قبل شهر من الانتخابات.. أكثر من 20 رئيسا ومرشحا "تحت طائلة التهديد"

وفقا الشرطة الإسرائيلية، فإن هناك 29 ملف تهديد على حياة رؤساء سلطات محلية، والتقديرات تشير إلى أنه كلما اقترب موعد الانتخابات أكثر فإن البلاد ستشهد تصعيدا أكبر.

قبل شهر من الانتخابات.. أكثر من 20 رئيسا ومرشحا

من مظاهرة السلطات المحلية في القدس ضد الجريمة وتجميد الميزانيات (عرب 48)

يخشى رؤساء سلطات محلية عربية ومرشحون إزاء الجريمة المستفحلة في المجتمع العربي، وخصوصًا في أعقاب استهداف وتهديد عدد منهم قبيل انتخابات السلطات المحلية المقررة في 31 تشرين الأول/ أكتوبر القادم.

ويشهد المجتمع العربي منذ مطلع العام الجاري تصاعدا في وتيرة العنف والجريمة (168 قتيلا عربيا منذ مطلع العام)، وقد شهدت الفترة الأخيرة أحداث عنف وجرائم ضد ممثلي ومنتخبي جمهور من قبل منظمات إجرامية، في محاولة للدخول إلى السلطات المحلية أو محاولة التأثير على نتائج الانتخابات ضمن إستراتيجية المنظمات الإجرامية للسيطرة على مواردها.

29 ملف تهديد على حياة رؤساء سلطات محلية

وتشير معطيات استقاها "عرب 48" حول الاعتداءات على منتخبي وممثلي جمهور منذ آذار/ مارس 2023، أي قبل 6 شهور تقريبا من الانتخابات، إلى أن 21 جريمة مختلفة ارتكبت ضد منتخبي أو ممثلي جمهور في المجتمع العربي، وشملت الجرائم إطلاق نار على منازل ومركبات، بالإضافة إلى إصابات وجرائم القتل في الوقت الذي لم تؤكد فيه الشرطة أن خلفية الجرائم هي انتخابات السلطات المحلية.

وبحسب المعطيات، فإن 20 رئيس سلطة محلية مصنفين تحت طائلة التهديد، بينهم 12 مصنفون في الدرجة 6 وهي الأعلى خطورة وتلزم توفير حماية من وزارتي الداخلية والأمن. وبيّنت المعطيات أن 8 مرشحين تلقوا تهديدات وجرى تصنيفهم تحت طائلة التهديد وقد وُفرت لهم الحماية.

ووفقا الشرطة الإسرائيلية، فإن هناك 29 ملف تهديد على حياة رؤساء سلطات محلية، والتقديرات تشير إلى أنه كلما اقترب موعد الانتخابات أكثر فإن البلاد ستشهد تصعيدا أكبر.

جرائم متواصلة ضد رؤساء ومرشحين

وطالت آخر الجرائم التي وقعت فجر الأربعاء منزل وسيارة مرشح الرئاسة في جديدة المكر، عفيف عبد الحاج، وذلك في جريمتين ارتكبتا خلال أقل من 24 ساعة، مما أسفر عن أضرار دون وقوع إصابات.

وفي الأسبوعين الماضيين، أطلقت النيران على منزل رئيس بلدية طمرة، د. سهيل ذياب، فيما أصيب مرشح الرئاسة لبلدية الناصرة، مصعب دخان، بجراح إثر تعرضه لجريمة إطلاق نار. كما تلقى رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، تهديدا بالقتل.

وسبق ذلك وتحديدا في 9 آب/ أغسطس الماضي، مقتل مدير عام بلدية الطيرة، عبد الرحمن قشوع، في جريمة إطلاق نار استهدفته بينما كان برفقة آخرين هما محمد دعاس ومحمود ناصر في طريقهم لحلقة بيتية انتخابية ضمن التحركات الانتخابية المحلية، إذ اتخذ دعاس الذي كان يقود المركبة حينها قرار الدخول إلى محطة الوقود وعند الخروج منها وقعت الجريمة وتعرضوا لإطلاق نار ما أدى إلى مقتل قشوع وإصابة الآخرين.

