03/06/2020 - 14:57

ليس بالموهبة وحدها نصل - دعم الأهل هو الأساس (عن أيمن صفية)

معنى أن تكون راقصا أن تصقل شخصيتك، الفن يلزمه ثقافة نحن نعلم الطلاب عن تاريخ الفن والأناطوميا  وتاريخ الموسيقى، تغير الوضع اليوم وأصبح لنا كراقصين مكانة اجتماعية

ليس بالموهبة وحدها نصل - دعم الأهل هو الأساس (عن أيمن صفية)

في حديث متكرر للراقص العالمي أيمن صفية الذي وارى التراب مؤخرا، وقد توفي غرقا في جيل 29 عاما، تحدث في عدة مقابلات مسجلة معه عن شغفه بالرقص منذ نعومة أظفاره، مارس هوايته في غرفته بعيدا عن العالم مدة 5 سنوات، حتى قرر أن يخرج من "الصندوق" يواجه أهله بموهبته ويتخذ طريقه نحو هذه الموهبة، لاقى تشجيعا من أهله وبشكل خاص من والدته التي دعمت ودعمت ودعمت لهذه الموهبة، مثلما لوحت للعالم في ساعة وداعه ودفنه، قاوموا المجتمع، وهو أيضا، ليصقل هذه الموهبة التي لم تكن مفهومة ضمنا لتقبل الآخرين، فالفن وبشكل عام في مجتمعنا لا يأخذ مكانة مرموقة، كان ولا زال، يقف في سلم الهوايات والمواهب التي تضيع في مجملها، والرقص أيضا هو تحدٍ أصعب وأعقد كونه يقع في مرتبة أقل حتى من باقي الفنون، لكي يثبت الراقص/ة نفسه/ا لموهبته/ا يجب أن ي/تتفوق وبقوة لكي يقنع أو تقنع المجتمع بشرعية الاحتراف.

الفنانة رابعة مرقس راقصة مخضرمة هي كانت من أوائل الراقصات التي قررت احتراف الرقص واتخذت الرقص طريقها لأنها آمنت بموهبتها وشغفها تفوقت في حياتها العلمية والمهنية من أجل الرقص، كانت معلمة أيمن، رافقته طويلا في مسيرته الفنية، في البداية لم تلق الدعم الكافي من الأهل ولكن إصرارها وقوة إرادتها جعلتها تؤمن بالطريق وبنفسها وتتفوق.

حدثتنا رابعة مرقص والألم يعتصر قلبها على فقدان أيمن صفية، حزنها عميق مثل الآخرين الذين عرفوا أيمن وآمنوا بموهبته، فهو من الشباب الذكور، فلنقل النادرين، الذين احترفوا مهنة الرقص وأبدعوا به، حزننا معك رابعة ومع كل محبيه، قالت: 

الفنانة رابعة مرقس معلمة رقص
باليه كلاسيكي ورقص معاصر
ومحاضرة في المجال

- "بدأ بالرقص كهواية، وهو طفل، عرفته وبدأت بتعليمه في جيل 12 سنة، فقد كان يحب الدبكة والرقص ولم تُكبت هوايته وموهبته، بالنسبة للرقص والانطلاق، فعادة في سني الطفل الأولى نبدأ بتعليم الأولاد الدورات والرقص والموسيقى والفرح والانطلاق وعندما يكبر نجدهم يغلقون هذه القنوات ويحاصرونها، فيبدو أن أيمن كان شغفا بالرقص منذ الصغر ولاقى عائلة داعمة وهذا هو الفرق أعتقد.

- خلال المدرسة كان فعالا في البرامج الفنية، ولاقى دعما في المدرسة أيضا، فكان يبحث دائما عن أناس يدعمون موهبته.

- لقد انتمى لمجموعة الرقص التابعة للشبيبة الشيوعية في كفرياسيف التي أشرفت على تدريبها لرقصات تعبيرية مختلفة، وظهرنا في عدة مهرجانات، كان أيمن متميزا، شعرت بالبداية بتميزه، كان يجمع بين الجسد الملائم للباليه، جسد لين وقوي، والإحساس العالي بالموسيقى، وتحويلها لحركة، كان مبدعا، حيث كنت أثناء العروض أترك له مساحة للارتجال والإبداع، وقد برز منذ البداية في هذا الارتجال، وليس فقط إنما كان يعبئ الفراغات التي كانت تحصل في العروض حيث تميز بحس فني عالي. 

- "رماز" هي فرقة رقص أسستها وكان راقصا فيها، عام 2007 انضم للفرقة، والمجتمع العربي لا يعرف ما معنى رقص باليه، أحب الباليه الكلاسيكي من ذلك الحين وطور نفسه في المجال، وبعد أن سافرتُ لباريس للعمل والتعلم، أرسلته لمدرسة "جاعتون" وهناك التقى مع أهم إنسانة دعمته كانت المرحومة "يهوديت  آرمون"  مدربته ومدربتي أيضا، نجح في امتحانات البجروت، وآمَنَت بموهبته.

- رافقته  شخصيا من عام 2003-2015 انطلقنا في عروض كثيرة، رافقته لامتحان القبول في لندن لمدرسة "رامبريت للباليه والرقص المعاصر" حيث قبل للتعليم ، ومن هناك بتجربة مختلفة للرقص "الباليه الكلاسيكي"،  كان يحب توثيق حضوره وعنده الإدراك الكامل لوسامته وقوته وتميزه بثقة عالية بالنفس، أيمن كان ظاهرة فريدة في توعها، حيث جمع بين المهنية العالية وروح القيادة وحسها، فكان في المجموعة قائدا ومحركا، مرحا، لديه ذكاء اجتماعي فطري وعالي، أحبه زملاؤه بدون تنافس وبقبول تام.

