05/02/2020 - 13:52

لا تكن غريبا بينهم!!

لا تُفاجأ من طلاب يتعلمون التركية أو الصينية أو المكسيكية أو يتحدثون فيما بينهم بالإسبانية، فهم يتعلمون من غير معلم بواسطة "اليوتيوب" ومتابعة المسلسلات

لا تكن غريبا بينهم!!

الأخلاق والقيم، هي انعكاسٌ لواقعٍ ماديٍ ملموس، وليست نباتات بريئة من التربة التي أنبتتها، فضرورات الحياة في الصحراء مثلا، أنشأت ثقافة حُسْن الضيافة والكَرَم التي اشتُهر بها العربُ.        

في العصر الحديث، تتواصل الأجيال الجديدة مع عوالمَ أكثر تنوّعًا من عالم الأمس، سواءً من خلال التواصل عبر الشبكات أم في العالم الواقعي، فالكثير من الشّبان والشابات يسافرون طلبًا للعلم أو العمل أو السياحةِ، بعيدًا عن بلداتهم وعن ذويهم في داخل البلاد وخارجِها هذا الانكشافُ والسّفرُ يعني اكتسابهم لقيم جديدة، تشمل كل مجالات الحياة، من عادات في الطعام والشراب وألوان الفنون واللباس والعلاقة بين الجنسين ومختلف روافد الحياة الأخرى.

لهذا يجب أخذ هذا التأثيرات والتفاعلات والمتغيرات  على أبناء الجيل الصاعد بعين الاعتبار، والتعامل معهم بتفهّم وحذر، وبمعايير معاصرة ومختلفة.     

-لا تُفاجأ من طلاب ابتدائية يستمتعون بسماع فرقة موسيقية كورية أو مكسيكية ويرقصون على أنغامها.

-لا تُفاجأ من طلاب يتعلمون التركية أو الصينية أو المكسيكية أو يتحدثون فيما بينهم بالإسبانية، فهم يتعلمون من غير معلم بواسطة "اليوتيوب" ومتابعة المسلسلات، كذلك فهم يمارسون رياضاتٍ وفنونًا لم يسمع الأهل بها من قبل، لأنها فنون وعلوم مستحدثة، إضافة للألعاب ألإلكترونيه عبر الشاشات.

- قد يفاجأ الوالد بسذاجة أبنائه في فهم السياسة أو استيعاب ظواهر اجتماعية معيّنة، وقد يفاجأ بموقف أو رأي بعيد جدًا عن رأيه وفكره الذي تبلور على مدار عقود وبعد تجارب غنية، ربما سمعوه أو اكتسبوه من أصدقاء، أو من مكان دراسة أو عمل أو وسيلة إعلام.

وجب التنويه:

- يجب التعامل بحذر مع ما نرى ونسمع، وأن لا نتسرع في الحكم هل هذا مفيد أم لا، وأن نعرف دافع الأبناء في التوجه إلى هذا المجال أو ذاك، ممكن الاستعانة باستشارة من مختصين.        

- قد يرى ولي الأمر، قيمًا وفضائل بأنها ضرورية لأبنائه، ولكنها قد لا تعني لهم شيئًا، هذا يحتاج إلى صبر وحوار وإقناع بأهمية هذه القيمة أو تلك، مرة تلو أخرى وبدون توتّر أو غضب (تكرار)، مثل زيارة الأقرباء وصلة الرحم وحق الجار والواجبات الاجتماعية حتى يعتادوا عليها، أو الوصول إلى موقفٍ وسطيٍ مقبول. 

- في هذه الحالة يشرح الوالد وجهة نظره باحترام دون استعلاء، ودون إشعارهم بأنهم أغبياء، بل عليه أن يتعامل مع الأمر كخلاف شرعي وطبيعي في وجهات النظر والرؤية، ومن ثم فتح المجال للحوار والإقناع، لأنهم إذا شعروا بنبرة استعلاء وعدم احترام، سوف يستنكفون عن التجاوب ولن يهتموا بما تقدمه لهم.    

- لا تفرض ذوقك الفني عليهم، مثل إسماعهم ما تحب من موسيقى ومطربين، حتى وإن كنت تظن أن ما تسمعه هو الأفضل، عليك أن تعرف بأن ذوقك الفنّي غير متطابق مع أذواقهم، وأن أبناءك ليسوا نسخة عنك، وعليك أن تصغي إلى ما يسمعونه، حتى وإن كان  بعيدًا جدًا عن ذوقك، وحاول أن تعرف ما الذي جذبهم فيه، فربما أنه يحوي ما أنت غافل عنه،

- لهذا إياك وإطلاق عبارات تسخيف "وتتفيه" وانتقاص من قدرتهم على التمييز بين الغث والسمين، بين الجميل والقبيح، وفي الوقت ذاته بإمكانك أن تتحدث عن الفنون التي تحبها ولماذا، وما تحب من موسيقى، وأن تدعوهم لسماعها عندما يجدون الوقت إلى ذلك، دون المسّ بأذواقهم وخياراتهم.

- يحبُّ الشبّان أن يكونوا مع بعضهم بعضًا في خلوة، بعيدًا عن مسامع وأعين الأهل، كي يتحدثوا بحرية في شؤونهم الخاصة، ورغم ذلك، قد يدعونك إلى مشاركتهم في لُمّتِهم، خصوصًا إذا ما كانوا ضيوفًا عند ابنك/ابنتك، وذلك ذوقًا منهم، ولكن هذا لا يعني أن تجلس معهم، لتصبح أو تصبحي سيّد(ة) الجلسة، تصول وتجول بمعلوماتك وقدراتك، مستغلا احترامهم لك، فأنت لست من جيلهم، وبلا شك أن تجربتك في الحياة أوسع بكثير، وربما ما تحبُّ مناقشته لا يهمهم على الأقل في هذه الساعة، ولكن إذا سألوك عن رأيك في موضوع محدّد، حينئذ ممكن أن تجِب بمختصر مفيد، وليس أن تعمل محاضرًا، بحيث يصبح مجلسهم مملا، ويتمنون لو أنهم لم يسألوك السؤال من أصله.

- ابتعد عنهم ودعهم يحظون في خصوصية تتيح لهم حرية التعبير عن أنفسهم والفرح مع بعضهم البعض.

- إذا كانوا في غرفة مغلقة، لا تفتح الباب عليهم كل بضع دقائق كي تحييهم وتُظهر لهم أنك طيب وكريم، لأنهم سيفهمون إطلالاتك الكثيرة على أنها مراقبةٌ لهم وتنصّت فتحرجهم، دعهم يشعرون بأن لك عالمك.

سهيل كيوان كاتب فلسطيني

 

التعليقات