الإبادة فعل سياسيّ... عن غزّة وحروبها

من قصف لمخيّم الشاطئ خلال الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة ، 24/10 | علي جاد الله، Getty.

 

- "الشهداء يخرجون من كلّ مكان".

وائل الدحدوح، مراسل «قناة الجزيرة»، معلّقًا على مجزرة المعمدانيّ، 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023.

- "نجري عمليّات للجرحى بدون تخدير".

مدير «مجمّع الشفاء الطبّيّ» في غزّة، 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023.

- "الأولاد ماتوا بدون ما ياكلوا".

- أمّ فلسطينيّة تبكي أطفالها الّذين قُتِلوا في قصف إسرائيليّ، 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023.

 

"مَنِ الّذي اخترع غزّة؟ ولماذا اخترعها في هذا المكان؟ لماذا بين قارّتين، وبين دولتين، وبين سلكين شائكين، وبين بحر وصحراء، وبين سفينة حربيّة ودبّابة، وبين طائرة ومدفع؟"، تساءل الشاعر الفلسطينيّ خالد جمعة عقب العمليّة العسكريّة الإسرائيليّة «السهم الواقي» على قطاع غزّة يوم 9 أيّار (مايو) 2023. هو ذاته الاستفهام الوجوديّ الّذي يرفعه الغزّيّ من تحت سجّادته في كلّ حرب، وما أكثر الحروب الّتي لا تفصل هدنات بينها، بل حروب بهيئات أخرى.

لا تبدو غزّة مرئيّة عندما تتفحّص الخريطة، وبالكاد تستطيع تحديدها بغزّة دبّوس، إلّا أنّ غزّات آلاف السكاكين تقطع انتباهك لتعرف مكانها في الجغرافيا وخارجها، فلا يكفّ المرء يتفاجأ أنّ شريطًا ضيّقًا بالكاد تتجاوز مساحته 1% من مساحة فلسطين، صاخب إلى هذا الحدّ ليشغل شريط الأخبار العاجلة على الدوام.

جاءت غزّة نقطة في نهاية جملة ساحل الشام، وملاذًا أخيرًا قبل الصحراء القاسية الّتي لطالما وحَش الغزّيّون عبورها، ويرفضونها بوسع مداها خيمةً حتّى في عزّ الحرب. ستغريك الزرقة الشاسعة يسار الخريطة، وتجعلك تغار من سكّان هذه الجغرافيا، قبل أن تعرف أنّهم لم يتذوّقوا من البحر سوى ملحه، وأنّه محبوس مثل أهله[1]. لا يمثّل قطاع غزّة اليوم مجالًا جغرافيًّا، بقدر ما هو صورة لتاريخ العذاب والمأساة لمليونين ونيّف فلسطينيّ، معظمهم من اللاجئين الناجين من عذابات سابقة منذ عام 1948، الّذين غُلِّقَت البوّابات الحديديّة في وجوههم، وقُدِّر لهم الحصار فيها[2]، ومواجهة خطر التهجير، والإبادة الجماعيّة، والقتل العشوائيّ، وتكرار الحدث النكبويّ عليهم، بين هدنة وأخرى.

 

كالشوكة في الحلق

لم تكن غزّة قطاعًا، بل بدأت مأساتها مع لازمة الـ ’قطاع‘، الّتي فُرِضت على أكتافها الصغيرة بعد حرب 1948[3]، وقطعتها عن جسد فلسطين التاريخيّة؛ لتخلق كيانًا افتراضيًّا على مساحة 365 كيلومترًا مربّعًا، يمثّل المنطقة الوحيدة الّتي لم تستوعبها إسرائيل ولا أيّ دولة أخرى؛ فبعد عقدين من الإدارة المصريّة (1948-1967)، وقع قطاع غزّة تحت الحكم العسكريّ الإسرائيليّ إثر نكسة حزيران (يونيو) 1967، لكن لم تهتمّ إسرائيل بالحفاظ عليه مثلما فعلت مع الضفّة الغربيّة لنهر الأردنّ وصحراء سيناء وهضبة الجولان، ونُقِلَت إدارة القطاع تدريجيًّا إلى السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، بموجب «اتّفاقيّة أوسلو» (1993). وأتمّت ذلك بتفكيك آخر المستوطنات الإسرائيليّة في القطاع في عام 2005، في إطار خطّة فكّ الارتباط الأحاديّ الجانب.

