16/01/2023 - 16:27

التنكيل بالأطفال جريمة يعاقب عليها القانون

التنكيل كلمة صعبة جدا وتفتقد لكل معنىً إنساني في اللغة والمفهوم العام، فالتنكيل معناها الحرفي التعذيب والعقاب بشدة. ضرب، ركل، هز بعنف، مسك الأذن كعقاب، سحبه بالشعر، صفع على الوجه، عض، قرص بالوجه أو سائر أعضاء الجسم، تكبيل الجسد التام

التنكيل بالأطفال جريمة يعاقب عليها القانون

لا يكاد يمر أسبوع من غير أن نسمع عن قصة جديدة وحالة بشعة فيما يتعلق بقضية التنكيل بالأطفال، الأطفال ونعني بها كل أجيال الطفولة المختلفة والتي تبدأ بالحضانات، أطفال لغاية 3 سنوات.
التنكيل كلمة صعبة جدا وتفتقد لكل معنىً إنساني في اللغة والمفهوم العام، فالتنكيل معناها الحرفي التعذيب والعقاب بشدة، وهو بشكل عام تقصير في رعاية الطفل من قبل الأهل أحيانا أو أي شخص غريب آخر ، من الأقارب أو الروضات والحضانات وغير ذلك.
من الضروري أن نقف طويلا عند هذا النوع من الممارسات التنكيلية التعسفية، حين يقبل على اقترافها الشخص المُنَّكِل/ة، خاصة تنكيل الأطفال حين يكون لا حول لهم ولا قوة، والتنكيل يكاد يصل لكل المجتمعات والتركيبات الاجتماعية المختلفة والاقتصادية والثقافية والدينية بدون فرق.


المقصود بالتنكيل وطرق التنكيل والتعذيب والإهمال مثل:

ضرب، ركل، هز بعنف، مسك الأذن كعقاب، سحبه بالشعر، صفع على الوجه، عض، قرص بالوجه أو سائر أعضاء الجسم، تكبيل الجسد التام ومنعه من التحرك، حرق الجسد بالسجائر أو النار، وضع الفلفل الحار الحرَّاق في فم الطفل كعقاب، جر الطفل على الأرض بعنف، دفعه ودفشه بقوة وعصبية، ضربه بأداة حادة أو بالحزام، حبسه في غرفة مظلمة، حبسه في الحمام وتقفيل الباب بالمفتاح أو أي مكان آخر، ربطه في الحبال وتكبيله بإحكام، تجويعه، عدم المحافظة على نظافته البدنيةوتجويعه. 

التنكيل والتأثير من ناحية نفسية مثل:
إهانته والصراخ عليه بصوت مرتفع وتهديده.
تخويفه بالأشباح والشياطين وما شابه، ودب الرعب فيه.

التنكيل الجنسي:

اغتصاب، مداعبة الأعضاء الجنسية، ملاطفة بشكل جنسي ولواط وغيرها.

جميع ذلك يترك أثرا سلبيا بالغا لدى الأطفال جسديا وصحيا ونفسيا، ويترك أثرا يحتاج لعلاج وتدخل مهني سريع،  فالأضرار للأطفال ممكن أن تكون آنية تحتاج لعلاج أو طويلة الأمد، وإخفاء ذلك أو محاولة التستر عليها لأي سبب كان يعد جريمة أخرى لا يمكن الصمت عنها، يجب التبليغ للهيئات العليا، كأقسام الشؤون الاجتماعية أو الشرطة أو الأطباء الاختصاصين وخبراء النفس.

بفضل الشاشات والتسجيلات:
يكثر في هذه الفترة الانكشاف، وبفضل الكاميرات، لحالات العنف والتنكيل من قبل الحاضنات ومعلمات رياض الأطفال للأطفال الموجودون تحت رعايتهن، وهذا بحد ذاته من أقسى المشاهد المروعة التي نراها عبر الشاشات والتي تعكس الحالات الصعبة، نقف في ذهول ورفض العقل البشري الإنساني تجاه ضحايا الأطفال في تلك المؤسسات التربوية المغلقة، ولا يمكن تصور كمية البشاعة الممارسة ضد الأطفال الأبرياء، إلا كونها فشة خلق وقسوة المربيات المريضات نفسيا، وأسمح لنفسي أن أجزم حالتهن المرضية وعُقدهن النفسية التي يمارسنها بحق الأطفال، بغض النظر عن السبب الذي أدى لكونهن في تلك الحالة، ولكن من المؤكد أنهن غير صالحات للعمل مع الأطفال، هذا الأمر أصبح واقع يعاش، ونسمع عنه ونراه بشكل مستمر، ربما هو ليس جديدا ولكن الانكشاف بسبب التسجيلات أصبح متاحا، هذا عدا حالات العنف التي يمارسها الأهل أنفسهم على أطفالهم بطرق تقشعر لها الأبدان.
وهنا تأتي مرحلة وجع الأهل ما بعد عاصفة الاكتشاف، ومحاولة لملمة جراحهم وجراح الأطفال، مشاعر سلبية، مشاعر الألم والندم وجلد الذات والحيرة والرغبة بالانتقام للحدث، والبحث عن علاجات نفسية للأطفال وعن الآثار السلبية لكل عمليات التنكيل التي وقع بها الأطفال فريسة العنف بكل أشكاله.

