أهالي الجولان يواجهون عنفات الرياح الإسرائيلية

أكد أهالي الجولان العربي السوري المحتل رفضهم المشروع الإسرائيلي لنصب عنفات الرياح (طوربينات) لاستغلال طاقة الرياح على أراضي المزارعين، وبأساليب الترغيب والترهيب المختلفة.

أهالي الجولان يواجهون عنفات الرياح الإسرائيلية

عنفات رياح في الجولان السوري المحتل (تصوير: shutterstock)

أكد أهالي الجولان العربي السوري المحتل رفضهم المشروع الإسرائيلي لنصب عنفات الرياح (طوربينات) لاستغلال طاقة الرياح على أراضي المزارعين، وبأساليب الترغيب والترهيب المختلفة.

واعتبروا الخطط الاقتصادية السياسية لإقامة 25 عنفة رياح عملاقة لإنتاج الطاقة تهديدا وجوديا لقرى مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة، عين قنيا، إذ تستهدف العنفات 3,600 دونم من الأراضي الزراعية التابعة لأهالي هذه القرى، وتبلغ أحجام العنفات التي تخطط السلطات الإسرائيلية لنصبها في الجولان أضعاف ما عرف في السابق بحيث يبلغ طول ساق العنفة الواحدة أكثر من 100 متر، بينما يبلغ طول كل شفرة من الشفرات الثلاث 80 مترا.

ويهدد المشروع النمو الإسكاني في مجدل شمس ومسعدة وبقعاثا، وعلى وجه الخصوص كبرى قرى الجولان، مجدل شمس، التي لم يبق أمامها التوسع سكانيا إلا تجاه الجنوب، وهي المنطقة المستهدفة لنصب عنفات الرياح، علما أن عددا من بين المزارعين الذين سبق وارتبطوا بعقود إيجار للأرض تراجعوا عن هذه العقود، وبقي البعض متمسكا بها ويحاول الترويج لها خلافا للإجماع في الجولان.

عنفات الرياح قبل نصبها في الأراضي الزراعية بالجولان

ومنذ أعوام لم يشهد الجولان إجماعا على قضية نضالية، كما يحدث اليوم في مواجهة خطر عنفات الرياح، ويشهد الشارع الجولاني حراكا وحالة حشد شعبي لرفض المشروع الإسرائيلي والتصدي له.

استهداف الزراعة

وقال عضو اللجنة القانونية للاعتراض على مشروع العنفات، د. أحمد أبو صالح، لـ"عرب 48": "نشعر أن هناك إصرارا على هذا المشروع الذي رغم أنه مشروع اقتصادي لشركة فنحن نلمس أن هناك دعما من حكومة إسرائيل بشكل قوي، ولقد قدمنا اعتراضات تشمل 5,000 توقيع رافض للمشروع ومئات الاعتراضات الفردية، ومع ذلك يتم المصادقة على المشروع بشكل سريع جدا".

د. أحمد أبو صالح

وأضاف: "أرفقنا لاعتراضاتنا كذلك تقارير مهنية لكبار علماء البيئة تؤكد الأضرار البيئية الزراعية والسكانية من المشروع، ورغم كل العمل المهني الذي تم صادقت لجان التخطيط على المشروع ورفضت جميع الاعتراضات رغم مهنيتها. نشعر أن الحكومة الإسرائيلية تدعم هذا المشروع ونلاحظ أن المشروع يواصل التقدم، ونحن سنواصل نضالنا السلمي الشعبي للتصدي لهذا المشروع، علما أن هناك مشروعا يقام في سهل المنصورة قرب القنيطرة ويقام على أراضي الجولان جنوب بقعاثا ولا سيطرة لنا عليه، ولكن ما ينوون إقامته هو على أراضي زراعية يملكها أهالي الجولان وهو في قلب بساتين الكرز والتفاح، وفيما لو قام المشروع سيقضي على الزراعة نهائيا".

مشروع خطير

وقال عضو اللجنة القانونية للاعتراض على المشروع، د. ناصر منذر، من قرية عين قنيا، لـ"عرب 48": "نحن أمام مشروع خطير جدا يشكل تهديدا وجوديا، وضرره سيستمر للأجيال القادمة. وبناء على المعطيات العلمية سيتسبب المشروع بأضرار جسيمة على الزراعة والبيئة، وحتى في الجانب الاجتماعي سيحدث المشروع خلافا بين المنتفعين منه وبين المتضررين منه، والفائدة من المشروع هي فقط للشركة المنفذة، ولن يوفر المشروع مردودا كبيرا لإنتاج الطاقة، بل تأثيره هامشي على مستوى الإنتاج الكهربائي".