ومنذ أحداث الانقسام الفلسطينيّ-الفلسطينيّ، ووصول «حركة المقاومة الإسلاميّة - حماس»  إلى سدّة الحكم وسيطرتها على قطاع غزّة عام 2007، انحصرت «السلطة الفلسطينيّة» في حدود الضفّة الغربيّة، ولم تُبْدِ أيّ رغبة جدّيّة للعودة إلى حكم القطاع. لقد تخلّصت إسرائيل بوصفها سلطة احتلال من عبء إدارة شؤون القطاع وسكّانه؛ برميه إلى «السلطة الفلسطينيّة»؛ لتكرّر الأخيرة ذلك مع حركة «حماس»، من دون التغافل عن تمسّك الأخيرة بحكمها. ولم ترغب مصر في أيّ لحظة تاريخيّة بعد عام 1967 في إدارة قطاع غزّة أو ضمّه أو توطين سكّانه، وما طالبت أيّ دولة عربيّة بالقطاع. وربّما تمنّوا جميعًا، مثل إسحاق رابين، أن يستيقظوا من نومهم يومًا ويجدوا غزّة قد ابتلعها البحر، مع أزماتها و’دوشتها‘ واختباراتها المتكرّرة لمعنى السياسيّ وجدواه.

لم تكن غزّة قطاعًا، بل بدأت مأساتها مع لازمة الـ ’قطاع‘، الّتي فُرِضت على أكتافها الصغيرة بعد حرب 1948، وقطعتها عن جسد فلسطين التاريخيّة...

لم تعبّر أمنية رابين عن عنصريّة وكراهية، "بقدر ما كانت تعبيرًا شبه سرياليّ عن المعضلة الحقيقيّة الّتي تشكّلها غزّة لإسرائيل من النواحي السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة والخلقيّة كافّة؛ فهي كالشوكة في الحلق، إخراجها أو ابتلاعها شرّان متعذّران، أمّا بقاؤها فمؤلم ألمًا لا يطاق"[4]. لهذا؛ ما زالت إسرائيل منذ ثلاثة عقود عاجزة عن التعامل مع قطاع غزّة، وفاقدة لأيّ رؤية تجاهه، خاصّة بعد أن انسحبت منه وفصلته عن الضفّة الغربيّة وحاصرته، وبنت جدارًا فولاذيًّا حوله، بتكلفة تتجاوز المليار دولار أمريكيّ، اعتقدت أنّه سيحمي أمنها. لكن، للمفارقة، اخترقت المقاومة الفلسطينيّة الجدار الإسرائيليّ المادّيّ والمتخيّل، خلال العقد الأخير، وفي عمليّة «طوفان الأقصى» بتاريخ 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 بخاصّة، وبات الجدار الّذي قضت إسرائيل سنين في بنائه يحاصرها هي، ويحول دون إمكانيّة توغّلها داخل غزّة، أو فهمها لما يحدث فوق أرضها أو تحتها. وأمام هذا العجز، جرّبت إسرائيل كلّ وسائل الإبادة البطيئة، وسياسات الإماتة الكثيفة، على قطاع غزّة، سالبةً الغزّيّين كلّ شيء، وراميةً الفاجعة داخل بيوتهم.

 

تشديد الحصار: الإبادة الجماعيّة البطيئة     

تعيش غزّة حالة استثناء منذ النكبة، جعلت الغزّيّين يعيشون ويموتون خارج إطار القانون على مدى 75 عامًا[5]؛ يربّون أطفالهم ويعملون ويصلّون إلى الله في حدود منطقة معزولة، ومستثناة من القانون الإسرائيليّ والمسؤوليّة السياديّة الإسرائيليّة، لكن في الوقت نفسه تقع تحت سيطرتها[6]؛ فقدرة إسرائيل على ممارسة هذه السيطرة تطلّبت عزل غزّة خارج نظامها القانونيّ - السياسيّ، وخارج مناطق الحكم الذاتيّ الفلسطينيّ ’المعترف بها‘[7]. ممّا حوّل كلّ غزّيّ إلى إنسان مستباح (Homo Sacer)[8]، يحقّ لصاحب السيادة قتله من دون أن يلتزم بحمايته[9]. كما جُرِّد الغزّيّ من أيّ حقّ على النحو الّذي يجعل قتله المباشر أو البطيء مستحقًّا، وتصير استباحته مباحة، ويستحيل الاستثناء دائمًا، وحتّى دمويًّا، بموجب القانون نفسه[10]؛ فإسرائيل تمارس سلطتها الحيويّة[11] من خلال القبض على الحدّ، بين مَنْ يجب أن يعيش ومَنْ يجب أن يموت؛ أي "إدارة شؤون الموت الفلسطينيّ"[12].

