كورونا: "معركة" على العمال الفلسطينيين

وانطلق العمال للعمل في البلاد، وهم يودعون عائلاتهم وأحباءهم بين دموع الفراق ونظرات الوجل والخوف من البقاء في إسرائيل التي تفشي فيها الوباء بشكل ملحوظ، وهنا تحديدا يبدأُ فصل جديد في علاقة العمال بإسرائيل

كورونا:

عمّال فلسطينيون عائدون إلى الضفة قبل أيام (وفا)

في ما يلي الجزءُ الأوّل من سلسلةِ تقاريرٍ للمخرجة، سهى عرّاف، خاصّة بـ"عرب 48" الذي سيُسلّط من خلالها، الضوء، على العمّال الفلسطينيين في إسرائيل، والصعوبات التي يواجهونها، وفقَ تسلسلٍ زمنيّ لن يتركَ ما سبق، ولن يتوانى في تغطية ما سيأتي، ولا سيّما في ظلّ التحديات الجسيمة التي واجهها العمّال -ولا يزالون- إثر تفشّي وباء كورونا المستجد.


قضيةُ العمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل ليست بجديدة، إذ إنّها قائمة منذ عام 1967 بعد احتلال الضفة الغربية، لكنها تفاقمت وأخذت منحى آخر بعد عام 1993 مع توقيع معاهدة أوسلو، فمع توقيع الاتفاقية أصبح دخول العمال إلى البلاد مرتبطًا بالحصول على تصريح خاصّ أطلق عليه العمال "البطاقة الممغنطة"، و"المحظوظ" بين العمال، هو من وافقت إسرائيل بعد فحص أمني مشدد له ولعائلته ولماضيه أن تعطيه هذه البطاقة.

ومن شروط الحصول على البطاقة ألّا يكون العامل قد تعرَّض للأَسْر في قضية أمنيةٍ نُسبت إليه، وألا يكون أحد أفراد عائلته قد قضى فترة في الأسْر كذلك، وبالطّبع ألا يكون العامل منتميًا لأيِّ فصيل سياسي فلسطينيّ، ما يعني أن الشروط هي شروط "أمنية" بحتة.

بعد قرابة 3 أعوام من احتلال الضفة، أي في عام 1970، وافقت إسرائيل على دخول عمال الضفة وغزة للعمل في إسرائيل دون تصاريح خاصّة بذلك، بعد أن فرضوا لمدة 3 أعوام طوقًا أمنيًا كبيرًا على المناطق المحتلة ولم يخرج أحد من الضفة وغزة إلى أراضي الداخل سوى قلّة نادرة من الأشخاص.

واستمرّ تدفُق العمال للعمل في إسرائيل حتى عام 1993 ومع فرض طوقٍ أمنيٍ من نوع جديد؛ سمحت إسرائيل بدخول العمال وفق الشروط السابقة ذاتها، كما سمحت بدخول ما أُطلِق عليها "حالات إنسانية"، والتي قد تشمل أشخاصًا بحاجة للعلاج، وسُمِح كذلك بدخول تجار ورجال أعمال لكن بتصاريح خاصة، لذا، وبسبب كلّ الشروط التي وضعها الاحتلال، كان عدد الأشخاص الذين دخلوا إلى البلاد، محدودًا جدا.

هكذا يعبر الفلسطينيون حواجز الاحتلال، وبضمنهم العمّال (أرشيفية)

وبقي هذا الحال حتى عام 2000، إبّان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حيث تم تقليص عدد العمال، لكن حاجةَ إسرائيل لأيدٍ عاملةٍ رخيصة ساهمت في زيادة عددهم في عام 2002، إلا أن السّماح بدخول العمال كان مقتصرًا على مهن حُدّدت مسبقا، كالبناء، فحتى عام 2015 شكّل العمال الفلسطينيون ما نسبته 18% من العاملين في قطاع البناء، فيما شكّلوا ما نسبته 30% في نفس القطاع، بعد شهر واحد من بِدء تفشّي وباء كورونا في البلاد.

وبحسب التقارير والمعطيات الإسرائيلية، فحتى نهاية عام 2017، عمل في إسرائيل 128 ألفَ عامل، والذين تمّ ترتيب تصاريح عملهم من خلال ما يُسمى "متاك" وهي كلمة مُختصرة للارتباط المدني.

