على أبواب العام الدراسي: حركة ضعيفة في المكتبات وغموض يكتنف بدء التعليم

أيام قليلة تفصل طلاب المدارس عن مقاعدهم الدراسية، ويبدو أن حالة الغموض التي تكتنف مصير افتتاح السنة الدراسية تنعكس على استعدادات الطلاب لاستقبال العام الدراسي الجديد.

على أبواب العام الدراسي: حركة ضعيفة في المكتبات وغموض يكتنف بدء التعليم

عام دراسي جديد على الأبواب (عرب 48)

أيام قليلة تفصل طلاب المدارس عن مقاعدهم الدراسية، ويبدو أن حالة الغموض التي تكتنف مصير افتتاح السنة الدراسية تنعكس على استعدادات الطلاب لاستقبال العام الدراسي الجديد، إذ يبدو من خلال الجولة التي قام بها "عرب 48" في عدد من المكتبات في مدينة الناصرة وقرية كفر كنا، أن تلويح نقابة المعلمين بالإضراب والتهديد بعدم افتتاح العام الدراسي الجديد تتسبب بتأخير الحركة الشرائية للوازم المدرسية من كتب ودفاتر وقرطاسية وحقائب وغير ذلك.

يؤكد أصحاب المكتبات أنه في مثل هذا الوقت من كل عام أي في الأسبوعين الأخيرين قبل افتتاح العام الدراسي كان ينبغي للحركة التجارية أن تكون في ذروتها، ويكثر فيها الإقبال على شراء اللوازم المدرسية، وعادة ما تعزز المكتبات من طواقم العاملين فيها بسبب الضغط والأعداد الكبيرة من العائلات التي تصل بمجموعات لشراء ما ينقصها من لوازم مدرسية وحقائب، إلا أنه حتى اليوم لا زالت هذه الحركة ضعيفة في المكتبات التي لا تستقبل سوى أفرادا لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة.

وفي رده على سؤال "عرب 48" حول غياب الحركة التجارية النشطة، قال صاحب "مكتبة العين" في مدينة الناصرة، حسام رزق، الذي كانت مكتبته خالية تماما من الزبائن لدى زيارتنا له، إنه "على ما يبدو أن العائلات ما زالت منشغلة بأجواء الرحلات والمتعة في الخارج، ولم تبلغ الحركة الشرائية ذروتها".

وأضاف أنه "على الرغم من أن رحلة الاستجمام إلى الخارج تكلف الأهل أضعاف ثمن الحقيبة المدرسية وأقساط تعليم أولادهم طيلة العام الدراسي إلا أنهم يرفضون التخلي عنها. لا أقول ذلك على سبيل النقد، وإنما ردا على ظاهرة التذمر السائدة لدى الأهالي والادعاء بأن أسعار الكتب مرتفعة".

حسام رزق (عرب 48)

وأكد أن "معظم الأهالي يكررون هذه العبارة بأن الكتب غالية دون معرفة بالموضوع. والحقيقة هي أن سعر الحقيبة المدرسية كأي سلعة أخرى في السوق متوفرة بجودة عالية وبجودة أقل، وهناك مساحة واسعة للاختيار بين ما هو باهظ الثمن وبين ما هو أقل ثمنا وجودة، باستثناء الكتب المدرسية التي لها تسعيرة موحّدة في كل المكتبات تقريبا بتفاوت ربما بسيط بين مكتبة وأخرى".

وختم رزق بالقول إن "تجهيز طالب في الصف الأول لا يتعدى مبلغ 600 شيكل، وطالب في الصف الثاني يزيد عن هذا المبلغ بحوالي 70 - 100 شيكل إضافية، وتكون الدالة تصاعدية كلما تقدم الطالب صفا إلى الأعلى لغاية الصف العاشر، حينها لا يعود يحتاج المزيد من الكتب بل إنها تخدمه على امتداد المرحلة الثانوية لغاية الصف الثاني عشر".

عدنان أبو جابر (عرب 48)

وعن الحقيبة المدرسية كان لـ"عرب 48" زيارة لمحلات أبو جابر للحقائب على أنواعها، تحدثنا خلالها مع صاحب المحل الواقع على الشارع الرئيسي في مدينة الناصرة، عدنان أبو جابر، والذي أكد أنه "من المفارقات أن الطلب يزداد على حقائب السفر بالدرجة الأولى، وحتى في موسم العيد، في الماضي كان يكثر الطلب على محفظة النقود ومحفظة الإكسسوارات للفتيات، لكن هذه المعادلة تغيّرت في السنوات الأخيرة وأصبح الإقبال الأكبر على حقائب السفر بينما تكدّست المحفظات وحقائب النقود على الرفوف".

أما عن حقيبة الطالب، فقال أبو جابر إن "الحركة الشرائية بدأت ولكن بـ'القطّارة' أي بوتيرة ضعيفة حتى الآن"، مشيرا إلى أن "الأطفال (صفوف البستان والابتدائية) يحبّون شراء الحقائب من الماركات المعروفة والتي تحمل صور 'أبطالهم' من الشخصيات الكرتونية التي يشاهدونها ويتابعونها عبر البرامج المختلفة، ويتراوح ثمن حقيبة الطالب الابتدائي ما بين 50 - 150 شيكلا، وهناك الحقائب الفاخرة التي تضم رزمة كاملة تشمل عربة لحمل الحقيبة بالإضافة إلى مقلمة ومطرة مياه وعلبة للتزود بالطعام يصل ثمنها إلى 300 شيكل".