بعد جريمة قتل قشوع بأقل من 24 ساعة، قتل مرشح الرئاسة لمجلس محلي أبو سنان، غازي صعب، في جريمة قتل جماعية أسفرت عن مقتل 3 آخرين كانوا برفقته. في تموز/ يوليو الماضي قتل مساعد رئيس مجلس محلي الفريديس، علاء مرعي. وقبله قتل ابنا نائب رئيس بلدية الناصرة، محمد عوايسي، وفي نيسان/ أبريل الماضي قتل أدير غانم مساعد رئيس بلدية الطيبة، شعاع مصاروة، بإطلاق نار أمام منزل الأخير.

لم تكن الاعتداءات على ممثلي ومنتخبي الجمهور منفصلة عن الحالة التصاعدية التي يشهدها المجتمع العربي من تفشي الجريمة المنظمة والصراعات الدائرة بينها، والتي تتغذى أساسا نتيجة إهمال الشرطة والحكومة الإسرائيلية في محاربة الجريمة المنظمة على وجه الخصوص، وهذا التصعيد يأتي ضمن دالة تصاعدية، التي كان ضباط في الشرطة قد حذّروا منها، ولكن هذه التحذيرات والمعلومات التي تملكها الشرطة لم تترجم على أرض الواقع، وتفاقمت الجريمة بشكل خطيرة مقارنة مع سنوات سابقة.

ومن جانبه، قرر جهاز الأمن العام (الشاباك) تولي التحقيق في ملفات الاعتداءات التي ستوجه أو وجهت ضد منتخبي أو ممثلي جمهور أو أي اعتداء على خلفية الانتخابات. وفي أعقاب ذلك أعلن عن اعتقالات في جرائم إطلاق النار على مرشح الرئاسة لبلدية الناصرة وإطلاق النار على منزل رئيس بلدية طمرة وتهديد رئيس بلدية الناصرة والجريمة الرباعية في أبو سنان.

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" عددا من رؤساء السلطات المحلية في المجتمع العربي، على خلفية تصاعد الجريمة وتحديدا قبيل الانتخابات المقررة الشهر القادم.

"الشرطة متواطئة ولا تحقق بالشكل المطلوب"

وقال رئيس مجلس محلي جولس، وسام نبواني، الذي تعرض منزله لوابل من الرصاص وإلقاء قنبلتين في أيلول/ سبتمبر 2022 بسبب خلاف على قطعة أرض تابعة للمجلس مع مجموعة من الأشخاص، في حديث لـ"عرب 48"، إنه "دائما هنالك مخاوف بعد أن أطلقت النيران باتجاه منزلي والمجلس، هذا الشعور دائما سيبقى وخصوصا في ظل الجريمة المتفشية في الآونة الأخيرة، ولكن في الفترة الأخيرة يوجد هدوء في جولس".

وسام نبواني

وأضاف "كنت مترددا في إعلاني ترشحي للمنافسة على رئاسة المجلس مرة أخرى، لكنني رأيت أن هناك دعم شعبي لي وهذا ما دفعني لإعلان ترشحي. هناك شكوك بأن تتفاقم الأمور العنيفة بعد إعلاني عن الحملة الانتخابات ولكن أنا عازم على هذه الخطوة".

وحمل نبواني الشرطة المسؤولية بالقول "إنها لا تحقق بالجرائم بالشكل المطلوب، سيما وأن هناك ضباط في مراكز الشرطة يتواطؤون مع المجرمين بشكل يومي ومنتظم من أجل مصالح مشتركة".

"تقاعس الحكومة والشاباك"

وأثنى رئيس بلدية طمرة، د. سهيل ذياب، على حديث نبواني بالقول، في حديث لـ"عرب 48"، إن "المسؤول الأول عن وصول هذا السلاح إلى المجتمع العربي هو الشاباك والحكومة وهناك تقاعس في كل ما يتعلق بجمع السلاح من جانبهما، ومن المؤلم أن الجناة هم من أبناء جلدتنا وأبناء وطننا".

د. سهيل ذياب

وتابع أن "هناك دعم وإصرار من حولي من أجل إكمال مسيرة الاستقامة، ونحن لا نطأطئ رؤوسنا إلى المعتدين ونمنحهم ما يريدون".