"لماذا لا يتخلّصون منّا دفعة واحدة؟ ولماذا يضربوننا هكذا شيئًا فشيئًا؟"[13]. ينطوي الفهم التقليديّ للإبادة على القتل الجماعيّ الرامي إلى التدمير الفوريّ، بينما تأخذ في حالات أخرى شكل الإبادة الجماعيّة الباردة، أو الطويلة الأمد، أو البطيئة (Slow-Motion Genocide)، الّتي تبدأ بوصم الضحيّة بالدونيّة، ومن ثَمّ تعريضها للتدمير التدريجيّ والقتل المحدود على مدار أجيال، بافتراض سيادة الجناة على الضحايا[14]؛ فالإبادة الجماعيّة ليست تصفية جسديّة، ولا قتلًا عشوائيًّا، بقدر ما هي، أوّلًا وقبل كلّ شيء، ممارسة اجتماعيّة[15]. وليس شرطًا أن تلبس الإبادة هيئة الفظيع، بل بمقدورها أن تأخذ العالمين ببطء إلى حتفهم؛ ففي السياق الاستعماريّ الاستيطانيّ، تمهّد أنماط التدمير والاستنزاف البطيئَين لعمليّات الإبادة الجماعيّة بحقّ السكّان الأصليّين[16]؛ لأنّ هذه الأنماط الأقلّ مباشرة والأطول أمدًا تمكّن الدولة الاستيطانيّة من إنكار العلاقة بين السبب والنتيجة من جهة، وتطبيع اختفاء السكّان الأصليّين[17]، بل تحميلهم مسؤوليّة موتهم. مثلًا، قبيل الحرب الإسرائيليّة المسمّاة إسرائيليًّا بـ «الرصاص المصبوب» على قطاع غزّة عام 2008-2009، كتب حاخام اليهود الشرقيّين الأكبر السابق إلى رئيس الوزراء الإسرائيليّ آنذاك، إيهود أولمرت، بعدم وجود أيّ محظورات أخلاقيّة على القتل العشوائيّ للغزّيّين من دون تمييز؛ لأنّ "مدنيّي غزّة مذنبون جماعيًّا بالهجمات بالصواريخ"[18].

حياة الغزّيّين ظلّت مقيّدة بالاستعمار البعيد-القريب، والّذي يسمّيه الغزّيّون حصارًا؛ فبدلًا من تجوالها وسط القطاع، صارت الجيبّات العسكريّة الإسرائيليّة تطوف على الحدود...

يعاني الفلسطينيّون الناجون من نكبة 1948 في مختلف أماكن وجودهم من الإبادة الجماعيّة البطيئة، الّتي تُعَرَّف على أنّها "إلحاق الأذى النفسيّ والجسديّ بالناجين من العنف مع مرور الوقت"[19] بهدف إفنائهم، إلّا أنّ الفلسطينيّين في قطاع غزّة أخذوا الحصّة الكبرى من هذا الموت؛ إذ لم يصبح الغزّيّون بمأمن عن النار بعد الانسحاب الإسرائيليّ من القطاع؛ لأنّه لم يترافق مع إنهاء الاستعمار، فظلّت بنية الاستعمار الاستيطانيّ اللهمّ من دون استيطان.

إنّ قطاع غزّة يمثّل شكلًا فريدًا من أشكال الاستعمار؛ ففي حين أُزيلت أبراج المراقبة (القُلَب العسكريّة) والسواتر الأسمنتيّة على جانبي «حاجز أبو هولي» في أيلول (سبتمبر) 2005، الّذي كان يصل شمال قطاع غزّة بجنوبه، والّذي مثّل آخر نقاط التفتيش الإسرائيليّة في غزّة، إلّا أنّ حياة الغزّيّين ظلّت مقيّدة بالاستعمار البعيد-القريب، والّذي يسمّيه الغزّيّون حصارًا؛ فبدلًا من تجوالها وسط القطاع، صارت الجيبّات العسكريّة الإسرائيليّة تطوف على الحدود، وغير مرئيّة للغزّيّين، وباتت الزنّانة (طائرة الاستطلاع) جزءًا من حياة الغزّيّين؛ تأكل معهم، وتشوّش تلفزيوناتهم، وينامون على طنينها.

أصرّت إسرائيل بعد انسحابها على جعل كلّ غزّيّ يشعر بوجودها؛ إذ تنصّلت من مسؤوليّتها في رعاية المستعمَرين بوصفها سلطة استعمار، لكن لم تتنازل عن الحقّ السياديّ في إدارة شؤون الحياة والموت. وصارت تنظر إلى الغزّيّ على أنّه مجرّد متلقٍّ للمساعدات الإنسانيّة، إن لم يكن اسمًا في قائمة الاغتيال أو نقطة في شاشة الرادار[20]. وأصبحت سياسة منع وقوع الكارثة، بدون إزالة أسبابها، عنصرًا أساسيًّا في بنية السيطرة الإسرائيليّة على القطاع؛ بوصفها أسلوب تنفيذ الاستثناء والحفاظ عليه. ففي حين سعت السياسة الإسرائيليّة سابقًا إلى السيطرة على الاقتصاد الفلسطينيّ، وتشكيله وفقًا لمصالحها، إلّا أنّها عَمِلَتْ منذ ثلاثة عقود على تحويل الفلسطينيّين من شعب يتمتّع بحقوق وطنيّة وسياسيّة، إلى مشكلة إنسانيّة يتحمّل المجتمع الدوليّ مسؤوليّتها[21]. ومنذ الفوز الانتخابيّ لحركة «حماس» وسيطرتها على القطاع في حزيران (يونيو) 2007، لم يَعُدْ هدف إسرائيل مجرّد عزل غزّة وفصلها عن الضفّة الغربيّة وحصارها، بل تعطيلها[22].

