إعلان بوتين التعبئة الجزئيّة: تضاعُف "مغادرة روسيا" وردود فعل دوليّة وألف معتَقَل

توقيف أكثر من ألف شخص في روسيا في تظاهرات منددة بالتعبئة التي أعلنها الرئيس بوتين، فيما توالت ردود الفعل الدولية؛ كما تضاعف عدد مغادري روسيا.

إعلان بوتين التعبئة الجزئيّة: تضاعُف 

عناصر الأمن الروسيّ تعتقل متظاهرة ضدّ التعبئة (Getty Images)

اعتُقل أكثر من ألف شخص على الأقل، الأربعاء، في روسيا، خلال تظاهرات في أنحاء البلاد، احتجاجا على إعلان الرئيس فلاديمير بوتين، عن تعبئة جزئية للمدنيين للقتال في أوكرانيا، بحسب ما أعلنت منظمة غير حكومية، فيما توالت ردود الفعل الدولية الاحتجاجية ضدّ إعلان موسكو.

وأحصت منظمة "أو في دي - إنفو" توقيف 1054 شخص في تظاهرات في 38 مدينة روسية عقب الخطاب الذي وجهه بوتين صباحا إلى الأمة. وهي أكبر احتجاجات منذ تلك التي أعقبت الإعلان عن تدخل عسكري لموسكو في أوكرانيا، في شباط/ فبراير.

"نظام دان نفسه"

وأفادت وكالة "فرانس برس" بأن عناصر من الشرطة مزودين بمعدات مكافحة الشغب، قد أوقفوا 50 شخصا على الأقل في شارع تسوق رئيسي، في وسط العاصمة الروسية.

وفي سان بطرسبرغ، أحاط عناصر من الشرطة مجموعة صغيرة من المتظاهرين، وشرعوا باعتقالهم الواحد تلو الآخر. وكان المتظاهرون يهتفون: "لا للتعبئة"، وفق الوكالة.

(Getty Images)

ونقلت "فرانس برس" عن المتظاهر فاسيلي فيدوروف، وهو طالب كان يضع شعار السلام على صدره، القول: "الجميع خائفون، أنا أؤيد السلام ولا أريد أن أُرغم على إطلاق النار. لكن الخروج إلى الشارع الآن ينطوي على خطر كبير".

وقال متظاهر آخر يدعى أليكسي (60 عاما): "جئت للمشاركة في التظاهرة، لكن يبدو أنهم اعتقلوا الجميع. هذا النظام دان نفسه ويدمر شبابه".

وصرخ متظاهر آخر بوجه شرطي: "لماذا تخدمون بوتين، الرجل المتربع على السلطة منذ 20 عاما".

وقالت طالبة: "جئت لأقول بأنني ضد الحرب والتعبئة"، مضيفة "لماذا يقررون مستقبلي عني؟ أنا خائفة على نفسي وعلى شقيقي".

(Getty Images)

أما ألينا سكفوتسوفا (20 عاما) فقالت إنها تأمل أن يدرك الروس أخيرا طبيعة هجوم الكرملين في أوكرانيا المجاورة.

وأضافت: "عندما يفهمون ذلك حقيقة، سيخرجون إلى الشارع رغم الخوف".

واتهم الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، روسيا، بانتهاك النظام العالمي "بوقاحة"، بسبب حربها على أوكرانيا، فيما وعد بمساعدات غذائية بمليارات الدولارات، ودعم توسيع مقاعد مجلس الأمن الدولي، لتشمل دولا نامية.

الرحلات الجوية المغادرة من روسيا أصبحت محجوزة بشكل شبه كامل

وأظهرت بيانات شركات الطيران ووكالات السفر المنشورة، الأربعاء، أن الرحلات الجوية المغادرة من روسيا أصبحت محجوزة بشكل شبه كامل هذا الأسبوع، وذلك بعدما أعلن بوتين، تعبئة جزئية لاحتياطي الجيش الروسي للقتال في أوكرانيا.

