07/02/2019 - 16:23

أطفال في قبضة "سمارتفون"...

كثير من الناس يتفاجؤون من مدى ارتباط، وتعلّق أبنائهم أو أحفادهم وفي سن مبكرة جدًا بأجهزة الهاتف.

أطفال في قبضة

كثير من الناس يتفاجؤون من مدى ارتباط، وتعلّق أبنائهم أو أحفادهم وفي سن مبكرة جدًا بأجهزة الهاتف.

فهم يلتصقون بها بصورة مَرَضية، ويغيبون في الشاشة، وقد تحثّ أحدهم مرات على ترك الجهاز فلا يسمعك ولا يراك.

خطورة الهواتف والأجهزة الذكية واضحة على سلامة العينين، كذلك فهي تسبب الصداع، وضعف التركيز في الأمور الأخرى خارج الشاشة، فتسبب لهم تشتّتا، إضافة لهذا، فهي وسيلة مسبّبة ومغذية للعنف، خصوصا أنها مكتظة بالألعاب التي تحوي القتل والتّدمير وإطلاق النار، وهذه مشاهد يمتصها الطفل في وعيه ولا وعيه، ويتأثر بها، ولا بد أن يفرغها في لحظة ما.

السؤال هو، ماذا يمكن أن نفعل مع هذه الظاهرة؟ كيف يمكن أن نتغلب عليها أو نخفف من حدّتها على الأقل؟ فالأهالي عاجزون عن رفض طلبات الأبناء، فلا يمكن أن تحرم أبناءك من الهاتف بينما ينعم به الآخرون! لقد أصبح الهاتف جزءا لا يتجزأ من حياتهم.

إذن ما دام أنه ليس من الهاتف مفر، فمن واجب الأهل أن ينتبهوا إلى المواقع التي يدخلها أبناؤهم، وكيف يستعملونه، وهذا يتطلب عدم منحهم الشعور بالحرية المطلقة، فالحرية الشخصية للطلاب يجب أن تكون مراقبة في هاذ الجانب، يجب أن يشعروا بأن هناك من يراقبهم.

ثانيا، يجب تحديد وقت معين ومحدّد لممارسة مثل هذا النشاط للطالب، وعدم ترك قضية الوقت لمزاجه، فتركه ومزاجه يعني أنه لن يترك الهاتف أو الحاسوب أبدًا من بين يديه.

ثالثا، وهذا الأهم، بما أننا عاجزون عن حرمانهم من الهاتف أو الجلوس قبالة الحاسوب، فعلى الأقل علينا أن ندفعهم إلى البحث عن المواد المفيدة والمسلية في الآن نفسه، بحيث تتحول تسليتهم بهذه الأجهزة إلى بحث عن مواد مفيدة تعليمية وتثقيفية يستفيدون منها، وقد تكون مساعدة لهم في دروسهم وامتحاناتهم في شتى المواضيع، فهناك ما لا يحصى من الدروس المسجلة على الفيديوهات، مثل سماع قصيدة وتحليلها، كذلك هناك الكثير من الفيديوهات التي تحكي قصصا ممثّلة للأطفال وللمراهقين، من الأدب العربي والعالمي، كذلك توجد دروس مسلية في اختبارات الذكاء وألغاز في الهندسة والفيزياء وغيرها من العلوم، فما أجمل أن نزرع فيهم شرارة البّحث عن المواضيع المفيدة، وتحويل هذه الأجهزة إلى تسلية ومتعة وفائدة.

كذلك ممكن ترغيب الأطفال في سماع أغان مخصصة للأطفال في العربية الفصحى، مثل قصائد سليمان العيسى المغناة وأحمد شوقي وغيرهما، ويوجد من هذه النوعيات الكثير من القصائد الملحّنة مع خلفية من الصور المتحركة التي سيحبها الأطفال من مختلف الأجيال، وذلك بسبب سهولة ألحانها وكلماتها.

من جهة أخرى، على الأهالي توجيه الأبناء إلى أن المعرفة والتعلم، أهم من المظاهر الخارجية ومن السيارات، فبعض الطلاب يفخرون أمام معلميهم وزملائهم بنوع سيارة والدهم أو والدتهم، ويرون بهذا إنجازا عظيما، وتفوّقا على زملائهم وحتى على معلميهم الذين قد يملكون سيارات متواضعة.

 من خلال لقاءاتي الكثيرة مع الطلاب من مختلف المدارس وخصوصا طلاب المرحلة الابتدائية، صرت أتفاجأ من مدى ضعف الطلاب في اللغة العربية، فقد ألغيت في السنوات الأخيرة الكثير من المواد، مثل المحفوظات التي لم يعد لها وجود، لا من الشعر القديم ولا الحديث، صحيح يوجد نماذج لتحليل قصيدة، ولكن الحفظ لم يعد مطلوبا بالمرة، علما بأن حفظ الشعر بقديمه وحديثه كان وما زال زادًا أساسيا من الثروة اللغوية لدى الطالب؛ حيث يتدرب عليها لسانه بحسب إيقاع وموسيقى، حتى لو لم يكن يعرف الإعراب، فإنه سيعتاد لفظ الكلمات بصورة صحيحة، فحفظ الطالب للشعر أو لآيات من القرآن الكريم، يقوّم لسانه وألفاظه، ويسهّل عليه النطق بحسب القواعد، وبأقل ما يمكن من الأخطاء، ممكن للأهالي المساعدة في هذا، من خلال تشجيع أولادهم على حفظ بعض السور القصار من القرآن الكريم، أو بعض الأشعار الفصيحة المخصصة للأطفال، أو بعض الأشعار التي تحوي الحكم، مثل.

لا تقل أصلي وفصلي أبدا

إنما أصل الفتى ما قد حصل

إنما الورد من الشوك

وما النرجس إلا من بصل

واضح أن المنهاج الرسمي يعمل باتجاه تهميش اللغة العربية، وعليه لا بد من التعاون بين الأهالي والهيئات التدريسية والمؤسسات القادرة على مساعدة الطلاب ضمن البرامج اللامنهجية مثل المكتبات العامة والمراكز الجماهيرية.

هذا لا يلغي أن طلاب الجيل الصاعد أذكياء جدًا، ومنفتحون، ولديهم قدرات كبيرة على الاستيعاب أكثر من الأجيال السابقة، ولكن تحتاج طاقاتهم إلى الرعاية والتوجيه الصحيح الذي يوصلهم إلى الآفاق التي نريدها لهم.                

 

التعليقات