اعتقلوه في "المسكوبية": تعذيب وحشي ومَنعٌ من العلاج لساعات

وكما هو حال غالبية الذين اعتقلوا في محطة المسكوبية وتعرضوا للضرب والتعذيب بشكل همجي، سرد بنا ظروف اعتقاله بالقول "أدخلوني إلى غرفة كان فيها عدد من القاصرين وأشخاص في سن والدي، وكلهم جالسون على الأرض وهم مكبلون ببعضهم البعض، وبعد

اعتقلوه في

الطالب الجامعي شادي بنا (عرب 48)

يقوم "عرب 48" بتوثيق شهادات من جراء حملة الاعتقالات الشرطية التي استهدفت الشبان في سائر البلدات العربية خلال الهبة الشعبية في أيار/ مايو الماضي.. وتضاف هذه إلى شهادات حيّة أخرى إثر ما تعرض له معتقلو الهبة الشعبية من إذلال وتعذيب.


أدلى الشاب شادي بنا من مدينة الناصرة بشهادة مثيرة أمس، الجمعة، أمام المشاركين في حوارية حول الهبة الشعبية الأخيرة وحملة الاعتقالات، والتي نظمت ضمن إطار يوم التكافل ومساندة أهالي المعتقلين في جمعية "بلدنا" بالبلدة القديمة في الناصرة، في أعقاب ما تعرض له من اعتقال وتعذيب داخل محطة شرطة "المسكوبية".

ومما يذكر أن مركز "عدالة" طالب، مؤخرا، من خلال توجه عاجل إلى المفوض العام للشرطة، بتعليق عمل ضابط محطة المسكوبية، إيلي صيلوك، وذلك بعد الشكوى التي قدمها المركز يوم 7 حزيران/ يونيو إذ شملت شهادات مروعة حول أساليب غير قانونية استخدمت في المحطة بهدف التعذيب والتنكيل بحق المعتقلين وانتهاك حقوقهم كمنعهم من اللقاء بمحامين.

وفي أعقاب الشكوى، أبلغت وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة (ماحش) مركز عدالة عن فتح تحقيق بهذا الشأن.

وكانت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك) قد نفذا حملة اعتقالات ضد الشبان في المجتمع العربي على خلفية الهبة الشعبية ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات تهجير سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في البلاد، في شهر أيار/ مايو 2021.

وعما تعرض له الطالب الجامعي شادي بنا سرد قائلا "جئت إلى هنا كي أشارككم تجربة اعتقالي في أيار/ مايو الماضي، وتحديدًا في التاسع من الشهر نفسه حينما نزلنا إلى الشارع في أول يوم للتظاهر والتعبير عن موقفنا الرافض لإخلاء حي الشيخ جراح، إذ هتفنا وأوصلنا كلمتنا وعبرنا عن موقفنا وكانت المظاهرة سلمية لأبعد الحدود وقد تخللها هتافات وتضامن وتعبير عن موقف".

وتابع "قبل أن تنتهي المظاهرة بدأت عملية القمع من قبل عناصر الشرطة وحرس الحدود، إذ لم ينظروا إلينا ولم يشاهدوا ما إذا كنا قد قمنا بأي عمل مخل بالنظام أو مخالف للقانون. كان ذلك في ساحة العذراء وكنت أنا أقف جانبا وأضع الحطة الفلسطينية على كتفي، ووسط رائحة الغاز المسيل للدموع الذي أطلقوه نحو المتظاهرين والصراخ وحالة الفوضى التي أحدثها عناصر الشرطة جرى اعتقالي من قبل مستعرب ارتدى بلوزة بيضاء وبنطلون جينز".

ولفت إلى أنه "في البداية لم أستوعب الحدث واعتقدت أنه شابا من بين المتظاهرين كان يبحث عن مخبأ من القنابل والدخان، حيث أحكم قبضته علي قبل أن ينضم إليه 4 من الجنود الذين اعتدوا علي بطريقة وحشية بالركل والبنادق التي كانت بحوزتهم، حتى صرت أنزف من رأسي وتلطخت ملابسي بالدماء وكل ذلك لم يشفع لي فقد استمروا بالضرب حتى قيدوني بالأيدي واقتادوني إلى محطة المسكوبية التي تبعد بضعة أمتار عن ساحة العين حيث وقعت الأحداث".