خلال ستّة عشر عامًا من الحصار الكامل، عانى الغزّيّون من سياسة العقاب الجماعيّ، المقرونة بسياسة الإفقار التنمويّ، الّتي تهدف إسرائيل من خلالها إلى تحويل الأرض الفلسطينيّة إلى منطقة غير قابلة للحياة، عبر تدمير المقوّمات الاقتصاديّة، ومنع تطوّر وسائل الإنتاج، وسلب الموارد الاقتصاديّة[23]؛ إذ تضرّرت نحو 1500 منشأة اقتصاديّة بفعل الهجمات الإسرائيليّة المباشرة؛ الأمر الّذي تسبّب في تقلّص مساهمة قطاع غزّة في الاقتصاد الفلسطينيّ تدريجيًّا إلى حدود 18% عام 2021، وارتفاع معدّلات الفقر من 40% عام 2005 إلى 68% عام 2022، وارتفاع معدّلات البطالة من 23.6% عام 2005 إلى 68% عام 2022 (مع الإشارة إلى أنّ 63% من العمّال لا يتجاوز دخلهم الشهريّ 200 دولار أمريكيّ). فضلًا على تدهور الوضع الصحّيّ بفعل تقييد دخول المستلزمات الطبّيّة والأدوية؛ لتتراجع خدمات الرعاية الصحّيّة بنسبة 66%، وتتفاقم أزمة المياه النظيفة (78% من المياه غير صالحة للشرب)، والتلوّث، وتدمير البنية التحتيّة. وتتضاعف أزمة الكهرباء منذ عام 2006 إثر قصف محطّة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع مرّات عديدة، ومن ثَمّ تقييد دخول الوقود إلى القطاع؛ الأمر الّذي يتسبّب في انقطاع التيّار الكهربائيّ يوميًّا، والّذي وصل إلى 20 ساعة قطْع في بعض الفترات[24].

للمفارقة، لم تحقّق هذه السياسات غايتها المنشودة إسرائيليًّا، من دون تجاهل أثرها البيّن في جعل حياة الغزّيّين غير طبيعيّة على الإطلاق، ولم تجنِ إسرائيل شيئًا من حصارها لغزّة، حتّى أنّ صحيفة «هآرتس» الإسرائيليّة دعت يوم 16 أيّار (مايو) 2016 إلى رفعه: "ليس ثمّة مبرّر لإغلاق غزّة؛ فهذا لم يمنع إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، ولم يؤدِّ إلى الانتفاضة المأمولة ضدّ حكومة «حماس»، ويظلّ يمثّل حاضنة لتنامي اليأس، وحلقات العنف الّتي جعلت حياة سكّان جنوب إسرائيل لا تُطاق"[25].

في المقابل، إنّ تأزّم الأوضاع في غزّة، ولكونها معزولة؛ جعل أهلها يتمسّكون بفكرة فلسطين أكثر، واتّجهوا نحوها حرفيًّا لا مجازًا في مسيرات العودة الكبرى بين آذار (مارس) 2018 – كانون الأوّل (ديسمبر) 2019، وهي ذات الظروف الّتي مكّنت المقاومة الفلسطينيّة المسلّحة من التبلور؛ لأنّها باتت الآليّة العينيّة الوحيدة لإنتاج الفلسطينيّ لذاته الجماعيّة[26]. ولكثافة وسائل الإماتة الإسرائيليّة، صارت فكرة الشهيد والاحتفاء بها وسيلة لـ "تحويل الحياة المنبوذة إلى حياة مقدّسة"[27]، وكثيرًا ما سُمِّي شهيدًا حتّى مَنْ لم يمت بالنيران الإسرائيليّة؛ بسبب وعي الغزّيّين بأنّ لإسرائيل يدًا في كلّ موت؛ قصفًا أو حصارًا أو قهرًا.

ربّما يغفل المرء بسبب هول القصف عن أنّ سياسة الحرب لا تحلّ محلّ الحصار، بل تضيّق حدوده، ودخول المساعدات الإنسانيّة وقت الحرب، لا يعني فكّ الحصار؛ إذ إنّها، في حال دخلت، بالكاد تكفي لحلحلة الأزمة الناتجة عن الحرب. وليست الحرب ما يستهدف المدنيّين فقط، بل الحصار هو القفص الّذي تُهيِّئ إسرائيل من خلاله لحظة الذبح. إنّها متلازمة القفص-السكّين، الّتي حوّلت غزّة إلى منطقة استثناء ثابتة (Constant Zone of Exception)[28]، وخلقت البيئة الّتي مكّنت إسرائيل من تنفيذ هجماتها الدوريّة المميتة بالحديد والنار، مكثّفةً الموت، وراميةً بالسكاكين داخل القفص.

