكونات الوطنية والشعبية؛
5-                ترتيب المهام والأولويات وبما يقود لإنجازات ملموسة تعطي الدافعية والحماس للانتقال إلى مستوى أعلى من المهام؛
6-                إعادة بناء اللجان الشعبية في المحافظات والمواقع كي تكون لجان مقاومة شعبية حقيقية وتجاوز واقع حالها الراهن؛
7-                على المؤسسات الشريكة في الحملة التفاعل الجدي مع مهام وبرامج الحملة إن كان على صعيد المشاركة في لجانها الشعبية وفعاليتها المختلفة وتقديم الدعم المادي واللوجستي لها؛
8-                التأكيد على ما ورد في باب العلاقة الناظمة لمكونات المقاومة الشعبية، ولنتوجه للمكونات المختلفة بمبادرة واقعية تنطلق من واقع الحال بأفق تطويره، وبما يؤشر على ضرورة بناء وتشكيل الهياكل التنسيقية كخطوة متقدمة على طريق تشكيل الأداة القيادية الموحدة للمقاومة الشعبية.

التعليقات