- أيمن عانى كثيرا في المجتمع كانوا يتحدثون عنه في المجتمع ولقبوه  بالبجعة أو" لي إليوت الفلسطيني-العربي" (نسبة لفيلم باليه شهير، كان ايمن يحبه)، 

كنت أشعر بنجاحه منذ البداية، ما كان يهمه تحقيق ذاته ورغبته الداخلية وطموحاته للتميز بالرقص، والأهل وثقوا بي منذ البداية لكي أساعده على إيجاد الطريق، يمكن لأني كنت قدوة أمامهم لتنمية هذه الموهبة، أعطيته كل الدعم لكي يشتهر، فمعلمتنا يهوديت كانت تعلم أن الإعلام ممكن أن يرفع شخصا ويشهره،  فوضَعَت وزنا كبيرا لموهبة أيمن، وأيضا لكونه الشاب الذكر الوحيد  الذي انطلق للرقص، ليس في مجتمعنا العربي فقط بل المجتمع اليهودي والأجنبي أيضا، ففي المدرسة كان ما يقارب ال- 250 طالبا كان اثنين فقط ذكور من تعلموا الرقص، وهي حالة نادرة وأيمن هو من استمر بممارسة الرقص.

- في مجموعات الرقص، نعلمهم الإيمان بهذه الرسالة الفنية والروحية المهمة، والمعلم له الدور الأكبر في صقل الموهبة وإعطاء الأدوات الصحيحة العالمية،أيمن كان هدفه أمامه والتزم بهذا الهدف وأعطاه حياته كلها. أنا شخصيا لم أحصل على الدعم الكافي من الأهل والجميع مثل أيمن، ولكن الإرادة الداخلية تغلبت على كل شيء.

- كان كمعلم للرقص داعما لطلابه وطالباته، تجربته في لندن حررته من كل القيود الاجتماعية، ولما عاد إلى البلاد عاد "راقصا للباليه الكلاسيكي" لم يهزه كلام الناس بتاتا. حين أنهى صف ال- 12 لم يكن ليرى نفسه في البلاد, كان يتضايق في المجتمع,  ما كان يضايقه بأن الناس لا تميز بين المهني والغير مهني ونحن نتحدث عن الرقص، وأن الرقص يقع في درجة منخفضه من ناحية الاستيعاب لهذا الفن، ولكن في الحقيقة نحن نحقق ونعمل شيئا مميزا، وفنا نحبه، هي ثورة وتغيير اجتماعي. 

أمه لعبت دورا جميلا في حياته   

من إحدى التمارين للفنان أيمن صفية
مع مدربته رابعة مرقس

- عندما تركته كان جاهزا لكي ينطلق لم يكن بحاجة لي بعد....

 معنى أن تكون راقصا:

* وجود الموهبة

* رعاية الموهبة

* دعم الأهل 

- يعني أن تصقل شخصيتك، الفن يلزمه ثقافة، فنحن نعلم طلابنا عن تاريخ الفن والأناطوميا  وتاريخ الموسيقى، تغير الوضع اليوم وأصبح لنا كراقصين مكانة اجتماعية، موت أيمن للأسف أعطى مكانه واحترام للرقص، وتغيير مفهوم الرقص قليلا، حتى أقرب الناس له، أعطى رسالة بحق الرقص والفن. للأسف الناس بدأت تقدر ما عمله، نحن نرى قيمة المميزين بعد فقدانهم، وهنا جاء الوقت ربما لنشجع الشباب الذكور لبدء الخوض في المجال لمن يرى في نفسه الطاقة والمقدرة والموهبة كأي فن آخر نشجعه ونعمل على تطويره،

رسالة للجيل القادم

أن يحققوا ذواتهم وعدم  الإصغاء للناس، أن يعملوا ما يحبونه وأهم شيء دعم الأهل...

الفنانة سما واكيم : (نعقيبا على ما ورد)

نحدثنا لسما ولا يزال موت أيمن غير قابل للاستيعاب بعد، صديقة حميمة له وللعائلة.

شابة طموحة راقصة محنرفة تعلمت الرقص كفن واتخذته كمهنة بالإضافة لفن المسرح، برزت بأعمالها وأدائها وموهبتها، رافقت أيمن لسنوات طويلة في أعمال فنية راقصة عدة،  وعروض داخل البلاد وخارجها، تحدثت عن موهبته الفذة وطاقته التي كرسها كلها بدون تجزئة للرقص ولا غير، حدثتنا عن دعم عائلته له وعلاقته المميزة بوالدته التي أحبها واحترمها إلى أبعد الحدود، دعمته كثيرا، ميزت العائلة علاقات حميمة، فأمه تقبلت كل موهبته واختلافه بهويته الجنسية شجعته ودعمته وأثرت على مجرى حياته كلها.

سما واكيم مع أيمن صفية في
عرض بعنوان "باوند"  لفرقة "يا سمر"

- وعن دعم الأهل لسما شخصيا في مسيرة احتراف الرقص قالت، أن أهلها دعموها كثيرا بالرغم من نظرة المجتمع المتدنية والرافضة لهذا الفن، إلا أنها استطاعت الثبات على موقفها بالإرادة القوية ودعم الأهل، نجحت في امتحانات البجروت في مجال الرقص وانطلقت للعمل، بعد إنهاء دراستها الأكاديمية للمسرح الذي أحبته أيضا.   

سما واكيم مع أيمن صفية 
في عرض "بعرض الحائط"
لفرقة "يا سمر"

     أجرت اللقاء: سوسن غطاس - موقع والدية برعاية عرب 48

التعليقات