 

تحيين المذبحة... تكثيف الإماتة

"إذا قتلنا مئة منهم ولم يتوقّفوا فعلينا أن نقتل ألفًا، وإذا لم يتوقّفوا بعد الألف نقتل عشرة آلاف، وإذا لم يتوقّفوا مع ذلك فعلينا أن نقتل مئة ألف، بل مليونًا، مهما تطلّب الأمر لجعلهم يتوقّفون"[29]. ليس اقتباسًا لنازيّ، بل نحريض دمويّ لكبير حاخامات صفد الإسرائيليّ على المدنيّين قبيل أوّل حرب إسرائيليّة شاملة على قطاع غزّة (2008-2009).

لم تبدأ الحرب يوم 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 كما قد يُظنّ، بل في عام 1948[30]، وما يشهده قطاع غزّة تكرارًا للحدث النكبويّ عليه، فما "بدأ حربًا تطوّر بنِيّة مبيّتة إلى إبادة جماعيّة[31] من قِبَل الحركة الصهيونيّة، الّتي تغلّف كلّ مجزرة باسم الانتقام عبر الدم الفلسطينيّ؛ الّذي يغدو جزءًا من صناعة الجماعة الصهيونيّة لنفسها[32]. فمنذ سيطرة «حماس»، لم تَعُدّ إسرائيل قطاع غزّة كيانًا معاديًا وتكتفي بعسكرة سياساتها تجاهه فقط، بل أحكمت إغلاق قفصها ليستحيل مختبرًا كبيرًا لتجربة أسلحتها الفتّاكة[33]. ولبطء الإبادة الجماعيّة البطيئة المفرط، وعدم نجاعتها في تدمير فعاليّة الجماعة الفلسطينيّة؛ لم تتخلَّ إسرائيل عن هذه السياسة، بل قرنتها بالإبادة الجماعيّة بصورتها التقليديّة؛ من خلال إعلانات الحرب الصريحة؛ محاوِلةً فرض سيادتها؛ ففي نهاية المطاف، "الحرب وسيلة لتحقيق السيادة بقدر ما هي وسيلة لممارسة الحقّ في القتل"[34].

ما زالت إسرائيل تمارس سياسة التطهير العرقيّ في الضفّة الغربيّة، إلّا أنّها غير ممكنة التطبيق في غزّة، وتحوّلت إسرائيل منذ عام 2006 إلى منطق الإبادة الجماعيّة التدريجيّة، الرامية إلى شلّ قدرة الناس على البقاء[35]؛ لعدم وجود قطعة أرض تطمع فيها إسرائيل في غزّة، ولعدم وجود مكان مثل الأردنّ يمكن طرد الغزّيّين إليه، ولأنّها جرّبت ذلك سابقًا ولم ينجح الأمر معها. لذلك تصرّ إسرائيل على منطق الإبادة الجماعيّة في غزّة، الّذي يهدف إلى القضاء التامّ على الأعداء، بدلًا من التطهير العرقيّ الرامي إلى إخراج هؤلاء الأعداء من أراضي الدولة[36]؛ فالإبادة الجماعيّة لا تأتي بصورة ضرر جانبيّ، ولا تنتج عن سلوكيّات غير عقلانيّة، فكلّ الحالات التاريخيّة لها منطق يقف وراءها، ونجد دائمًا لدى مرتكبيها وقادتهم أسبابًا لتبرير أفعالهم؛ فالإبادة الجماعيّة، هي أوّلًا وقبل كلّ شيء، خطّة منسّقة لتدمير الركائز الأساسيّة لبقاء جماعة وطنيّة[37].

منذ سيطرة «حماس»، لم تَعُدّ إسرائيل قطاع غزّة كيانًا معاديًا وتكتفي بعسكرة سياساتها تجاهه فقط، بل أحكمت إغلاق قفصها ليستحيل مختبرًا كبيرًا لتجربة أسلحتها الفتّاكة...