ووفقًا لتقرير جمعية "عنوان للعامل" وهي جمعية حقوقية تُعنى بحقوق العمال الأجانب وعمال الضفة، فإن عدد العمال الفلسطينيين الذين حصلوا على تصريح عمل في إسرائيل، عامَ 2013، كان 32 ألفًا، بينما وصل هذا العدد في عام 2018، إلى 65 ألف عاملٍ. وشُكِّلت لجنة خاصة تحدد عدد العمال المطلوبين لكل مهنة، وهي بدورها التي تقوم بالمصادقة على التصاريح لأرباب العمل.

اقتصارُ عملِ الفلسطينيين على المجالات الخطرة

واقتصرت حاجة إسرائيل لعمال الضفة على مجالات محددة؛ كالبناء، والمخابز، ومصانع الإسمنت (الباطون)، والألمنيوم، والكراجات، وشركات التنظيف، والزراعة، والمطاعم، والفنادق، والمسالخ والملاحم، لذا فإن عملَ الفلسطينيّ في إسرائيل، يقتصر على المجالات الخطرة، والمجالات التي تتطلب الكثير من الجهد الجسدي، ترفضُ أكثرية العمال في إسرائيل، ولا سيّما اليهود، بذلَهُ، إذ إن قلةً منهم فقط على استعدادٍ للعمل في مثل هذه المهن.

ووفقا للمعطيات الإسرائيلية فإن نسبَ عمال الضفة كانت تتوزّع بواقع 63.6%، والذين يعملون في قطاع البناء، و13% من العاملين في المصانع والمقالع (المحاجر)، و11,1% من العاملين في الفنادق والمطاعم، و8,9% من العاملين في مجال الزراعة.

وأوضح التقرير أن نسبة العمال الأجانب والفلسطينيين الذين لاقوا حتفهم خلال عملهم، كانت أعلى بكثير من نسبة العمال الإسرائيليين، فحتى عام 2015، لقي 13 عاملا فلسطينيا حتفهم خلال عملهم في ورشات البناء، وفي عام 2016، ووفقا لمعطيات "الائتلاف لمكافحة إصابات العمل"، بلغ عدد العمال الفلسطينيين الذين لاقوا مصارعهم 21 عاملًا.

وبحسب تقرير مراقب الدولة ما بين عامَي 1970 و1994؛ فقد تراكم في خزينة وزارة المالية الإسرائيلية، مبالغ مالية طائلة تصل إلى 10 مليار دولار، وهي مستحقات العمال الفلسطينيين في إسرائيل، وهي نتيجة اقتطاع التأمين الوطني، لإجازات مرضية، ولتعويضات تقاعد. وبين عامَي 2009 و2013، تراكمت مستحقاتهم ووصلت إلى 867 مليون شيكل، وهي المستحقات التي لم تُدفع للعمال الفلسطينيين!

وإذا ما عُدنا إلى اتفاقية أوسلو، نرى أنها شملت اتّفاقا يخصّ العمّال، إذ تمّ الاتفاق على أنه يتوجّب على من يعمل في إسرائيل، دَفعُ مستحقات للتأمين الوطني، وعليه فإن العامل المؤمَّن من حقه أن يتلقى مخصصاتٍ من التأمين الوطني في حال تعرّضه لإصابة عمل، أو في حال أعلنت الشركة أو المقاول، عن إفلاسهما، كما تم الاتفاق بين الطرفين أن إسرائيل ستخصم مبلغ 93 شيكل من راتب العامل شهريا، كي تُخصّصه لصالح التأمين الصحيّ، وهذه المستحقات وفقا للاتفاقية تحوّلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية.

وبحسب تقرير مراقب الدولة بين عامَي 2006 و2013، فإن المبالغ التي جُنيَت من العمال والتي وصلت إلى 660 مليون شيكل، لم يتم تحويلها إلى السلطة الفلسطينية، كما لم يتم تحويل مبلغ 216 مليون شيكل تخصّ التأمين الصحيّ.

"هستدروت" واستغلال العمال الفلسطينيين؛ رسوم اشتراكٍ إجبارية دون حقٍّ بالانتساب!

