11/12/2017 - 16:02

عزمي بشارة: الترجمة قضية بحثية لا لغوية

افتتح مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، المفكر العربي عزمي بشارة، يوم أمس الأحد، في الدوحة، ندوة "إشكاليات المصطلحات العربية في العلوم الاجتماعية والإنسانية"

عزمي بشارة: الترجمة قضية بحثية لا لغوية

من الندوة (فيسبوك)

افتتح مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، المفكر العربي عزمي بشارة، يوم أمس الأحد، في الدوحة، ندوة "إشكاليات المصطلحات العربية في العلوم الاجتماعية والإنسانية"، المتصلة بالجهد الذي يقوم به المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تأسيس معجم تاريخي عربي، تعمل عليه منذ سنوات مؤسسة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية. وناقش عزمي بشارة الخطوط العامة التي من المفترض أن يعالجها مشاركون متخصصون في يوم حواري.

عزمي بشارة

وأكد د. بشارة، في الندوة التي خصصت للاحتفال بيوم اللغة العربية، أن قضية ترجمة المصطلحات هي بحد ذاتها قضية بحثية وليست قضية لغوية فقط، لأنها مشروطة ببحث تاريخي في السياق الثقافي والحضاري لإنتاج المصطلح، عارضا أسئلة جدلية تواجه العاملين في الترجمة إلى العربية، على غرار ثنائية استيراد المصطلحات وتعريبها، موضحا أن إشكالية المصطلح العربي تتصل بتطور العلوم الاجتماعية العربية أكثر من اتصالها باللغة العربية نفسها.

تعريب المصطلحات رهن تطور المعرفة الاجتماعية في الوطن العربي

وبيّن في هذا السياق، أن عملية نقل المصطلحات إلى العربية، مشروطة بشرط تطور المعرفة الاجتماعية في الوطن العربي، فالقضية ليست قضية ميكانيكية آلية، لأن المفاهيم تعكس أفكارنا وأبحاثنا. وكذا فإن هذا النقل مشروط بمرونة اللغة نفسها. وفي سبيل توضيح ذلك، استطرد د. بشارة بأمثلة على غناء الثقافة العربية بمصطلحات تعكس الإنتاج الفكري، قد توائم المصطلحات التي يبحث المترجمون عن مقابل عربي لها في أيامنا هذه. وهو يكرر على أية حال، التأكيد على أن المصطلحات هي نتاج صيرورة من التطور الحضاري والفكري، وأن المهم ليس المفردة، وإنما المفهوم الذي تعكسه، والذي خلف عمليات طويلة من البحث والتطوير.

ورأى بشارة أن الاتفاق حول المصطلحات، أو الاصطلاح عليها كما تعبر مفردة "المصطلح" العربية، عملية ضرورية، لأن نقل المفاهيم يتعلق بالاتفاق على مفردات معينة بغض النظر عن كيفية نقلها، وبطبيعة الحال، الاتفاق على معناها، وهما الشقان الأساسيان لكل ترجمة. وفي الإشكاليات التي نواجهها بسبب غياب الاتفاق فإن غياب الدولة العربية الواحدة، والمشروع الثقافي العربي الواحد، يشتت عملية الترجمة، ويعيق تراكمها، وكأن كل باحث أو مترجم مضطر للبدء من الصفر. وهي مشكلة لا تتعلق بالترجمة فقط، ولكن بالعلوم الاجتماعية والإنسانية إجمالا. وبدون الاتفاق، سيجد القارئ العربي مفردات وألفاظ مختلفة لنفس المصطلح، ما يعيق عمليات التواصل والتفاعل الثقافية.

وعلى أية حال، فإن د. بشارة يفرق في المحاضرة القصيرة التي ألقاها في افتتاح المؤتمر، بين المفاهيم والمصطلحات، حيث إن الخلاف حول المفاهيم هو خلاف طبيعي وسوي، لأن كل مفهوم يعبر عن تصور نظري أو مدرسة نظرية معينة، بينما لا يصح الاختلاف حول المصطلحات، لأن أساس بنائها هو الاصطلاح.

الاتفاق على اللفظة... والدلالة

وطرح مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أمثلة عدة على الخلاف في دوائر الترجمة العربية على مصطلحات عدة، فمثلا، لم تعرف الأدبيات العربية ترجمة موحدة لكملة "community"، وتوزعت الترجمات بين مفردات متنوعة، على غرار "مجتمع محلي" و"جماعة عضوية أو "جماعة وشائجية"، إلخ. وكذلك بخصوص العلمانية، فقد تم الاتفاق على اللفظة بدون الاتفاق بشكل واضح حول معناها، وشوش اللفظ المعنى أحيانا، حيث رآها البعض متعلقة بالعلم لا بالعالم، ويتعلق هذا النقاش بمصطلحات أخرى كثيرة.

واختتم د. بشارة بالقول إن سبيل حل هذه الخلافات والتمهيد لبناء اتفاق ضروري في هذا الشأن، هو التفاعل والحوار بين الباحثين والمختصين في هذه المجالات، مؤكدا أن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات يعقد هذه الندوة للمساهمة في تحقيق هذه الغاية.

 

التعليقات