منذ عام 2003، ومع ظهور إرهاصات خطّة فكّ الارتباط وصولًا إلى عام 2023، شنّت قوّات الاستعمار الإسرائيليّ نحو أربع وثلاثين عمليّة عسكريّة، كان فيها قطاع غزّة الهدف الرئيسيّ أو الحصريّ[38]، أبرزها وأشدّها تلك العمليّات الشاملة (Massive) الّتي وقعت بعد سيطرة «حماس»؛ «الرصاص المصبوب» (2008-2009)، و«عمود السحاب» (2012)، و«الجرف الصامد» (2014)، و«حمم البدر» (2019)، و«صيحة الفجر» (2019)، و«حارس الأسوار» (2021)، و«بزوغ الفجر» (2022)، و«السهم الواقي» (2023)، و«السيوف الحديديّة» (2023). لقد وقع قطاع غزّة تحت نيران 34 حربًا إسرائيليّة خلال 20 عامًا؛ أي بمعدّل 1.7 حرب في السنة؛ وهذا خلق حالة من الحرب الدائمة، فضلًا على سياسة الاغتيالات من خلال الاستهداف المتكرّر لقيادة الحركات الفلسطينيّة المسلّحة، والقصف الدوريّ المحدود النطاق الّذي يسمّيه الغزّيّون تصعيدًا. خلّفت هذه الحروب أكثر من 9831 شهيدًا، وأكثر من 36730 جريحًا، وأكثر من 280468 وحدة سكنيّة مدمّرة كلّيًّا أو جزئيًّا، غير الأضرار الفادحة في البنية التحتيّة، والمستشفيات، والمساجد والكنائس، والمنشآت الاقتصاديّة والمؤسّسات. نصف هذه الأرقام تقريبًا وقع خلال الحرب الجارية «السيوف الحديديّة»، بحصيلة 13561 جريحًا و4385 شهيدًا و164756 وحدة سكنيّة مدمّرة كلّيًّا أو جزئيًّا حتّى يوم 21 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023[39]؛ لتكون الفاجعة الكبرى الّتي ليس كمثلها حرب.

إنّ الارتفاع غير المسبوق في أعداد الضحايا الفلسطينيّين في غزّة جاء نتيجة فكّ الارتباط، الّذي جعل طائرات إف-16 السلاح الرئيسيّ مكان الجيبّات العسكريّة واقتحامات الجنود؛ إذ حوّلت إسرائيل المخاطر بعيدًا عن جنودها لشعورها بالحساسيّة إزاء الخسائر في صفوفهم خارج الحدود المألوفة، منذ الغزو الإسرائيليّ للبنان عام 1982 عمومًا[40]، مستعيضة عن ذلك بشنّ عمليّات عسكريّة دامية وذبح المدينة (Urbicide).

لا تقصف إسرائيل بآلاف الأطنان من القذائف والقنابل، المنازل والمستشفيات والمساجد والشوارع والمدارس في غزّة لأنّها مسعورة، بل ثمّة منطق وراء ذلك، هو جعل حياة الفلسطينيّين في غزّة مستحيلة؛ فهي لا تقتل الحجارة، بل تحاول تمزيق البنى الاجتماعيّة-الاقتصاديّة للغزّيّين. فبينما تهدم البيوت في الضفّة الغربيّة والأراضي المحتلّة عام 1948 بالجرّافات، فهي تفعل ذلك بطائراتها الحربيّة في غزّة، محوّلةً البيت من مساحة خاصّة آمنة إلى ساحة حرب مستباحة، من دون أن يتمتّع الغزّيّون بترف وجود ملاجئ أو مكان آمن.

 

 قفص واحد وآلاف السكاكين

"وقف إطلاق النار، خروج من الحرب، دخول في أخرى؛ فالحرب تعبُرنا، وفي الداخل تجد أختًا، من نار واحدة، لم تضع أوزارها، فلم تخرج منّا"[41]. إنّها ثنائيّة القفص-السكّين، الّتي تذبح سَكينة الغزّيّين. الإبادة الجماعيّة البطيئة هي الحصار؛ القفص الّذي يوفّر سماء لطائرات الإبادة الجماعيّة لتحصد بمناجلها وسكاكينها مَنْ نجا وطال عشبه خارج القفص. الإبادة الجماعيّة هي الحرب؛ السكّين الّذي يثخن جسد المدينة بآلاف الطعنات لتحدّها في حديد القفص. بدون السكّين ينتهي القفص، وبدون القفص لا معنى للسكّين؛ إنّها العلاقة بين الحرب والحصار في ظلّ سياق استعمار استيطانيّ فريد ومركّب، في مكان اسمه غزّة؛ الّتي ما زالت لا تمثّل نموذجًا يمكن التدليل به، بل "برميل البارود القابل للانفجار"[42].

تقتل إسرائيل الفلسطينيّين في الأراضي المحتلّة عام 1948 بهدف طردهم، وفي الضفّة الغربيّة بهدف إزاحتهم دفعًا لعجلة الاستيطان، إلّا أنّها تقتل الفلسطينيّين في غزّة، لا لطردهم ولا لإخضاعهم إلى حلّ سياسيّ بالمقاس الّذي يناسبها. لا تملك إسرائيل هدفًا وراء قتل الغزّيّ إلّا قتله - والقتل فعل سياسيّ هنا؛ من خلال التخطيط المستمرّ للفاجعة البطيئة والكثيفة، الّتي إن تمكّن المرء من خطّها فإنّه لا يعني أنّه يدعو إلى تخطّيها، بل طخّها دفعة واحدة إلى الأبد.