إقبال ضعيف على المكتبات (عرب 48)

وعن الحالة الاقتصادية للأهل وما إذا كانت هناك مظاهر للضائقة المالية العامة في البلاد، قال أبو جابر إنه "نشعر من خلال استفسارات الأهل وطريقة الدفع بأن هناك أزمة، لكن على الرغم من ذلك فإن الأهل يحبون أن يروا الفرحة على وجوه أبنائهم وإن كان معظم الأولاد يفضلون العطلة على التعلم في المدرسة، لذلك فإنهم يهتمون بأن يوفروا لهم كل احتياجاتهم للسعادة بها". أما الكبار (طلاب الثانوية) فيقول أبو جابر "إنهم لا يحتاجون الأهل لدى اختيارهم الحقيبة، وهم عادة ما يختارون الماركات ذات الجودة الفاخرة". وأعرب أبو جابر عن أمله بأن تنشط الحركة التجارية في الأيام العشرة الأخيرة التي تسبق افتتاح السنة الدراسية.

وقال المسؤول في مكتبة "القلم" في كفر كنا، عامر خطيب، لـ"عرب 48" إن "موسم الأعراس، وموسم الرحلات، وعيد الأضحى المبارك، مناسبات جاءت متزامنة مع افتتاح السنة الدراسية، أضف إلى ذلك المصير المجهول الذي يكتنف افتتاح السنة الدراسية والتلويح بالإضراب.. هذه العوامل مجتمعة معا تسببت بتأخير الاستعدادات لاستقبال العام الدراسي الجديد، فالحال في كفر كنا لا يختلف عما هو عليه في الناصرة، والإقبال على شراء الكتب والحقيبة المدرسية لم يبدأ بالتحرك نحو الذروة".د

عامر خطيب (عرب 48)

وأضاف خطيب أنه "في مثل هذه الأيام من السنوات الماضية، كان موسم الاستعدادات لافتتاح السنة الدراسية في ذروته، ونحن في الواقع لا نستطيع أن نحدد بالضبط الأسباب لهذا التأخير، ربما يكون أحد الأسباب التي ذكرتها في السابق وهي تزامن المناسبات معا أو ربما الوضع الاقتصادي الصعب للعائلات يلعب دورا في هذا التأخير".

وعن أسعار الكتب والدفاتر، أكد خطيب أنها "ارتفعت بصورة طفيفة جدا وليس بالحد الذي يجعل الأهل يعزفون عن شراء الكتب والدفاتر ولوازم أبنائهم. نحرص كما في كل عام على منح كل التسهيلات الممكنة للعائلات، ونسعى بكل جهد للتوفير من ميزانيتهم المخصصة لهذا الهدف".

عامر زريقي (عرب 48)

وقال مدير مخزن لبيع الكتب المدرسية بالجملة في كفر كنا، عامر زريقي، لـ"عرب 48" إن "المكتبات استعدّت، حتى الآن، بشكل جيد وتتوفر فيها كل الكتب المطلوبة لكل المراحل التعليمية، لكن منسوب البيع في المكتبات لا يزال ضعيفا جدا والموسم لم يبدأ بعد باستثناء قلة من أصحاب المكتبات الذين يرون بأن الحركة لديهم بدأت تنشط، لكن مقارنة مع الفترة من العام الماضي فإن الحركة تعتبر بطيئة جدا".

وعزا زريقي ضعف الحركة الشرائية إلى "المفاوضات بين وزارة المالية ونقابة المعلمين، والتي يظهر حتى الآن أنها وصلت إلى طريق مسدود، والاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن السنة الدراسية لن تفتتح في موعدها، لذلك سيكون لديهم متسعا من الوقت للاستعداد ربما بعد تقاضيهم رواتب الشهر المقبل، كي لا يدخلوا في أزمة خانقة، وقد يكونوا قد اعتادوا على هذه الأزمات، ففي السنة الماضية كانت أزمة كورونا سببا في تأخير افتتاح السنة الدراسية ليأتي التلويح بالإضراب هذا العام ويحدث أزمة جديدة".

ولم يكن رأي صاحب "مركز شام للكتاب"، أحمد خطيب، مخالفا لما تحدث عنه سابقوه لـ"عرب 48"، لكنه اختار، كما قال، أن يمنح تسهيلات للعائلات الفقيرة وكثيرة الأولاد في هذا المركز القائم في كفر كنا منذ نحو 25 عاما، ويستقطب زبائنه من أقصى شمال البلاد إلى أواسط البلاد، وهو يحتفظ بقوائم الكتب المطلوبة للطلاب في كل بلدة وكل مدرسة عربية، ولذلك "لا حاجة لأن يصل إلينا الطلاب مع قائمة الكتب فالقوائم متوفرة لدينا وبأفضل الأسعار".

أحمد خطيب (عرب 48)

وأضاف أنه "من المفارقات أن الكتب التي تتم طباعتها في دور النشر والمطابع التي يملكها اليهود ككتب البيئة والجغرافية والبيولوجيا وغيرها قد انخفض سعرها هذا العام بنحو 15%، وفي مقابل ذلك ارتفع ثمن الكتب التي تطبع في دور النشر والمطابع العربية بنحو 17%، ولا أحد يعرف ما السبب".

وختم خطيب بالقول إنه "نقدّر بأن العائلات التي استعدت للعام الدراسي لا تتجاوز حاجز 30%، إذ في ساعات النهار والمساء نلاحظ حركة نشطة إلى حد ما، وليس كما هو في كل عام، ونأمل بأن يأتي الفرج في الأيام الأخيرة التي تسبق افتتاح العام الدراسي الجديد".

التعليقات