د. ناصر منذر

وأضاف: "نحن نتحدث عن مشروع ينتج موجات صوتية تبعد النحل والحشرات عن المنطقة، وهي مناطق زراعية وهذه الموجات مدمرة للبيئة الزراعية عبر طرد الحشرات التي تسهم في عملية التلقيح الزراعي، عدا عن كون العنفات تؤدي إلى ضرر كبير للطيور، ولا ننسى أن منطقتنا في مسار بيئي لهجرة الطيور، والمشروع سيؤثر بشكل كارثي على هجرة الطيور، والتي بطبيعة الحال ستجلب أيضا حيوانات أخرى إلى المنطقة التي سينتج عنها بطبيعة الحال موت طيور وجيف للطيور، ما يعني حدوث تغيير بيئي وحتى حراري له تأثير سلبي حول مناطق العنفات بشكل كبير".

مسارات التصدي

وقال عضو المرصد الحقوقي والفنان التشكيلي، وائل طربيه، من مجدل شمس لـ"عرب 48" إن "ما تبقى لنا، اليوم، للتصدي لهذا المشروع هو المحكمة العليا، ثم المسار الشعبي، ونحن مجتمع مدني صغير بدون مؤسسات".

وأضاف: "نحن على أعتاب إقرار المشروع نهائيا، وكنا نلاحظ الدفع بالمشروع بشكل غير عادي حتى قبل أن يستكمل شروط التنفيذ، وكان من الواضح أن هناك قرارا مسبقا بتنفيذ المشروع، بل نلاحظ أن هناك بذل جهود لأصحاب مصالح بين حيتان المال في إسرائيل وسياسات معروفة سلفا لاستثمار الموارد الطبيعية للجولان، وإحكام السيطرة على الجولان المحتل وخلق وقائع على الأرض لا يمكن تغييرها في المستقبل".

رفض جولاني لعنفات الرياح الإسرائيلية

وختم طربيه بالقول إنه "من الواضح أن هناك أرباحا هائلة لن تتنازل عنها الشركات الكبرى، ونحن نترقب القرار الحكومي في الموضوع، ولكننا نتوقع أن يصدر قرار حتى قبل تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، والناس بحالة هلع من المشروع وحالة ترقب ورفض تام للمشروع، ورغم نجاح المستوطنات بإبعاد مشاريع مماثلة مسافة 3 كلم عنها إلا أننا في هذه الحالة نتحدث عن طوربينا على مسافة 700 م فقط من المجمع المدرسي في قرية بقعاثا".

سيطرة على الأرض

آرام أبو صالح

وقالت الناشطة آرام أبو صالح لـ"عرب 48" إنه "لا يمكن إخراج هذا المشروع من سياق الاحتلال، وإسرائيل تعرف المشروع كمشروع قومي، ومشروع قومي يختلف في التعريف عن أي مشروع اقتصادي آخر، فالحديث ليس مجرد البحث عن طاقة بديلة، وإنما مصادرة 3,600 دونم تقريبا، علما أن الجولانيين لم يبق لهم سوى 5% من أراضي الجولان، فإسرائيل سيطرت على 95% من الأراضي بعد الاحتلال، وهناك تهديد وجودي لأهل الجولان السوري المحتل. نرى أن المشروع يهدف إلى ترسيخ توسع الاستيطان، وخنق النمو السكاني لقرى الجولان، المشروع يخلق حيزا بين القرى الأربع ويحد من قدرتها على النمو السكاني".

وأضافت أن "هذه المشاريع تذكرنا بمشاريع سابقة في فلسطين، ولكننا لأول مرة نشهد مشروعا صاحب تأثير مأساوي على السكان ومستقبل حياة الجولانيين وجعل حياتهم غير ممكنة".

وختمت أبو صالح بالقول إنه "هناك حالة إجماع لرفض المشروع، وهي حالة نضالية تشمل جميع شرائح المجتمع المحلي، السياسية والاجتماعية، وهناك حالة تأهب وحشد شعبي لرفض المشروع، ولن أخذل بالقول إن كثر كانوا وقعوا على المشروع، قبل معرفة مخاطره وأهدافه، وانسحب معظم الناس من المشروع، وبقيت قلة قليلة يمكن تصنيفها بوكلاء لتنفيذ هذا المشروع الذي يستهدف وجودنا، ولم يتخلوا بعد عن التوقيع لأنهم يتوقعون أرباحا مالية مقابل تأجير الأراضي رغم مخاطر المشروع على المجتمع الجولاني بصورة كاملة".

التعليقات