وكما هو حال غالبية الذين اعتقلوا في محطة المسكوبية وتعرضوا للضرب والتعذيب بشكل همجي، سرد بنا ظروف الاعتقال بالقول "أدخلوني إلى غرفة كان فيها عدد من القاصرين وأشخاص في سن والدي، وكلهم جالسون على الأرض وهم مكبلون ببعضهم البعض، وبعد وصولي إلى هناك جرى تكبيل يداي مع شخصين آخرين، كل يد مربوطة مع معتقل آخر من الموجودين في الغرفة وكل من يراقب هذا المشهد يدرك أنها عملية تعذيب غير طبيعية. كل من تكلم حينها تعرض لاعتداء بالضرب حتى الكبار عندما حاولوا ترجمة ما يقولونه القاصرون إلى العبرية جرى الاعتداء عليهم وإخراسهم، وأنا كنت أجلس القرفصاء بسبب ما تعرضت له من ضرب على خاصرتي، فصار الشرطي يضربني بعصا كي أجلس بالوضعية التي يريدها هو وقلت له إنني لا أستطيع لكنه لم يلتفت إطلاقا لما أقوله له. أضف إلى ذلك أولئك الذين كانت الأصفاد البلاستيكية شديدة الإحكام على أياديهم عند الرسغ وطلبوا من الشرطي بأن يخفف من الضغط من أجل جريان الدم الذي انقطع عنها وتحول لون اليدين إلى الأزرق فكان الشرطي يشدها أكثر بدلا من أن يقوم بتخفيفها".

وعن الإهانات التي تعرض لها المعتقلين مثل وصفهم بالذباب وكلمات مهينة أخرى، روى قائلا "حتى حين علا صوت الأذان كان الشرطي يقول لنا هيا صلوا لعل الله يفك أسركم ولا تعودوا لإلقاء الحجارة، كل ذلك وسط مشهد الدماء على ملابس المعتقلين، الذين منعوا من تلقي العلاج لمدة 4 ساعات على الأقل حتى سمح للطواقم الطبية بفحص المعتقلين".

وأضاف "عند وصول الطاقم الطبي سأل المعتقلين إذا ما كانوا بحاجة إلى علاج، فاقترب مني أحد المضمدين وقال لي دعني أنظر إلى إصابتك، فأنا لم أكن أشعر بآلام الجرح نتيجة هول ما يدور حولي، وحين فحص الجرح قال لي إنه لا ينبغي بقائي هنا بسبب معاناتي من جرح مفتوح لا يتوقف عن النزيف ويجب إحالتي إلى المستشفى فورا، ومنذ اتخاذ القرار مرت 4 ساعات إضافية من المماطلة المتعمدة حاولوا خلالها إخضاعي للتحقيق قبل نقلي إلى المستشفى، ثم أحضروا لي ورقة مكتوب عليها باللغة العبرية وطلبوا مني التوقيع عليها، وكنت قد قرأت في نشرة توصيات صادرة عن مركز عدالة بعدم التوقيع على أي مستند تحت ضغط التحقيق، فطلبت أن يترجموا لي عما تنصه الورقة لكنهم رفضوا وقالوا لي إن لم توقع فسيتم إعادتك إلى غرفة الاعتقال ولن تتلقى العلاج وقد أجبروني على التوقيع على واحد من خيارين، إما الحبس المنزلي أو الإبعاد عن المنزل، ولأنني كنت على وشك فقدان الوعي وبحاجة ماسة للدخول إلى المرحاض اضطررت مرغما على التوقيع".

وأوضح أن "الخروج من المسكوبية واجه الكثير من العقبات والمماطلة وبالتالي جرى حجز كل أغراضي بينها هاتفي الخليوي ومفاتيح السيارة والحطة الفلسطينية التي جردوني منها، وقد استمرت هذه المماطلة حتى الثالثة فجرا بعدها غادرت برفقة الطاقم الطبي دون حراسة من الشرطة التي أصرت على هذا الأمر في البداية لكنها تنازلت عنه لاحقا".

وأكد بنا أنه واحد من بين عشرات الذين مروا بتجربة مشابهة من الاعتداء عليهم بالضرب والتنكيل والتعذيب، مشيرا إلى أنه "شعر بالعجز حين استمرت الاحتجاجات بينما هو كان يقبع في المنزل رهن الحبس المنزلي، وأنا أؤمن أن الاستمرارية في رفع راية الحق والنضال من أجل عودة الحق لأصحابه في الشيخ جراح واجب على الجميع ولا يعقل أننا لا نستطيع أن نقف في بلدتنا وأن نعبر عن رأينا وأن نرفع صوتنا ضد الظلم لا بل أننا نقابل بالضرب والتنكيل والإهانة والإذلال".

وردا على سؤال "عرب 48" إذا ما كانت هنالك لحظات خوف حقيقي وسط الضرب المبرح والتهديد والوعيد، وما إذا كان لديه خوف على مستقبله التعليمي بسبب ملف التحقيق في الشرطة، أجاب بنا بالقول إنه "لم يشعر بالخوف من إيذاءه جسديا أكثر مما كان، فهم ربما اكتفوا بأن جعلوه ينزف من رأسه، وعندما كنت في التحقيق كان المحققين يتحدثون مع بعضهم البعض ويقولون أنظر كيف يضيع الشاب العربي مستقبله التعليمي، وهذه المقولة تكررت كجزء من التهديد الذي تعرضنا له وقالوا لنا لقد قضيتم على مستقبلكم التعليمي في البلاد، وبعض الشبان فعلا خافوا من رد فعل أهاليهم حين سمعوا مثل هذه العبارات من المحققين وعناصر الشرطة".

التعليقات