28/06/2022 - 14:36

"كل صورة حكاية" يروي تاريخ الناصرة

تنظم جمعية "إنماء" للثقافة والإبداع معرض صور في مقرها بالبلدة القديمة في مدينة الناصرة، ويعد المعرض الذي زاره المئات خلال الأيام الماضية بمثابة معلم حضاري لسيرورة تاريخية هامة من الحقب الزمنية المتعاقبة التي مرّت على الناصرة.

فريد ضاهر في المعرض (عرب 48)

تنظم جمعية "إنماء" للثقافة والإبداع معرض صور في مقرها بالبلدة القديمة في مدينة الناصرة، ويعد المعرض الذي زاره المئات خلال الأيام الماضية بمثابة معلم حضاري لسيرورة تاريخية هامة من الحقب الزمنية المتعاقبة التي مرّت على الناصرة.

ويشتمل المعرض الذي يحمل عنوان "كل صورة حكاية" على حوالي مائة لوحة من تاريخ المدينة، يعود أقدمها إلى العام 1958، بالإضافة إلى العديد من الصور التاريخية لمواقع مختلفة أهمها شارع الكازانوفا وعين العذراء وخان الباشا وأسواق الناصرة على أنواعها، سوق الحدّادين وسوق النجّارين وسوق الدواب وسوق النحّاسين، ومصنع التبغ، وعنبر الدخان، والعديد من الصور للمؤسسات الدينية والجامع الأبيض والكنائس والمؤسسات الصحية والمستشفيات التي أقيمت في الناصرة على يد مؤسسات أجنبية من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى المناظر العامة للمدينة في فترات مختلفة.

وقال مدير جمعية "إنماء"، عماد بدرة، لـ"عرب 48" إن "هذا المشروع الثقافي موجه بشكل خاص لجيل الشباب، والمجتمع بشكل عام، للتعرف على تاريخ مدينتهم العريقة".

وأضاف أن "المعرض يقام بإشراف فريد ضاهر الذي يهوى توثيق وجمع الصور والأفلام التاريخية الفلسطينية، وهو الذي يقدّم الأجوبة عن كل الأسئلة والاستفسارات التي يطرحها روّاد المعرض".

وأكد أن "هذا المشروع هو واحد من المشاريع الثقافية الهادفة للحفاظ على ذاكرة المكان والذاكرة الجماعية والتاريخ الشفوي، فذاكرة المكان لها ارتباط عضوي بالإنسان، والعلاقة بالمكان بالنسبة لنا كشعب فلسطيني له أهمية خاصة في الارتباط والتمسك بالأرض والبقاء، والتجربة الفلسطينية المكانية هي من أهم تجارب الفلسطينيين في الثبات والبقاء على أرضهم".

وختم بدرة بالقول إن "مرحلة الطفولة والعائلة لها امتداد في الحفاظ على المكان والارتباط به، وهي تجربة تنحصر في المدينة والقرية أو الحي. ففكرة المكان مرتبطة على المستوى الشخصي والمستوى العام بالوطن، والاهتمام بكتابة الذاكرة الجماعية والمكان والتاريخ الشفوي بات أمرا في غاية الأهمية، وذلك في ظل محاولات السلطات الإسرائيلية طمس الهوية الفلسطينية التي هي أصل المكان، بالتزامن مع غياب ورحيل الجيل القديم الذي كان يذكر المكان ويحفظ التاريخ".

وتحدث عضو الهيئة الإدارية لجمعية "إنماء"، الكاتب والشاعر زاهر بولس، في افتتاح المعرض، عن أهمية البرامج الثقافية ودورها في المجتمع وعلى الفئة الشبابية. وقال إن "المعركة التي نخوضها هي الحفاظ على الذاكرة الجماعية والحفاظ على الموروث التاريخي، وهي رسالة للجيل الشاب للاطلاع على تاريخ وحضارة شعب حي له امتداد تاريخي وحضاري منذ مئات السنين".

وقدم فريد ضاهر شرحا لـ"عرب 48" عن أبرز وأهم الصور التي اختارها للمعرض، والتي استطاع الحصول عليها من مصادر مختلفة، معظمها أجنبية، لسائحين أجانب كانوا قد زاروا المدينة قبل عشرات ومئات السنين، مشيرا إلى شح المصادر العربية التي وثقت تاريخ معالم الناصرة.

وتطرق ضاهر إلى لوحة تضم ثلاث نساء رائدات في مجال التعليم من الناصرة، قائلا إنه "مع قدوم الاحتلال عام 1948 كان في الناصرة ثلاث مديرات مدارس رائعات ورائدات في العمل التربوي هن المديرة وسيلة رزق، والمديرة أولغا سليمان، والمديرة فهيمة رزق، وكان أهالي المدينة ينسبون أسماء المدارس لأسماء مديراتها كمدرسة أولغا على سبيل المثال نسبة الى مديرتها.. وأنا شخصيا كانت مديرتي فهيمة رزق".

وأشار إلى أقدم صورة في المعرض لمنطقة عين العذراء وكنيسة الروم الأرثوذكس، حين لم يكن يحيط بها أي شيء، أما سكان حي الروم (اليوم) فكانوا يسكنون في حي العرقية المجاور وفي منطقة البلدة القديمة (السوق).

وتحوّل ضاهر مباشرة للحديث عن الجامع الأبيض كواحد من أقدم المعالم في تاريخ الناصرة، ويظهر في الصورة إمام المسجد الشيخ عبد القادر الدريني، ثم انتقل إلى صورة قديمة لـ"خان الباشا" وهو فندق للتجار وللدواب، وفي الصورة تظهر تسعيرة النوم للنزيل وللدابة وللعربة التي تجرها الدابة.

عماد بدرة (عرب 48)

وقال ضاهر إن "سكان مدينة الناصرة كانوا يهتمون بمهنة النجارة بشكل خاص، ولذلك نشأ فيها سوق النجارين، وتُظهر إحدى صور المعرض مجموعة من الطلاب وهم يتعلمون مهنة النجارة في إحدى المدارس بالمدينة".

ويحتفظ ضاهر بمئات الصور التاريخية للناصرة، مؤكدا أن "ليس جميع الصور تصلح لأن تعرض بهذا الحجم الكبير والجودة العالية نظرا لقدمها. هذه الصور في غالبيتها العظمى اقتنيتها من مواقع أجنبية وتمثل قطاعات واسعة من سكان المدينة وأصحاب المهن والحرفيين وأسواق المدينة".

وعن معمل الدخان والسجائر، قال ضاهر إن "المعمل تأسس في الناصرة سنة 1932، وكان مقر الشركة في منطقة الكراج حيث تسكن عائلة لحام، وكانت تخزّن البضاعة فيما يعرف بالعنابر التي بنيت لهذا الغرض وتسمى حتى اليوم بـ'عنبر الدخان' بالقرب من مفرق أم واصف في المدينة".

التعليقات