26/08/2022 - 11:57

"تكنولوجيا النانو" ما هي؟ وكيف نستفيد من هذه التقنية صحيا؟

علم النانو أو الجزيئات المتناهيّة الصغر، هو علمٌ يقوم بمعالجة واستحداث مواد تصل لمقاس جُزيئي أو ذرّي، والنانو هي وحدة قياس تُعادل واحد من مليار من المتر

صورة لجزيئات صغيرة

الباحثة روان عمر

 

روان عمر: باحثة دكتوراة في مجال علم وتكنولوجيا النانو في معهد التخنيون" الهندسة التطبيقية" في حيفا.

 

 

 

 

 

 

عالمنا يتغيّر بوتيرةٍ سريعة وغير مسبوقة، مصحوباً بظهور أمراض وجوائح جديدة، بالإضافة لاستفحال الأمراض المستعصيّة والمُزمنة الحاليّة لتصبح أكثر تعقيداً، مما يؤدي لزيادة نسبة انتشار الأمراض والوفيات حولَ العالم، على سبيل المثال: الفيروسات مثل فايروس الكورونا، الأمراض القلبيّة، يشمل الجلطات المفاجئة وغيرها.

وفقا لذلك، على التكنولوجيا اليوم أن تتطوّر لتواكبَ هذا التغيّر السريع وتساهمَ بإيجاد واستحداث حلول مُبتكرة لتحول ما بيننا وبين تدهور الحالة الصحيّة.
إحدى التقنيّات العصريّة والحديثة التي يقوم العلم بتسخيرها لإيجاد حلول كهذه، هي علم و"تكنولوجيا النانو".
فما هو النانو؟
- علم النانو أو الجزيئات المتناهيّة الصغر، هو علمٌ يقوم بمعالجة واستحداث مواد تصل لمقاس جُزيئي أو ذرّي.  - النانو هي وحدة قياس تُعادل واحد من مليار من المتر (أي 9- 10 متر)، والتي لا يُمكن أن نراها بالعين المُجرّدة، ولنتخيّل صغرَ حجمها بصورةٍ أوضح، فإنّ النانو الواحد أصغر من قُطر شعرة الإنسان، بل وأصغر من حجم الفايروس.
- يُمكنّا ذلك من استحداث وابتكار تقنيّات حديثة وإنتاج مواد ذات خصائصَ جديدة وأكثر تطوراً، من شأنها أن تُساهم في عدة مجالاتٍ علميّة وتكنولوجّية مثل: علم الأحياء، الكيمياء، الطب، الهندسة وغيرها.

- إحدى المجالات التي يُساهم فيها علم النانو هو: مجال المجسّات أو المستشعرات النانويّة.
ما هو المُستَشعر؟
المستشعر هو جهاز استشعار، يساعدنا على كشف وقياس متغيرات فيزيائية، كيميائية أو بيولوجية مختلفة، على سبيل المثال: قياس نبضات القلب، الضغط، ودرجة الحرارة.

- تطوير مستشعرات باستخدام تقنيّة النانو تُمكنّا من تطوير أجهزة ذكيّة لأغراضٍ طبيّة، روبوتات نانويّة، رقائق الكترونيّة للحاسوب وغيرها الكثير.
استناداً على ذلك، إحدى الأبحاث التي نقوم بتطويرها في معهد التخنيون في حيفا (المجموعة البحثيّة للبروفيسور حسام حايك) هي:  
- أجهزة ملبوسة (نلبسها) مكونّة من مستشعرات نانويّة ذكيّة، وإحدى التقنيّات التي قمنا بتطويرها مُؤخراً هي "جهاز ملبوس المُكوّن من لاصقة مَرِنة، قابلة للطَي، وتحتوي على مستشعرات ذكيّة مُكوّنة من إبر دقيقة وصغيرة الحجم، بإمكان المريض وضع هذه اللاصقة على ذراعهِ، وتقوم الإبر الصغيرة بدورِها، باختراق الطبقة العُليا والرقيقة من الجلد وقياس متغيّرات طبيّة عديدة وحيويّة من داخل السائل البين خلوي (بين الخلايا)، بدون أن تصلَ إلى الدماء والأعصاب، وبالتالي فإنها لا تُسبّب النزيفَ أو الألم".