استغلال العمال لم يتوقف عند هذا الحد، إذ إن نقابة العمال في إسرائيل والتي تُسمى "هستدروت"، تفرض على العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل رسوم اشتراك، بمبلغ تشكّل نسبته 0,8% من راتبهم الشهري، علما بأنهم لا يستطيعون أن يكونوا أعضاء في النقابة التي لا يحقّ لمن هو غير إسرائيلي، ولا يحمل الجنسية الإسرائيلية، أن يكون عضوا فيها!

وقال رئيس اتحاد نقابة العمال المستقلة في الضفة وغزة، محمود زيادة، في حديثٍ مع "عرب 48"، إن "العمال الإسرائيليين يختارون أن يكونوا أعضاء في ’الهستدروت’ أم لا، فالقرار يعود إليهم، أما العامل الفلسطيني، يُجبَر على دفع رسوم عضوية دون أن يكون له حق الانتساب أصلا إلى ’الهستدروت’".

وأضاف زيادة: "سخريةُ أقدارٍ؛ كيف يستغلون عمالنا بادّعاء أن ’الهستدروت’ في إسرائيل ستناضل

رئيس اتحاد نقابة العمال المستقلة، زيادة

من أجل حقوقهم بينما لا تأبه هي نفسها بمصير عمالنا، ولا بحقوقهم، إذ إنها لا تفعل أي شيء, وكل هم ’الهستدروت’ أن تدخل إلى نقابتها أموالا طائلة كل شهر على حساب دم العمال وشقائهم اليومي، فكل شهر تُدخل إلى جيبها ما يقارب مليون شيكل (من العمال الفلسطينيين)".

بدوره، قال المحاميّ الحيفاويّ المتخصص في تصاريح العمال، عنان حمام، في حديثٍ مع "عرب 48"، إن "’الهستدروت’ تقتطع كل شهر من العمال الفلسطينيين مبلغ 0,8%من راتبهم الكليّ، قبل الضرائب، أي إن المبلغ الكبير، يُقتطع من العامل وفقا لأجره الشهري على الرغم من أن عمال الضفة تتم حساب أجورهم بشكل يومي".

وأضاف حمام أنّ "معدل أجور عمال الضفة في إسرائيل 250 شيكل، وهو المبلغ الذي يتلقونه، بينما الأجر الأصليّ قبل الضرائب يقف عند نحو 350 شيكل، ويتم حساب راتبه الشهري وفقا لأيام العمل التي عمل فيها خلال الشهر، فأحيانا هناك إغلاقات تحولُ دون وصول العمال إلى أماكن عملهم".

وتابع: "’الهستدروت’ تقتطع منهم (العمال الفلسطينيين) هذه المبالغ دون أن تُقدم لهم أي خدمة، لذا فالهستدروت حبر على ورق بالنسبة لعمال الضفة، إذ إنهم يدفعون لها وهي في المقابل، لا تقوم بعمل أي شيء للحفاظ على مصالحهم".

عمّال فلسطينيون عائدون إلى الضفة قبل أيام (أ ف ب)

الشريحة الأكثر انتفاعًا من شقاء العمال

ولا يقتصر استغلال العمال على "هستدروت" ومؤسسات الدولة المختلفة كمؤسسة التأمين الوطني والصحيّ، ومصلحة الضرائب، والمالية، إذ إنّ هناك جهة أخرى تنتفع من شقاء العمال الذين يعانون الأمريّن من أجل لقمة العيش، وهم المهربون الإسرائيليون والفلسطينيون، وهذه الشريحة هي الأكثر انتفاعا من شقاء العمال، وهم بأمسّ الحاجة لهم.

وأوضح زيادة أن "ثُلث العمال الذين يحملون تصاريح عمل في إسرائيل، قد قاموا بشراء هذه التصاريح"، موضحا أن "2450 من العمال يدفعون مبلغ 2500 شيكل شهريا للمقاول أو السمسار الذي وفّر لهم التصريح، وهو ما يعادل عمليا أكثر من ثلث راتب العامل".

وأكمل زيادة: "يذهب العمّال إلى هؤلاء السماسرة لكي يتمكنوا من العمل في إسرائيل. نتحدث عن 2500 شيكل شهريا وليس لمرة واحدة مقابل التصريح، وهناك أرباب عمل يطلبون تصاريح مثلا لـ50 عاملا وهم بحاجة فقط إلى عشرة عمال، ليقوموا بدورهم ببيع التصاريح للعمال مقابل ثلث راتبهم".

