"صفعة أمريكية"!..

-

تحت عنوان "صفعة أمريكية لإسرائيل" كتب ألوف بن في صحيفة "هآرتس" الصادرة صباح اليوم، الثلاثاء، أن إسرائيل لم تكن جاهزة لحدوث ما اعتبره تحولا في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران. وأن إدارة بوش لم تجر أية مشاورات مع إسرائيل قبل أن تقرر ضم دبلوماسي أمريكي كبير إلى المحادثات التي يجريها الأوروبيون مع إيران. كما لم يشارك بوش إسرائيل في مبادرته لفتح مكتب لرعاية المصالح الأمريكية في طهران.

ويضيف بن أنه تم تسليم بيان بشأن سياسة الولايات المتحدة الجديدة لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية في اللحظة الأخيرة، وذلك فقط حتى لا تفاجأ إسرائيل منها. ويبدو أن عمليات جس النبض السرية التي تكون قد جرت بين واشنطن وإيران، ستظل خفية عن إسرائيل.

وبحسبه فإن الخطوة الأمريكية تجاه إيران لها بعد واضح، وهو أنه طالما استمرت اللعبة الدبلوماسية فإن احتمالات القيام بعمليات عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني تقترب من الصفر. فلن يكون هناك قصف للمفاعلات النووية الإيرانية، ولن يفرض حصار بحري أو يمنع تحليق الطائرات التجارية من إيران، مثلما اقترحت إسرائيل. وفي حال تم وضع أصغر دبلوماسي أمريكي في إيران، لكي يخاطب الشعب الإيراني، فإن النظام الإيراني سيحظى بحصانة مطلقة.

ويتابع الكاتب أن القيادة الإسرائيلية لا تزال تأمل ألا يكون "الطعم الدبلوماسي"، والذي سيكون مصيره الفشل، سوى خطوة تكتيكية أمريكية من أجل شق الطريق نحو تنفيذ هجوم. إلا أن ذلك سيكون في عداد الأوهام. فالجمهور الأمريكي ليس لديه رغبة في حرب أخرى، والجيش يعارض فتح جبهة ثالثة في إيران، بعد أفغانستان والعراق.

ويضيف أن الأمريكيين قلقون من الارتفاع المطرد لأسعار الوقود في المحطات، أكثر مما هم قلقون حيال البرنامج النووي الإيراني. وضمن كل الخطوات التي قام بها بوش للتوصل إلى حل في مشكلة الطاقة، تبين أن التفاهم مع إيران هو الخطوة الأكثر فعالية، حيث ثمن تذكرة الطائرة للدبلوماسي الأمريكي بيرنز إلى محادثات جنيف قد مكنت الإدارة الأمريكية من إنجاز تخفيض في أسعار الوقود بنسبة 12%.

وبحسبه فإنه كان بالإمكان ملاحظة علامات الليونة في موقف الولايات المتحدة تجاه إيران في الخريف الماضي. فقد أوضح الخبراء الأمريكيون لنظرائهم الإسرائيليين أنه عليهم أن "ينسوا إمكانية القيام بعملية عسكرية ضد إيران". وأن الولايات المتحدة ذاهبة باتجاه الحوار مع إيران، وأنه من الأفضل لإسرائيل أن تتصرف بشكل مماثل. وأنه حتى لو حصلت إيران على قنبلة نووية فإن سفارة الولايات المتحدة في طهران ستظل الضمانة الأفضل للاستقرار والهدوء في المنطقة. وكان نشر تقرير المخابرات الأمريكية، والذي بموجبه توقفت إيران عن برنامجها العسكري النووي في العام 2003، كافيا لإقناع وزير الأمن إيهود باراك بأن الإدارة الأمريكية لن تعالج المشكلة الإيرانية، وأنه سيتم دحرجتها للإدارة القادمة.

ويقول بن إن أحدا في إسرائيل لم ترق له فكرة القيام بقصف جوي كحل مقبول لوقف البرنامج النووي لدولة معادية في الجوار. وكان الإحساس بأنه لا يوجد متسع من الوقت، وأنه في حال لم يقم بوش بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم في مفاعلات نتانز، بهجوم أمريكي أو بالمصادقة على هجوم إسرائيلي، فإن إيران سوف تتحول إلى دولة نووية عظمى. ومن جهته حاول إيهود أولمرت زحزحة الرئيس الأمريكي عن موقفه، وعرض له تقديرات استخبارية مناقضة، واعتقد أنه نجح في تحييد تأثير التقرير الإستخباري الأمريكي. وفي نيسان /ابريل صرح أولمرت في مقابلة لصحيفة هآرتس قال فيها إنه "لن تكون لإيران قدرات نووية". وهنا يعلق بن بأن نجاح أولمرت في تدمير المفاعل النووي المفترض في سورية، في نهاية الصيف الماضي، جعله يعتقد أنه قادرة على التوجه نحو الهدف التالي.

وأشار بن إلى أن بوش كان قد سبق وأن ألمح لذلك. حيث أنه عندما قامت إسرائيل بتنفيذ غارة جوية على دير الزور، قال بوش إن ذلك "رسالة لإيران". بيد أن ذلك تبدل في الشهر الماضي. وفتح البنتاغون سلسلة من التسريبات ضد هجوم إسرائيلي على إيران. وعندما غادر بوش إلى أوروبا، قال إنه يبقى وراءه "إطارا دوليا لمعالجة هذه القضية".

وبحسب بن، فإن من ينوي تنفيذ هجوم في الصيف أو في الخريف، لا يصرح بذلك، وإنما يقوم بذلك فقط من يبحث عن إنجاز سياسي قبل انتهاء ولايته. أما إسرائيل فقد تجاهلت ذلك وواصلت إطلاق التهديدات "حتى لا يصل مهندسو البرنامج النووي وقادة الإرهاب في إيران إلى أماكن عملهم". وبعد 3 أيام، حصل تحول في السياسة الأمريكية، ولكن في الاتجاه المعكوس.

ويصل بن إلى نتيجة أنه يتوجب على إسرائيل أن تغير من توجهها. وبدلا من التعلل بأوهام قيام بوش بقصف إيران، يجدر دراسة الجوانب الإيجابية في الحوار الأمريكي مع طهران، والإصرار على الحفاظ على مصالح إسرائيل. وبحسب أولويات بن فإنه يجب أولا منع أي ربط بين القدرات النووية الإيرانية وبين إغلاق المفاعل النووي في ديمونا والمس بقدرة الردع الإسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك يجب المطالبة بأن تتوقف تماما عمليات التخصيب من خلال أجهزة الطرد المركزي، وفي حال تمكنت إيران من التملص من ذلك، فيجب على إسرائيل أن تطالب بضمانات أمنية من الولايات المتحدة وتكنولوجيا متطورة ضد الصورايخ. وينهي بالقول إنه يجب إعطاء الدبلوماسيين فرصة لوقف البرنامج النووي الإيراني، مثلما حصل في كورية الشمالية وفي ليبيا.

التعليقات