31/10/2010 - 11:02

شهادات جنود الاحتلال خلال الحرب على غزة: قتلنا فلسطينيين بدم بارد..

النائب د.زحالقة: القيادات العسكرية والسياسية تتحمل المسؤولية، فهي التي أعطت الأوامر ووضعت التعليمات لإرتكاب الجرائم في غزة، وما نشر هو نقطة في بحر الجرائم والفظائع..

شهادات جنود الاحتلال خلال الحرب على غزة: قتلنا فلسطينيين بدم بارد..
تكشف شهادات عدد من الجنود الذين شاركوا في الحرب العدوانية على قطاع غزة، جزءا يسيرا من بشاعة الممارسات والجرائم التي ارتكبت هناك. وتورد الشهادات عددا من حالات قتل المدنيين العزل، أطفالا ونساء بدم بارد، ويعترف عدد من الضباط أن «القيم والأخلاق وطهارة السلاح» التي يتشدق فيها الأسرائيليون هي ضرب من الكذب.

جاءت هذه الشهادات في يوم دراسي عقدته كلية "أورانيم"، وتحدث فيه خريجو «التحضيرية العسكرية»، الذين شاركوا في الحرب على غزة. ونشرت صحيفة هآرتس جزءا من الشهادات وستنشر الجزء الآخر يوم غد.
بين الشهادات التي عرضت في اليوم الدراسي، شهادة لضابط كتيبة راجلة، وتحدث فيها عن قتل أم وطفليها بنيران مدفعية رشاشة، ويقول: كان هناك منزل مأهول.. جمعنا العائلة في غرفة. بعد ذلك غادرنا المنزل ودخلت إليه شعبة أخرى وبعد عدة أيام من دخولهم صدرت تعليمات بإخلاء سبيل العائلات، وأقاموا نقاطا عكسرية فوق السطوح، كانت تلك نقاطا للمدفعية الرشاشة، وقام ضابط الشعبة بإخلاء سبيل العائلة وأمرهم بالتوجه نحو اليمين. إلا أن سيدة وطفليها لم يفهموا ما قيل لهم، وتوجهوا نحو اليسار. ولكن قيادة الشعبة لم تبلغ الجندي الذي يعمل في النقطة التي اقيمت على السطح والذي يصوب مدفعية رشاشة، أنهم أخلوا سبيل العائلات، وأن أناسا سيمرون وأنه ينبغي عدم إطلاق النار، إلا أنه... ، يمكن القول أنه عمل كما يجب حسب التعليمات التي تلقاها.

الجندي الذي يصوب المدفع الرشاش رأى امرأة وطفلين يقتربون إليه عبر محاور قالوا له أنه يمنع اقتراب أحد منها. فأطلق عليهم النار بشكل مباشر. ما حصل أنه في نهاية المطاف قتلهم.

ويضيف الضابط: تقدموا فرآهم فجأة، أناس يتجولون في منطقة ممنوعة. لا أعتقد أن شعورا سيئا خالجه مع هذا الأمر، لأنه، في المجمل، من ناحيته قام بعمله حسب التعليمات التي أعطيت له. الاجواء بشكل عام كانت، أن معظم الناس، لا أعرف كيف أفسر ذلك، حياة الفلسطينيين هي..، تعالوا نقول، شيئا اقل شأنا بكثير كثير من حياة جنودنا، ومن ناحيتهم هم يبررون ذلك.

سؤال من الجمهور: ألم تكن هناك أنظمة لطلب الإذن بإطلاق النار؟ ضابط الشعبة: لا لم يكن، إنها خطوط تتجاوز خطا معينا. الفكرة هي أنك تخاف أن يهربوا منك. إذا اقترب مخرب وبات قريبا جدا يمكنه أن ينفجر في المنزل أو شيء من هذا القبيل.
ضابط شعبة آخر يقول: أحد الضباط، وهو ضابط سرية ومسؤول عن 100 جندي، رأى امرأة تمر من أحد المحاور من مسافة بعيدة، ولكنها كانت كافية كي تتمكن من إنزال(إطلاق النار والقتل- مصطلح دارج في عصابات العالم السفلي)، من يتواجد هناك...، مرت من المحور امرأة مسنة. هل هي مشبوهة، لا، لا أعرف. ما قام به في نهاية المطاف أنه قام بإرسال غدد من الجنود إلى السطح كي ينزلوها مع مطلقي المدفع الرشاش، شعرت أن هذا الوصف ببساطة، هو قتل بدم بارد.