وأوضح ذياب "لا نعول على هذه الحكومة التي يتواجد فيها وزير متطرف كل هدفها التضييق علينا أكثر، وأن يمنعوننا الحياة حتى يكون الخيار الأول هو الهجرة، هم لا يريدوننا هنا وبالنسبة لي رئيس سلطة محلية هي مجرد وظيفة لذلك لا أرى أي خطورة".

"وظيفة رئيس سلطة محلية باتت أخطر من رئيس حكومة"

ويصف رئيس بلدية الطيبة، المحامي شعاع مصاروة، والمهدد بدرجة 6 بعد مقتل حارسه الشخصي، في حديث لـ"عرب 48"، أن "الوضع في المجتمع العربي مخيف إلى حد الرعب".

شعاع مصاروة

وتابع "وصلنا إلى وضع مزر وعلى الدولة أن تأخذ مسؤوليتها في الأمن والأمان. تفشي الجريمة والاعتداء على رؤساء السلطات المحلية لم يأت من فراغ، بل هو نتائج الإهمال من قبل الحكومات منذ سنوات في كل ما يتعلق بالصناعة والتربية والتعليم والوضع الاقتصادي".

وشدد على أن "رؤساء السلطات المحلية لا يوجد لديهم الأدوات الأمنية لمحاربة الجريمة، هذه مسؤولية الجريمة وقوات الأمن. لم أحلم يوما أن أتجول بحراسة داخل منزلي وفي مدينتي وعلى مدار الساعة. هناك من يريد أن نقتل بعضنا البعض، كلي أمل أن تفهم الدولة أنها فقدت هيبتها في المجتمع العربي وفقدت سلطة القانون وأقولها للأسف إن الآتي أعظم فاليوم وظيفة رئيس سلطة محلية باتت أخطر من رئيس حكومة".

وأبدى مصاروة أمله في أن تمر الانتخابات القريبة على خير، ولكن على ما يبدو أن هناك من يتسلق على هذه الموجة من قبل العصابات الإجرامية، وهناك من يحاول أن يدخل إلى المدن والبلديات، وأنا أخذت على عاتقي عدم إدخال هذه العصابات إلى البلدية؛ حسبما قال.

"مخاوف كبيرة"

وقال رئيس بلدية الطيرة، مأمون عبد الحي، لـ"عرب 48"، إن "المجرمين لن يقفوا عند هذا الحد، سيستمرون بمحاولة بسط سيطرتهم على كل شيء في هذا المجتمع، ونشر الرعب في الشوارع وسط تخاذل السلطات الإسرائيلية".

عبد الحي وإلى جانبه الضحية قشوع

ولفت إلى أن "هنالك مخاوف كبيرة في كل ما يتعلق بعمل السلطات المحلية، ولكن علينا أن لا نعطي فرصة للمجرمين، نحن لدينا آلاف المواطنين الذين يتوقعون منا الأكثر، ويتوقعون منا أن نخدمهم على أفضل حال، لذلك نحن مطالبون بأن نوفر حماية لأنفسنا ومجتمعنا وأن نمنع أي محاولة للسيطرة على السلطات المحلية وحقوق المواطنين".

"رفض اقتراح إلغاء الانتخابات"

ويرى رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس مجلس محلي عرعرة عارة، مضر يونس، في حديث لـ"عرب 48": "نلاحظ في الفترة الأخيرة أن هناك محاولات من قبل عصابات الإجرام للدخول إلى السلطات المحلية، وهذا يتجسد بالجرائم الأخيرة ضد منتخبي وممثلي جمهور".

مضر يونس

وشدد على أن "الفشل هو من قبل المؤسسة الإسرائيلية، فهي التي من المفترض أن توفر الحماية لإقامة انتخابات ديمقراطية، ونراها بدلا من ذلك تحاول إلغاء الانتخابات وهذا الاقتراح نرفضه لأن من حقنا أن ننتخب ممثلينا ومسؤولية الشرطة أن توفر هذه الأجواء".

وختم يونس بالقول "أخاف على جميع الموظفين الذين يعملون في السلطات المحلية من أن يتعرضوا لأي ضرر، وبطبيعة الحال أخاف على نفسي أيضا. لقد بتنا في حالة مزرية من الألم وقلة الحيلة وحالة انعدام في شعور الأمن والأمان".

التعليقات