29/06/2017 - 16:20

المشتركة والقطب الديمقراطي وإسقاط نتنياهو

لم أكن من المتحمسين للقائمة المشتركة لأنني لا أرى بالمشاركة او عدم المشاركة في انتخابات الكنيست قضية إستراتيجية، ولأن القائمة جاءت لمقتضيات وضرورات انتخابية فرضها رفع نسبة الحسم، ولا أعزو لتلك القائمة أي إنجازات "عظيمة" لا في المستوى الوطني ولا في المستوى المطلبي.

المشتركة والقطب الديمقراطي وإسقاط نتنياهو

لم أكن من المتحمسين للقائمة المشتركة لأنني لا أرى بالمشاركة او عدم المشاركة في انتخابات الكنيست قضية إستراتيجية، ولأن القائمة جاءت لمقتضيات وضرورات انتخابية فرضها رفع نسبة الحسم، ولا أعزو لتلك القائمة أي إنجازات "عظيمة" لا في المستوى الوطني ولا في المستوى المطلبي، بل على العكس فهي ساهمت في خفض السقف الوطني ولم تحقق أي اختراق في القضايا المطلبية والديمقراطية.

طبعا، ذلك لا يقلل من أهمية الإنجاز الانتخابي الذي حققته هذه القائمة، والمتمثل بتجاوز عقبة نسبة الحسم التي أريد لها المس بتمثيل "العرب" في الكنيست، إمعانا في تهميشهم ونزع الشرعية عن دورهم ومشاركتهم في الحياة السياسية، وهو إنجاز يحاول "أصحاب القائمة طمسه على حساب الشعارات "الوطنية" الكبيرة و"الإستراتيجية" كي لا يتهمون بأن وحدتهم هي وحدة كراسي.

وبقدر تواضع الإنجاز المتمثل بـ"المشتركة"، التي كشف تشكيلها زيف الأوهام المتعلقة بالقوة الانتخابية "الضاربة" للعرب في إسرائيل، الذين "لو توحدوا" لقلبوا الموازين و"صنعوا المعجزات"، يتأكد محدودية الدور الذي يمكن للعرب في إسرائيل أن يلعبوه على هامش السياسة الإسرائيلية، وهو ما ارتأيت أن أسلط الضوء عليه، في ضوء ما يجري الحديث عنه من تشكيل "معسكر ديمقراطي"، يتحدث عنه البعض لإسقاط حكومة نتنياهو.

ويجدر بنا التذكير بأن العرب في إسرائيل ما زالوا يلازمون مكانهم وموقعهم في الخارطة السياسية الإسرائيلية، فهم وأحزابهم من دعم حكومة حزب العمل بزعامة رابين عبر الجسم المانع ومكنوا حكومته من توقيع اتفاق أوسلو، وهم من صوتوا لبيرس بنسبة 90%، رغم اقترافه مجزرة قانا، وهم من أنجح براك عام 1999، وهم من كانوا على استعداد وفي إطار "القائمة المشتركة" أن يشكلوا جسما مانعا يعيق تشكيل حكومة اليمين بقيادة نتنياهو لو لم يكن حزب العمل وما يسمى بالمعسكر الصهيوني أضعف من أن يحدث مثل هذا التحول.

العرب، والحال كذلك، هم العسكر الباقي من المعسكر، أو ما كان يعرف بـ"معسكر السلام"، جاهزون دائما وما زالوا للوقوف مع كل من يناهض الحرب والاحتلال والفاشية، ولا يجوز أن نحملهم (نحمل أنفسنا) مسؤولية انزياح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين وخيانة "معسكر السلام"، لاسمه قبل أن يتحول إلى "المعسكر الصهيوني"، بل أن هذا الانقلاب في المجتمع الإسرائيلي يجب أن يفرض قواعد لعبة جديدة، تقتضي التحول إلى الداخل وبناء وتصليب الذات الوطنية وتعزيز آليات العمل الجماهيري للصمود والاستمرار في معركة البقاء.

وفي التمييز بين القائمة الانتخابية وبين "القطب الديمقراطي"، بمعنى المعسكر القادر على اسقاط حكومة نتنياهو، يفترض أن تقع "ميرتس" في التصنيف الأول، بمعنى أن أي تقرب منها أو تقارب معها يفهم أو يجب أن يفهم على أنه مساع لتشكيل تحالف انتخابي أو مفاضلة تحالف انتخابي جديد على آخر قائم، لأن "ميرتس" ليست مؤهلة ولا قادرة على تشكيل قطب ديمقراطي يمكن بواسطته إسقاط حكومة نتنياهو، فيما يفترض أن يتشكل قطب كهذا مع حزب العمل، بل يفترض أن يكون بقيادة حزب العمل وإلا أخطأ هدف إسقاط نتنياهو.

هذه المقاربة إضافة الى كون التقارب مع "ميرتس" لا يمر عبر القائمة المشتركة ومن خلالها، بل يتم بشكل فئوي وفردي يثير الكثير من الشكوك بأن هذا التحالف سيكون على حساب التحالف في إطار المشتركة، وليس تحالف أوسع يفترض ان تكون المشتركة أحد مكوناته، وعلى فرض أننا نعاني من سوء الظن المزمن، فإن مكونات هذا المعسكر، إذا ما قام، تريد العرب على كافة تلاوينهم داعمين من الخارج، لئلا يمنع وجودهم الحصول على أصوات الوسط اليهودي، ثم ماذا لو اختار هذا المعسكر إيهود براك لقيادته بصفته الأقدر على الإطاحة بنتنياهو، ماذا سيكون موقفنا؟

 

التعليقات