رئيس الكلية العسكرية- التحضيرية داني زمير، تدخل قائلا: لم أفهم. لماذا أطلق النار عليها؟ أجاب الجندي: هذا هو الأمر الجميل في غزة، كما يبدو، إذا رأيت شخصا يمر من أحد الممرات، ليس بالضرورة مسلحا، يمكنك إطلاق النار عليه. في هذه الحالة كان تلك امرأة مسنة ولم أر أنها تحمل السلاح حينما نظرت إليها. التعليمات كانت: إنزال الشخص، هذه المرأة، حالما تراها. دائما يوجد تحذيرات دائما ثمة ما يقال: يمكن أن تكون إرهابية انتحارية. ما رأيته هناك- كثير من التعطش للدم، لأننا لم نواجههم، فكتيبتنا على الأقل واجهت مخربين في مرات قليلة جدا.

نفس الضابط تحدث عن حادثة أخرى: أكثر شيء أتذكره، هو أكثر ما أثار أغاضني في كل الحملة العسكرية- في نهاية الحملة كان تخطيط للتوغل إلى منطقة في مدينة غزة، منطقة مكتظة بشكل كبير، والبيوت متراصة بطوابير، وفي إيجاز التعليمات بدأوا بالحديث عن تعليمات إطلاق النار داخل المدينة، إذ أنه كما تعرفون استخدوا نار كثيفة جدا وقتلوا الكثير الكثير في الطريق كي لا نتعرض نحن للإصابة وكي لا يطلقوا النار علينا.

في البداية: كانت التعليمات بالدخول إلى أحد المنازل، وكان مطلوب منا الدخول بمركبة مصفحة يطلق عليها اسم "الغضب" بحيث تتقدم وتكسر الباب في الطابق السفلي، وإطلاق النار في الداخل في كل جانب ومن ثم الصعود طبقة بعد طبقة. أسمي ذلك قتلا.... ويعني الصعود طبقة بعد طبقة أن يتم إطلاق النار على كل من يتواجد. في بداية تساءلت هل هذا منطقي؟ مسؤولون في سلم القيادة العلوي قالوا إن ذلك مسموح لأن من بقي في هذا القطاع وفي داخل مدينة غزة هو مدان، هو مخرب، لأنهم لم يهربوا. لم أفهم: فمن ناحية، ليس لديهم مكان يهربون إليه، ومن ناحية أخرى يقولون لنا أنهم لم يهربوا لذلك هم مدانون.. حاولت أن أؤثر قدر الإمكان وأن أغير ذلك. ولكن في النهاية تم الاتفاق على أن ندخل المنزل، والتوجه إلى السكان بمكبرات الصوت ونصدر لهم التعليمات بالهرب، ونقول لهم لديكم خمس دقائق للخروج من البناية- ومن لا يخرج نقتله.
عدت إلى الجنود وقلت لهم: استمعوا، التعليمات تغيرت.. وحينها جاءت لحظة مثيرة للغضب بشكل كبير أذكرها جيدا: أحد جنودي جاء إلي وقال لي لماذا؟ فقلت له ما هو الشيء غير الواضح؟ لا نريد قتل المدنيين الأبرياء. فرد قائلا كل من يتواجد هناك هو مخرب، هذا معروف، ومن ثم انضم بعض رفاقه: يجب أن نقتل كل شخص يتواجد هناك، كل من يتواجد هناك هو إرهابي.

حاولت أن أشرح له لماذا ينبغي أن ننتظر، وأن نمنحهم الفرصة للخروج، وبعدها نقوم بمداهمة المنزل. ولكن ذلك لم ينجح. الجنود حقا لا يفهمون ذلك. وهذا محبط حقا أن تدرك أنه في داخل غزة مسموح لك أن تقوم بكل ما تريد. تحطيم أبواب المنازل، هكذا، لأنه أمر مرغوب. وإذا أتيت لأحد الجنود وقلت له: لماذا تحطم صورة العائلة (في المنازل الفلسطينية)؟. هذا الأمر غير مقبول وليس أمرا عسكريا عملانيا. لا سبب لذلك. سيقول لك لأنهم عرب.

لا يوحي الضباط أن ثمة منطقا في ذلك، ولكنهم لا يقولون شيئا. كتابة الشعارات والشتائم على حيطان المنازل، الموت للعرب، أن تتناول صور العائلة وتبصق عليها، إحراق كل شيء يذكر بالعائلة التي تقطن هناك، لأن ذلك ممكن. أعتقد أن هذا الأمر كان الأكثر مركزية: أن نفهم كم يسقط الجيش في الجانب القيمي، حقا. مهما تحدثنا عن الجيش بأنه جيش قيمي، تعالوا نقول أن ذلك ليس في الميدان، وليس على مستوى الكتية. هذا هو الأمر الذي سأذكره أكثر من أي شيء.
ضابط من كتيبة راجلة، والذي تواجد مع سريتة قريبا من الجدار المحيطة بقطاع غزة، أوضح أن ثمة قصص أخرى: مع انتهاء القتال – تم تحديد 300 م من الجدار كمنطة حمراء- أي كل إنسان يقترب من تلك المنطقة، تبدأ ضده إجراءات اعتقال مشتبه به، والتي هي هوجاء. وهذا يعني طلقة نارية في الهواء، طلقة ثانية على القدمين، وطلقة ثالثة عن المنطقة ما بين الرئتين. وما العمل، السكان في المنطة هم بالأساس فلاحون، وما تبقى من الحقول بعد الحملة العسكرية كان مزروعا ويخرج رجال أبناء 60- 70 عاما يحملون السلال وكذلك النساء، لجمع المحاصيل.