وذكر زيادة أن "هذه المبالغ الطائلة يتقاسمها السماسرة الفلسطينيون الذين يُحضرون العمال إلى إسرائيل، بالإضافة إلى المقاولين الإسرائيليين"، مستدركا: "نحن شركاء ليس فقط في التنسيق الأمني بل في استغلال العمال".

أنواعٌ من التصاريح؛ بعضها يتمّ بيعه في السوق السوداء

بدوره، أوضح المحامي حمام أن "هناك أنواعًا من التصاريح؛ التصريح الأقوى والأفضل هو تصريح ’الأصفار’ وهذا النوع من التصاريح من الصعب الحصول عليه فهو يُعطى بشكل خاص لرجالات السلطة والأشخاص المهمين والمقربين من الإدارة المدنية".

وذكر حمام أن "العامل المحظوظ من يستطيع شراء مثل هذا التصريح الذي يسهّل عليه التنقل

المحامي، عنان حمام

في إسرائيل ولا يحدد له منطقة معينة، لكن ثمنه غالٍ جدا فهناك عرض وطلب مثل المزاد، ويباع هذا التصريح كذلك في الأسواق السوداء".

وتابع: "هناك تصاريح يبيعها أرباب العمل للعمال بعد أن حصلوا عليها عقبَ طلب قدموه بأسماء العمال، فيقومون ببيع العمال التصاريح ويقتطعون من راتبهم ثلث المبلغ ثمنا للتصاريح التي صدرت بأسماء العمّال بالأصل".

وأضاف: "إنهم (بعض أرباب العمل) يقومون بتزوير وتخفيض عدد الأيام الشهري للعامل لكي يوفروا من الضرائب التي يدفعونها شهريا للدولة، فيُصرّحون عن عدد أيامٍ منخفضٍ نسبيا، والعامل المسكين الذي لا حول له ولا قوة لا يقوى على فتح فمه خوفا من أن يتمّ فصله من عمله، وبهذه الطريقة، يوفّر صاحب العمل مبالغ طائلة كل شهر، ومن يدفع الثمن هو العامل الفلسطيني الذي يتلقى قسيمة الراتب".

وأشار حمام إلى أن "المبلغ الذي يُقتَطَع لتقاعُد العامل الفلسطيني ضئيل جدا بالمقارنة مع عدد الأيام الفعلية التي عملها خلال الشهر"، مبينًا أن "هناك نوعًا آخر من التصاريح يتم شراؤها من السماسرة، ووفقها يعمل العمال في أعمال غير ثابتة، وفي مناطق مختلفة، (وفي ما يخصّ هذا النوع من التصاريح) لا يعرف العامل من باعه التصريح وإذا حدث معه مكروه أو إصابة عمل لا يعرفُ من يقاضي".

كانت هذه نبذةً وخلفيةً عن وضع عمال الضفة المحتلةّ في إسرائيل قبل جائحة كورونا، والتي ظهرت في الضفة في الخامس من آذار/ مارس الماضي، عقِب اكتشاف إصابات في بيت لحم التي كان لها حكاية بشأن التعامُل مع الوباء، نتيجة اختلاطهم بوَفدٍ يوناني مصاب، وتم إغلاق المدينة حينها، وحصر الحالات المصابة في فندق مغلق لكي لا تنتشر العدوى، ولم تُعلن حينذاك عن حالات في إسرائيل، لكن سرعان ما بدأت التقارير الطبية الإسرائيلية بتأكيد انتشارٍ سريعٍ للوباء في البلاد، ليتفاقم الوضع بعدها، إذ سُجّلَت 143 وفاة و12591 إصابة بالفيروس، حتى مساء، اليوم الخميس.

عمّال فلسطينيون (توضيحية -أ ب)

لم تعالج إسرائيل العمّال... بل ألقت بهم على الحواجز

وفي 18 آذار/ مارس الماضي، قام وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، المعروف بتوجهاته اليمينيّة المتطرفة؛ بالسماح بدخول العمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل وفق شروط غريبة تُملَى لأول مرة منذ احتلال الضفة الغربية، إذ صرّح بينيت أنه سيسمح "للعمال القانونيين" الذين يحملون التصاريح، بالعمل في إسرائيل والإقامة والمبيت داخلها لفترة طوية دون أن يعودوا إلى الضفة الغربية خلال إقامتهم، لذا فسُمح لعمال البناء بالإقامة في إسرائيل لمدة شهرين متتالييْن، ولعمال الزراعة، لمدة شهر كامل. وتم التنسيق مع السلطة الفلسطينية التي طالبت بدورها من إسرائيل أن تُوفّر السكن اللائق للعمال، والرعاية الطبية اللازمة أثناء إقامتهم.