 


إحالات

[1] يُنْظَر: مجد أبو عامر، "البحر صورتنا: سوسيولوجيا الساحل الغزّيّ"، فُسْحَة ثقافيّة - فلسطينيّة، 3/1/2021، شوهد في 16/10/2023، في: https://tinyurl.com/cpwwnm9j

[2] يُنْظَر: مجد أبو عامر، "بوّابة أقسى من السجن، أو حكاية معبر رفح"، عرب 48، 9/10/2018، شوهد في 16/10/2023، في: https://bit.ly/3QvNvdg

[3] بموجب اتّفاقيّة الهدنة العامّة (رودس، 24 شباط (فبراير) 1949). يُنْظَر: "مصر - إسرائيل: اتّفاقيّة هدنة عامّة"، الموسوعة التفاعليّة للقضيّة الفلسطينيّة، شوهد في 16/10/2023، في: https://tinyurl.com/4s5295n3

[4] عطا القيمري، "غزّة شوكة في الحلق"، مجلّة الدراسات الفلسطينيّة، مج 4، العدد 13 (شتاء 1993)، ص 152.

[5] عبد الهادي العجلة، "الإنسان المنبوذ والحياة الغزّيّة العارية"، فُسْحَة ثقافيّة - فلسطينيّة، 6/4/2022، شوهد في 16/10/2023، في: https://tinyurl.com/2476yx9e

[6] Ariella Azoulay & Adi Ophir, “Abandoning Gaza,” in: Marcelo Svirsky & Simone Bignall (eds.), Agamben and Colonialism (Edinburgh: Edinburgh University Press, 2012), p. 182.

[7] Safa Joudeh, “Defying Exception: Gaza after the ‘Unity Uprising’," Journal of Palestine Studies, vol. 50, no. 4 (2021), pp. 73-77.

[8] Giorgio Agamben, Homo Sacer: Sovereign Power and Bare Life, Daniel Heller-Roazen (trans.) (Stanford: Stanford University Press, 1998).

[9] Azoulay & Ophir, p. 183.

[10] عروبة عثمان، "غزّة: معركة السيقان المبتورة"، باب الواد، 17/7/2018، شوهد في 16/10/2023، في: https://tinyurl.com/mr495s97

[11] يُنْظَر: عامر شطارة ودعاء نصّار، "مفهوم السياسات الحيويّة بين ميشيل فوكو وجورجيو أغامبين"، تبين، مج 10، العدد 40 (ربيع 2022)، ص 93-114.

[12] إسماعيل ناشف، صور موت الفلسطينيّ (الدوحة/ بيروت: المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 2015).

[13] تتساءل فلسطينيّة في إحدى القصص المصوّرة الّتي تروي تفاصيل قتل المدنيّين الفلسطينيّين في خان يونس ورفح، من قِبَل جيش الاحتلال الإسرائيليّ في عام 1956، في: جو ساكو، غزّة: تاريخ من النضال (بيروت: الدار العربيّة للعلوم ناشرون، 2011)، ص 165.

[14] Kjell Anderson, “Colonialism and cold genocide: The case of West Papua,” Genocide Studies and Prevention, vol. 9, no. 2 (2015), pp. 9-25.

[15] Mohammed Nijim, “Genocide in Palestine: Gaza as a case study,” The International Journal of Human Rights, vol. 27, no. 1 (2023), pp. 165-200.

[16] للنقاش عن الفلسطينيّين بوصفهم سكّانًا أصليّين، يُنْظَر: مجد أبو عامر، "تمييز التضامن وتغيير المُحاوَر: نحو إعادة التفكير في الأصلانيّة فلسطينيًّا، وفي فلسطين أصلانيًّا"، في: سوزانا هينتي وغاري فولي (تحرير)، التضامن بين السكّان الأصليّين: شهادات ونصوص، حميد دباشي (تقديم) (رفح: مجلّة 28، 2021)، ص 23-30.

[17] Pauline Wakeham, “The slow violence of settler colonialism: Genocide, attrition, and the long emergency of invasion,” Journal of Genocide Research, vol. 24, no. 3 (2022), pp. 337-356.

[18] نعوم تشومسكي، "’أبيدوا جميع البهائم: غزّة 2009"، في: نعوم تشومسكي وإيلان بابه، غزّة في أزمة: تأمّلات في الحرب الإسرائيليّة على الفلسطينيّين (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2011)، ص 112.

[19] Martha Cottam, Joe Huseby & Faith Lutze, Slow Genocide: The Dynamics of Violence and Oppression in Refugee Camps and American Ghettos (Washington, DC: Washington State University, 2006), p. 2.

[20] Azoulay & Ophir, p. 183.

[21] Sara Roy, “Reconceptualizing the Israeli-Palestinian conflict: Key paradigm shifts,” Journal of Palestine Studies, vol. 41, no. 3 (2012), p. 78.

[22] Ibid., p. 86.

[23] سارة روي، قطاع غزّة: السياسة الاقتصاديّة للإفقار التنمويّ (بيروت: مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، 2018).

