شاطئ عكا وانحسار مياه البحر... ماذا حدث؟

، التقى "عرب 48"، برئيس قسم علوم البحار في المعهد الأكاديمي "روبين"، د. مصطفى عصفور، الذي أكّد أن "ما حدث أمس (الإثنين) من تراجع لمياه البحر الأبيض المتوسط لم يكن مقتصرا على مدينة عكا فحسب، بل كان على طول الشاطئ

شاطئ عكا وانحسار مياه البحر... ماذا حدث؟

انحسار المياه في شاطئ عكا

أثارت ظاهرة انحسار المياه على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، بمحاذاة الخط الساحلي الفلسطيني، الإثنين، حالة من القلق والتوتّر، وبخاصة أنها تعدّ ظاهرة نادرة الحدوث، الأمر الذي أثار تساؤلات حول سبب حدوثها، ولا سيّما أنها حدثت فيما تشهد المنطقة، مؤخرا، زلازل تفاوتت في قوّتها، كان آخرها، زلزالان بقوة 6.4 و5.8 درجة على مقياس ريختر، ضربا المناطق الحدودية التركية السورية، مساء الإثنين كذلك.

وللحديث عن الظاهرة، التقى "عرب 48"، برئيس قسم علوم البحار في المعهد الأكاديمي "روبين"، د. مصطفى عصفور، الذي أكّد أن "ما حدث أمس (الإثنين) من تراجع لمياه البحر الأبيض المتوسط لم يكن مقتصرا على مدينة عكا فحسب، بل كان على طول الشاطئ في البلاد".

وأضاف عصفور: "لم تعرف لغاية هذه اللحظة أسباب وقوع هذه الظاهرة، وقد استمر التراجع مدة لا تقل عن اثني عشر ساعة، مما يجعلنا نستبعد أن يكون ما حدث هو ’تسونامي’ (أمواج عاتية تتشكّل بفعل زلزال يكون مركزه بالبحر) لأن التسونامي عندما يحدث، فإن المدة الزمنية له تكون بين نصف ساعة وساعتين، لا أكثر، والتسونامي في بلادنا إن حدث فلن يزيد ارتفاع أمواجه عن المتر على أبعد تقدير، خلافا لتسونامي اليابان، اذلي تكون أمواجه مرتفعة، والذي يحدث في مياه المحيط".

انحسار مياه البحر في عكا

وتابع عصفور: "على ما يبدو أن هذه الظاهرة لها علاقة بالزلزال الأخير الذي وقع، وقد تكون قد أحدثت شرخا في (قاع وأرضية) البحر الأبيض المتوسط، حيث أن مياه البحر في إسكندرون ارتفعت مترا أثناء حدوث الهزة الأرضية، ودخلت المياه إلى داخل المدينة المنكوبة".

وأشار عصفور إلى أن التسونامي "يحدث نتيجة هزة أرضية في قاع المحيطات والبحار، وما حدث عندنا لم يكن كذلك، وقد تراجعت المياه، نحو ثلاثين مترا، وقد فسّر البعض ذلك على أنه نتيجة للتغير المناخي، والضغط الجوي، والمنخفض الجوي في أوروبا، ولا أتفق إطلاقا مع هكذا تفسير، نظرا لطول فترة حدوث هذه الظاهرة، إذ أن هذا التفسير يفترض زمنا قصيرا، وكما أسلفت سابقا؛ إن الظاهرة في بلادنا امتدت لفترة زمنية طويلة".

وعن تداعيات هذه الظاهرة على المناطق القريبة من الساحل، أكد د. مصطفى أن "هذه الظاهرة لا تشكل خطرا يهدد المناطق الساحلية، ولكنها ظاهرة مثيرة للجدل والاهتمام".

رئيس قسم علوم البحار في المعهد الأكاديمي "روبين"، مصطفى عصفور

وأضاف: "سمعت كذلك تفسيرات أخرى تربط الظاهرة بحركة القمر ومداره والمد والجزر، وهذا التفسير ليس دقيقا، فالمد البحري أو الجزر لا يمتدان لأكثر من ست ساعات، لهذا استبعدت هذه الفرضية أيضا، فالهزة الأرضية حدثت على اليابسة وليس في قاع البحر، لكن من الممكن أن تكون الهزة الأرضية التي حدثت في تركيا، قد سببت شرخا ما في البحار، مما أدى لتغلغل المياه من خلال هذا الشرخ، وأدت لتراجع البحر بعض الشيء".

زلزال تركيا؟ "إنذار لما قد يحدث في بلادنا"

وتطرّق عصفور إلى احتمال وقوع لازل في البلاد، وقال: "منطقتنا في البلاد ليست في مأمن من حدوث الزلازل، لأنها تقع على الشق السوري الإفريقي الذي يمتد من موزامبيق، مرورا بمنطقة البحيرات في إثيوبيا، فالبحر الأحمر، وخليج عدن، فطبرية، انتهاءً بجبال طوروس في تركيا، وهو صدع نشط جيولوجيا".

وأوضح أن "منطقتنا تشهد الهزات الأرضية على مدار مئات بل آلاف السنين، وبالعودة إلى السجلات التاريخية، نجد أن منطقتنا تعرضت لزلازل مدمرة وصلت قوة بعضها لدرجة 7.5 على مقياس ريختر، وفي العام 1927 حدثت زلزال مدمر في فلسطين، وسبب أضرارا بالغة، ومن الممكن اعتبار ما حدث في تركيا، إنذارا لما قد يحدث في بلادنا غدا أو بعد غد، أو لربما بعد سنة أو أكثر، لكن كل هذا يدخل في علم الغيب، حيث لا يمكننا معرفة قوة الهزة القادمة وزمانها ومكانها تحديدا، إلا أنه يمكننا القول إن المنطقة برمتها معرضة لوقوع مثل هكذا هزات".

وختم عصفور حديثه بالقول: "رغم كل التقدم العلمي والتكنولوجي والأقمار الاصطناعية والأجهزة الدقيقة، فلا يمكننا التنبؤ بما قد يحدث مستقبلا، فالموضوع أكثر تعقيدا وصعوبة وغموضا مما نتخيل، ولا يمكننا الاستعداد لذلك، أو التحضير لهكذا هزات، لأنه كما قلنا لا يمكن التنبؤ مسبقا بذلك".

وكانت بلدية عكا، قد قالت في بيان، عقب انتشار شائعات تفيد بأن هناك احتمالا بتشكّل أمواج عاتية (تسونامي)، الإثنين، إن "ما يتم تداوله وتناقله بخصوص ذلك هي إشاعات عارية عن الصحة".

وأشارت البلدية في بيانها إلى أنه "يتم التداول في هذه اللحظات عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أخذ الحيطة والحذر من تسونامي قادم، وضرورة الصعود إلى الأماكن المرتفعة"، مشددة على أنه "في حالة حدوث أي طارئ وأي مؤشرات سنحيطكم علما برسائل رسمية معتمدة من الجهات والمؤسسات المختصة"، مطالبة بـ"أخذ المعلومات فقط من المصادر الرسمية".

التعليقات