واستثنى القرار الجديد، عمالَ بيت لحم، وبيت ساحور، وبيت جالا، ومخيمات العزة؛ عايدة، والدهيشة، ليبلغ عدد العمال الذين استثناهُم القرار 8500 عامل، مُنعوا جميعهم من العمل في إسرائيل بحجة أنهم من مناطق موبوءة بكورونا.

وانطلق العمال للعمل في البلاد، وهم يودعون عائلاتهم وأحباءَهم بين دموع الفراق ونظرات الوجل والخوف من البقاء في إسرائيل التي تفشي فيها الوباء بشكل ملحوظ، وهنا تحديدا يبدأُ فصل جديد في علاقة العمال بإسرائيل، وفصل نوعيٌّ آخر في علاقة عمال الضفة بالشارع الفلسطيني الذي سرعان ما قام ضد العمال وطالبهم بالعودة إلى الضفة بشكل فوري، إذ اتهمهم البعض بالجشع الماليّ وحتى بالعمالة، وأنهم سبب في تفشي الوباء في الضفة الغربية.

وأخذ الضغط على العمال بالازدياد، ولا سيّما عندما ألقت إسرائيل ببعضهم على الحواجز الفلسطينية لشكٍّ في أنهم قد أُصيبوا بفيروس، وازدادت العلاقة بين العمال والشارع الفلسطيني سوءًا وشكلت نقطة مفصلية مع وفاة أول مصابة فلسطينية، من قرية بدو قضاء القدس، والتي انتقلت لها العدوى عن طريق ابنها الذي عمل في مصنعٍ في "عطروت"، وتم اكتشاف 50 إصابة في المصنع.

"كورونا فرضت واقعًا جديدًا"

وفي ظلّ ضغط الشارع، عرفت السلطة الفلسطينية أن إمكانيتها المتواضعة لن تستطيع مجابهة الوباء، لذا لم يكن منها إلا أن تحاول التصدي للوباء من خلال الإجراءات الوقائية والأمنية، وفرض إغلاق مناطق موبوءة، وتحديد حركة الناس في الشوارع، وإغلاق أغلب المصالح والمحال التجارية، بالإضافة إلى تعليق الدراسة في المدارس والجامعات.

وقال زيادة: "كورونا فرضت واقعًا جديدًا. واقعٌ لم نتوقعه بتاتا، قلبَ المعادلة رأسا على عقب، فكان هناك قرار للسلطة بمنع العمال من العمل داخل المستوطنات في الضفة، وهذا القرار اتخذته السلطة منذ سنوات طويلة لكنها لم تُطبّقه، لكن قبل أسبوعين قامت السلطة بمنع العمال من العمل في المستوطنات، وبخاصّة بعد إصابة عامل من أرطاس بالعدوى نتيجة عمله في محطة وقود في مستوطنة ’غوش عصيون’ ونقل العامل العدوى إلى أبناء عائلته".

العمال الفلسطينيين غداة تعقيم ملابسهم من الفيروس (أ ب)

وتعالت أصوات الشارع الغاضب على العمال، ما أدى إلى عودة قسم كبير منهم إلى الضفة الغربية، علما بأن أرباب العمل، وإسرائيل قاما بابتزاز العمال وهددا بإلغاء تصريح كل عامل لا يصل للعمل في البلاد، في ظلّ أزمة كورونا.

واتّضح من الموجز الصحافيّ بشأن الفيروس، والذي يقدمه الناطق بلسان الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، أن أغلب الإصابات كانت لعمّال، أو لأشخاص قد خالطوهم، كأفراد في عائلاتهم، ما زاد حنقَ الشارع على العمال، حتى أن البعض قد طالب الأجهزة الأمنية، وحتى المحاكم بمحاسبة العمّال!

وكان ملحم قد ختمَ الموجزَ حول الفيروس قبل أيام قليلة، بجملة قال فيها إن "العمال رمز العطاء وليس الوباء" لكي يخفف من سخط الشارع اتجاههُم.

اقرأ/ي أيضًا | الجنود المجهولون

التعليقات