للأهل جميعا: 
هدية الوالدية، هكذا من المفروض رؤيتها واعتبارها، هي هبة من السماء ومسؤولية للأهل من المهد إلى اللحد، يختارها البالغين من الجنسين بخيارهم الشخصي والحر، لا يكفي أن ننجب أطفالا للحياة، المهمة الأهم والتحدي الأكبر هو في كيفية المحافظة عليهم وحمايتهم ورعايتهم السليمة إلى أن يصلوا إلى جيل ومرحلة كافية من الاستقلالية التي تؤهلهم للعيش بأمان وإدراك كافٍ لمعاني الحياة وطرق إدارة أمورهم فيها.

السؤال المطروح دائما بخصوص ترك الأطفال في الحضانات أو عند أناس آخرين :

- في أي جيل يجب أن نترك الأطفال، ما البديل للحضانات والحاضنات لكي نركن أن الأطفال في أمن وأمان؟

 - ما الدلائل التي يجب أن نميزها ونأخذها بعين الاعتبار، كي ندرك ونشعر بأن سلوك الطفل متغير وأنه في ضائقة، وعدم الصمت عن ذلك؟

 - هل يجب زرع كاميرات مراقبة لكل تحركات الطفل في الحضانة، وتحركات المربيات؟ من المسؤول في النهاية عن ردع تلك الحالات، هل الأهل يجب أن يقوموا بفعل المخبر السري كي يضمنوا أمان أطفالهم وسلامتهم من التعدي عليهم؟
- قد وصلنا لوضع يجب أن نصرخ بأعلى الصوت "بكفي" تماما مثل ندائنا لمنع العنف ضد النساء.
يكفي تنكيل بالأطفال، فالأطفال هم الحلقة الأضعف وكونهم لا يتقنون اللغة والكلام والشكوى بعد، هذا يصعب الموضوع.
ولكن بالمقابل هنالك حاضنات هن بالفعل بديلات للأهل يعطين بمهنية تربوية وأمانة في العمل بلا شك في تعاملهن مع الأطفال.

نقاش مفتوح حول مكوث الأهل مع الأطفال والجيل المناسب للروضات:

فيما يقع الأهل في حيرة من أمرهم حول الحاجة للعمل، للأسباب الاقتصادية الصعبة، وبين تركهم للأطفال في الحضانات والروضات في جيل مبكرة جدا، فمنهم من يحتاج لترك الطفل في جيل أشهر قليلة، ومنهم من يستمر في رعاية الأطفال لجيل سنتين حتى يدخل الطفل برغبة للحضانة ونضوج أكثر.

هنالك جدال واسع بين النظريات التربوية والنفسية المختلفة، منها من يؤيد ترك الطفل في جيل مبكرة فينضج بشكل أفضل ويعطيه مساحة لتعلم الاستقلالية وقوة الشخصية والاعتماد على الذات. من ناحية أخرى فهنالك ادعاء أن الأهل يجب ألا يتركوا الطفل إلا في جيل سنتين فهذا يعطيه الشعور بالأمان والهدوء العاطفي والنضوج مدة كافية تؤهله للخروج للعالم بشكل واثق.

بين هذا وذاك مسافة يكون الأطفال فيها في سنوات حرجة من عمرهم فيها بناء لشخصياتهم، وهنا تقع المسؤولية على الأهل في الفحص واتخاذ القرار المناسب، بالاستشارة المهنية والمراقبة والأخذ بعين الاعتبار لكل حاجات الطفل أولا.     

إشارات يجب على الأهل الانتباه لها لدى الأطفال:

- حين يستطيع الأطفال الكلام ولكنهم يخافون من التكلم، بسبب تهديد ربما أو بسبب عدم فهمهم للأمور، ممكن خوفهم من العقاب المضاعف لأنهم يشعرون بالذنب وأنهن مذنبون.

- اذا كانت علامات كدمات على الجسد أو الوجه أو علامات عض وكل مظهر آخر من العلامات الغير عادية يجب مراعاتها والاهتمام بها.

- الانطواء والعزلة. 

- الصراخ بشكل غير عادي. 

- الاختباء خلف الأثاث وعدم الشعور بالانتماء.

- رفضهم للدخول لمكان معين عند المعتدي بشكل عام.

في هذه الحالات يجب على الأهل إعطاء الأطفال الشعور بالأمان وتحفيزهم على الكلام والتعبير عن أنفسهم واستدراجهم بالحديث عما حدث معهم وعدم الخوف، وطمأنتهم بأن الأهل قادرون على الحماية.

على الأهل مواجهة الموضوع ورفعها للهيئات العامة من أجل حماية باقي الأطفال والتبليغ عن أي سوء أو شك بوجود  العنف والتنكيل وعدم الصمت عن ذلك. 

بقلم: سوسن غطاس، "موجهة مجموعات أهل - محررة في موقع والدية برعاية موقع عرب 48"

سوسن غطاس

 

  

 

التعليقات