- من بين المتغيّرات التي يقوم الجهاز بقياسها: نسبة السكر، نسبة الحموضة، الهرمونات، والأملاح كملح الصوديوم، وفيما بعد تقوم المستشعرات بتحليل المعطيات وإرسالها إلى الهاتف الذكي الخاص بالطبيب والمريض بشكل مُباشِر ومتواصل، وبالتالي تُساهم بمراقبة الحالة الصحيّة للإنسان، ومن ثم تحذير الطبيب أو المريض في حال كانت نسبة المتغيّرات خارجة عن النسبة الصحيّة الطبيعيّة، على سبيل المثال، في حال قياس درجات منخفضة جداً من نسبة الصوديوم فأنّ هذا من شأنه ان يكونَ مؤشراً على نقص في الصوديوم في الجسم، ويشير لخلل في الوظائف الحيويّة، فللصوديوم دورٌ جوهري وأساسي في الجسم، منها: 

موازنة وتنظيم كميّات السوائل داخل وحولَ خلايا الجسم.

الحفاظ على ضغط الدم.

ومُؤازرة أداء العضلات والأعصاب، حيث انّ النقص الحاد والمُزمن في كميّات الصوديوم، من شأنه أن يكون مؤشراً لوجود مشاكل صحيّة أخرى في الجسم منها مشاكل الكلى، الكبد والقلب (قصور قلبي)، فشل كلوي وفشل الكبد.

- كذلك الأمر بالنسبة لقياس نسبة السكر وبقيّة المؤشرات الحيوية.

- توجد اليوم في الأسواق أجهزة ملبوسة شبيهة بشكل جهاز خاص لقياس نسبة السكر في الجسم، ولكن هذه الأجهزة مُتخصّصة عادةً لقياس مُتغيّر واحد وهو السكر، عوضاً عن ذلك، في التقنيّة التي نقدّمها نقوم بقياس عدة متغيرات، وبالتالي نكون صورة أوضح، أدق وأشمل عن الوضع الصحّي الخاص بالمُستخدِم للجهاز.

جهاز ملبوس مكون من لاصقة مرنة،تحتوي على مستشعرات
ذكية مكونة من إبر دقيقة وصغيرة الحجم

كيف تساعدنا هذه التقنيّة؟
الوسائل التي يتم استخدامها اليوم لقياس المتغيّرات الصحيّة والكشف المبكر عن الأمراض تُعتَبر بغالبيتها وسائل تقليديّة، وتفتقر للسرعة والراحة، مثل فحوصات الدم التقليديّة، استخدام أجهزة ثقيلة ومعقّدة، والاعتماد على خبراء لإجراء الفحوصات. على سبيل المثال: فحوصات الدم التقليديّة حيث تتطلب تحديدَ موعدٍ، من ثم الذهاب جسدياً إلى عيادة المرضى، وهنالك يتم استخدام إبرة مؤلمة لاستخراج الدم، ومن ثم إرسال العيّنات إلى مختبرات خاصّة لفحص نسبة المتغيّرات الصحيّة لدى المريض، الانتظار حتى صدور النتائج.
- على وجه الخصوص، في فترة انتشار فايروس الكورونا، كانت هنالك صعوبة لكبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراضٍ مزمنة، للذهاب إلى المستشفيات وعيادات المرضى، وذلك بسبب الضغط الناجم من الجائحة وكذلك خوفاً من التقاط الفايروس والعدوى به، الأمر الذي أدى لتدهور الحالة الصحيّة لديهم، هذا عدا عن الأطفال الذين عادةً يخشون الذهابَ إلى المُستشفيات ويهابون إبرة الطبيب لأنها تُسبب لهم الألم، فيواجه الكثير من الأهالي صعوبةَ إجراء فحوصات صحيّة أو حتى فحوصات  دم روتينيّة لأطفالهم.

طفل يجري فحصا مخبريا

- بواسطة التقنيّة التي قمنا بتطويرها أصبح بالإمكان

- ارتداء المُستخدِم لللاصقة، وباستخدام المستشعرات النانوية.

- بالإمكان مراقبة الوضع الصحي والحالة الصحيّة عن طريق قياس مجموعة من المتغيّرات الصحيّة بشكل

سريع ومُباشر وغير مؤلم، بدون الحاجة للخروج من البيت لزيارة الطبيب، فمن شأن هذه التقنيّة أن تعود بالمنفعة لكبار السن ولكل من يعاني من أمراض مزمنة، ولفئة الأطفال وصغار السن.
وهكذا باستخدام تقنيّة النانو متناهيّة الصغر، بمقدورنا تقديم حلول كبيرة الأثر وذات مُساهمة هامّة في مجال الطب والصحّة.

تجرير: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48

التعليقات