والأربعاء، قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إن روسيا ستعمد إلى تعبئة نحو 300 ألف من احتياطيي القوات المسلّحة، بعدما حذّر الرئيس الروسي في خطاب متلفز من أن روسيا ستستخدم كل الوسائل العسكرية الممكنة في أوكرانيا.

ونفدت تذاكر السفر عبر رحلات مباشرة إلى مدن في دول مجاورة، على غرار أرمينيا وجورجيا وأذربيجان وكازاخستان ليوم الأربعاء، وفق موقع "أفياسيلز" الإلكتروني الرائج في روسيا.

(Getty Images)

في الأثناء، أعلنت خطوط الطيران التركية على موقعها الإلكتروني، أن الرحلات المتّجهة إلى إسطنبول التي أصبحت محطة رئيسية للمسافرين من روسيا وإليها، أصبحت محجوزة بالكامل حتى السبت.

والرحلة المقبلة المتاحة لشركة "إير صربيا" إلى بلغراد، مقرّرة في 26 أيلول/ سبتمبر.

وأظهرت بيانات "جوجل" أن البحث في روسيا عن "تذاكر" و"طائرة"، ازداد بأكثر من الضعفين، الأربعاء، بعد الساعة 06,00 بتوقيت غرينيتش، أي بعدما بدأ بث كلمة بوتين.

كما أظهرت بيانات "جوجل ترند" أن مصطلح "مغادرة روسيا"، كان أكثر رواجا بمئة مرة في الصباح مقارنة بالأوقات العادية.

والرحلات المباشرة بين روسيا والاتحاد الأوروبي محظورة، منذ أن أعلن بوتين إطلاق ما يصفها الكرملين بأنها "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.

وأثار اندلاع المعارك مخاوف لدى روس من إمكان فرض القانون العرفي، وقد غادر عشرات الآلاف منهم إلى بلدان مجاورة لروسيا.

استمرار ردود الفعل الدوليّة

هذا، وأثار إعلان بوتين، التعبئة العسكرية الجزئية في صفوف جيش بلاده ردود فعل عدد من قادة العالم.

ومعلقا على ذلك، قال روبرت هابيك نائب المستشار الألماني، إن التعبئة الجزئية الروسية "تصعيد جديد" للصراع في أوكرانيا، وفق صحيفة الغارديان البريطانية.

ووصف هابيك التعبئة الروسية بأنها "خطوة سيئة وخاطئة"، مشيرا إلى أن ألمانيا "تدرس حاليا كيفية الرد" على هذه التطورات.

من جانبه، قال رئيس الوزراء التشيكي، بيتر فيالا، إن التعبئة التي أعلنها بوتين "محاولة لتأجيج الحرب الروسية في أوكرانيا، ودليل على أن روسيا هي المعتدي الوحيد".

(Getty Images)

وأضاف في تغريدة: "مساعدة أوكرانيا ضرورية، وما زلنا بحاجة إلى الاستمرار في ذلك بما يخدم مصالحنا".

من ناحيتها، قالت سفيرة واشنطن لدى كييف، بريدجيت برينك، إن روسيا "أظهرت الضعف بإعلانها التعبئة الجزئية والاستفتاء في المناطق الأوكرانية التي تسيطر عليها".

وأضافت برينك في تغريدة: "الاستفتاء والتعبئة علامة على ضعف روسيا وفشلها"، مؤكدةً أن "الولايات المتحدة لن تعترف بضم روسيا أجزاء من الأراضي الأوكرانية".

بدوره، قال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إن "عدم وفاء الرئيس بوتين بوعده عدم التعبئة والضم غير الشرعي لأجزاء من أوكرانيا دليل على فشل غزوه".

وأضاف الوزير في بيان: "يرسل بوتين ووزير دفاعه (سيرغي شويغو) آلاف المواطنين إلى حتفهم"، وفق الغارديان.