[24] Euro-Med Human Rights Monitor, “Bitter 16: A Generation Bred in Captivity,” 25/1/2022, accessed on 25/10/2022, at: https://bit.ly/3gLQDVW; UNRWA, “Occupied Palestinian Territory Emergency Appeal: 2022” (Amman: 2022), p. 14.

[25] نورمان ج. فنكلستين، غزّة: بحث في استشهادها، ترجمة أيمن ح. حدّاد (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربيّة، 2020)، ص 389.

[26] ناشف، صور موت الفلسطينيّ، ص 17.

[27] Azoulay & Ophir, p. 185.

[28] يُنْظَر:

Ronit Lentin, “Palestine/Israel and state criminality: Exception, settler colonialism and racialization,” State Crime Journal, vol. 5, no. 1 (2016), p. 41.

[29] نعوم تشومسكي، "أبيدوا جميع البهائم": غزّة 2009"، في: نعوم تشومسكي وإيلان بابه، غزّة في أزمة: تأمّلات في الحرب الإسرائيليّة على الفلسطينيّين (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2011)، ص 112-113.

[30] ربّما يبدو هذا قول معلوم بالضرورة، لكنّ المتابع للإعلام الغربيّ ومنصّات التواصل الاجتماعيّ في أيّامنا، لا يشعر كذلك للوهلة الأولى.

[31] ناشف، صور موت الفلسطينيّ، ص 9.

[32] إسماعيل ناشف، "عمل الحدّ: قراءة مختلفة للصهيونيّة"، تبين، مج 9، العدد 34 (خريف 2020)، ص 49.

[33] بابيه، ص 327.

[34] Achille Mbembe, “Necropolitics,” Libby Meintjes (trans.), Public Culture, vol. 15, no. 1 (2003), p. 12.

[35] إيلان بابيه، أكبر سجن على الأرض: سرديّة جديدة لتاريخ الأراضي المحتلّة (عمّان: الأهليّة للنشر والتوزيع، 2020)، ص 334.

[36] Daniel Chirot & Clark McCauley, Why Not Kill Them All? The Logic and Prevention of Mass Political Murder (Princeton: Princeton University Press, 2006).

[37] Raphael Lemkin, Axis Rule in Occupied Europe: Laws of Occupation, Analysis of Government, Proposals for Redress (Washington, DC: Carnegie Endowment for International Peace Division of International Law, 1944), p. 79.

[38] بدأت مع العمليّة العسكريّة «ناقل الحركة الآليّ» (6 أيلول (سبتمبر) 2003)، الّتي حاولت إسرائيل من خلالها اغتيال كبار قادة «حماس»، على رأسهم أحمد ياسين، وليس انتهاء بعمليّة «السيوف الحديديّة» الّتي شنّها جيش الاستعمار الإسرائيليّ ردًّا على إعلان فصائل المقاومة الفلسطينيّة لمعركة «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023. لتفاصيل هذه الحروب الإسرائيليّة على قطاع غزّة، يُنْظَر: مجد أبو عامر ووديع العرابيد، "الحرب الإسرائيليّة على حركة "الجهاد الإسلاميّ" في فلسطين: خلفيّات معركة "وحدة الساحات" وآثارها الإستراتيجيّة"، ورقة إستراتيجيّة، رقم 6، المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 20/9/2022، ص 3-8، شوهد في 12/10/2023، في: https://bit.ly/3OtcL66

[39] "الأعمال القتاليّة في قطاع غزّة وإسرائيل | تقرير موجز بالمستجدات رقم 15"، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة، 21/10/2023، شوهد في 21/10/2023، في: https://tinyurl.com/dxet5ktm

[40] Yagil Levy, “The Gaza fighting: did Israel shift risk from its soldiers to civilians?,” Middle East Policy, vol. 24, no. 3 (2017), pp. 117-132.

[41] ضحى الكحلوت، "صور مع الحرب"، في: محمّد تيسير (اختيار وتقديم)، غزّة أرض القصيدة: أنطولوجيا شعريّة (بيروت: المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر، 2021)، ص 140.

[42] خوان غويتيسولو، دفاتر العنف المقدّس: سراييفو، الجزائر، غزّة-أريحا، الشيشان، ترجمة وتقديم طلعت شاهين (القاهرة: مصر العربيّة للنشر والتوزيع، 1996)، ص 125.

 


 

مجد أبو عامر

 

 

شاعر وقاصّ وباحث من غزّة. حاصل على بكالوريوس الحقوق من «جامعة فلسطين»، وماجستير «العلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة» من «معهد الدوحة للدراسات العليا». يعمل باحثًا في «المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات»، صدرت له المجموعة الشعريّة «مقبرة لم تكتمل» (2018)، وحصل على «جائزة نجاتي صدقي للقصّة القصيرة» عام 2020.