في ذلك المكان يبلغك الجنود عن أي تطور، وجاء الاتصال: أسمع؟ أرى على بعد 250 م من الجدار شخصان يحملون شيئا ثم يضعونه على الأرض ثم يرفعونه- من يفكر لحظة سيدرك أن ما يضعونه على الأرض هو سلة ويجمعون فيها بندورة، ويرفعونها ويواصلون على هذا النحو، ولكنك ملزم بالتوجه للمنطقة. نصل إلى المنطقة أنا وبرفقتي الدورية والقناص، ونميز أن هذا حقا فلاح مسن عمره حوالي 70 عاما، وليس أي شيء غير عادي. القناص يوجه بندقيته، ويقول أنا أعرف أنه فلاح، وتبدأ إجراءات اعتقال مشتبه به ويطلق طلقة إلى الهواء.

هذا المسن الذي يقطن قطاع غزة منذ 70 عاما يعرف أنه يتم إطلاق النار عشرات المرات يوميا، وهذا على ما يبدو لا يؤثر فيه. تبادلنا النظرات أنا والقناص وأدركنا أننا لن نستمر في ذلك، لا أحد منا يريد فلاحا مسنا يجثم فوق ضميره. وقلت له هيا نستقل المركبة وسافرنا. أبقيناه هناك، من يعتقد أنني قمت بالمس بأمن إسرائيل مدعو لمناقشتي.

قال النائب د. جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني الوطني الديمقراطي في الكنيست، في أعقاب نشر شهادات الجنود الاسرائيليين إن الشهادات تدل على القاعدة المتبعة في الجيش الاسرائيلي وفي الحرب الإجرامية على غزة تحديداً.

وأضاف أن هذه الشهادات هي دليل اضافي على أن الجيش الاسرائيلي ارتكب جرائم حرب في غزة، وقتل المدنيين بدم بارد، وقام بإعدام الناس بالجملة. هناك مسؤولون عن الجريمة، ليس الجنود وحدهم يتحملون مسؤولية الجرائم، بل ان قياداتهم العسكرية والسياسية تتحمل المسؤولية الأكبر، فهي التي أعطت الأوامر ووضعت التعليمات التي أرتكبت الجرائم بموجبها، فعندما تكون الأوامر للجيش بعدم تعرضهم للخطر حتى بثمن قتل المدنيين، فإن الجنود فهموا أنه بإمكانهم ممارسة القتل والإجرام بالجملة وهذا ما حدث فعلاً".

وتابع زحالقة: "ما نشر من شهادات الجنود الاسرائيليين هي نقطة في بحر الجرائم والفظائع التي ارتكبها جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة. المسؤولون أولاً عن هذه الجرائم، التي تفي بكل مواصفات جرائم الحرب وفق القانون الدولي، هم رئيس هيئة الأركان غابي أشكنازي ووزير الأمن ايهود براك، ورئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، التي لم تكتف بالتغطية على الجرائم بل كانت من أكثر المشجعين لإرتكابها".

وأكد زحالقة: "يجب أن نتذكر أن الحكومة التي شنت الحرب العدوانية والإجرامية على غزة، هي حكومة اليسار والوسط الصيهوني، وقد أثبتت الحرب أنّ هذا اليسار لا يقل دموية عن اليمين، لا بل يتفوق عليه في ذلك".

وكان النائب زحالقة اثار قضية اعدام المدنيين خلال الحرب بناءً على شهادات مواطنين في غزة إضافة إلى إقامة معسكر اعتقال في النقب للتحقيق مع المدنيين المختطفين من القطاع، وطالب آنذاك بالتحقيق فوراً في قيام الجيش الإسرائيلي بأسر مواطنين في غزة وإعدامهم وإخفاء الجثث عن عائلاتهم.

وجاء في رسائل النائب زحالقة للصليب الأحمر ومنظمة الاغاثة الدولية إنه تلقى توجهات هاتفية من مواطنين غزة، أكدوا فيها أن الجيش الإسرائيلي قام في الأيام الأخيرة بخطف مواطنين وأسرهم وإعدامهم.

وقال زحالقة إن "هناك جرائم فظيعة ترتكب في قطاع غزة وما يشاهده الناس عبر شاشات التلفزيون هو جزء قليل جداً مما يحدث على الأرض". وأضاف: "يجب فضح هذه الجرائم والشروع حالاً بتقديم القيادات الإسرائيلية المسؤولة عنها إلى المحاكم الدولية بتهمة إرتكاب جرائم".

التعليقات