وتابع: "لا الدعاية ولا التهديدات يمكن أن تخفيا حقيقة أن أوكرانيا تكسب الحرب"، وأردف: "المجتمع الدولي متحد، وروسيا أصبحت منبوذة".

وفي السياق، اتهم بوتين الغرب بالضلوع في "ابتزاز نووي"، مشيرا إلى تصريحات كبار ممثلي دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" حول "إمكانية استخدام أسلحة الدمار الشامل النووية ضد روسيا".

بدوره، قال الرئيس الكرواتي زوران ميلانوفيتش، معلقا على قرار التعبئة، إن الحرب المتواصلة في أوكرانيا "ستشهد أكثر مراحلها حساسية".

أما وزير خارجية لاتفيا، أدكارس رنكافيجس، فقد طالب بتقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا.

وأضاف أن روسيا باتت تشكل "تهديدا على السلام الأوروبي والعالمي، بحجم تهديد ألمانيا النازية خلال القرن الماضي".

من جهته، وصف رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، قرار بوتين بأنه "مؤشر على الهلع"، وشدد على مواصلة دعم أوكرانيا ضد روسيا.

وأيضا قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، إن "الكرملين أعلن التعبئة في اليوم العالمي للسلام، بينما تعمل الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحقيق التعاون والأمن والازدهار".

وأضاف في تغريدة: "في الحرب الأوكرانية، روسيا هي المعتدي الوحيد، وأوكرانيا هي المعتدى عليه"، وشدد أن دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا "سيبقى ثابتا".

ونقلت صحيفة "ذي غارديان" تصريحات لمتحدث الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، بيتر ستانو، قال فيها إن بوتين "يخوض رهانا خطيرا باستخدامه الأسلحة النووية كجزء من ترسانته الإرهابية".

وأضاف: "يجب علينا إيقاف سلوكه المتهور"، وأكد أن الاستفتاء المزمع إجراؤه في مناطق لوغانسك ودونيستك وخيرسون وزاباروجيا للانضمام إلى روسيا "لن يتم الاعتراف به".

وتأتي تصريحات بوتين بعد يوم من إعلان عدة مناطق تسيطر عليها موسكو شرق وجنوب أوكرانيا، إجراء استفتاء للانضمام إلى الاتحاد الروسي.

زيلينسكي يقول إنه لا يعتقد أن روسيا ستستخدم السلاح النووي

بدوره، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة مع محطة "بيلد" التلفزيونية الألمانية، الأربعاء، إنه لا يعتقد أن الرئيس الروسي، سيستخدم هذا السلاح في الحرب في أوكرانيا، بعد أن لوح به.

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي (Getty Images)

وقال الرئيس الأوكراني بحسب مقتطفات من هذه المقابلة: "لا أعتقد أن هذه الأسلحة ستستخدم. لا أعتقد أن العالم سيسمح له باستخدام هذه الأسلحة".

وأضاف زلينسكي: "غدًا قد يقول بوتين: نريد جزءًا من بولندا بالإضافة إلى أوكرانيا، وإلا فإننا سنستخدم الأسلحة النووية... لا يمكننا قبول هذا النوع من المساومات".

وقال إن أوكرانيا "ستواصل الهجوم"، معلنًا أنه "واثق من تحرير أراضينا".

وأضاف بشأن التعبئة الجزئية التي قررها الرئيس الروسي، أن بوتين "يريد إغراق أوكرانيا بالدماء، بما في ذلك دماء جنوده ... إنه يحتاج إلى جيش عديده عدة ملايين ليرسله إلينا لأنه يرى أن قسما كبيرا ممن يأتون يفرون".

وقال: "نحن نعلم أنهم حشدوا طلابًا عسكريين وفتية لم يتمكنوا من القتال. لم يتمكنوا حتى من إكمال تدريبهم".

ووصف الرئيس الأوكراني الاستفتاء المزمع إجراؤه: الجمعة: في الأراضي المحتلة بأنه "مهزلة"، وقال إن "90% من دول العالم لن تعترف به".

التعليقات